حكايات من الموجة الفرنسية الجديدة: رحلة مع أشهر الأفلام الفرنسية ومخرجيها
12 د
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتحرر فرنسا من الاحتلال النازي، يتغير حال السينما الفرنسية حين يسافر رئيس الوزراء الفرنسي ليون بلو إلى العاصمة الأمريكية واشنطن للقاء وزير الخارجية جيمس بيرنز للتفاوض على اتفاقية من شأنها اسقاط الديون عن فرنسا بعد الحرب. تنجح اتفاقية بيريز في اسقاط ملياري دولار عن كاهل الحكومة الفرنسية، ولكن في المقابل كان الانفتاح شبه الكامل للأسواق الفرنسية أمام المنتجات الأمريكية، وخاصة الأفلام.
قبل تلك الاتفاقية، كانت الحكومة الفرنسية قد فرضت حصصًا على عدد الأفلام الأمريكية المسموح بعرضها في دور العرض الفرنسية، من أجل الحفاظ على الهوية المستقلة للسينما الفرنسية، ولإتاحة الفرصة الأكبر أمام المنتجين وصناع الأفلام المحليين. إلا أن اتفاقية بيريز قد قضت على تلك الحصص، وهو ما أدى إلى هيمنة الفيلم الأمريكي على سوق السينما الفرنسية.
في ظل تلك الظروف العصيبة التي كانت تمر بها السينما الفرنسية، برزت أسماء ثلاثة من النقاد الشباب على صفحات مجلة كايي دو سينما (كراسات السينما) Cahiers du Cinéma التي كانت تصدر بشكل دوري منذ عام 1951، ليقدم كل من فرانسوا تروفو وجان لوك جودار وكلود شيربول _فترة عملهم بالمجلة_ مفهوم جديد حول نظرية الفيلم، متناولين أعمال أسلافهم من صناع السينما الفرنسية، وغيرهم من صناع السينما الأمريكية التي كانت تعرض أعمالهم في صالات السينما الفرنسية في ذلك الوقت، وعلى رأسهم ألفريد هيتشكوك وأورسون ويلز، اللذين كان يتم اعتبارهما من المجددين، فكان يتم الاحتفاء بهما على صفحات المجلة، وربما يظهر تأثر لاحق بأعمالهما حين يتحول الشباب الثلاثة من النقد ويحتلوا مقاعدهم خلف الكاميرا، ليصبحوا من الأباء المؤسسين لما يعرف بالموجة الفرنسية الجديدة La Nouvelle Vague، إلى جوار أخرين منهم جاك ريفيت الذي عمل هو الآخر في كايي دو سينما، وإريك رومير الذي كان يتولى رئاسة تحرير المجلة.
يعلن كلود شيربول بداية العهد الجديد للسينما الفرنسية مع فيلمه “Le Beau Serge” الذي قدمه 1958، ليصبح أولى أفلام الموجة الفرنسية الجديدة التي يتم عرضها في صالات السينما، وتتوالى من بعده أعمال العديد من أفلام صناع الأفلام الفرنسيين في الفترة حتى أواخر الستينات، لتشمل أخرين من خارج جماعة كايي دو سينما، كان لكل منهم تجربته الفريدة التي ساهمت في استعادة السينما الفرنسية لهويتها ومكانتها.
فى تلك القائمة، نستعرض معكم مجموعة من أشهر تجارب مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة ..
(Hiroshima Mon Amour (1959
عرفت السينما الفرنسية المخرج آلان رينيه في أواخر الخمسينات من خلال مجموعة من الأفلام التي عززت مكانته في وقت قصير وحققت له نجاحًا كبيرًا، يأتي في مقدمتها فيلمه “هيروشيما حبيبتي” Hiroshima Mon Amour عام 1959، تلاه “العام الماضي في مارينباد Last Year at Marienbad عام 1961، و”موريل” Muriel الذي قدمه عام 1963، وقد اعتمدت جميعها على تقنيات سرد غير تقليدية في التعامل مع موضوعات تتعلق بالذاكرة المضطربة والماضي المتخيل.
وعلى الرغم من أن أفلامه قد عاصرت الموجة الفرنسية الجديدة، إلا أن رينيه لم يعتبر نفسه جزءًا كاملاً من تلك الحركة، فقد كان من خارج جماعة Cahiers du cinéma التي انتمى إليها أشهر مخرجي الموجة الفرنسية كفرانسوا تروفو وجان لوك جودار، فكانت له روابط أوثق مع مجموعة “Left Bank”، وهم جماعة من المؤلفين والمخرجين الذين تشاركوا الالتزام بالحداثة والاهتمام بالسياسة اليسارية. وقد عمل رينيه في أفلامه مع مجموعة من الكتاب لم يكن لهم صلة بالسينما مثل جان كيرول، ومارجريت دوراس، وألان روببي جريليت، وجورج سيمبرن، وجاك ستيرنبيرج.
لم يكن رينيه في الأصل مكلفًا بإنتاج فيلم روائي طويل بل وثائقي قصير حول القنبلة الذرية، لكنه قضى عدة أشهر في حيرة حول كيفية تقديم ذلك، فلم يكن رغبًا في إعادة إنتاج فيلم وثائقي يتشابه مع تجربته السابقة التي قدمها عام 1956 حول الهولوكوست بعنوان “الليل والضباب” Night and Fog، ليلجأ رينيه وقتها إلى الروائية مارجريت دوراس لكتابة قصة سينمائية تصبح فيها القنبلة الذرية ومأساة هيروشيما حدثًا جانبيًا وليست المحور الرئيسي للأحداث، ليأتي في النهاية Hiroshima Mon Amour كحوار مطول بين رجل وامرأة يمتد على مدار 36 ساعة قبل انفصالهما بعد علاقة عاطفية.
الفيلم من بطولة ايمانويل ريفا وإيجي أوكادا، ويدور حول ممثلة فرنسية في هيروشيما تصور فيلمًا عن السلام، وأثناء ذلك تتورط في علاقة مع مهندس معماري ياباني متزوج، وتُعيد إليها تلك العلاقة ذكريات علاقة عاطفية سابقة لها وقت الحرب مع جندي ألماني.
(The 400 Blows (1959
فى أول أفلامه السينمائية عام 1959، يختار المخرج فرانسوا تروفو السيرة الذاتية، فيتناول خلال فيلمه “أربعمائة ضربة” The 400 Blows فترة مبكرة من حياته، ويبتدع لأجل ذلك شخصية “أنطون دونيل” التي سترافقه في 4 أفلام أخرى خلال مسيرته السينمائية، يتشارك عبرها تروفو مع المُشاهد فترات مختلفة من حياته تمتد عبر 20 عامًا من حياة أنطون التي جسدها على الشاشة الممثل جان بيير لو.
بداية في فيلم “أربعمائة ضربة” The 400 Blows تناول تروفو حياته أنطون الصبي الباريسي الذي يودعه أبيه في مصلحة للأحداث ومعاناته حتى هروبه منها، ليأتي الظهور التالي له وهو بعمر الـ17 عامًا حيث يصبح مهوسًا بطالبة موسيقى ترفض حبه في فيلم قصير بعنوان Antoine and Colette كان ضمن مشروع سينمائي تشارك فيه مخرجين من عدة دول ليقدموا خمس تجارب سينمائية قصيرة صنعت فيلم روائي طويل بعنوان “الحب في العشرين” Love at Twenty عام 1962.
ولاحقًا في ثلاثية روائية طويلة يتناول تروفو تطور علاقة أنطون بكريستين التي يقع في حبها خلال أحداث فيلم “قبلات مسروقة” Stolen Kisses عام 1968، ويتناول تروفو فترة زواجهما في فيلمه Bed and Board عام 1970، ثم طلاقهما في Love on the Run عام 1979.
أقرأ أيضًا: 10 أفلام عالمية دارت في أجواء كرة القدم وحلم تحقيق البطولات
(Shoot the Piano Player (1960
في فيلمه الوثائقي Hitchcock/Truffaut الذي عُرض في مهرجان كان السينمائي عام 2015، ويرصد حوار مطول أجراه فرانسوا تروفو مع ألفريد هيتشكوك عام 1962 وأعاد نشره في كتابه “السينما حسب هيتشكوك” Cinema According to Hitchcock عام 1966، يتعرض المخرج نيت جونز لنقطة خلافية بين هيشكوك وتروفو حول كيفية صناعة كل منهما للفيلم، فبينما يكون هيشكوك هو السيد المسيطر على فيلمه، يفضل تروفو إجراء حوارات مع ممثلي فيلمه يراقب خلالها طريقة كل منهم في التعبير وكذلك الإيمائات الخاصة بهم ليعيد على أساس ذلك رسم شخصيات فيلمه وإعادة كتابة الحوار الخاص به عدة مرات، ليجيبه هيتشكوك في النهاية “ولكنك ستضطر إلى أن تمضي ليلتك كلها وأنت تصنع ذلك”.
في فيلمه “اطلق النار على عازف البيانو” Tirez Sur Le Pianiste قام تروفو بتغير سيناريو الفيلم عدة مرات أثناء التصوير، وقد صرح لاحقًا أنه أرد التخلص من السرد الخطي، صانعًا فيلمًا تُرضيه فيه كل المشاهد، لذلك صور دون أي معايير، ويتناول تروفو من خلال فيلمه، الذي لعب فيه المغني تشارلز أزنافور دور البطولة، حكاية عازف البيانو تشارلي كوهلر الذي يلعب البيانو في أحد الأندية الليلية، ويميل إلى نادلة تعمل معه في نفس المكان تُدعى لينا، ولاحقًا في إطار بوليسي يتورط تشارلي ولينا مع أحد العصابات لتكتشف الأخيرة أن تشارلي لم يكن حقًا من يدعي، ويضطر هو أن يعود إلى منزله الأول حيث حياةً كان دائم الهرب منها.
يعود فرانسوا تروفو، المعروف بهوايته الربط بين أعماله السينمائية إما عن طريق الشخصيات أو بعض العناصر والجمل الحوارية، إلى منزل عازف البيانو الأول، ليجعله ملاذ الحبيبين في نهاية فيلمه “عروس المسيسيبي” La sirène du Mississipi من إنتاج عام 1969، والذي أظهر خلاله تروفو تأثرًا واضحًا بتحفة هيتشكوك “فيرتيجو” في تقديمه لمعالجه معاصرة لرواية ويليام أيريش “فالس في الظلام” Waltz Into Darkness، وقد لعب أدوار البطولة للفيلم كل من جان بول بلموندو وكاترين دينوف، ولاحقًا تُردد دينوف حوارها بنهاية ذلك الفيلم في فيلم آخر لها، وهي ممثلة على خشبة المسرح خلال أحداث فيلم “المترو الأخير” The Last Metro الذي أخرجه تروفو عام 1980.
(1960) Breathless
يأتي جان لوك جودار عام 1960 متأخرا عن زملائه ليتصدر المشهد السينمائي وربما الموجة الفرنسية بأكملها بعد إطلاق فيلمه “إلى أخر نفس” À bout de souffle، المعروف عالميا باسم Breathless، والذي جاء بمثابة تجسيد حي لأزمة الهوية السينمائية الفرنسية في ظل هيمنة هوليود من خلال بطله ميشيل الباحث عن الهوية، وقد رسم جودار ذلك من خلال أبعاد الشخصية والإطار القصصي الذي يضع بطله في سياق أفلام الجريمة والتشويق الأمريكية (النوار)، فيروي الفيلم قصة الشاب المحتال ميشيل الذي يلعب دوره جان بول بلموندو، في أعقاب قتله لضابط شرطة وهو في طريقه لرؤية حبيبته الأمريكية باتريشيا في باريس.
يختار جودار بطله ميشيل فيجعله يحيا شخصية رجل العصابات الأمريكي ليحدث لميشيل نوع من التماهي مع بطله السينمائي الأثير هامفري بوجارت، كما كانت تصوره هوليوود في أفلام النوار فترة الأربعينات، فيرتدي ميشيل زيا محاكيا لبوجارت حيث رجل العصابات الأمريكي أثناء ارتكابه لجريمة القتل، وهناك تلك الإيمائة الشهيرة التي يحرك فيها بلموندو إبهامه على شفتيه في حركة دائرية مستوحاة عن شخصية سام سبايد، الأشهر في مسيرة بوجارت السينمائية والتي قدمها خلال أحداث فيلمه “الصقر المالطي” The Maltese Falcon بداية الأربعينات، ليضع من خلالها بوجارت بصمته في ذاكرة السينما على النمط الذي تقدم من خلاله شخصية رجل التحريات الخاصة، والتي تشتهر فيما بعد بمصطلح “النمط البوجارتي” The Bogart Style.
لاحقًا يقف ميشيل أمام الملصق الدعائي لأحد أفلام بوجارت المعروضة في صالات السينما الفرنسية، إنه فيلم The Harder They Fall الذي يعطي إشارة بأن أحداث الفيلم تدور في تاريخ سابق لعام 1960، إذ أن فيلم بوجارت من إنتاج 1956 وهو الوقت الذي كانت فيه السينما الفرنسية مازالت تعاني من الهيمنة الأمريكية، ليواجه ميشيل بطله ويعطيه إيمائته الشهيرة في ظل أخذه المزيد من الخطوات في عالم الجريمة الذي تورط فيه وقربه أكثر من عالم بوجارت. وفي منزل باتريشيا تظهر العديد من المرايا التي يواجهها الحبيبين وينظران إليها في تساؤل، وأثناء ذلك يحدث نقاش مطول بينهما يصبح علامة من علامات سينما جودار حيث التيه والعصف الذهني للعديد من الأفكار التي تؤرق جودار ويطرحها على لسان أبطاله.
ويأتي أسلوب المونتاج السينمائي الخاص بالفيلم ليصنع نقله في تاريخ المونتاج السينمائي قائم إلى الآن، بتحرره من أساليب المونتاج المتعارف عليها في السينما وقتها كالمزج أو الاختفاء التدريجي كثمه ثابتة للانتقال بين المشاهد ليحل محلها القطع، بالإضافة إلى التجديد في أسلوب القطع على الحركة داخل المشهد الواحد.
(Vivre Sa Vie (1962
يمزج جان لوك جودار بين جماليات السينما الواقعية والسمات الأسلوبية للسينما الوثائقية لصناعة فيلمه “تحيا حياتها” Vivre Sa Vie الذي قدمه عام 1962 من بطولة آنا كارينا، معتمدًا في روايته لحكاية نانا بطلة فيلمه على إطار روائي تصاعدي مقسم إلى 12 فصلاً قصيرًا، يمثل كل منها فترة من حياة نانا، بداية من تركها زوجها من أجل تحقيق حلمها في أن تصبح ممثلة سينمائية ومصاحبًا للتحولات التي قادتها إلى العمل كبائعة هوى، ويسبق كل فصل من تلك الفصول عنوان مكتوب.
صور جودار من خلال فيلمه حياة بائعات الهوى في باريس وتناول أجزاء منها بشكل وثائقي خلال أحداث فيلمه، ويعد الفيلم في حد ذاته أحد المصادر التي يمكن من خلالها التعرف على الثقافة السائدة في باريس في ذلك الوقت، حيث قاعات البلياردو المضاءة بالنيون، موسيقى البوب ومتاجر بيع الاسطوانات، ملصقات الحائط، صندوق الموسيقى بالمقاهى Jukebox، السيارات الأجنبية، وسينما الموجة الجديدة التي حققت شعبية كبيرة لدى الجمهور، وقد عبر جودار عن ذلك من خلال لقطة يتكدس فيها الجمهور أمام شباك التذاكر لأحد دور السينما التي تقوم بعرض فيلم “جولز وجيم” Jules et Jim لأحد أعلام الموجة الفرنسية وصديق جودار، فرانسوا تروفو.
لم يكن ذلك المشهد عن دار السينما التي يزينها ملصق فيلم تروفو هو الوحيد بالفيلم الذي جاء في مجمله بمثابة تكريم للسينما الفرنسية وفترات تألقها، فتجلس نانا في أحد مشاهد الفيلم بصالة سينما لتشاهد فيلمًا يٌعد أحد أهم إنجازات السينما الفرنسية في عصر الصمت، وهو “شعف جان دارك” The Passion Of Joan Of Arc إنتاج عام 1928، ويحدث بين نانا وبطلة فيلمه نوع من التماهي فتبدأ في البكاء.
وفي المقابل يمازح تروفو جودار بتقديمه مشهدًا كوميديًا ساخرًا يحاكي من خلاله أحد أشهر مشاهد فيلم Vivre Sa Vie، حيث تجربة نانا الأولى مع أحد زبائنها، ولكن في فيلم تروفو يتم تناول المشهد من وجهة نظر الزبون، الذي يتخيله تروفو بطله الشهير “أنطون دونيل” خلال أحداث فيلم “قبلات مسروقة” Stolen Kisses.
(Cleo from 5 to 7 (1962
يمكن اعتبار فيلم Cléo from 5 to 7 أحد الأفلام المعبرة عن المشهد الفكري الفرنسي في ذلك الوقت، حيث الفلسفة الوجودية والحركة النسوية اللذين كانا في أوجهما فترة الستينات، فيتبع الفيلم الذي كتبته وأخرجته أنييس فاردا عام 1962 حكاية مغنية شابة، هي كليو التي تنتظر نتائج الفحص الطبي الخاص بها من الساعة 5 وحتى الـ6 والنصف مساءً والذي من المحتمل أن يؤكد إصابتها بمرض السرطان، وهو ما يجعلها مهيأه لفكرة وفاتها.
لاحقًا تضع تلك الفكرة المٌشاهد أمام أزمة كليو الوجودية كونها “هي” وكونها امرأة، مع استعراض الصورة النمطية للرجل عن المرأة وعدم أخذه لها على محمل الجد والتعبير عن ذلك من خلال كليو التي يعتقد المحيطون بها أنها تختلق موضوع موتها من أجل جذب الانتباه، ويوضح الفيلم كيف تصبح كليو نتاج تلك الصورة النمطية، كحال معظم النساء اللاتي يفقدن هويتهن لمجاراة تلك الصورة، فتتحول كليو لتصنع من نفسها تجسيدًا حيًا للجمال، فيظهر ذلك من خلال الشعر المستعار والملابس الباهظة والقبعة التي تمضي أغلب نهارها في شرائها. تعتقد كليو أنها طالما احتفظت بجمالها فهي على قيد الحياة، ويتحول الأمر إلى نوع من الهوس الذاتي مع العديد من المرايا التي تظهر خلال أحداث الفيلم.
يعكس الفيلم كذلك الموقف الفرنسي وقتها من حرب الجزائر والمطالب بإنهاء الاستعمار، فيستعرض احتجاجات الشارع الفرنسي التي تصادفها كليو وهي بسيارة أجرة، وهناك أيضًا أنطوان العائد من الجزائر في أجازة مؤقته ولديه هو الأخر أزمته الوجودية الخاصة ويعتقد أن الناس في الجزائر يموتون من أجل اللا شئ.
لم يكن Cléo from 5 to 7 هو الوحيد من أفلام الموجة الفرنسية في تناوله حرب الجزائر، ففي العام نفسه لـ”كليو” يقدم جاك روزير فيلمه “وداعًا الفلبين” Adieu Philippine الذي تناول رحلة شاب فرنسي إلى جزيرة كورسيكا مع صديقتيه قبل ترحيله إلى الجبهة الجزائرية، بينما في عام 1963 يتم الإفراج عن فيلم “الجندي الصغير” Le Petit Soldat الممنوع من العرض لجودار، والذي صوره عام 1960 بعد فيلمه Breathless ليتناول خلاله حكاية شاب فرنسي هارب يحيا في منفاه بسويسرا، يختلط مع الجماعات الثورية العربية والفرنسية ولكنه يعلق في المنتصف، ويحاول ارتكاب جريمة قتل لتجنب إعادته إلى فرنسا، وأثناء ذلك يتحدث إلى فتاة عن السياسة والحب.
وكأنها عاصفة من الأفكار الخاصة بجودار شخصيا، جعلت من الفيلم مرآة عاكسة لموقف صناع الموجة الجديدة من الوجود الفرنسي في الجزائر، فدعما لجودار يردد آلان رينيه مقطع حواري من فيلم “الجندي الصغير” على لسان أبطال فيلمه Muriel، في العام نفسه الذي يتم فيه الإفراج عن فيلم الأول للعرض بصالات السينما، لتأتي “موريل” كشبح خفي يطارد أبطال الفيلم؛ لقد كانت رعب الجزائر.
في المقابل يوجه جودار تحية خاصة لرينيه خلال أحداث فيلمه “شيئان أو 3 أشياء أعرفهم عنها” Two Or Three Things I Know About Her عام 1967، حيث يجلس الزوجان جوليت وروبرت حول المائدة في بداية أحداث الفيلم ويظهر خلفهما الملصق الدعائي لفيلم Muriel على الحائط ليتوسط الإطار.
يظهر كل من جان لوك جودار وآنا كارينا وإدي كونستانتين وجان كلود برايلي بشكل خاص خلال أحداث فيلم Cléo from 5 to 7، للعب أدوار الشخصيات بالفيلم الصامت الذي يعرضه راؤول على كليو، كذلك يظهر الملحن ميشيل ليجراند، الذي وضع الموسيقى التصويرية لفيلم “كليو” ليلعب دور “بوب” عازف البيانو بالفيلم.
أقرأ أيضًا: أجمل أفلام رومانسية فرنسية .. قائمة حالمة للأمسيات تظهر روعة الفن السابع
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.