مسلسل “stay close”.. جريمة مُبتذلة تائهة في الفوضى
خلال 31 ديسمبر 2021، صدر على منصة نتفليكس مسلسل "stay close" من 8 حلقات، مقتبس عن رواية بنفس الاسم للكاتب هارلان كوبي وإخراج دانيال أوهارا، بطولة كوش جامبو، ريتشارد أرميتاج وجيمس نسبيت، سارة باريش ودانيال فرانسيس.
الجريمة والغموض أحد أكثر التصنيفات التي تضمن نجاح أي عمل، المشاهد في الغالب يفضل العمل المغلف بالغموض وينتظر بحماس أن يتفكك أمامه على مدار الحبكة، لكن هل حقق المسلسل هذا؟ هل نجح في جعل المشاهد متحمسًا للنهاية؟
قصة مألوفة وسرد تائه وفوضى المقدمة
يحكي المسلسل عن ميغان بيرس، أمٌ من الضواحي والتي على وشك الزواج من أب أولادها الثلاثة بعد أكثر من ستة عشر عامًا معًا، وأثناء تحضيرها للزفاف يعود ماضيها ليفاجئها.
ماضي يجمعها مع مصور موهوب تدمر بعد هروب حبيبته، وأصبح الآن عالقًا في وظيفة مصور لأطفال الأغنياء المشاهير الزائفين، ومايكل بروم المحقق الذي لا تزال تسيطر عليه قضية اختفاء ستيوارت جرين زوج وأب محلي، دون أي أثر له قبل سبعة عشر عامًا.
عندما يختفي رجل آخر في ذكرى اختفاء ستيوارت، يتولى بروم القضية ليكتشف احتمالية وجود قاتل متسلسل يقتل مرة واحدة في أبريل من كل عام؛ فماذا يربط الثلاثة بالقاتل؟!
القصة تائهة للغاية بين ما تريد تقديمه وبين الكليشيهات، تريد أن تقدم غموضًا وجريمة وأسرار الماضي وأيضًا دراما وقاتلًا متسلسلًا ذكيًا ونهاية ملتوية، وكان يمكن أن تنجح في ذلك من خلال الفكرة التي تسمح بوجود ذلك لكن الكتابة فشلت في ذلك.
قدم المسلسل بداية مبتذلة مُملة، عن عائلة الضواحي المثالية والتي بالتأكيد سيظهر وراءها ماضي وأسرار لنكتشف أنها ليست مثالية! العديد من المسلسلات تقدم تلك البداية لسلسلة من الأسرار، والغالبية تنجح في تقديم عمل غامض إلا أن هذا العمل لم ينجح، كانت مقدمة متوقعة وحتى بداية اكتشاف الأسرار وراء الأم كان مبتذلًا للغاية.
زجاجة نبيذ وبطاقة فارغة لم تكن تنقصها إلا جملة "أعرف ما فعلتيه الصيف الماضي"، فتعرف أنها صديقتها لورين من حياتها السابقة التي كانت فيها راقصة تعري في ملهى، تخبرها أنها رأت الرجل التي كانت تهرب بسببه لتبدأ رحلة العودة للماضي في محاولة لإنقاذ حياتها الجديدة، تقابل أثناءها هاري المحامي المدمن الذي يساعد الراقصات والعاهرات فيما يتعرضن له في ملهى ڨايبز.
الكثير من المصادفات التي تعتمد عليها منعطفات الحبكة، كما لو أن ميغان لم تهرب من حياتها في الأصل، لأنها بالقرب من الملهى التي تعمل به لدرجة أن جميع شخصيات العمل يستطيعون الذهاب إليه في دقائق! إذا أين الاختفاء؟
فوضى كبيرة في صناعة الروابط بين خيوط القصة، غرقت فيها الحلقة الأولى والثانية وربما الثالثة أيضًا، لم يستطع العمل تقديم شيء مثير للاهتمام بالفعل، ولا حتى لإثارة سؤال واحد يمكنك متابعة المشاهدة لأجل إجابته!
أسرار ليست جيدة كفاية
ماضي ميغان بيرس قبل سبعة عشر عامًا حيث كانت شخصًا مختلفًا تمامًا، ملهى وراقصة تعري ومصور واقع في غرامها، واختفاء شخص مهووس بها جعلها تهرب وتغير حياتها تمامًا.
هذه أسرار جيدة، مثيرة للاهتمام وغامضة، وعقلك يعمل لوضع عشرات القصص التي يمكن أن تكون قد حدثت في هذا الماضي، لكن العمل لم يهتم بهذا واكتفى بعرض مشاهد متقاطعة للشخصيات بنفس العمر وشعر مستعار سيئ.
لم أفهم لماذا لم يُستخدم الماضي والأسرار في صنع حلقات مثيرة للاهتمام، بدلًا من الغرق في البداية المبتذلة والانعطافات والتقلبات غير المنطقية تمامًا في الحبكة.
تزويد الملل وملء الفراغ
قدم المسلسل شخصية مايكل بروم، ذلك المحقق المهووس بقضية اختفاء غامضة، لكنها لا تملك هذا الغموض المثير. التفسير الذي قدمه العمل لذلك الهوس كان لأنه أقام علاقة مع زوجته بعد اختفائه بعدة سنوات تقريبًا وقد وعدها بالعثور عليه، وهو التفسير الأكثر سخرية لهوس محقق بجريمة!
المحقق بروم والذي قام بأدائه جيمس نسبيت كان غير مناسب على الإطلاق للشخصية الذي حاول العمل رسمها، كان أكبر من تقديم دور المحقق الغارق في علاقات نسائية متعددة وشريكته هي زوجته السابقة، التي أنجبت للتو طفلًا من رجل آخر، ومهووس بقضية اختفاء، وفي علاقة رومانسية مع لورين الساقية في ملهى ڨايبز المصابة بمرض خطير.
لم يكن هذا العمل المناسب لعرض شخصيتين كتلك، نمطيتين للغاية ودراميتين أكثر مما يمكن لهذا العمل استيعابه، لم يساعدا في جعل الأمور أكثر حماسًا، على العكس قاما بتزويد الملل في المشاهد التي تجمعهما.
في الحلقة الثانية يبدأ ظهور ثنائي غامض يُعرف باسم باربي وكين -في إشارة ساخرة- فهما ليسا شخصيات ودية، لقد تم توظيفهم للعثور على آخر المختفيين، أثناء ذلك يقتلان الشهود الرئيسيين والأشخاص المتورطين في قضايا الأشخاص المفقودين.
شخصيتين مسرحيتين كأنهم قادمان من فيلم موسيقي ساخر عن الخمسينيات، وبالطبع لم يناسبا العمل، إضافة غريبة، ليست مميزة لكنها غريبة للغاية، كما لو أن الكاتب وضعهما لملء فراغ دون أي أسباب منطقية، صنع مجموعة من مشاهد القتل والمطاردة اللذين كانا من المنعطفات غير المنطقية تمامًا في الحبكة.
فكرة تائهة في الفوضى
في الحلقات الثلاث الأخيرة تتأكد نظرية القاتل المتسلسل ثم يتم العثور على جثث المختفين، مطاردات ومؤامرات جانبية مبتذلة، اكتشاف القاتل بمصادفة -وإذا كنت من محبي أعمال الجريمة تستطيع توقعه- وقصة مؤثرة مبتذلة للغاية عن سببه الدافع للقتل، ثم النهاية السعيدة ومشهد أخير بالالتواء الذي لم يكن له أي معنى لأنه لم يؤثر في أي شيء.
انتهى العمل ولم أفهم ماذا يعني stay close وما علاقة الاسم بالمسلسل، نهاية فوضوية لبداية أكثر فوضى. توجد فكرة قاتل متسلسل جيدة لكنها فقط تاهت بين هذه الفوضى المتشابكة.
الأداء لم ينقذ مسلسل "stay close"
غرق أيضًا أداء الممثلين وسط هذه الفوضى والكتابة الضعيفة، فالشخصيات كانت بين تصرفات وردود أفعال غير منطقية ومبالغة في أدائها. واختيار الممثلين كان الأسوأ من حيث العمر، لا أحد يناسب عمر الشخصية التي يؤديها، فكيف تؤدي كوش جامبو شخصية أم في منتصف العمر وأيضًا فتاة في العشرينيات تعمل كراقصة تعري بعد أن تركت عائلتها، وكيف لفتاة في العشرينيات أن تؤدي دور مراهقة في الخامسة عشر تقريبًا. لا أحد مناسب، لا أحد أدى جيدًا.
هذا العمل فوضوي بالكامل، غارق بين الابتذال والمتوقع والكتابة السيئة والمصادفات التي لا يسعها عمل واحد، وإذا كنت ممن لديهم معايير تتطلب المنطقية والاتساق والتماسك بين أطراف الحبكة ورواية القصص بشكل شامل فلا أرشح أبدًا مشاهدة هذا العمل، لأنه حتى إذا أعجبتك القصة ستكتشف أنك خسرت نصف وقته في مشاهدة لا شيء.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.