The Penguin
بعد أحداث فيلم The Batman (2022)، يحاول أوز كوب، المعروف أيضًا باسم البطريق، الاستيلاء على مقاليد عالم الجريمة في جوثام.
6 د
يبدو أن عالم مدينة "جوثام" الذي يعج بالقذارة والثراء ورجال المافيا وجرائمهم، مازال يغري صناع الحكايا الدرامية -سينمائيًا وتلفزيونيًا- حيث قامت شبكة "HBO" في الأسابيع الماضية؛ بطرح مسلسلها "The Penguin" المؤلف من 8 حلقات، عن محاولات صعود أحد رجال العصابات إلى القمة.
لم يمضِ وقتٌ طويل عن آخر حكاية سينمائية؛ روت تفاصيل هامة لحياة أحد أشرار "Gotham"، وهو "الجوكر". Joker "تود فيليبس". وكما أسلفنا تلك المدينة غارقة بالأحداث الإجرامية، وتناول عالمها السفلي المكتظ بالخارجين عن القانون، يحفز الأدرينالين. بالمناسبة اسم المدينة -جوثام- والذي صار لنا وكأنه اسمًا حقيقيًا لمدينة أمريكية، أوجده مؤلف رسوم المتحركة "بيل فينجر".
وجميع شخصياتها الشريرة والخيرة؛ آتية من عالم "DC Universe"، و"باتمان".
الظهور الأول لشخصية "البطريق"، كان من خلال فيلم "The Batman"، نسخة المخرج "مات ريفز". وأحداث سلسلة إتش بي إو، تجري بعد الكارثة الإنسانية التي ألمت بسكان "كراون بوينت"، وحدوث بعض الاغتيالات بحق أهم شخصيات المافيا، وهذا ما سيتيح لبطل قصتنا "أوزوالد كوب" (كولين فاريل)، فرصة للتوسع والتمكن ضمن عالمه هذا، بعد أن كان رجل عصابات بسيط يدير ملهى ليلي، وقليلًا من عمليات تجارة المخدرات.
والآن مع "أراجيك فن" سندخلك عزيزي القارئ أكثر في عالم The Penguin الإجرامي؛ إن شاهدت فيلم الخفاش فالبتأكيد أسماء الشخصيات لن تكون غريبة عليك! هيا لنبدأ...
بعد أحداث فيلم The Batman (2022)، يحاول أوز كوب، المعروف أيضًا باسم البطريق، الاستيلاء على مقاليد عالم الجريمة في جوثام.
جوثام The Penguin
ليلة قاتمة أكثر من المعتاد عاشتها مدينة جوثام، بعد أن قام المنتقم المجنون "ريدلر" (بول دانو) بتفجير جدار المدينة البحري، في أثناء انتخابات البلدية، الأمر الذي أدى إلى إغراق حي الفقراء "كراون بوينت"، وبالتالي تدمير مبانيه السكنية، وموت عدد كبير من سكانه. كما اغتيل أحد أباطرة المافيا "كارمين فالكون" (مارك سترونج). هذه نهاية فيلم باتمان، ويأتِ مسلسل "The Penguin"؛ ليفسح المجال أمام البطريق "أوزوالد كوب"،
للوصول إلى القمة بعد موت زعيمه، ولكن عليه التلاعب بآل فالكوني، وآل ماروني، لتحقيق مآربه.
تبدأ الحكاية بلقاء يلفه التوتر والازدراء والسخرية، يجمع ما بين أوز وابن كارمين ووريثه "ألبرتو فالكون". يستفز الآخير أوز، وينعته بالعاهرة الصغيرة، فيطلق البطريق عليه الرصاص، ويرديه قتيلًا. يساعده شاب صغير في نقل الجثة يدعى "فيكتور أغيلار" (رينزي فيليز)، بعد أن مسكه يحوم وأصدقاءه حول سيارته ذات اللون الغريب، ليصبح لاحقًا يتيم كراون بوينت تحت جناحيه، ويده اليمنى.
تباعًا نشاهده يحاول إعادة بناء الثقة مع "صوفيا فالكون" (كريستين ميليوتي)، العائدة للتو من مستشفى "أركام" للأمراض النفسية، بسبب اتهامها بقتل مجموعة نساء. طبعًا بتدبيرٍ من والدها وأوزوالد.
نعم أركام هو نفس المكان الذي تواجد فيه الجوكر وصديقته لي ضمن "Joker: Folie à Deux"، لكن هنا يتم تصوير الوجه القبيح للمكان، والذي لا يختلف عن جوثام سوى أن نزلاءه مختلين عقليًا.
ومن جهة أخرى يرغب بخلق علاقة مصلحة مع "سالفاتور ماروني" (كلانسي براون)؛ زعيم ثاني أكبر عائلة عصابات في المدينة. نراه يزوره في سجن "بلاغيت"، لجس النبض حول إمكانية إبرم إتفاق مشترك. تكشف الجلاد صوفيا، أنه قاتل أخيها، وعائلة ماروني تدرك أنه يخادعهم ويريد الاستيلاء على تجارة المخدرات مع صوفيا التي عرفته على منتجها الجديد عقار "بيلس" الذي سيغزو الأرجاء.
فتجده وحيدًا، يحاول لملمة أفكاره ومخططاته بعيدًا، خصوصًا أن هناك تحالفات جديدة ستجمع قريبًا سالفاتور والجلاد. يسعى لضم الغالبية من العصابات تحت قيادته، وحثهم على الإنقلاب على حكم الأقلية في العالم الإجرامي. وكأنها ثورة ضد الظلم، ولكن من نوع آخر!
ترى ما مصير حلم البطريق، وهل يصل؟
حروب وشخصيات مغرية
النص هو البطل الحقيقي في "The Penguin"، وهذا جليٌ من الحلقة الأولى، حيث يظهر مدى قوة شخصياته وتأثيرها في الحدث. وحلقة بعد أخرى تكتشف مدى اهتمام الكتاب بتفاصيل رسم الشخصيات ودراسة سلوكها، والبناء الدرامي المتين للحكاية. ما يجعلك تطلب مزيدًا من العرض، ولا ضرر في إحداث قصص متشعبة عن الأصلية، وذلك لأهمية السرد الحكائي والصوري هنا. ولو شعرت في لحظاتٍ عابرة، شراهته في دمج قصص عديدة معًا.
دائمًا ما تكون حرب العائلات مغرية للمشاهدة، وكيف إن كانت هذه الحرب إجرامية بحتة؛ كل الأساليب الدنيئة والقذرة مباحة. هنا يتم استعراض نوعين من العصابات؛ الأولى هي عائلات المافيا الحاكمة والتي تشكل الأقلية، والثانية العصابات التي تعتبر نفسها الراعية والحامية للطبقة الدنيا من أهل المدينة والتي بحاجة للعدالة، ولا يوفرها سوى الأقوياء من هذه الفئة.
طبعًا هذه الفكرة تحملك على التعاطف قليلًا مع الناس الأقل بطشًا، لتبرير بعض الأفعال، وهو ما تقدمه دراما العصابات، لأنك بالضرورة تزيح عن مبادئك في الحياة العادية أنت كمتابع، وتقرر إنصاف طرف على حساب آخر، لأنك تجده الضعيف الذي اضطر لما يفعل للخروج من تحت الركام.
نلاحظ فكرة الرعاية في علاقة أوز مع فيكتور، الفتى الذي خسر أهله في تفجير ريدلر. غالبًا يذكر أوز بطفولته ومراهقته، كون الاثنين تم التقليل من شأنهم ومقدراتهم. لكن فيكتور لا يزال طريًا، والآن يعيش صراعًا بين حياته البريئة والهادئة نوعًا ما، ومغريات الحياة الإجرامية وما تحققه من نفوذ ومال، وكيف ستصبح هويته الجديدة.
إن لم تشاهد The Batman، أو لم تلقي النظر على قائمة أبطال البطريق، سيصعب عليك التعرف على الممثل "كولين فاريل" في دور "أوز كوب" -المناسب جدًا للشخصية-
بمشيته المتعرجة وأطرافه الصناعية،
وعدد من الأسنان الذهبية، والخطوط في وجهه. للوهلة الأولى هو غير ساحر على صعيد الشكل، والهيئة الجسدية، لكن الإبهار الذي نتحصل عليه منه، آتٍ من غرائزه الطامحة للفوز والوصول، وتفكيره المتقد القادر على رؤية الأمور بمنظورها الواسع، مما يساعده على إيجاد الحلول، وأن يكون متقدمًا خطوة عن عائلتي فالكون وماروني، مهما تعرض للخطر، أو وقع في المصيدة، هناك كذبة تنقذه دومًا.
البطريق لا يحيد عن المبادئ
يمكن تصنيف مسلسل "The Penguin" على أنه دراما نفسية، إلى جانب دراما الجريمة والعصابات، لأنه يتغلغل في نفسيات أبطاله.
بالإضافة إلى أوز الذي يريد الانتصار لنفسه في الماضي، وممن أساء إليه في فتراته كلها، هناك "صوفيا فالكون" والتي ستغير اسم العائلة ويتحول تباعًا إلى "جيغانتي"، هي الخصم في العمل، وبمجابهة حقيقية مع البطريق بعد أن قتل أخيها، وسرق مخدرها. هي المرأة التي أسيء فهمها، وحولها ظلم أبيها لوحشٍ حقيقي بعد دخولها مستشفى "أركام"، حيث شهدنا على موتها وولادة "الجلاد". تقلبات علاقتها مع سائقها القديم تزيد حدة التوتر، وتثير القلاقل، إن اجتمعوا، أو تخاصموا.
لافتة "كريستين ميلوتي" في أسلوبها التمثيلي هنا، ومغرية ابنة فالكون بطبيعة حياتها، وظروفها النفسية المكثفة، وكيف أوصلها رجال عائلتها لتكون قاتلة، وهم الذين استخفوا فيها مرارًا. هروبها من ماضيها، يعزز جموحها أكثر للمضي قدمًا صوب شخصيتها الجديدة، وأهدافها متصالحة في ذات الوقت مع نفسها اليوم، وهذا لا يمنع من ظهور صوفيا القديمة الرقيقة في بعض اللحظات.
عكس أوز الذي يظن أن لديه أخلاق ومبادئ لا يحيد عنها؛ على الرغم من كل الدماء التي سالت من أجل أن يتسنم عرش تجارة المخدرات في جوثام. المدينة التي لا يوجد فيها اليوم الرجل الخفاش "بروس واين"؛ لحمايتها من أمثال صوفيا وأوز وسالفاتور، وإرشاد فيكتور لطريق الخير.
لكن أيضًا لا نستطيع إلا أن نتوقف عند ثنائية أوز ووالدته الطاعنة في السن "فرانسيس" (ديردري أوكونيل)، إنه معها مختلف وإنساني جميل بعنايته لها، وطاعته. قوتها على التحكم به حتى في عجزها، و إصرارها على إجرامه الذي لا يرحم، يوضح الأثر الكبير الذي ساهم في تكوينه وتشكيله بالصورة التي هو عليها.
أخيرًا.. لا شيء يمكن أن يفقد بريق دراما الجريمة الممتعة هذه، لا الحبكة وتشعبها، ولا تولي أكثر من مخرج دفة القيادة، فكل عنصر يتناغم بسلاسة مع الآخر، إن كان من ناحية النص، أو التمثيل، أو الكادرات الفنية، والصورة السينمائية، جميعها عناصر تتركك مترقبًا مذهولًا لرؤية تطور الحكاية، وكيف ستنتهي شخوصيات The Penguin.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.