تريند 🔥

📱هواتف

فيلم The Mountain Between Us … تجربة جيدة أفسدها الاستسهال و الكليشيهات المعتادة

The Mountain Between Us
محمود حسين
محمود حسين

10 د

تقييم الفيلم: 

يجمع فيلم The Mountain Between Us بين المغامرة والدراما والرومانسية، ويُصنف بشكل رئيسي ضمن مجموعة الأفلام التي تدور في نطاق المكافحة من أجل النجاة والبقاء على قيد الحياة. الفيلم من بطولة إدريس إلبا وكيت وينسلت، وهو من مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب الأمريكي تشارلز مارتن، وكتب له السيناريو كريس ويتز بينما تولى إخراجه الفلسطيني هاني أبو أسعد الذي سبق له تقديم عدد من الأعمال المميزة منها فيلم Omar، وفيلم Paradise Now، وكلاهما رُشح إلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية.


قصة الفيلم

قصة فيلم The Mountain Between Us

تدور أحداث فيلم The Mountain Between Us حول شخصين غريبين عن بعضهما البعض هما أليكس مارتن (كيت وينسلت) وبن باس (إدريس إلبا) يلتقيان في مطار سولت ليك، حيث يتم إلغاء رحلتهما الجوية بسبب سوء الأحوال الجوية، ولأنّ كل منهما لديه سبب طارئ يجبره على إتمام الرحلة يتوافقان حول استئجار طائرة خاصة تقلهما إلى وجهتهما، إلّا أنّ تلك الطائرة تتعرض لحادث بمنتصف الرحلة وتهوى بمنطقة جبلية غير مأهولة مُغطاة بالثلوج، ومن ثم يكون على الغريبين مساندة بعضهما ومكافحة الطبيعة القاسية، وخوض الكثير من الأهوال للبقاء على قيد الحياة …


الأداء التمثيلي

كيت وينسلت وإدريس إلبا

يمكن القول بأنّ الأداء التمثيلي هو العنصر الأفضل على الإطلاق في فيلم The Mountain Between Us، حيث كان الفيلم في مُجمله عبارةً عن مباراة تمثيلية بين كيت وينسلت وإدريس إلبا اللّذين كانا مُلمان بتفاصيل شخصياتهم، وقدما أداءً مُتقنًا خاليًا من المبالغة وبعيدًا عن الجمود.

ساعدت طبيعة العمل الممثلين الرئيسيين على تفجير طاقاتهم وإبراز قدراتهم. إذ أنّ الفيلم يحتوي كمًا هائلًا من المشاهد الدرامية، علاوةً على أنّ علاقة الشخصيتين تمر بالعديد من التحولات – خاصةً في نصف الفيلم الأول – وبالتبعية كان من الضروري أن يتغير أسلوب الأداء والتفاعل بينهما بما يتناسب مع المرحلة، وقد تم ذلك بسلاسة وهدوء حتى أنّ في بعض الأحيان لم يشعر المشاهد متى حدث هذا التحول وكيف بدأ، وقد كانت المباراة التي جمعتهما ثنائيةً وليست تنافسيةً، أي أنّ كلًا منهما كان سببًا مباشرًا في تألّق الآخر، حتى أنّ مجموعة المشاهد القليلة التي تضمنت تراجعًا نسبيًا في مستوى الأداء التمثيلي كان التراجع من نصيب الطرفين معًا.


كيت وينسلت: أليكس مارتن

كيت وينسلت

تجسد كيت وينسلت من خلال أحداث The Mountain Between Us شخصية الصحفية الشابة (أليكس مارتن)، وقد نجحت في جذب انتباه المشاهد والتعبير عن طبيعة شخصيتها منذ ظهورها الأول على الشاشة في افتتاحية الفيلم، حيث بدت “أليكس” مندفعةً، متحمسةً، كثيرة الأسئلة، لا تستسلم بسهولة، جامعةً في ذلك بين سماتها الشخصية الفطرية، وبين تأثرها بعملها في مجال الصحافة، وهذا كله مُغلف بحِس الفكاهة الذي تمتاز له.

تمكنت كيت وينسلت من الحفاظ على رسم الشخصية بمختلف المراحل التي مرت بها، والتي كان يصاحبها بالضرورة اختلافًا طفيفًا في السلوك العام وأسلوب التعامل مع الطرف الآخر، وقد نجحت وينسلت في تقديم ذلك بدقة شديدة، ودون أن يكون ذلك التغيُر ملموسًا للدرجة التي تُقربه من الافتعال، حتى اللحظات الكوميدية – التي كانت هي مصدرها الرئيسي – كانت تتسم بقدر كبير من العفوية والتلقائية، ولولا ذلك لتسببت في إفساد العديد من المشاهد خاصةً أنّ الوضع المأساوي الذي تدور به الأحداث لا يسمح بذلك، لكن كيت وينسلت جعلت الكوميديا – الغير ملائمة للموقف – متماشيةً تمامًا مع الشخصية، ونابعةً من طبيعتها الساخرة مما لم يُشعر المشاهد بغرابة ردود أفعالها أو عباراتها.


إدريس إلبا: بن باس

إدريس إلبا

قدم إدريس إلبا شخصية (بن باس) جرّاح الأعصاب المثالي المستعد للمغامرة بالسفر في ظروف استثنائية لإنقاذ مريضه ذو العشرة أعوام … كانت شخصية إلبا هي الأكثر انغلاقًا وبالتالي الأكثر غموضًا، وقد ساهم ذلك في رفع سقف التحدي أمام موهبة إلبا، فقد كان مُطالبًا بإقناع المشاهد بشخصية مُركبة تحمل أكثر من سر، وتتحكم أحداث الماضي – غير المعلومة بالنسبة للمشاهد – في دوافعها وانفعالاتها وردود أفعالها.

أحكم إدريس إلبا قبضته على الشخصية في أغلب مشاهد الفيلم، ورغم أنّ ردود أفعاله تناقضت في بعض الأحيان، إلّا أنّها كانت مُقنعةً تمامًا، وكان لدى المشاهد إحساس بأنّها صادرةٌ عن نفس الشخص حتى وإن لم يتم تبرير ذلك، إلّا في مرحلة متأخرة نسبيًا، كما تمكن من إحداث توازن بديع بين إظهار صلابة وتماسك الجراحين، وقدرتهم على التحلي بالحكمة في اللحظات الحرجة، وبين إظهار مشاعر الخوف الفطري التي تنتاب أي إنسان عند التعرض للخطر.


كليشيهات محفوظة ومكررة أفسدت متعة العمل

The Mountain Between Us

إذا أردنا النظر إلى أبرز العيوب التي شابت تجربة The Mountain Between Us، والتي قد تكون سببًا في حصوله على تقييمات نقدية متوسطة رغم ما يتوفر به من عوامل جذب، سوف نجد أنّها متمثلةٌ في مجموعة الكليشيهات السينمائية المحفوظة والمُعادة، والتي عفى الزمن على بعضها لدرجة أنّ تقَبُلها أو الانفعال معها لم يعد أمرًا واردًا أو مقبولًا، ولم يشفع لها الأداء المميز من جانب الممثلين بل يمكن القول أنّها أهدرت مجهودهم.

تضاعفت معدلات تركيز المشاهد الدرامية والرومانسية في النصف الثاني من الفيلم، وبلغ التركيز ذروته في الثُلث الأخير منه، حيث أراد السيناريو والمخرج تدعيم العلاقة بين الشخصيات بصورة مقنعة ومبررة، وفي ذات الوقت التمهيد للمُفارقة الأخيرة التي تحدث قُرب النهاية، لكن ذلك كله طغى على أجواء التشويق والإثارة وتحدي الطبيعة، والكفاح من أجل النجاة والتي تُعد العمود الفقري لهذا العمل السينمائي والقاعدة التي تم تأسيسه عليها، ورغم كل ذلك فإنّ المشكلة الحقيقية لا تكمن في طغيان الجانب الرومانسي على التشويقي، بل تتمثل في الأسلوب الذي قُدمت به تلك المشاهد، والذي جاء خاليًا من أي ابتكار أو تجديد لدرجة تجعل المشاهد يشعر بأنّه أمام فيلم معاد سبق له مشاهدته عشرات المرات.

اعتمد صُنّاع The Mountain Between Us في تقديم مشاهد الرومانسية على الخطابات المباشرة المستهلكة والمشاهد المكررة، ذلك الأسلوب قد يكون مناسبًا لأفلام مثل: Casablanca من إنتاج 1942، أو Gone with the Wind من إنتاج 1939، والأفلام العربية من إنتاج الأربعينات، وهذا لا يُعني أنّ مشاهد الإثارة كانت بعيدةً عن تلك الكليشيهات الثابتة، بل إنّ المخاطر التي تعرض لها البطلان كانت شبه متوقعة، والأمر نفسه ينطبق على أسلوب تخطيهم لها وتغلبهم عليها الذي اتسم ببعض السهولة، وبالتالي عجز عن الوصول بالمشاهد إلى درجة التوتر المطلوبة على عكس الأفلام التي دارت في أجواء مماثلة مثل: The Revenant أو The Grey، لكنها في النهاية كانت الأفضل حالًا.

هذا كله جعل الملل يتسلل إلى المشاهد في بعض أجزاء الفيلم لدرجة تجعله ينتظر حلول النهاية، ليس تلهفًا لمعرفتها وإنما تيقنًا من أنّ الفيلم لم يعد يملك جديدًا ليقدمه، وقد كانت النهاية للسف هي الكليشيه الأبرز والأسوأ على الإطلاق.


الاهتمام بالشخصيات على حساب الحدث

The Mountain Between Us

قدم سيناريو The Mountain Between Us قصةً متماسكةً يُسهل متابعة مراحل تطورها من البداية للنهاية بسهولة، وتميز في الفصل الأول بالانتقال من مرحلة لأخرى بسهولة وسرعة أوصلته مبكرًا إلى النقطة الأكثر إثارة، وكذلك الأكثر انتظارًا مع تقديم مناسب للشخصيتين عَرف المشاهد من خلاله ما يحتاج لمعرفته – في تلك المرحلة – ليتمكن من استكمال المتابعة واكتشافهما بصورة أكبر مع تقدم الأحداث. يعتبر رسم الشخصيات أبرز العوامل المميزة لسيناريو الفيلم، ولعل الفضل في ذلك لا يرجع إلى كاتب السيناريو وحده، إنما يشاركه به كاتب الرواية أيضًا تشارلز مارتن، حيث جاءت الشخصيات منحوتةً بعناية، وتحتوي الكثير من التفاصيل التي زادت واقعيتها، وبالتالي ضاعفت درجة مصداقيتها لدى المُتلقي.

يقوم السيناريو في مُجمله على الجمع بين شخصين طبيعيين في ظرف استثنائي، وكل منهما مختلف عن الآخر بصورة كبيرة، فالشخصية الأولى “أليكس/ كيت وينسلت” صحفية شابة متحمسة ومتفتحة تنظر دائمًا للمستقبل، كانت مسافرةً في الأصل لحضور حفل زفافها واستكمال حياتها التي قد لا تكون مثاليةً لكنها في النهاية حياة، بينما الشخصية الثانية “بن/ إدريس إلبا” كان أكثر انغلاقًا ونظره مصوبًا نحو الماضي مُركزًا على تجربته العاطفية التي انتهت قبل فترة، والتي يتم اكتشاف المزيد حولها مع توالي الأحداث.

هذا التباين في المواقف وكذلك السمات الشخصية نتج عنه اختلافات بارزة في الدوافع وتقدير الأمور وبالتالي القرارات، وكذلك مدى تلهف كل منهما للنجاة، وكان على السيناريو خلق نقاط تلاقي منطقية ومبررة تجمع الشخصيتين وتُقربهما لاستكمال المسيرة معًا … نجح الفيلم في كل ما سبق ذكره، إلّا أنّ ذلك جاء على حساب الحدث أو التصاعد الدرامي، بمعنى أنّ التوغل في أنفس الشخصيات لم يقابله تطور ملحوظ على صعيد الحدث، مما أدى إلى تراجع درجة ترقب المشاهد للآتي، وأفقد السيناريو كثيرًا من توازنه وتسبب في جعل بعض أجزاء الفيلم رتيبة وخاصةً الأخيرة. كان التشويق النسبي الذي احتواه الفيلم يعتمد كليًا على غموض بعض الجوانب في كل شخصية، والذي تم كشفه تدريجيًا من خلال الحوار والتفاعل بينهما، وباللحظة التي اكتملت بها الصورة أصبحت المشاهد التالية مكررةً ولا تُقدم جديدًا، خاصةً وأنّ الحدث – كما ذكرنا – لم يشهد اختلافًا كبيرًا أو دفعةً قويةً للأمام.


الصورة السينمائية من عناصر قوة الفيلم

the mountain between us cinematography

كان مدير التصوير ماندي ووكر أحد الأسباب المباشرة في رفع قيمة فيلم The Mountain Between Us وحمايته من الانحدار لأكثر من ذلك، إذ استطاع تقديم صورة سينمائية مميزة. لعبت دورًا بارزًا في الحد من حالة الملل التي عانى الفيلم منها في بعض فصوله وخاصةً الثلث الأخير.

استغل المصور والمخرج موقع التصوير على الوجه الأمثل، صانعين لوحات فنية من الطبيعة المحيطة تجذب العين وفي ذات الوقت تخدم السياق الدرامي، حيث أنّ الكادرات الواسعة ساهمت في التعبير عن معاناة البطلين من خلال استعراض البيئة القاسية المحيطة بهما، وكذلك كانت اللقطات متنوعةً ما بين الكادرات البانورامية الراصدة للعالم الذي تدور به الأحداث، وبين الكادرات القريبة التي أبرزت مشاعر الشخصيات المتضاربة دائمة التحول ما بين الأمل والخوف والحب واليأس! …

استطاع أسلوب التصوير أيضًا أن يُوَحِّد المشاهد مع البطلين منذ اللقطة الأولى، حيث بدأ الفيلم بتتبع مسار شخصية أليكس إلى داخل المطار، مستعرضًا الأجواء المحيطة من منظورها، ثم تكرر الأمر نفسه مع الظهور الأول لشخصية بن، وباللقطات التالية داخل المطار تم استخدام تأثير Out of Focus على الخلفية لتبقى الشخصيتان الرئيسيتان هم الأكثر وضوحًا، وكأنّ العالم لا يوجد به سواهما. بلغ الأمر روعته في مشهد السقوط الذي جاء شديد البساطة والعمق، حيث صوره المخرج كاملًا من داخل مقصورة الطائرة، مستغنيًا عن استعراض حادث السقوط لصالح التركيز على مشاعر الشخصيات وانفعالاتهم، ومراحل تصاعدها ابتداءً من الترنح وحتى التحطم التام …

25 فيلمًا من أفلام القرن الحادي والعشرين قدمت صورةً سينمائيةً مميزةً


الإخراج مُترنح بين الإجادة والإخفاق

The Mountain Between Us

يضعك مخرج الفيلم هاني أبو أسعد في حيرة بالغة وأنت تحاول تكوين رأي عنه، أو تُقيّم مستواه الفني بهذا الفيلم الذي تميّز بدرجة كبيرة في عدد من عناصره، وأخفق بشكل ملحوظ في عناصر أخرى، وبالطبع مخرج العمل يرجع له الفضل الأول في هذا، ويتحمل المسؤولية كاملةً عن ذاك!! …

علم هاني أبو أسعد بنقاط القوة في فيلم The Mountain Between Us ونجح في استغلالها، وربما كان عارفًا بنقاط ضعفه لكنه لم يحاول التغلب عليها، أو اعتقد أنّ العناصر الأولى كافيةٌ لمداراة العيوب وتجاوزها، لكن الحقيقة أنّ العيوب كانت أبرز من أن تُخفى أو يتم التغاضي عنها، والمزايا كانت أروع من أن يتم تجاهلها بفعل السلبيات، ولا يزيد الأمر سوءًا سوى أنّ كل ما كان يحتاجه هو الابتعاد عن النمطية في المشاهد الدرامية، والتخلي عن الاستسهال في صناعة التحديات، وكذا إيجاد الحلول المناسبة لها، ولم يكن ذلك بالأمر الصعب بالنسبة لفريق عمل مثل المشارك بالفيلم.

أبرز العوامل التي تُفرّق بين فيلم The Mountain Between Us، ومجموع أفلام هاني أبو أسعد السابقة التي لاقت احتفاءً نقديًا، ونالت العديد من الجوائز والترشيحات أنّه كان غالبًا – بجانب الإخراج – إمّا ينفرد بكتابة السيناريو أو على الأقل يشارك في كتابته مع آخرين، وهو ما لم يتحقق بهذا الفيلم الذي يُمثل أول عمل رسمي له داخل هوليوود، وبالتأكيد لم يمنحه المنتجون صلاحيات مُطلقة تتيح له إدخال التعديلات المناسبة على السيناريو، وهذا ليس محاولة لاختلاق عُذر بقدر ما هو محاولة لإيجاد تفسير لخروج العمل بتلك المشاكل التي أغلبها – إن لم يكن أكملها – يقع على عاتق السيناريو أولًا ثم الإخراج.

كيت وينسلت بمشهد من The Mountain Between Us

يبقى فيلم The Mountain Between Us واقعًا في منطقة وسطى بين التميز والابتذال، هو تجربة سينمائية جيدة في مُجملها، لها ما لها وعليها ما عليها لم تصل لحد الإبهار ولم تهبط لحد الإحباط، فقط حاول ألّا تكوّن أي رأي مُسبَق عنه قبل مشاهدته، ولا ترفع سقف توقعاتك استنادًا إلى الأسماء التي تتصدر المُلصق الدعائي الخاصة به، فالعمل الفني – في النهاية – يُقيّم في ذاته وتاريخ صُنّاعه لا يشفع له، ولا يمنحه درجات رأفة ولا يُعد ضمانة لجودته.

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.