فيلم .The Man From U.N.C.L.E بين الأسلوب الأنيق وغياب المادة الحقيقية

ظهرت في موسم أفلام صيف 2015 الكثير من الأعمال المختلفة التي تشمل في تلك الفترة الزمنيّة بالتحديد عدد من أعمال الانتاج الضخم أو ما يُدعى عليها بأعمال المتعة فقط، وهي غالباً ما تفتقر إلى جودة سينمائية حقيقية لكنها تملك عناصر تجعل المشاهد سعيداً وتدفعه على أقل تقدير إلى الابتسام، وذلك تماماً ما حصل مع فيلم The Man From U.N.C.L.E أجدد أفلام مخرج فريد من نوعه هو غاي ريتشي.

بدايةً سنلقِ الضوء على أسلوب ريتشي الإخراجي، والذي شيئاً ما كان غائباً في هذا الفيلم، فلم يبرز في الفيلم ذلك الإخراج الأنيق الذي اعتدنا عليه دائماً بين أفلام هذا المخرج، بل كان إذا صحّ القول عادياً أو أقل من عادي، فَقَدَ عناصره المتميّزة وبذلك فَقَدَ أهم شيء يمكن أن يجعله فريداً في هذا السياق، ليحظَ باقل قدر ممكن من الاهتمام.

بالرغم من غياب أسلوب ريتشي المباشر في إخراج مشاهد الأكشن التي لم ترقَ إلى مستوى يمكن وصفه حتى بالمميّز، نلاحظ محاولته الكبيرة ومجهوده في صنع شيء ما من الفيلم، ولكن أظنه ركّز أو استثمر هذا المجهود في المكان الخاطئ لكن مع ذلك اثبت الفيلم تميّزه وأناقته عبر تصميم الانتاج والأزياء، والتنوّع الكبير الذي شهده الفيلم على طول مدة عرضه، ما بين الأماكن الرائعة، والأزياء المختلفة، وتلك كانت إضافة لا بأس بها تشعرك بالتغيير قليلاً هنا وهناك، وهذا نوعاً ما سبب حفاظ الفيلم على سمعة ريتشي الطيّبة.

بالنظر إلى الحقبة الزمنيّة التي تجري فيها أحداث فيلم The Man From U.N.C.L.E تشعر أيضاً أن ريتشي حاول إضافة أسلوب كلاسيكي في عرضه للفيلم، وأيضاً في مشاهد الأكشن، قد يبدو ذلك أكثر وضوحاً بالموسيقى التصويرية التي استعان فيها، حيث يبدو الأسلوب الكلاسيكي أكثر وضوحاً بالإضافة إلى اللمسات المتسمة بالبساطة والتي تزيد من متعة المشاهد السينمائية.

لا شيء جديد أبداً في هذا الفيلم، فعندما ظهر إخراج الفيلم بطريقة عاديّة جداً، أتى النص بضعف كبير، وقصة يمكن الحديث عنها أنها واضحة جداً، مع أحداث مرتقبة، غائبة عن أي مادة دراميّة متينة، وأيضاً عن كوميديا أخرى فائقة المتعة، كان النص من أضعف نقاط هذا الفيلم ولا يوجد مبرر حتى لما ستشاهده من تكرار وإعادة وابتذال بين أسطر الفيلم المكتوبة.

في المجال القصصي لهذا الفيلم، كانت بحاجة إلى القليل من العمق من جهة، وإلى المزيد من التغيير من جهة أخرى، فإذا وضعنا الأساس أمام أعيننا قد لا تبدو الفكرة بسيئة، ولكن بعد ذلك كل ما اضيف عليها هو خيارات ثانويّة كان من الأفضل أن تُتخذ بعناية أكبر، وخاصةً في سياق القصة السينمائية، لكن الحوار بشكل عام كان ضعيفاً للغاية.

أفضل ما في فيلم The Man From U.N.C.L.E أو في الحقيقة شهد الفيلم أمراً فائق الروعة هو ثلاثي البطولة، الشخصيات الثلاثة كانت هائلة بكل ما تعنيه الكلمة وهي من استطاعت زرع السحر الذي طرحه الفيلم على المشاهدين، حيث كانت بحدّ ذاتها ممتعة وأيضاً جذابة من عدّة نواحي، وأظن أنها أفضل نقطة في الفيلم، الشخصيات الثلاثة ومن قام بلعب أدوارها.

هو بالفعل فيلم جاسوسي آخر، يحاول أن يشمل جميع العناصر التي تتوافر في هذه الأفلام ويضمها، لكنها ليست بتلك المستوى الجيّد، وحتى الفيلم لم يُقدّم أي شيء جديد في هذا المجال، ويبدو أن هذه أكبر مشكلة تعاني منها الأعمال السينمائية هذه الأيام، لذلك يبقى أضعف من غيره في هذا السياق، ولولا شخصياته الرئيسية لكان حرفياً من أكثر الأعمل المخيبة للآمال في موسم أفلام صيف 2015.

يتحدّث الفيلم عن عميلين في وكالتي الاستخبارات الأمريكية والروسية، عليهما العمل معاً في ستينات القرن الماضي اثناء مواجهة منظمة شريرة غامضة تعمل على صنع أسلحة النووية، والفيلم في الواقع مقتبس عن مسسلسل تلفزيوني بدأ عرضه عام 1964 واستمر في العرض لمدة بلغت أربعة سنوات.

يتألف الفريق الذي سنشاهده طوال الفيلم من عميل الاستخبارات الأمريكية سولو (هنري كافيل)، وعميل الاستخبارات الروسية إيليا (آرمي هامر)، وغابي (آليسيا فيكاندر)، بينما شهدت مشاهد أخرى مشاركة كل من هيو غرانت، جاريد هاريس، إليزابيث دبيبكي ولوكا كالفاني في أدوار أخرى.

شكّل هذا الفيلم منذ بداية عرضه خيبة كبيرة في وسط متابعي السينما، كما شكّل بالسنبة لي، ليؤثر ذلك مباشرةً على مسيرته في أسواق الأفلام العالميّة الذي خرج منها مبكراً محققا إيرادات قدرها (100 مليون دولار) مقابل ميزانية كبيرة قدرها (75 مليون دولار) ليُعتبر الفيلم فاشلاً في مرحلته السينمائية، في انتظار ما سيحصل في المراحل الثانية.

لا ننتظر في العادة من غاي ريتشي سوى تلك الأعمال السينمائية المميّزة، ليقدّم لنا حديثاً أكثرها ابتعاداً عن كلمة مميّز، بل حتى يشعرك أنك تشاهد فيلماً آخراً لكن بشخصيات جديدة، وكأن الأفلام أصبحت كالمسلسلات المحدودة، كل موسم قصة جديدة وطاقم جديد لكن في النهاية جميعها ترتبط بذلك الأسلوب الواحد وتحت اسم واحد.

ماذا عنكم هل شاهدتم هذا الفيلم؟ ما رأيكم به؟