🎞️ Netflix

مسلسل “Sweetpea”.. ما الذي حول البازلاء الحلوة إلى قاتلة متسلسلة؟ 

علي عمار
علي عمار

6 د

يناقش مسلسل "Sweetpea" المتوفر على "STARZ"؛ قضية مجتمعية هامة وهي "التنمر". وظاهرة ال "Bullying" ليست بجديدة على عالم السينما والمسلسلات -عالميًا وعربيًا- ولكن قد يختلف تصوير موضوع التنمر ومعالجته بشكل كبير بين بلد وآخر، وذلك تبعًا لثقافة كل دولة وما يحكمها؛ من عادات وتقاليد، وأطر قانونية، وقيم مجتمعية. 

يعج عالمنا بالأمراض والعقد النفسية، وخطاب الكراهية تجاه الآخر -لأي سبب- صار متفشيًا أكثر اليوم بوجود منصات التواصل الاجتماعي. وبالتالي بات الإنسان عرضةً للاستهزاء والسخرية، بشكلٍ مضاعف، وبأساليبٍ مستحدثة. وبالعودة للفن، نجد أن بعض الأفلام وتحديدًا العالمية؛ تعاملت بصورة غير المناسبة مع التنمر، خصوصًا تلك التي تتطرق لفترة المراهقة، وتستعرض ما يختبره المراهقين من مضايقاتٍ في المدرسة، بأسلوبٍ كوميدي لا يهدف للمعالجة، ومحاولة التصدي له وفق منهجية معينة، بل إدامته كسلوك، وعلى أنه الطبيعي في هذه المرحلة، وضروري أحيانًا لتكوين الشخصيات. 

فيلم "Mean Girls" من أشهر الأعمال السينمائية عن طلاب مدارس الثانوية، 

بطولة الممثلة "ليندسي لوهان" بشخصية "كادي هيرون"، والتي تواجه بعض المشكلات وحالات التنمر في مدرستها الجديدة. أيضًا بطلة "Sweetpea" تعرضت لسوء المعاملة من قبل  مجموعة من بنات الثانوية، إلا أن ما واجهته لم ينتهِ مع تلك المرحلة، بل تداعياته سنعيشها مع "ريانون لويس"، والتي تحولت نتيجةً لما عاشته في المراهقة إلى "قاتلة متسلسلة". 

هيا لنتعرف على جرائم "البازلاء الحلوة" وكيف غدت قاتلة، في هذا المقال من "أراجيك فن". 

بطاقة المسلسل 

إنتاج: 2024 
إخراج: إيلا جونز 
تمثيل: إيلا بورنيل، كالام لينش، نيكول ليكي، جون بوينتينغ
النوع: دراما، كوميديا سوداء 
تقييم المسلسل على موقع IMDb هو: 7.3/10 

متاح على:

أشخاص أريد قتلهم 

فيديو يوتيوب

"ريانون لويس" (إيلا بورنيل) هي بطلة Sweetpea؛ وهي شابة وحيدة، لا علاقات اجتماعية لديها، وتعيش مع والدها الذي سيموت مع الحلقة الأولى. ريانون ليست شخصية عادية؛ فهي تمتلك قائمة أمنيات ترغب بتحقيقها يومًا ما. نعم، إياك والاستهانة بها، لآن قائمة الفتاة البريئة تتضمن مجموعة من الأسماء التي تريد قتلهم! 

للوهلة الأولى تظن بأنه من غير الممكن تنفيذ تلك الأفكار التي تراود خيالها، لامتلاكها بنية جسدية ضعيفة، وسلوكها الخجول الذي يجعلها في بعض الأوقات مترددة، وأن ما تعرضت له من مضايقاتٍ لا إنسانية سيمنعها ممارسة الظلم. 

تشتمل قائمة الأشخاص الذين تريد قتلهم؛ كل من الرجال الذين يستعملون حافلة الركاب، وفتاة السوبر ماركت، ورئيسها في الصحيفة المحلية "نورمان" (جيريمي سويفت) والذي يلقبها بِسويتبيا (البازلاء الحلوة) ويستخدمها شماعة لمعطفه، وكل من يزعجها في العمل، وأيضًا "جوليا بلينكينسغوب" (نيكول ليكي) المتنمرة المثيرة من مدرستها. وربما والدها، لأنه سيموت نتيجة المرض ويتركها! 

كلما تعمقت في تفكيرها هذا، يتم التأكيد على أنها شابة غير المتزنة، ومع ذلك أنت لا تصدق ما تدعيه؛ حتى ترتكب أول جريمة. لسنوات تملكها شعورٌ بأنها الفتاة غير المرئية، فالكل يتجاهلها، ولا يعيرها أي أدنى اهتمام. 

وما اقترفته جوليا وعصابتها في المدرسة الثانوية بحقها، يعود ليطفو فوق السطح من جديد -على الرغم من أنه لم يغادر عقلها- بعد وفاة والدها، وحضورها مراسم الدفن، وإصرار أختها على بيعه لجوليا والتي تعمل حاليًا "وكيلة عقارات". آذية الآخيرة لم تتوقف عند هذا الحد، فعندما كانت ريانوف تنظر إلى لوحة الإعلانات التي عليها صورة وكيلة العقارات الناجحة، أفلتت مقود كلبها "تينك" الآمر الذي جعله يتعرض للدهس على الطريق العام، وبهذا فقدت آخر مؤنسٍ لها. 

أحداث مؤذية لا إنسانية زادت من كآبتها، ومن سيطرة الشعور بالظلم، والذي زاد الطين بلة مواجهة مع سكير قلل من احترامها، فحاولت الانتقام بركله بين رجليه، فصار أكثر عدوانية، ما يضطرها لطعنه بسكينها الحادة مرارًا وتكرارًا، ومن ثم تلقيه بالنهر. وهذه العملية الفوضوية، كانت جريمة قتل الأولى لها. وهنا تبدأ رحلتها الاستكشافية، تجاه ذاتها الجديدة، الجريئة والمندفعة. 

بازلاء الحب والإجرام 

فيديو يوتيوب

جملة واحدة تآسرك من بداية العرض، وتدفعك لاكتشاف خبايا الحكاية وشخوصها في Sweetpea، وهي “الأشخاص الذين أحب أن أقتلهم”. ربما لآننا جميعًا في مرحلة ما، أو موقف ما، أو لحظة ما، رغبنا بطعن شخص ما، ولو كانت مجرد فكرة إجرامية عابرة، كان وقودها لحظة شيطانية آنية. ولا تتجاوز هذا الحد. 

لكن المعايير الأخلاقية عند "ريانون لويس" تختلف كثيرًا، فإحساسها العميق بأهميتها جاء مع الجريمة الأولى، التي حررتها من قوقعتها، وضعفها، ومنحتها نشوة لم تعشها في حياتها، وما توصلت إليه كقاتلة باردة لن يوهن من عزيمتها، ولا أحد بإمكانه أن يقف في وجه إشراقها ولمعانها. من بعد أن لاحظت نفسها، ولاحظها الآخرين، وتحصلت على المكانة التي طمحت لها في عملها، وهي "صحفية متمرنة"، بعد أن كانت موظفة استقبال. كيف لا، والآن تملك بجعبتها تفاصيل جرائم القتل التي تحصل في المدينة، وهي على أهبة الاستعداد لإجراء أقوى التحقيقات الصحافية للجريدة. 

الجثث والدماء لا يشعرونها بالندم، أو تأنيب الضمير، وإنما بالثقة الزائدة، فأفعالها بالنسبة لها مبررة، كون ضحاياها يندرجون ضمن خانة "المتنمرين"، والذين يسببون الاضطهاد والآلم للآخرين، أي عملية قتلهم يمكن اعتبارها خدمةً للإنسانية (بمفهومها). 

وعلى الرغم من دمويتها التي تنفرك منها غالبًا وتثير غضبك، تتعاطف معها أحيانًا كونها ضحية أيضًا، ومريضة نفسيًا، نشأت ضمن بيئة غير السليمة. 

دفعتها للدفاع عن نفسها بأن تصبح قاتلة متسلسلة، فائقة الذكاء، تجيد التعامل مع جثثها، وإخفاء أثارها، والذي يجعلها تواصل مسارها الإجرامي والجنوني. 

وفي ظل هذا، الحب حاضر في يومياتها، إن كان من خلال علاقتها مع "كريج" (جون بونتينج) والتمرد الجنسي معه، وإشباع رغباتها. بينما هو يستغلها للحصول على كراج والدها. أمّا "إي. جي" (كالام لينيش)، هو الوحيد الذي شعر بها، قبل الجميع، لذا الحلاوة وبراءة بداية العلاقات ما يجمعهما. ولكن هناك نهاية لكل شيء، ولا تبدو النهاية ستكون سعيدة! 

النسخة الذكورية 

صاغت المخرجة "إيلا بونز" حلقاتها الستة بإتقان، حيث كلما تعمقت في تصوير دوافع ريانون العنيفة، إزداد عنصر الإثارة في هذه الكوميديا السوداء. كما كانت الممثلة "إيلا بورنيل" رائعة في طريقة اشتغالها على الدور، وكيف أمسكت بجانبي الشخصية -اللطيفة والدموية- وتصرفت بسلوكها ولغة جسدها بما يتناسب مع لحظات المسلسل، المظلمة أو الأكثر رحمةً ودفئًا. 

والأغرب تعاطفها مع جوليا المتنمرة -التي دمرت حياتها- عندما علمت أنها تعيش داخل علاقة سامة، وتحولت من مشروع ضحية، إلى صديقة محتملة. 

يذكرنا "Sweetpea" بمسلسل "Dexter"، والنسخة الذكورية من ريانون "ديكستير مورغان" (مايكل ك. هول)، صاحب الشخصية المزدوجة كذلك الآمر، حيث يعمل كمحلل للدم تابع لشرطة ميامي، وليلًا هو قاتل متسلسل راغب في تطبيق العدالة، عن طريق قتل المجرمين والأشرار الذين يستحقون العقاب. 

كانت طفولة كل من ريانون ديكستر صعبة، لكن الآخير أكثر قساوة، كونه شهد مقتل والدته، وهذا كان حافزًا ليصبح قاتلًا. في حين التنمر وفقدان الآب لاحقًا، دفعاها للقتل، ومن ثم استخدمت ذلك كوسيلة دفاعية بالحياة، ولمعاقبة من أساء لها. لذلك يعد تحول ديكستر أكثر إقناعًا.

يشترك الاثنان باستخدامهما لمكان عملهما كغطاء للجرائم المرتكبة، فيستفاد ديكستر من إمكانية وصوله إلى قواعد البيانات ومعرفة ضحاياه المحتملين، أمّا ريانون تستغل الصحيفة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها، ومحاولة إبعاد الشبهات عنها. 

مسلسل ديكستر يطرح قصة معقدة، تستكشف مواضيع مختلفة لها علاقة بالعدالة الأخلاقية والعائلة. بينما البازلاء الحلوة رحلة انتقام واكتشاف البطلة لذاتها، ومن الأمور الجيدة في العمل أنه لا يحاول تبرير سلوك البطلة، ولا يدينها حتى، بل يبذل جهدًا في فهم آلية تفكيرها، والأسباب النفسية التي أودت بها إلى ذلك النفق المظلم وغير الإنساني. 

وأنت عزيزي؛ هل تعاطفت مع ريانون البازلاء الحلوة، واخترعت لها المبررات، أم ماذا؟ 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.