لوحات سينمائية مبهرة كان أبطالها… “غواصات”!
8 د
لطالما كان هذا السلاح منبع للخوف، فهو قادر على الغوص بعمق دون حظوظ عالية في اكتشافه، يقترب ببطء من سفنك وموانئك فينسفها ملتفاً بعباءة الصمت والسكون اللذان يميزانه عن رفاقه من الأسلحة الأخرى وتهتم العديد من الدول بتطوير ترسانتها البحرية تلك للحفاظ على نقطة تفوق وسلاح له فرصة أكبر في اصطياد فرائسه بمنتهى الهدوء.
لم تحظَ الغواصات بشهرة كبيرة في الحرب العالمية الأولى وتغيرت تلك المعادلة لاحقاً في الحرب العالمية الثانية بتطور الغواصات وزيادة مداها وابتداع تكتيكات جديدة للمواجهة، كل هذا مكّن الغواصات الألمانية أو “قطعان الذئاب” كما اُطّلق عليهم من إغراق ما يزيد عن 3000 سفينة إلا أن استراتيجيتهم للتحكم في المحيط الأطلنطي فشلت بعد خسائر فادحة للحلفاء.
يكفي هذا القدر من التاريخ إذن! لدينا قائمة قصيرة ببعض أفضل تلك الأفلام التي قدمتها لنا السينما العالمية في محاولة ضئيلة لتصوير هذا العالم المعقد الذي تجري تفاصيله داخل أنبوبة من المعدن في قلب اللانهاية.
The Enemy Below
كراهية العمل العسكري والاضطرار إلى مواجهة عدو لا يرغب في مواجهتك أيضاَ إنما الأوامر وحتمية تنفيذها هي صفات مشتركة تجمع بين قائد المدمرة الأمريكية “روبرت ميتشيم” وقائد الغواصة الألمانية “كيرد جوركنز” اللذان يسبحان ضد التيار العام المتمثل في الرغبة في إبراز تفوق الجنس الآري ضد الدفاع عن قيم الحرية والعدل الأمريكية، لكن ما يهم حقاً هو الأمل في النجاة من هذا الجنون المستعر والحفاظ على حيوات أطقم السفن.
الفيلم مقتبس عن رواية لكاتبها الضابط البحري “دينيس راينر” وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل مؤثرات بصرية عام 1958.
الفيلم على IMDB
Run Silent, Run Deep
الغضب الأعمى والرغبة المميتة في الإنتقام تدفع بقائد إحدى الغواصات الأمريكية “كلارك جيبل” إلى مطاردة مدمرة يابانية في أعالي المحيطات بعد إغراقها لغواصته السابقة وعدة سفن أمريكية أخرى بينما يحاول نائبه “بيرت لانكستر” إقناعه بالعدول عن خطته تلك باللين حيناً وبالجدال الحاد حيناً أخرى وتذكيره دائماً بمهمتهم الأساسية مدفوعاً بخوف الطاقم من تهور قائدهم وسخط “بيرت” لأنه لم يتولَّ هو قيادة تلك الغواصة على الرغم من كفاءته لينتهي الفيلم بنهاية عادلة إلى حد ما.
الفيلم من إنتاج أمريكي لعام 1958ونال إعجاب النقاد والمشاهدين على حد سواء، المؤثرات البصرية التي استخدمها الفيلم هو و The Enemy Below تُعتبر من الإنجازات الباهرة كونهم صدروا في خمسينيات القرن الماضي.
الفيلم على IMDB
The Bedford Incident
على شاكلة كل المتعصبين والحمقى ممن ينتعش لديهم الإحساس بالوطنية في الأوقات الخاطئة وينعدم لديهم الإحساس بالكارثة التي تدنو في بطء مستفز يبدو قائد المدمرة الأمريكية “ريتشارد ويدمارك” مصمماً على إغلاق أذنيه أمام نصائح قواده ودعوتهم له بالإبتعاد عن مطاردة غواصة نووية سوفيتية إلا أن الحمق داء ما له دواء، وما أكثر الحمقى هذه الأيام!
الفيلم من إنتاج أمريكي-بريطاني مشترك لعام 1965 وهو مقتبس عن رواية لكاتبها “مارك راسكوفيتش” صدرت عام 1963 وحولها لسيناريو “جيمس بو” مع إختلاف النهايات.
الفيلم على IMDB
Das Boot
يحضرنا الأن أحد أشهر أفلام الحرب العالمية الثانية التي أنتجتها ألمانيا في تاريخها من إخراج “وولفجانج بيترسون” والذي أُشتهر بأفلامه المستقلة قبل أن ينقله “القارب” إلى مصاف مخرجي ألمانيا العظام ليتجه بعد ذلك نحو “هوليوود” وخرج لنا بأفلام عدة لم يخلد منها أسمه سوى “Troy”، أختير “وولفجانج” بعد محاولات كثيرة للتعاقد مع مخرجين أمريكيين فشلت جميعها وأستقر الأمر عليه أخيراً ليبدأ الإنتاج عام 1979 وتقرر إصدار الفيلم في 1981.
الفيلم مقتبس عن رواية بنفس الإسم صدرت عام 1973 لمؤلفها “لوثر بوخيم” وأجريت مقابلات لإختيار من سيلعب دور قائد الغواصة “هينريش ليمان” والمراسل الحربي الملازم “ويرنير” والذي تمر قصة الفيلم من خلاله إلى المشاهدين.
الفيلم ببساطة يعرض ماهية الحرب وكيف كانت نفسية المشاركين فيها، فهو لا يعرض النازيين بكونهم وحوشاً ينتظرون بدأب الوليمة الإنجليزية القادمة في الطريق ليرسلوها إلى الأعماق…بل كانت الصدمة الأكبر من نصيب المراسل الحربي وهو الذي أتى ليعرض قصة البطل الألماني الذي لا يقهر ليُفاجأ بشباب صغار يرتعدون من الخوف عندما طاردتهم مدمرة بريطانية ويبتهجون بشدة عندما أغرقوا سفينتين من سفن الحلفاء، صغار أرسلهم هتلر ليحقق حلمه في بسط سيطرته على كل ما تصل إليه يديه وهم لا يهتمون بذلك بل يسخرون منه ومن “تشرشل” كما نشاهد في مقدمة الفيلم، الأمر بالنسبة لهم لا يتعدى مجرد الدفاع عن وطنهم وحماية أصدقائهم ويتخلل كل هذا رعب وتوتر يملئ الأجواء المخنوقة كلما مروا بمحنة، وقد مروا بالكثير!
نال الفيلم إشادة واسعة النطاق محلياً ودولياً ورُشح لجوائز عديدة منها ست جوائز أوسكار للمخرج “وولفجانج” و”يوست فاكانو” المسئول عن التصوير السينمائي…هذا الفيلم تحديداً يُعد مرجعاً لمن يود تعلم أساسيات التصوير السينمائي وقد أبدع الرجلان حقاً في خلق زوايا تصوير معبرة عن كل مشهد في المساحة الضيقة المتاحة لهم داخل الغواصة وساعدتهم الموسيقى التصويرية في تهيئة الجو العام الخانق المتوتر واليائس في بعض الأوقات.
الفيلم على IMDB
The Hunt for Red October
انتشرت في الحرب الباردة ظاهرة الهروب أو اللجوء السياسي لضباط و مسئولين سوفيت إلى الولايات المتحدة هرباً من الحصار الخانق المفروض على مواطني الإتحاد السوفيتي كدولة شمولية قمعية، هذا الفيلم يجسّد واحدة من تلك القصص عن رواية لمؤلفها “توم كلانسي” الشهير بروايات الجاسوسية و أحد أهم مصممي ألعاب الفيديو، صدرت الرواية عام 1984 و تبنت استديوهات “بارامونت” تحويل الرواية الى فيلم سينمائي من بطولة “شون كونري”، “اليك بولدوين” و”سام نيل”.
يحكي الفيلم قصة غواصة سوفيتية جديدة تستعد لتجارب الإبحار قبل أن تدخل الخدمة الرسمية، تحمل الغواصة ميزة فريدة كونها غير قابلة للإكتشاف بموجات السونار و ما أن يعلم الأمريكيون بذلك حتى تثير ثائرتهم إلا أن إختفاء الغواصة و تأرجح الإحتمالات بين لجوئها للولايات المتحدة و بين شنها لحرب نووية مفاجئة يربك كلا البلدين ليطاردها الجانبان معاً.
صدر الفيلم في 2 مارس عام 1990 و بلغت إيراداته حوالي 200 مليون دولار.
الفيلم على IMDB
Crimson Tide
في أوقات النزاعات و التوترات قد تختلف الرؤى و الأراء بحسب فكر و شخصية كل متلقي للأحداث، لكن تلك الرؤى لابد لها وأن تتوحد في النظم العسكرية و إلا كانت النتيجة كارثة محققة و هو ما أظهره هذا الفيلم بكفاءة شديدة.
الفيلم من بطولة “دينزل واشنطون” في دور “رون هانتر” الضابط التنفيذي الجديد لغواصة نووية أمريكية و”جين هاكمان” في دور “فرانك رامزي” قائد الغواصة الأمريكية، تقع أحداث الفيلم في فترة فوضى ما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي و تفككه مع انتشار أنباء عن تمرد إحدى الأقاليم السوفيتية ودعوتها للثورة ضد الدولة الروسية الوليدة وضد الولايات المتحدة مما دفع بالولايات المتحدة بنشر غواصاتها بالقرب من الأقليم الذي يحوي قاعدة صواريخ نووية لتكون قادرة على القيام بضربة استباقية.
من اللحظة الأولى نرى بوضوح التوتر القائم بين الشخصيتين نتيجة الإختلاف الشديد في الأفكار، يتخلل الفيلم مواقف عدة تبرز هذا الخلاف حتى تصل برقية عاجلة غير مكتملة من الولايات المتحدة تأمر فيها قائد الغواصة بإطلاق صواريخها النووية تجاه الأقليم المتمرد فينفجر الموقف بين القائد المندفع لتنفيذ الأوامر كما وردت والضابط الهادئ الساعي لمنع تفجر الموقف بين البلدين.
نال الفيلم إشادات واسعة من النقاد وحصل على ثلاث ترشيحات للأوسكار بينما خرج”هانز زيمر” بجائزة “جرامي” عن أفضل موسيقى تصويرية، حقق الفيلم إيرادات بلغت 157 مليون دولار بميزانية قُدرت بحوالى 53 مليون دولار و صدر في 12 مايو عام 1995.
الفيلم على IMDB
U-571
في محاولة لمنع تصنت الحلفاء على اتصالاتهم وبرقياتهم، اِبتكر الألمان جهازاً أسموه “Enigma” لتشفير مراسلاتهم خصوصاً بين سفنهم وغواصاتهم، لاحظ الحلفاء فيما بعد تزايد خسائرهم والنمط المحدد للهجمات إلى جانب جهلهم بخطط الألمان مما دفعهم لإتخاذ قرار عاجل بالإستيلاء على جهاز الشفرة من إحدى الغواصات الألمانية المعطوبة في البحر فيبحر “ماثيو ماكونهي” ضابط الغواصة الأمريكية مع “بيل باكستون” قائدها في مهمة لا تحتمل الفشل.
صدر الفيلم في 21 ابريل عام 2000 وحقق إيرادات جيدة نسبياً بلغت 127 مليون دولار ميزانية قُدرت بحوالي 62 مليون دولار وفاز الفيلم بجائزة الأوسكار عن أفضل تحرير صوتي.
الفيلم على IMDB
Below
أتدرون ما هو الأكثر رعباً من البقاء في غواصة تحت أطنان من الماء في قلب الظلام؟..البقاء في غواصة يسكنها شبح تحت أطنان من الماء في قلب الظلام!
يلعب “بروس جرينود” ،وهو ممثل لم ينل حظاً من الشهرة الواسعة، دور قبطان غواصة أمريكية غير متزن في الحرب العالمية الثانية بعد إنقاذه لمجموعة من الناجين من هجوم ألماني، يتداعى الموقف بشكل كبير في الغواصة بعد سلسلة من الأحداث الغامضة وفقدان أعضاء من الطاقم لتكتشف الناجية “أوليفيا ويليامز” الحقيقة بشأن القبطان وطبيعة الشبح الذي يسكن الغواصة.
صدر الفيلم في أكتوبر عام 2002 ولقى ترحيب النقاد لطبيعته المقبضة والرعب النفسي الذي سببه للنقاد والمشاهدين على حد سواء.
الفيلم على IMDB
K-19 the Widow Maker
في جو جنائزي حزين تدور قصة الغواصة النووية السوفيتية المنكوبة والتي كادت أن تفجر أزمة نووية لربما كادت تصل بنا إلى حافة الحرب العالمية الثالثة، حيث تتعرض الغواصة ذات قدرة الدفع النووي الأولى من فئتها لعطل بالغ الخطورة في مفاعلها الذري فتتضافر جهود الطاقم بأكمله للعمل على إنقاذ الغواصة والعالم من كارثة مروعة على الرغم من التشاحن والخلافات المستعرة بين كبار الطاقم.
صدر الفيلم عام 2002 من إنتاج أمريكي-ألماني-بريطاني مشترك ومن بطولة هاريسون فورد في دور قائد الغواصة ونائبه ليام نيسون وقام بإخراج الفيلم الرائعة كاثرين بيجيلوا صاحبة جائزتي الأوسكار عن فيلم The Hurt locker كأفضل فيلم وأفضل إخراج.
الفيلم على IMDB
Phantom
فيلم أخر من ضمن حقبة أفلام الحرب الباردة التي يسعى فيها بعض الروس المنشقين لتدمير الولايات المتحدة، القطب الشرير الأوحد والخطر الأعظم الذي يتهدد العالم من وجهة نظرهم والجهة الوحيدة التي تقف في سبيل إعتلائهم قمة العالم.
في هذا الفيلم يُكلف “إيد هاريس” صاحب السجل الكارثي في البحرية السوفيتية بمهمة أخيرة لإبراز قدراته وهي إختبار جهاز يقوم بتغيير البصمة الصوتية للغواصة لتظهر وكأنها سفينة أخرى مصطحباً معه نائبه “ديفيد دوكوفني” والذي يقوم بالتمرد على قائده المضطرب عقلياً لتشب معركة بين الطاقم يتخللها مشاهد فلاش باك لذكريات “إيد هاريس” متذكراً طاقمه السابق مصمماً على إنقاذ طاقم الغواصة هذه المرة، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه بالطبع!
صدر الفيلم عام 2013 وهو من كتابة وإخراج تود روبنسون.
الفيلم على IMDB
في النهاية تلتزم كافة أفلام الغواصات بقوالب معينة لا تستطيع الخروج عنها لطبيعتها، فهي تتعامل مع خوف البشر من الظلام، الأماكن الضيقة، الشعور بالضغط والتوتر المصاحب لطبيعة المهمة ولا تخرج عمليات الغواصة عن القيام بدوريات والإستطلاع أو التعامل الفوري مع سفن معادية، فهو سلاح لا يمكن إنكار أهميته ولا التقليل من شأنه وإلا إنتهى بك الأمر راقداً في قاع البحر.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.