أشهر أفلام الكوميديا السوداء: مناقشة أحداث مؤلمة وقضايا شائكة بقالب ساخر

جميعنا نعشق الكوميديا والأفلام الكوميدية التي نبتعد بها عن مشاق الحياة، لكن ليست كل الكوميديا كذلك. فمن أجمل أفلام الكوميديا وأكثرها مشاهدة هي أفلام الكوميديا السوداء، التي تناقش قضايا محزنة أو غاية بالكآبة بطريقة ساخرة ومتهكمة. حيث أن أكثر ما يساعد على انتشار هذا النوع من الأفلام هو تناول قضايا شائكة بأسلوب ذكي ومختلف. فالكوميديا ليست بالضرورة الضحك من أجل الضحك، قد يجد كثير من المشاهدين ما يبحثون عنه لإيصال وجهات نظرهم لكن بقالب من الفكاهة والسخرية ودون توجيه الاتهامات. إذًا لمَ لا نتعرّف على أفضل أفلام الكوميديا السوداء في تاريخ السينما العالمية الحديث.

نعرف جميعًا فيلم كوينتن تارنتينو الشهير الذي صدر عام 1994، الذي كتبه روجر أفاري، وأدى بطولته كل من جون ترافولتا، وصامويل جاكسون، وأوما ثورمان. يُعرف عن هذا الفيلم المزج بطريقة ساخرة بين العنف والكوميديا. حيث سنشاهد شخصيات مهمشة مع رجال عصابات دون وجود تتابع واضح لسرد الأحداث.

وصف كثير من النقاد الفيلم عند عرضه بغير التقليدي، وأنه مثال واضح على ما بدأ يُعرف بأفلام ما بعد الحداثة. بالإضافة لاعتباره من قبل عدد من المخرجين مصدر إلهام من حيث الأسلوب والعناصر المتنوعة التي اعتمدها. حقق الفيلم نجاحًا واسعًا، كما نال عددًا من الجوائز أهمها سبع جوائز أوسكار، كجائزة أفضل سيناريو أصلي، وأفضل فيلم. بالإضافة لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.

الفيلم من إخراج وسيناريو غاي ريتشي، والذي صدر عام 2000. أدى بطولته جيسون ستاثام، وستيف غراهام، وبراد بيت. وهو فيلم جريمة وكوميديا في نفس الوقت. حيث يسرد قصة صراع محتدم على إحدى الماسات المميزة، وكيف تورط عدد كبير من الشخصيات في نزالات محمومة للملاكمة، مدفوعين من قبل رجال عصابات ومروجين لماكينات القمار. فندخل مع الشخصيات في سجالات متهكمة، وننسى أين أصبحت الماسة، ومع من. يُذكر أن ميزانية الفيلم لم تتجاوز الـ 10 مليون دولار أمريكي، بينما وصلت إيراداته حتى 83.6 مليون دولار.

أقرأ أيضًا: أفضل أفلام كوميديا في عام 2020 .. أعمال رسمت البسمة على وجوهنا في أيام عصيبة

فيلم إثارة وكوميديا مليء بالحركة، أخرجه وألفه شاين بلاك عام 2016، وهو من بطولة الرائع راسل كرو، ورايان غوسلينغ، وماثيو بومر. يتحدث الفيلم عن محقق خاص يحاول كشف حقيقة مقتل ممثلة إباحية، لينكشف بذلك عددًا من الأسرار المرتبطة بتورط موظفين تابعين للحكومة بمخالفات ارتكبتها أحد شركات تصنيع السيارات. ليتضح لاحقّا أنها قد زورت موتها، لتعم الفوضى بين من يحاول كشف الأسرار ومن يعمل على طمس الحقائق. لم تتجاوز إيرادات الفيلم الـ 53 مليون دولار بينما كانت ميزانيته 50 مليون دولار أمريكي.

تتسم أغلب أفلام الكوميديا السوداء بكونها تجمع بين الإثارة والجريمة والمواقف الكوميدية. كفيلمنا هذا الذي أخرجه وألفه مارتن ماكدونا، وهو أول أفلامه الطويلة، أدى بطولته كل من كولين فاريل، وبراندون غيلسون، ويشاركهما البطولة رالف فانيس. تدور أحداث الفيلم حول قاتلين مأجورين من أصل أيرلندي، يتورط أحدهما بقتل طفل عن طريق الخطأ، فيرسلهما المسؤول عنها لبروغز، فيعشقها أحدهما ويكرهها الآخر. يبدأ الصديقان بالتعرف على الأشخاص والتورط بمشكلات عديدة، تتطور لملاحقات وإطلاق نار لا متناهي، فينتهي الفيلم بطريقة ساخرة دون الوصول لنهاية واضحة.

يعكس لنا هذا الفيلم الطويل والمليء بالأحداث الفوضوية التي قد نرى أنها بلا مبرر، عبثية الحياة والأشخاص الذين نقابلهم بدون ترتيب مسبق، وكيف يمكن أن تنقلب حياة المرء عند أبسط منعطف. فاز الفيلم بجائزة غولدن غلوب عن فئة أفضل ممثل، وجائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام عن فئة أفضل سيناريو أصلي، بالإضافة لترشيحات لجوائز الأوسكار عن نفس الفئة.

إنه واحد من أشهر أفلام الكوميديا السوداء الأمريكية لعام 2008، أخرجه وألفه إيثان وجويل كوين. وكانت البطولة من نصيب فرانسيس ماكدورماند، وجون مالكوفيتش، مع براد بيت. يقدم لنا الفيلم عرضًا عن شخصيات متباينة لكل منها خصوصية وهم مختلف، تعيش كل شخصية بجو من التهكم وتتفاعل بجو من الجد والكوميديا بقالب محكم، لنستمتع بأداء مدهش لجميع هذه الشخصيات.

يتحدث الفيلم باختصار عن عميل مخابراتي يتم إعفاؤه من عمله، وفي نفس الوقت تقوم زوجته بنسخ ملفات تحتوي على أسرار تخص عمله المخابراتي، لكن تقع الملفات بأيدي شخصيات أخرى تسعى لاستغلالها وابتزاز العميل السابق. تبدأ دوامة الابتزاز والملاحقات وتنكشف الحقائق، لتتعرى أمامنا الشخصيات التي تتمرس الخيانة، فالعميل يخون زوجته مع أخريات، وزوجته بدورها تعشق آخر وتخون زوجها معه. تتقاطع الأحداث مع شبح المخابرات التي تراقب من بعيد ولا تتدخل إلا لإخفاء الأدلة أو للتخلص من شخصية مزعجة. وصلت إيرادات الفيلم لـ 161.128.228 دولار أمريكي مقابل ميزانية لم تتعدَّ 38 مليون دولار.

لا بد أن أغلبنا قد شاهد أو قرأ عن هذا الفيلم المثير للجدل، أصدر الفيلم عام 2000، وهو مأخوذ عن رواية لبريت إيليس، وأخرجته ماري هارون. أدى البطولة كل من كريستيان بيل، وجيسن بيرو، وجاريد ليتو. وتدور أحداثه حول مصرفي ثري، يظهر بأبهى صورة دومًا، ومرتبط بفتاة جميلة، ويرتاد أرقى المطاعم والأماكن. لكن تخفي هذه الصورة مريضًا نفسيًا ومهووسًا بالتعذيب الجسدي للفتيات وقتلهن، وهواية التخلص من أي شخص يزعجه أو يهدد أسراره وصورته الجميلة. لنشهد على سلسلة من الجرائم الدموية، لكن وفي خضم ما يقترفه يفقد السيطرة على تصرفاته، ويفقد أعصابه في محاولة منه لإخفاء كل أثر له. ويترك وراءه دليلًا دامغًا على ما اقترفت يداه، لكن وبطريقة ساخرة لا يلقى من يصدق أفعاله فينجو بشكل أو بآخر، وتكتمل الصورة النمطية للمريض النفسي ذو الصورة اللامعة في المجتمع. حقق الفيلم إيرادات وصلت لـ 34.266.546 دولار أمريكي.

يعتبر هذا الفيلم من الأفلام التي لا نقع في حبها إلا بعد مرور وقت من مشاهدته، عُرض لأول مرة علم 2019، من إخراج غاي ريتشي، وبطولة ماثيو ماكونهي، وهنري غولدينغ، وهيو غرانت، وكولين فاريل. نفتتح الفيلم مع ملك زراعة وتجارة الماريجوانا، والذي يبدع بطرق تسويق هذه الممنوعات، مع طموحه المتزايد في توسيع رقعة زراعة النبتة وتوزيعها.

يقرر فجأة أنه يريد أن يعيش حياة أبسط وأكثر هدوءًا فتتشابك الأحداث وتتشعب المشكلات بينه وبين التجار الآخرين. تلقى الفيلم الكثير من النقد السلبي، بسبب تشعب القصة التي لم تنته بشكل واضح، كما أن الحبكات الثانوية تتخذ في الفيلم حيزًا أكبر مما يجب فتستحوذ على اهتمام المشاهد أكثر من الحبكة الرئيسية. مع كل ذلك وصلت إيراداته لعشرات ملايين الدولارات منذ الأسبوع الأول للعرض.

الفيلم المميز لكوينتن تارنتينونو، والذي صدر عام 2009، وكان من بطولة براد بيت، وكريستوف فالتز، وميلاني لوران. يعتبر الفيلم ثاني أفلام تارنتينو من حيث الإيرادات الأعلى. والتي وصلت حتى 321 مليون دولار حول العالم.

تدور أحداثه في عالم موازي، خلال حقبة الحرب العالمية الثانية، وفي خضم سطوة النازية على عدد من دول القارة الأوروبية. فنتعرف على براد بيت ومجموعته التي كرّست حياتها للقضاء على كل نازي يصادفونه. كما نتعرف على شوشانا الفتاة اليهودية التي تتقمص اسم شخصية مسيحية والتي تصادف قاتل عائلتها. فتصب جل اهتمامها على قتله ومن معه. وتتقاطع طرقهم جميعًا في دار السينما العائد للفتاة، ويقومون بالقضاء على هتلر وأكبر رجالات النازية ضمن أحداث مليئة بالفانتازيا والبطولات الفردية المختلقة وغير الواقعية.

بالرغم من أن الفيلم غني بمشاهد الموت والآكشن، إلا أنه محبوك بطريقة ذكية ويتميز بتفاصيله الكثيرة التي قد لا تتنبه لها من المشاهدة الأولى للفيلم. ترشح لعدد من جوائز الأوسكار، وفاز بجائزة أفضل ممثل دور مساعد عنه، كما فاز فالتز بجائزة مهرجان كان عن فئة أفضل ممثل.

أقرأ أيضًا: لمشتركي نيتفليكس: هذه الأكواد السرية تتيح الوصول لقوائم فيها أكثر من ١٠٠٠ فيلم بدون تعب

أيقونة الكوميديا السوداء حديثة العهد، الفيلم الكوري الذي قلب الموازين عند عرضه في عام 2019، كان من إخراج بونغ جون هو، وبطولة تشويوجونغ، وسونغ كانغ هو. حاز الفيلم على نقد رائع، وحصد إشادة واسعة حول العالم. فقد اعتبره النقاد واحدًا من الأفلام المتكاملة من حيث السيناريو والحبكة والإخراج والمونتاج. كما فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي، وأفضل سيناريو مقتبس وجوائز اخرى.

يسرد الفيلم بسوداوية مطلقة حياة عائلتين تعيشان نمطين متناقضين من الحياة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع، لتسنح الفرصة للعائلة الفقيرة بالتسلل لحياة العائلة الأخرى والعيش كالطفيليات عليهم دون أن تدرك العائلة الأخرى ما يحدث. تزداد الانتهازية لدى المتطفلين وتبدأ الحقائق بالتكشف لكن مع كم كبير من العنف والقتل بين العائلتين وكأننا أمام صراع على البقاء.

إذًا ليست كل الكوميديا مخصصة للضحك فقط، تبقى أفلام الكوميديا السوداء من أهم وأذكى أنواع الفن وأكثره انتشارًا حول العالم، فكم فيلمًا قد شاهدت منها؟ وما هو فيلمك المفضل؟