مسلسل Supernatural “سوبرناتشورال” العائلة أولًا وحتى الرمق الأخير

الأخوة وينشستر… أشهر أخوين في السنوات الأخيرة، حيث أنّ مسلسل  Supernatural   يعتبر واحدًا من أفضل المسلسلات  وأكثرها مشاهدة، ورغم أنّ الموسم الحالي قد لا يكون بنفس جودة ونجاح المواسم السابقة، ورغم أنّ الكثير من المشاهدين يرون أنّه كان من الأفضل إنهاء المسلسل بعد الموسم الخامس، لكن هذا المسلسل الخوارقي مازال يثبت بأنّ لديه الكثير من الحكايات والقصص.

الأخوة وينشستر رغمًا عنهما يحاربان الشياطين والوحوش معًا، يقاتلان ويطاردان كل ما يؤذي البشر من مخلوقات. كان والدهما صيادًا للوحوش وقد تعلّما منه كيفية مطاردتها وصيدها. يتمحوَر عالم الأخوة وينشستر كله حول الكائنات الشريرة وكيفية إنقاذ البشر من براثنهم، ولكن في  كل مرة هذا يتم بثمن رهيب، ثمن دومًا ما يدفعه الأخوان… أحدهما أو كلاهما أو العالم بأكمله، من هنا نفهم سياق المسلسل وطبيعته الماورائية.

وبصرف النظر عن الأخوة وينشستر، يتميّز المسلسل بالحكايات الإنسانية وبحكايات الكائنات والوحوش، وكذلك بحكايات الصيادين القدامى والجدد الذين ينضمون إلى الأخوة في سعيهم إلى هزيمة الشر، وللطرافة واحد منهم هو ملك الجحيم نفسه والذي يساعدهم بين الحين والآخر، ويعتبر”دين وينشستر” صديقًا له. ينضم لهم أحيانًا الوحوش والكائنات الأخرى في إشارة بأنّه يمكن محاربة الشر بالشر أحيانًا.

“دين” المحب للشطائر والويسكي ما هو إلّا طفل صغير بجسد رجل، فقد كَبِر قبل الأوان لتحمله المسؤولية باكرًا، وهو الذي تولّى رعاية أخوه الأصغر “سام”، محب للعائلة ويتوق للحياة العائلية، على الجانب الأخر فهو يثق بنفسه وكثيرًا ما يتظاهر بالغرور، صياد بارع للشياطين والوحوش. “دين” يعشق سيارته وسترته الجلدية حيث ورثهم عن والده، ولا يدع أحدًا يقود السيارة حتى سام ويعتبرها المرأة الوحيدة في حياته ويدعوها دومًا بصغيرته. “دين” ساخر حتى في أحلك المواقف والظروف ودومًا يقتبس من الأغاني وشخصيات الأفلام والمسلسلات، وبقدر جاذبيته ووسامته بقدر إخلاصه الشديد لأخيه وأصدقائه.

المتعالي على أخيه والرافض لنمط حياة أخيه ووالده، معتز بثقافته وتعليمه، سام هو الآخر محب للحياة العائلية؛ لأنّه لم يحظَ بها أبدًا. لذا، يرغب بحياة طبيعية بعيدًا عن الشياطين والوحوش، يكاد يكون تقليدي، متردد أحيانًا، يخاف حقًا من فكرة الحياة دون أخيه رغم أنّه تخلى عنه ذات مرة طامعًا في عيش حياة طبيعية بدون وحوش وبدون نصائح “دين” التي لا يستمع إليها بأي حال من الأحوال.

“جون” الذي كان يعيش حياة طبيعية وهادئة بعد زواجه من مارى وتقاعده كضابط بحرية سابق، لكن الأمور تغيرت بعد مقتل “مارى” ولم يعد يهمه سوى معرفة أي وحش قتلها والانتقام لها، ومن هنا أصبح صيادًا وأنشأ ولديه ليصبحا صيادين للوحوش مثله، ورغم هذا فهو يحب ولديه سام ودين حبًا جمًا.

أفضل شخصيات المسلسل بعد “دين” هو “كروالي”.وهو ليس شيطانًا عاديًا ويتحدى صورتنا التلفزيونية والسينمائية عن الشياطين، فهو ليس مهيبًا ولا وقورًا، بالعكس فهو بجانب تمتّعه بمكر الشياطين فهو مرح وساخر حتى تحت التعذيب والضغط، فهو لا يفقد حس الدعابة والسخرية وهما الصفتان اللتان تميزان “كراولي”، وسر حب المشاهدين له متناسين أفعاله الشريرة ومتشوقين لظهوره على الشاشة. يستمتع كراولى بإطلاق الألقاب المضحكة لكن المعبرة عن الجميع كتسميته سام بـ “بالموس” في إشارة لطول سام وضخامة جسده، وتسميته لـ “دين” بـ “السنجاب” في إشارة لحزنه وعنفه واستعداده لفعل أي شيء، وقد يكون كراولي عدو دين وسام أحيانًا، لكنه أصبح صديقًا للأخوين نوعًا ما مع مرور الوقت.

الصديق المقرب لجون وينشستر والأب الروحي ل “دين” و”سام” تولى تربيتهما منذ صغرهما، ويعتبرهما ولديه اللذين لم ينجبهما. صياد وحوش هو الآخر، يمتلك باحة للسيارات ومنزله مفتوح لجميع صيادي الوحوش، ويساعد الجميع رغم كونه إنسان فظ أحيانًا ولا يجيد التعامل مع البشر فيفضل العزلة.

كاستيل كائن سامي، لديه جناحين عملاقين وذو قوة خارقة وله عينان حزينتان، في البداية لم يكن يطاق وعدو لسام ودين وكان مكروهًا بشدة منهم ومن المشاهدين، لكنه مع مرور وتوالى الأحداث يصبح محب للبشر والطبيعة البشرية، وكذلك أصبح الصديق المقرّب للأخوين وينشستر خاصة ل”دين”.

“كاستيل” لا يعرف شيئًا عن الحياة البشرية. لذا، دومًا يقع بالمواقف المضحكة والورطات الظريفة نتيجة عدم فهمه للأمور البشرية، يتولى”دين” تعليمه لذلك وهو مستمتع جدًا بهذا؛ لأنّه يتيح له ممارسة هوايته المفضلة “السخرية”.

المسلسل ممتاز من حيث الفكرة، الكتابة، التمثيل والشخصيات المثيرة للاهتمام حقًا، وحتى التصوير كانوا جميعًا رائعين، وكذلك الموسيقى التصويرية وخصوصًا تتر البداية للمسلسل، ولا ننس مشاهد الوحوش التي تكاد تبدو حقيقية وملموسة وواقعية لدرجة تُثير الخوف أحيانًا. لذا، من الأفضل لذوى القلوب الضعيفة عدم رؤية المسلسل فهو يحتوى على الكثير من مشاهد العنف كذلك والكثير من الدماء.

واجه المسلسل انتقادات عديدة من المشاهدين  ذوى الميول الدينية المتعصبة بدعوى أنّه يشجع على الكفر والإلحاد، لكن “سوبرناتشورال”  في النهاية مجرد مسلسل ترفيهي لا علاقة له بالثوابت الدينية، بالعكس فالمسلسل يُعزز من الخير مقابل الشر، وأنّ أفعالنا الأنانية وخطايانا تجر علينا العواقب الوخيمة، وأنّ الآثام لا تنتهي على خير أبدًا، “سوبرناتشورال” يُشجع على أن يقوّي كل شخص إيمانه الخاص، والسعيْ للمعرفة وكيف أنّه رغم كل شيء فإنّ الإيمان هو منقذنا النهائي.

أهم ما يميز مسلسل”supernatural” ليس حلقاته الممتعة المنفصلة المتصلة، وليْس كونه خارق للطبيعة يعزز ثقافة الماورائيات، وليس الإثارة والتشويق، وليس الوحوش ولا مطاردتها ولا حكاياتها ولا حكايات البشر، بل علاقة الأخوين “دين” و “سام” وينشستر المتينة والمعقدة، فكلا الأخوين يهتم أحدهما لأمر الأخر كثيرًا وكلاهما يحميان ظهر بعضهما البعض، على الجانب الأخر فهما على النقيض تمامًا في كل نواحي الحياة يتفقان فقط على كراهية الوحوش وحتى في هذه النقطة لديهما خلافاتهما الخاصة، ومثلما يعتز المسلسل بالعائلة ويعزز الأخوة، يعتز أيضًا بالصداقة والأصدقاء حتى لو كان الصديق وحشًا في إشارة واضحة أنّ المظاهر والمسميات والجنس والعرق ليست من تتحكم بطبيعتنا، بل نحن من نفعل وإنّ من يبدون كالوحوش ربما ليسوا كذلك حقًا في حكايات مثيرة للاهتمام جدًا في حد ذاتها.