فيلم The Nice Guys .. فيلم مُعاصر بنكهة السبعينات المميزة

هل تتذكرون سلسلة Lethal Weapon؟ هل أحببتهم فيلم Iron Man3؟ هل لفت انتباهكم فيلم Kiss Kiss Bang Bang؟ أو راقكم فيلم The Last Boy Scout؟

إذا كانت إجابتكم بالإيجاب على الأسئلة السابقة أحدها أو كلها، أضمن لكم أنكم ستستمتعون بمشاهدة فيلم The Nice Guys الذي اكتب عنه اليوم، أما إذا كانت الإجابة بالنفي، فأنصحكم بأن تمنحوا الفيلم فُرصة لأنه ممتع وطريف إلى أبعد الحدود.

فيلم أمريكي، إنتاج 2016، يُصنف بوضوح كعمل تشويقي مُثير لا يخلو من الكوميديا، من إخراج شين بلاك، وتأليفه مع أنتوني باجاروتزي،. أما البطولة فهي لراسل كرو، ريان غوسلينغ، كيم باسنجر، كيث دايفيد، انجوري رايس، تي سمبكينز، ومات بومر.

وقد كان من المُقرر بالبداية تقديم العمل كمسلسل تليفزيوني وليس كفيلم، غير أن الحلقة الأولى لم تُحقق نجاحًا أو تلقى اهتمامًا من الجمهور، ما جعل الخطة تتغير ويتحول العمل إلى فيلم سينمائي، يُعيد الحماس والشعور بالمتعة للجماهير.

لنصبح أمام فيلم ظريف ومُلفت، نجح في تحقيق صيتاً فنياً وجماهيرياً هائلاً، بالإضافة لنسب مُشاهدة عالية، كذلك استطاع الحصول على تقييم مُرتفع بالمواقع الفنية المُتخصصة، كموقع Rotten Tomatoes على سبيل المثال.

تدور أحداث الفيلم بأواخر السبعينيات وتحديدًا في 1977، حيث يقوم (مارش) المُحقق الخاص، بالتحقيق في وفاة (ميستي) واحدة من نجوم الأفلام الإباحية والتي ترفض خالتها تصديق نبأ وفاتها وتُصر على أنها رأتها على قيد الحياة بعد حادث الوفاة! وأثناء عملية البحث يقوده الأمر لــ(إيميليا) التي تربطها علاقة عمل مع الفتاة المُختفية/المتوفاة فيبدأ في تعقبها عساها تملك إجابات على أسئلته.

ولأن إيميليا تعلم أنها مُهدَّدة، تلجأ لــ(هيلي) الذي يعمل في حماية الفتيات ممن يتبعونهن أو يتعرضون لهن، من خلال استخدامه للعُنف مع هؤلاء المُتلصصين من أجل إرجاعهم عما يفعلونه، فيصبح على هيلي الذهاب لمارش بالإضافة لمتلصصين آخرون وردعهم عن بحثهم خلف إيميليا.

ولكن سرعان ما تختلط الأوراق وتتبدل الأحوال، إذ يكتشف هيلي أن هناك من يرغبون بقتل إيميليا وبالتالي يصبح من الواجب عليه أن يعثر عليها مرة أخرى من أجل إخبارها بذلك ومن ثَم حمايتها، ما يجعله يُعاود الذهاب لمارش ولكن ليعملا معًا على إيجاد إيميليا هذه المرة، وإنقاذها من المُجرمين الذين يُريدون قتلها وتتوالى الأحداث.

The Nice Guys فيلم جديد يعود به الثنائي (المُخرج والكاتب شين بلاك والمنتج جويل سيلفر) للشاشة معًا، حيث كان قد سبق لهما الاشتراك سويًا في عدة أعمال هي:

سلسلة  الأفلام الشهيرة  Lethal Weapon

The Last Boy Scout

Kiss Kiss Bang Bang

والمُلفت للانتباه أن تلك الأفلام جميعها جاء أبطالها أيضًا ثُنائيات، كما رأينا بين (ميل غيبسون وداني جلوفر)، (بروس ويلز وديمون وايانز)، (روبرت داوني جونيور وفال كلمير)، وأخيرًا في فيلم The Nice Guys بين (راسل كرو وريان غوسلينغ).

سيناريو الفيلم مكتوب بذكاء وإحكام، ما جعله قادرًا على جعل المُشاهد يقوم بالتركيز طوال الوقت –باستثناء أول الفيلم-، كما أن الحبكة ممتعة وشيقة، خاصةً مع كثرة “التويستات” بالفيلم.

الفيلم من إخراج شين بلاك، في أول إخراج له لعمل ليس من بطولة روبرت داوني جونيور! وقد نجح شين في تقديم عمل جذاب للغاية، يجمع بين الأكشن والكوميديا، ويعود بالمُشاهدين لزمن أفلام الإثارة القديمة التي تربينا عليها وعشقناها، ولكن بثوب وعين مُعاصرين، من خلال اثنان من النجوم الذين من شدة انسجامهما معًا يصعب فهم لماذا لم يتعاونا من قبل!

ورغم أن زمن أحداث فيلم The Nice Guys في السبعينيات، حين كانت الأشياء جميعها مُختلفة ولها طابعها الخاص، إلا أن المخرج استطاع تقديم الفيلم في إطار سبعيناتي بامتياز، ساعده في ذلك  الأزياء، الديكور، والموسيقى التصويرية المًستخدمة والذين جاءوا جميعهم مُناسبين تمامًا للحقبة الزمنية التي يدور بها الفيلم.

موسيقى فيلم The Nice Guys

يُعد هذا الفيلم هو التعاون الثاني بين (راسل كرو) و(كيم باسنجر) منذ عام 1997 وفيلم L.A. Confidential. كما أنه ثاني تعاون له مع (تي سيمبكينز) منذ فيلم In The Next Three Days  في 2010.

وفي فيلم اليوم يلعب راسل كرو دور”هيلي” الشخص الذي يمتاز بالقوة البدنية بجانب الطابع العدائي، والذي لا يرتبط عاطفيًا مع من يعمل لديهم أو ضدهم، هو فقط يؤدي عمله ومن ثَم يرحل بعيداً، إلا أنه على ذلك يملك ضميراً أخلاقيّاً يُخبره بما يجب فعله وما هو غير مسموح.

وقد أجاد راسل دوره، وتأدية تلك الشخصية التي ورغم بساطة ما نعرفه عنها، أو ما لمسناه عن ماضيها إلا أنه نجح في إظهاها ذات عُمق وأبعاد.

برع ريان في آداء دور المُحقق الذي يُعاني من إدمان الكحوليات، بجانب شعوره بالذنب بسبب وفاة زوجته في حريق يراه نشب نتيجة تقاعسه وكسله، لتترك له مهمة تربية ابنته المراهقة، شديدة الذكاء.

كذلك أجاد آداء الشخصية الطريفة ذات ردود الأفعال العفوية والكوميدية، بشكل فاجأ كل من شاهده، ودون أي ابتذال، ما جعله يُكَوِّن ثُنائي ممتاز مع راسل كرو الأول بخشونته وبدائيته والثاني بتلقائيته التي تبدو كما لو أنها تنُم عن سذاجة لكن حين يتطلب الأمر يُظهر وجهه الآخر حيث الذكاء والقُدرة على قراءة وترجمة التفاصيل.

لعبت دور هولي مارش، والتي كانت تبدو في أوقات كثيرة كما لو أنها هي ولية أمر والدها، ومثلما استطاعت توريط الأبطال ببعض المشكلات، كانت السبب كذلك في حل بعض أجزاء اللغز لذكائها وعقلها الأكبر من سنها. وقد نجحت في تقديم الدور بشكل جيد جدًا يُبَشِّر ببزوغ نجمة جديدة، سيلمع اسمها مع كل عمل تُقدمه.

يقوم بدور جون بوي وبالرغم من قِصر الدور إلا أنه لعبه بشكل ممتع، لفت النظر إليه، أما عن طبيعة الدور الذي لعبه فهو دور مُشابه لأدوار أخرى بأفلام الكاتب والمُخرج شين بلاك، وحدهم من سيُشاهدون الفيلم سيُدركون ذلك.

ولأن لا شيء كامل، جاء الفيلم يحمل عيبين وحيدين:

الأول: كان في بعض البُطء بالثُلث الأول منه، قبل بداية الأحداث الشيّقة والأكشن ما جعل بعض الشعور بالملل ينتاب الجمهور في أول نصف ساعة من الفيلم، ولكن تدارك صُناع العمل ذلك فيما بعد، ليصبح الفيلم حماسيًا ومُثيرًا حتى نهايته.

الثاني: فقر الجانب الكوميدي الذي اعتمد على فكرة “إلقاء الإفيه” وفَنّ صناعة النُكتة، فجاءت تلك الجزئية ضعيفة، تحتاج لو تم العمل عليها من أجل تحسينها. أما الأجزاء التي اعتمدت على كوميديا الموقف فكانت مثالية ورائعة للغاية.

فيلم The Nice Guys مُعاصر بنكهة السبعينات المميزة، والأهم أنه يصلح لكي يكون نواة سلسلة من الأفلام التي تعتمد على الأكشن، الإثارة، الغموض، والكوميديا، وهي توليفة نفتقدها رغم كثرة الأفلام التي يتم إنتاجها كل عام، فهل يُفاجئنا صناعه بجزء ثان قريبًا!؟