ماوكلي يعود لبهائه من جديد في فيلم The Jungle Book

رغم مرور كل تلك السنوات إلا أن هذه الأغنية مازالت تدوي في أذني، ربما أجيال الثمانينات وبداية التسعينيات يعرفونها جيدًا، فهي كلمات تتر أحد أشهر مسلسلات الرسوم المتحركة حينذاك (ماوكلي… فتى الأدغال) الذي تربى مع حيوانات الغابة وبالأخص الذئاب، هذا الفتى الصغير الذي يأخذنا معه في مغامراته المتجددة في الأدغال، ويقابل العديد من المواقف الشيقة في ظل قبول مجتمعي من جانب الحيوانات التي اعتبرته بمثابة واحد منها ولكنه يواجه النمر شيرخان الذي يكره البشر كرهًا شديدًا ويحاول القضاء عليه.

هذا المسلسل الذي ربما يعد أحد العلامات البارزة في طفولة الكثير هو في الأساس مأخوذ عن قصة الكاتب البريطاني روديارد كبلينغ (كتاب الأدغال) التي نُشرت عام 1894، والتي تتحدث عن ماوكلي الطفل الرضيع الذي يضيع في غابات الهند وتقوم بتربيته قبيلة من الذئاب، وتلك القصة الشهيرة التي سبق تجسيدها في العديد من الأفلام عرفها العالم العربي من خلال المسلسل الياباني (ماوكلي… فتى الأدغال) الذي عُرض للمرة الأولى في أكتوبر 1989.

يمكنك مشاهدة أغنية البداية من هنا…

وحديثًا قررت شركة والت ديزني إنتاج فيلم أخر جديد عن ماوكلي، هذا الفيلم الذي عُرض في أبريل الماضي حقق نجاحًا هائلًا على المستوى الجماهيري حيث بلغت إيراداته حوالي 966 مليون دولار، كما حظي بإشادة النقاد وترشح للعديد من الجوائز.

الفيلم من بطولة نيل سيثي في دور ماوكلي وأصوات كلا من سكارليت جوهانسون وبيل مورى وبن كينغسلي وإدريس ألبا ومن إخراج جون فافرو.

وبدافع من الفضول، قررت مشاهدة الفيلم والعودة من جديد إلى زمن الطفولة، وبالفعل كان الفيلم ممتع للغاية وفي رأيي الشخصي يرجع هذا إلى…

الصورة البصرية التي قدمها المخرج جون فافر و أكثر من رائعة، حيث مزج بين التصوير الحي والجرافيكس في سلاسة مبهرة تذكرني كثيرا بفيلم Life of Pi حينما تجمع الصورة السينمائية بين البشر والحيوانات المفترسة، كما أن رسم الشخصيات جاء متقنًا للغاية، فشخصية بالو الدب الذي يساعد ماوكلي في البحث عن عائلته البشرية تبدو محبوبة للغاية لشخص بالغ مثلي فما بالك بالأطفال؟

حدثني عن جمال شخصية الفهد الأسود باغيرا بعيناه الثاقبتين، ستقع في حب القطط الكبيرة بعد أن ترى باغيرا صديق ماوكلي ومعلمه الحكيم.

ولا يمكنني نسيان مشهد اختطاف ماوكلي من قِبل القردة ومقابلة ملكهم القرد العملاق لوي ومطاردته لماوكلي ومن ثم انهيار مملكتهم الرهيب.

لقد قدم الممثلون أداء صوتي مبهر بالأخص بن كينغسلي في دور باغيرا الفهد الأسود الحكيم وأيضًا إدريس ألبا في دور النمر شيرخان، كما أن سكارليت جوهانسون قدمت أداءً لعوبًا غامضًا في دور الأفعى كا، وهو أمر متوقع من جوهانسون التي تمتلك صوتًا مميزًا أبهرنا في فيلم Her والذي أحسبه أحد أفضل أعمال جوهانسون حتى الآن.

كما أن الطفل نيل سيثي الذي يعد الفيلم تجربته الثانية في عالم التمثيل أتقن المزج بين البراءة والشجاعة وأظهر روح التحدي التي لطالما تحلى بها ماوكلي.

إذا كنت من محبي المسلسل الياباني القديم، فأعدك بأنك ستستمتع بهذا الفيلم ولن تُخيب آمالك، فلن تشعر بالممل أثناء مشاهدتك له، وستجد أحداثًا مشوقة ومواقفًا متعددة تجذبك لمتابعة الفيلم حتى النهاية.

كما يحمل الفيلم شيئًا من الرمزية، فالزهرة الحمراء أو النار التي يتحكم بها البشر ويهابها الحيوانات، أعتقد أنها تمثل المعرفة وهي رمز قديم دفع ثمنه برومثيوس بعد محاولة سرقته من آلهة الأوليمب في الأساطير الإغريقية القديمة.

ويحاول الفيلم أيضًا غرس فكرة التعايش بين الأجناس المختلفة والمحافظة على حياة الحيوانات والغابات ومساعدة الآخرين متى استطعت ذلك، بجانب الفكرة الأساسية التي دائمًا ما تمنح الإنسان القدرة على التفوق لاستخدامه عقله.

في النهاية… الفيلم يحمل روح ماوكلي الشجاعة التي تعودنا عليها ونحن صغار ولكن بشكل سينمائي مبهر مواكب للعصر سيجعلك تشعر بمدى بدائية ماوكلي القديم، ولكن كما يقولون “Old is Gold”.

يمكنك مشاهدة تريلر فيلم The Jungle Bookمن هنا…