فيلم The Curious Case of Benjamin Button وشخصنة الزمن؟!

غيث حمّور
غيث حمّور

4 د

فيلم The Curious Case of Benjamin Button - ١

تختلف طرق الإبداع والابتكار من عمل فني إلى آخر، ولكن في كل مرة نرى عملاً ابداعياً نتابع الجديد إما على مستوى الحبكة أو الأداء أو الإخراج أو الصورة.

الزمن يشكّل أحد العوامل المهمة التي يلعب عليها المخرجين في عمليتهم الفنية، ولكن أن يستطيع فيلم أن يحوّل الزمن إلى شخص، فهذا الأمر يعد ابداعاً من نوع آخر، وهذا بالضبط ما حدث في فيلم The Curious Case of Benjamin Button الذي أنتج عام 2008 وحاز على 13 ترشيح لجوائز الأوسكار في ذك العام، ليكون ثاني الأعمال عبر التاريخ من حيث عدد الترشيحات بعد فيلم (Titanic) الذي رشح لـ 14 جائزة في عام 1997.

فماذا عن هذا الفيلم؟ وكيف استطاع مخرجه شخصنة الزمن؟

فيلم The Curious Case of Benjamin Button - ٢

فيلم The Curious Case of Benjamin Button

فيلم لا يمر فيه الزمن فحسب، بل يعود إلى الوراء ويمضي قدماً إلى الأمام، مقدماً قصة رجل قدر عليه أن يشيخ من الطفولة، رجل عندما يصبح طفلاً يكون عمره ثمانون سنه، يبدأ حياته عجوزاً متجعداً لا يقوى على الحراك وينهيها طفلاً حديث الولادة.


من اللحد إلى المهد

الفيلم مقتبس من قصة قصيرة تعود إلى العام 1922 للكاتب ف. سكوت فيتزجيرالد والذي حوله للسينما إريك روث حيث في فيلم يدمج بين موضوعي الفناء والإنبعاث، والقدر والحب، إذ يقدم قصة حب رومانسية ملحمية عن عاشقين عاكسهما القدر وكانت لقاءاتهما مختصرة.

فيلم The Curious Case of Benjamin Button - ٣

بدأت حياة بنجامين بتون والتي يؤديها براد بيت، يوم الاحتفال بانتهاء الحرب العالمية الأولى (1918)، توفيت أمه  أثناء الولادة ليتخلى عن والده على أحد الأبواب في مدينة نيو أورليانز الأمريكية، هذا الطفل الذي يولد كهلاً في سن الثمانين من عمره يتعرف على دايزي فالر (كايت بلانشيت) أول مرة وهي طفلة بينما هو كهلاً ويقع في حبها، ومع مرور الزمن يصغر ليتحول لرجل مفعم بالحيوية ويدور العالم على متن سفينة ويراسلها من كل الأماكن التي زارها، ليكون اللقاء معها مجدداً بعد أن أصبحت راقصة بالية محترفة وتبدأ علاقة حب سرعان من تنتهي بولادة طفلتهما، إذ يقرر (بتون) التخلي عنها لأنه لن يستطيع مع مرور الزمن تربية ابنته التي تكبر مع الزمن وهو بالمقابل يصغر، وهذا اللقاءات المختصرة تبقى بين الحبيبين ولكن بنجامين يزداد صغراً لتعتني به ديزي ويبدأ بنسيانها ونسيان المشي والحركة وحتى النطق ويموت أخيراً بين يديها طفلاً رضيعاً.

فيلم The Curious Case of Benjamin Button - ٤

شخصنة الزمن

للزمن حضور ملفت في التصاعد الدرامي للحدث ويتحول في بعض اللحظات لشخصية إضافية تضاف إلى شخوص الفيلم، إذ ترك الزمن والفناء أثراً عميقاً في الأداء التمثيلي والرؤية الإخراجية، فالمشهد الأول في الفيلم يسرد قصة رجل أعمى فقد ابنه بالحرب يصنع ساعة كبيرة لتوضع في ميدان المدينة وعند الكشف عنها يتبين أنها تتحرك عكسياً للوراء، وعندما يقال له أنه كذلك، يقول أنا صنعتها على هذا الشكل علها تعيد الذين ماتوا في الحرب ومن بينهم أبني، إن استخدام الساعة كان الإنذار الأول الذي أرسله المخرج لشخصنته لعامل الزمن، ورافقت عودت عقارب الساعة للوراء عودة بطل الفيلم في النمو للوراء، وإن كان الوقت في معظم الأفلام التي تقدم هو أحد العوامل المهمة نظراً لاختصار الأحداث على ساعتين من الزمن، ولكن المخرج ديفيد فينشر قدم تركبيه مختلفة لمفهوم الزمن وحوله من جزء من القصة إلى المحرك الأساسي لها، مؤكداً أنه حتى البشر لا يستطيعون إيقاف مرور الزمن.


دور الإخراج وأداء بيت

قدّم المخرج ديفيد فينشر في هذه التجربة طرحاً متفرداً بقصة متشابكة ذات أبعاد حياتية وصورةً متماسكة في تنقله بين الأماكن دون إهمال الأزمان والأشخاص، وخلق شخصية بنجامين العجوز بطريقة مبتكرة وباستخدام التقنيات الفنية المتطورة، بالرغم من الاستعانة من الممثلين البديلين لتأدية الشخصية بدلاً من بيت ولكنه أجاد في اختيارها وتحريكها مع الاستفادة من صوت بيت، كما وظف السرد بطريقة متجددة، من خلال دمجه بين صوت براد وصوت ابنته التي قرأت مذكراته التي كتبها لها، في ساعتين ونصف قدّم فينشر صورة مختلفة مبتعداً عن الإطالة أو الحشو.

فيلم The Curious Case of Benjamin Button - ٥

وبالمقابل كان (بيت) حاضراً بأدائه بخلاف أفلامه السابقة التي كانت تعتمد أساساً على شكله الجذاب وحضوره المميز، إلا أن النجم الأمريكي في هذا الفيلم قدم شخصية متكاملة بأحاسيسها وانفعالها فانسجمت مع الفيلم وتماهت تعابيره مع شخصيته، ليقدم دوراً مميزاً ومتقناً.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

من اجمل ماتابعت