فيلم The Fate of the Furious … ومفهوم مختلف للعائلة

الجزء الثامن من سلسلة السرعة والغضب كان ممتعًا جدًا. سيأخذنا في رحلة عبر أماكن رائعة وجذابة سيارات مذهلة، موسيقى جميلة، وأفكار جديدة عن العائلة، كمية كبيرة من الأكشن والدراما، وتحديات جديدة لأبطال القصة.

الجزء الثامن لسلسلة الأكشن والجريمة السرعة والغضب. تم الإعلان عن وجود جزء ثامن لهذه السلسلة لأول مرة في شهر مارس من عام 2015.

تم بدء الاستعدادات للفيلم بعد عرض الجزء السابع مباشرة، وتم عرضه لأول مرة بالولايات المتحدة الأمريكية في الرابع عشر من شهر أبريل الحالي.

حصل الفيلم على آراء مختلفة ومتباينة من قبل النقاد. بلغت ميزانية الفيلم حوالي 250 مليون دولار، واستطاع تجاوز حاجز النصف مليار دولار في جميع أنحاء العالم في الأسبوع الأول من عرضه، أي أنّه بالتأكيد سيتجاوز حاجز المليار دولار قريبًا.

الفيلم من إخراج ’’إف. غاري غراي‘‘، ومن كتابة ’’كريس مورغان‘‘ . أمّا طاقم التمثيل فضم نفس الوجوه المعتادة ’’فين ديزل‘‘، و’’جيسون ستاثام‘‘، و’’دوين جونسون‘‘، و’’تيريس جيبسون‘‘، و’’ميشيل رودريغيز‘‘، و’’لوداكريس‘‘، و’’ناثالي إيمانويل‘‘، و’’كيرت راسل‘‘ . بالإضافة للوجه الجديدة مثل الممثلة الجميلة ’’تشارليز ثيرون‘‘، و’’سكوت إيستوود‘‘ .

بعد أن كان ’’دوم‘‘ يقضي شهر العسل مع ’’ليتي‘‘، تظهر امرأة غامضة تغري دوم للانضمام لعالم الجريمة بطريقتها الخاصة. لم يستطع دوم الرفض لسبب معين حيث ينظم لها ويقوم بتلبية أوامرها.

هذا الأمر كان يبدو كالخيانة للفريق المقرب من دوم. حيث تبدأ رحلة من المطاردات الشيقة تمتد من شواطئ كوبا، وشوارع نيويورك امتدادًا للسهول الجليدية قبالة بحر بارنتس من أجل استعادة الرجل الذي جعلهم أسرة واحدة.

النقطة المهمة التي تميز فيها هذا الجزء بالتحديد، هي عامل المفاجأة في عموم الفيلم. أيضًا عامل الغموض في بداية الفيلم، والذي سيجعلك تطرح الكثير من الأسئلة التي ترغب بمعرفة أجابتها؛ والتي ستعرفها مع مرور الأحداث والدقائق بكل تأكيد.

على الرغم من أنّ السيناريو والأحداث الخاصة بالفيلم كانت مشابهة نسبيًا للأجزاء السابقة، والتي تتمثل بمهمة جديدة على الفريق الانتهاء منها، إلاّ أنّ العاملين اللذين ذكرتهم في الأعلى كان لهما تأثيرًا كبيرًا في نقل الفيلم لتتابع أعمق من أجزاء السلسلة السابقة، حيث فقدت أغلب تلك الأجزاء هذه العوامل، وعامل الأكشن الذي ستلاحظه في الدقائق الأولى من بداية الفيلم، والذي تخللته بعض الدراما في مشاهد لاحقة.

عند مشاهدتنا للكثير من الأفلام، في الغالب نستطيع معرفة الغموض الذي يكتنفها أو توقع الأحداث القادمة التي من الممكن حدوثها، وغالبًا ما نصيب أيضًا. ولكن، هذا الجزء من الصعب جدًا توقع الأسباب والدوافع لشخصيات الفيلم فيه.

أيضًا، من الصعب جدًا توقع ماذا سوف يحدث في قادم المشاهد. أي أنّ السيناريو أضاف عامل الغموض، والمفاجآت العديدة للأكشن؛ ليخرج لنا فيلمًا رائعًا ستستمتع فيه كثيرًا بعيدًا عن الرتابة والملل.

ولا يمكننا التغاضي عن أحد أهم عوامل النجاح، وهي الكوميديا الرائعة التي احتواها والتي تحتويها السلسلة بصورة عامة. على الرغم من أنّ اغلب أفلام الأكشن تحتوي على الكوميديا ولكن أغلبها تكون بصورة خفيفة؛ لإضافة رونق خاص لها. ولكن هذا السلسلة وهذا الفيلم بالتحديد سيجعلك تعتقد بأنّك تشاهد فيلمًا كوميديًا من دون التجاوز على عامل الإثارة والجدية.

رغم أنّ سباقات الفيلم بصورة عامة والمشاهد التي يحتويها من الصعب جدًا حدوثها على أرض الواقع، أي بالمختصر المفيد أنّ الفيلم بصورة عامة يحتوي على مشاهد غير قابلة للتصديق، ولكن هذا الأمر من عوامل نجاحه والتي أضافت الكثير من الأكشن والإثارة للفيلم، ولن أنتقدها على الإطلاق.

ولكن سأتكلم عن الترابط بين الأجزاء والأحداث الماضية، وبالتحديد العلاقة بين شخصية ديكارد ’’جيسون ستاثام‘‘ وبقية الطاقم. فبعد مشاهدتك للفيلم ستلاحظ تطور العلاقة بينهم والتي تحولت من علاقة عدائية لعلاقة صداقة قوية.

رغم أنّ ديكارد قام بعمل بطولي ومعروف كبير لشخصية دوم ’’فين ديزل‘‘ ولكن هل استطاع الطاقم مسامحته بهذه السهولة؟ بعد أن حاول قتل عائلته بالجزء السابق، وقام بالفعل بقتل أحد أعضاء الأسرة وهي شخصية ’’هان‘‘ ؟ هذا الأمر لا يحتوي على أي معنى و أجده من الأمور التي كان يجب الانتباه لها.

كما هي الأجزاء السابقة، مشاهد المطاردات كانت مثالية. المشاهد التي تحطمت فيها العديد من السيارات كانت ممتعة وصعبة جدًا. طرق التصوير وزوايا العرض والكثير من الأمور كانت متقنة بصورة تامة.

في التمثيل ربما هناك بعض المستويات المتباعدة بين طاقم العمل؛ فعلى المستوى الشخصي، أجد أنّ هناك بعض الممثلين لا يستحقون التواجد في هذه السلسلة، لأسباب عديدة أهمها هي عدم امتلاكهم للموهبة.

جيسون ستاثام: على الرغم من أنّ الدور الخاص به كان دور ثانويًا، إلاّ أنّه كان من بين الأفضل، وجوده لوحده يكون كافيًا لإضافة نكهة لأفلام الأكشن، وهذا تمامًا ما حدث في هذه السلسلة بعد انضمامه لها. استمتعت جدًا بأدائه، المشاهد الجادة أو الكوميدية على حد سواء.

دوين جونسون: رغم بعض المشاهدة الكوميدية اللطيفة لهذا الممثل في الفيلم، ولكن لا أجد الموهبة التمثيلية فيه. في عموم الفيلم أو في أفلام أخرى، دائمًا ما تكون أدواره استعراضية وكأنّه يحاول استعراض عضلاته بطريقة مبتذلة لا أكثر من دون بذل مجهود تمثيلي. دوره في هذا الفيلم كباقي أدواره الأخرى، محاولة استعراضية لا أكثر.

فين ديزل: دائمًا ما يظهر بصورة باردة جدًا، ولا أعني عديم المشاعر أو الاكتراث، ولكن أعني طريقة التمثيل والكلام وتعابير الوجه حيث تجعلك تشعر بأنّه عديم المشاعر. لا أعلم إذ كان هذا الأمر مطلوب منه أم لا، ولكن على أي حال في هذا الجزء ظهر بصورة مغايرة بعض الشيء وأعجبني أدائه بصورة عامة.

ميشيل رودريغيز: ربما هنا عالة الفيلم، لا أعلم كيف أصبحت ممثلة من الأساس وكيف تحصلت على أحد الأدوار الرئيسية في هذه السلسلة. لن تشاهد منها أي براعة في التمثيل أو تأثيرًا واضحًا. كان من الأفضل إعطاء الدور لممثلة أخرى فهناك العديد من الممثلات اللواتي باستطاعتهن إتقان هذه الشخصية بصورة أفضل.

تيريس جيبسون: على الرغم من عدم امتلاك شخصيته في الفيلم للشجاعة أو الحركات الخطرة والبطولية، إلاّ أنّ هذا الممثل يعتبر الروح الكوميدية للسلسلة. جميع المشاهد الكوميدية التي يقدمها ستقوم بإضحاكك جدًا، وجوده يعد أحد العناصر الأساسية في نجاح الفيلم.

تشارليز ثيرون: لا أحد يستطيع التقليل من قيمة تشارليز ثيرون الفنية، ولكن يمكن القول بأنّ الدور الذي قامت به لا يليق بها. تمامًا كما هو حال بقية الشخصيات الشريرة في السلسلة، بعد انتهاء الفيلم تصبح شخصية منسية. بصورة عامة لم يعجبني دورها وليس أدائها التمثيلي.

في نهاية أجزاء السلسلة، نلاحظ تجمع الطاقم الذي يمثل الأسرة. هذا الأمر حدث أيضًا في هذا الجزء ولكن بطريقة مرهفة جدًا وذات مشاعر عميقة ستبث فيك مشاعر متداخلة ورائعة.

ربما العامل الحزين والحزين جدًا هو أنّنا فقدنا أحد أهم شخصيات الفيلم، وهو الممثل الراحل ’’بول ووكر‘‘ . حيث ترك فراغًا كبيرًا ستلاحظه بكل تأكيد في حال كنت من عشاق السلسلة.

بعد رحيله، كنت أتمنى أن يكون الجزء السابع هو الجزء الأخير من السلسلة وإنهائها للأبد، تكريًما له. وأيضًا تجنب المط المُمل والمحتمل والذي يصيب أغلب سلسلات الأفلام أو المسلسلات، ولكن الجزء الثامن كان رائعًا ولم يخيب الآمال.

نهاية الفيلم تدل على وجود أجزاء جديدة بكل تأكيد، حيث أتمنى أن لا تقع هذه السلسلة بنفس الخطأ الذي تقع فيه أغلب الأعمال السينمائية الطويلة.

بين لنا الفيلم الجانب الإنساني لشخصياته والعلاقة القوية والمتينة للفرقة، ووقوفهم جنبًا إلى جنب في أصعب الظروف، وهذا الأمر الذي يجب على الجميع القيام به من أجل التماسك وقت السقوط والشدة. حيث يقدم لنا الفيلم صورة واضحة للطريقة التي يجب أن تكون عليها العائلة.