فيلم The Promise حيرنا ما بين الأسى على قصته الحقيقية ورفض افتعاله
5 د
تم عرض فيلم “The Promise” في الواحد والعشرين من أبريل الماضي ليحقق خسائر فادحة، حيث تخطت ميزانيته التسعين مليون دولار، بينما لم تتعدَ إيراداته العشرة ملايين، ولكن ذلك لم يغضب منتجيه أو يحبطهم فالهدف من إنتاجه لم يكن الربح في حد ذاته، بل تقديم قضيته الحزينة في إنتاج بهذه الضخامة لأول مرة في تاريخ هوليود.
الفيلم من بطولة مجموعة لامعة من النجوم قادرين على إدارة رؤوس أي من محبي السينما، فقد قام بالأدوار الرئيسية به أوسكار إسحاق، وكريستيان بايل، وتشارلوت لي بون، ولكنهم لم يشفعوا له في شباك التذاكر.
فيلم The Promise يكشف بقعة ظلام كبيرة في تاريخ البشرية
التطهير العرقي والمذابح الجماعية حوادث تكررت على مر التاريخ حول العالم، ولكن تبقى هناك مرة أولى تصبح مثل البقعة السوداء في تاريخ البشرية، والمأساة التي تركز حولها فيلمنا هي التطهير العرقي ومذابح الأرمن في تركيا خلال الحرب العالمية الأولى.
وقد كانت هذه المذابح هي الأكثر قسوة في ذلك الوقت، حتى استشهد بها هتلر بعد ذلك عندما طلب من قواده التخلص من اليهود، وقال لهم افعلوا ما بدا لكم هل ترون أحد يتحدث عما حدث في الأرمن منذ سنوات؟
فخلال الحرب العالمية الأولى وبعدما دخلت تركيا الحرب قررت التخلص من عدو داخلي رأت فيه خطر داهم، وهم الأرمن الذين يتحالفون بسهولة مع أعداء الدولة الأقرب روسيا.
بدأ الأمر بقتل المثقفين الأرمن وعلية القوم في إسطنبول، ثم تهجير الأرمن من قراهم ومدنهم بصورة جماعية وفي ظروف قاتلة، وبعدها تم الإجهاز على البقية بصورة في غاية الوحشية، ليقتل خلال هذه المذابح من مليون لمليون ونصف من الأرمن، وهو العدد الذي تكذبه الحكومة التركية حتى اليوم، بل هناك قانون يمنع الاعتراف بحدوث المجازر من الأساس.
فيلم تأخر إنتاجه كثيرًا
ظلت محاولات تقديم فيلم كبير عن مذابح الأرمن في تركيا تفشل المرة تلو الأخرى بسبب المساعي التركية و الأزمات السياسية، وقد ظهرت القصة بصورة بسيطة في أفلام غير شهيرة، وأشهر الأفلام التي تم إحباط إنتاجها ذلك المقتبس عن رواية The Forty Days of Musa Dagh الذي كان كلارك جيبل ينوي القيام ببطولته في الثلاثينات من القرن الماضي.
وفي الحقيقة لولا رجل الأعمال الأرمني والمالك السابق لميترو جولدن ماير Kirk Kerkorian الذي مول الفيلم بصورة مستقلة لما رأى هذا الفيلم النور، وللأسف فقد توفي بعد بدء الإنتاج مباشرةً، ويعتبر هذا الفيلم أعلى الأفلام المستقلة تكلفةً على الإطلاق.
وقد حاول كيرك الذي عاشت عائلته المأساة الأرمينية إنتاج الفيلم عندما امتلك الشركة في الثمانينات. لكن رئيس الأستوديو في ذلك الوقت فرانك يابلنز رفض؛ بسبب الضغط التركي على الولايات المتحدة التي امتلكت قواعد حربية بها.
فيلم The Promise و الـ IMDb
تعرض فيلم The Promise لما يعتبر فضيحة على موقع الـ IMDb، فقد حصل على 120 ألف تقييم قبل أن يتم عرضه؛ وذلك بسبب حملة لمعارضة الفيلم من الحكومة التركية، واجهتها حملة أخرى من أرمينيا، لنجد أنفسنا أمام آلاف التقييمات على الموقع قبل العرض نصفها يعطي الفيلم نجمة واحدة، والنصف الآخر يعطيه عشر نجوم، وقد حدث ذلك بعد عرض الفيلم بصورة محدودة في مهرجان تورنتو، حيث تم فتح التقييم على الموقع ليصبح محل للتقييمات المزيفة.
الاستقبال العام لفيلم The Promise
بعد عرض الفيلم قام العديد من نجوم هوليود بدعم الفيلم وفكرته، وكتابة آرائهم التشجيعية لطاقمه والقائمين عليه والقضية التي يطرحها، وقد حضر العرض الأول في أرمينيا الرئيس الأرميني، بينما حضرت العرض في لندن المحامية الحقوقية أمل كلوني وزوجها النجم جورج كلوني.
قصة الفيلم
تبدأ الأحداث في قرية أرمنية صغيرة في تركيا، حيث نتعرف على الصيدلي ميكائيل “أوسكار إسحاق” الذي يرغب في دراسة الطب، ولكن لا يملك المال الكافي. لذلك، يطلب فتاة من قريته للزواج وبمال الدوطة – المهر الذي يدفعه والد العروس طبقًا للعادات السائدة – يذهب للعاصمة حتى يكمل تعليمه.
هناك يقيم في منزل عمه الثري وصاحب الفندق، ويتعرف هناك على مربية فتياته الأرمنية التي تربت في باريس آنا “شارلوت لي بون” يبدأ الإعجاب بين الاثنين، لكن يعترضه وعده بالزواج لفتاته بالقرية، و علاقتها بالصحفي الأمريكي كريس مايرز “كريستيان بايل”.
كل هذا على خلفية من توتر في الأجواء السياسية؛ بسبب إعلان تركيا دخولها إلى الحرب العالمية الأولى، وبدء اضطهاد الأرمن الأتراك بصورة واضحة وعلنية.
تنفجر الأوضاع فجأة و تبدأ حملة في جمع مثقفي وأثرياء الأرمن بالعاصمة من ضمنهم عم ميكائيل، وعندما يحاول افتدائه بالمال يتم القبض عليه وترحيله ليعمل في الجيش في السكك الحديدية، وعند حدوث اضطراب يهرب ويعود لقريته حيث يشاهد المأساة التي تحدث لأهله ويبحث مثل الجميع عن وسيلة ليفر بحياته.
عيوب الفيلم
يحتوي الفيلم على عيوب ضخمة، خاصةً في البنية الأساسية للقصة ورسم الشخصيات والسيناريو، وهو من تأليف كل من تيري جورج، وربين سوكورد.
فقد أتت القصة التي تدور على خلفيتها الأحداث التاريخية مفتعلة مغرقة في الميلودرامية، ربما أراد المؤلف تقديم مأساة عاطفية ثلاثية أخرى مثل: تيتانيك منذ عشرون عامًا، ولكن هنا لا الأبطال أو عناصر القصة وتفاصيلها استطاعا جذب اهتمامي وتعاطفي.
وأيضًا التمثيل أتى سطحيًا، خاصةً من أوسكار إسحاق الذي توقعت منه أداءً أفضل من ذلك بالتأكيد، أمّا تشارلوت لي بون فقد اجتهدت في تقديم شخصيتها، بينما الأداء الأفضل كان من كريستيان بايل.
في النهاية الفيلم يمكن مشاهدته كتعريف على المأساة الأرمنية، وتلك الفترة الحالكة السواد التي عاشوها، ولكن كفيلم فهو ليس مسليًا وتعيبه الكثير من الأخطاء.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.