فيلم The Shawshank Redemption .. آندي دفرين والخلاص من “شوشانك”
7 د
إذا كنت تبحث عن أفضل الأفلام التي أُنتجت في التسعينات، أو عن أهم الأفلام في تاريخ السينما، أو عن أشهر أفلام السجون، أو لو كنت ببساطة تريد أن تعرف الفيلم صاحب التقييم الأعلى في موقع IMDb بأكثر من مليون صوت، فلابد أن يطالعك اسم The Shawshank Redemption.
عُرض الفيلم لأول مرة في خريف 1994 بعد أن وجد المخرج فرانك دارابونت قصة قصيرة بعنوان “Rita Hayworth and Shawshank Redemption” ضمن مجموعة “Different Seasons” لكاتب الرعب الشهير ستيفين كينغ، ورغم أن الفيلم ترشح لسبع جوائز أوسكار إلا أنه لم يلق نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر.
وقد فسّر البعض ذلك بسبب تزامن صدوره مع فيلمي “Forrest Gump” و”Pulp Fiction“، ولكن تمكّن فيلم The Shawshank Redemption من النجاح بشكل منقطع النظير عند عرضه تلفزيونياً، وكذلك عند صدوره في أقراص مدمجة، ومازال مطلوباً حتى هذه اللحظة ولم تستطع الـ 21 سنة وأكثر أن تخفف من وهجه.
يحكي الفيلم قصة المحاسب آندي دفرين (تيم روبنز) الذي دخل السجن بتهمة قتل زوجته وعشيقها، ليقابل هناك مجموعة من الأصدقاء أهمهم رِد (مورغان فريمان)، فتتحول علاقتهما إلى الخيط الدرامي الأساسي والمحرك الأهم لباقي أحداث الفيلم، بل يمكننا القول أنّ الفيلم يحكي قصة رِد أيضا بقدر ما يحكي قصة صديقه.
يُقدمّ فيلم The Shawshank Redemption صوراً قاتمة من داخل السجن، ويحمل المشاهدين ببراعة داخل هذه الأجواء الكابوسية، ونرى كيف يقضي آندي أيامه محاولاً استيعاب حقيقة أنه لم يعد رجلاً حُرّاً وأن حياته السابقة ذهبت في طرفة عين حسب تعبيره، حيث رسم المخرج دارابونت شخصية آندي وهي تحمل بداخلها بذور خلاصها، شخصية مستقيمة ومتزنة نفسياً ونستطيع أن نعرف ذلك منذ مشاهدتنا لردة فعله في بداية الفيلم نحو خيانة زوجته.
ولذلك يرى الكثير أن فيلم The Shawshank Redemption يصلح أن يكون قصة أي إنسان رأى في “آندي دِفرين” جزءً من يقينه الشخصي، ومن تجاربه وسجنه الخاص، وعليه فقد ظهرت عدد من المراجعات التي حاولت نقد وتفكيك شخصية الفيلم وربطها بالواقع، وبسبب شهرة الفيلم أظن أن الجميع حظي بفرصة مشاهدة هذا الفيلم، ولكن إذا لم تشاهده من قبل فاحذر من الأسطر القادمة وابتعد حالاً، شاهده وعُد إلى هنا مرّة أخرى.
هذه محاولة أخرى جديدة للإجابة على السؤال الهام: لماذا نجا “آندي دفرين” من “شاوشنك”؟!
آندي بارع في عمله
ماذا لو كان آندي متوسط الأداء أو فاشلاً في مجاله؟ ماذا لو كان محاسباً حصل على وظيفته بسبب توصيّة مثلاً؟ إن آندي وبسبب جهده وتعبه لم يستطع فقط أن ينال الثقة المطلقة من مأمور السجن السيد نورتن، بل استطاع أن يعوّض نفسه بطريقة غاية في الدهاء لا يمكن أن يقوم بها سوى مصرفي ومحاسب محب لعمله ومتقن له، لذلك فإن براعة آندي المهنية كان لها دوراً كبيراً في قصة نجاته الآسرة.
آندي موهوب
بجانب اتقانه لعمله وبراعته، آندي كان أيضاً موهوباً في أمر آخر، وهو حبّه للجيولوجيا، وولعه بأسرار الأرض، ومنذ أسبوعه الأول اكتشف نوعية الأحجار المُستخدمة في بناء السجن، وما آلت إليه جراء العوامل الطبيعية مثل الرطوبة وغيرها، والطريقة المثلى لإيجاد فجوة في هذه الجدران مهولة الحجم، إن موهبة آندي مقترنة بصبره وإصراره استطاع أن يخلص نفسه من الظلم بعد 19 سنة فعل فيها الكثير، وليس مجرد فجوة في الجدار بل طاقات نور لكل من عرفه بداخل ذلك السجن الرهيب.
آندي كان محاطاً بالأصدقاء
في أول وجبة جماعية في السجن وجد آندي دودة في السلطة، فعرض عليه النزيل المسن بروكس بأن يأخذها، فأعطاها له بلطف، تبع ذلك سلسلة من التصرفات مع أصدقائه، جعلهم متعاونين معه، ومؤمنين به للغاية، آندي كان محبوباً ومحاطاً بالأصدقاء الذين كان لهم دوراً كبيراً في دعمه.
منذ أن ساعده رِد في الحصول على المطرقة، مروراً بدفع عدد من علب السجائر كرشوة للحراس من أجل اختيارهم للعمل على سطح المبنى وحتى الأحجار الصغيرة التي كان يبذل “هايوود” جهداً في جمعها كي يهديها لآندي فيحولها إلى منحوتات بسيطة، إنها أفعال صغيرة ولكنها تجمعت في شكل يد داعمة وحانية على آندي في تلك الأيام الكالحة.
آندي له مفاهيمه الخاصة
كثيرون من الذين كتبوا عن فيلم The Shawshank Redemption خاصة من الكتاب في الشرق الأوسط تجاوزوا، قصداً أو عمداً، حدثاً مفصلياً وصدمة درامية كبيرة للمشاهدين، وهي أنّ آندي منذ دخوله لسجن “شوشانك” كان هدفاً لعصابة “The Sisters” كما يلقبهم النزلاء، وهم مجموعة من الرجال الذين يعرضون إقامة علاقات جنسية مع من يروق لهم أو اغتصابه في حال الرفض، وقد نبهه رِد في أحد المشاهد ونصحه بأنه لو كان مكانه لزرع عينين في مؤخرة رأسه!
ثم في المشهد التالي نرى آندي يذهب إلى المخزن لإحضار غرضٍ ما وهناك يتعارك مع العصابة ثم يسمع المشاهدون رِد، وهو راوي فيلم The Shawshank Redemption بالمناسبة، ملمحاً أن العصابة قد نالت من آندي، وبمعايير المجتمع السطحية والضيقة حول قيم الشرف فآندي قد فقد شرفه ورجولته، رغم أنه كان بريئاً وشهماً وشريفاً فعلاً، ولكن ماذا لو استسلم آندي لفكرة “الشرف” بمعاييرها المجتمعية الضيقة؟ ماذا لو صدّق أنه أصبح فعلاً مذنباً وفاقداً لشرفه ورجولته؟ ربما انتحر ببساطة وانتهى الفيلم بعد نصف ساعة!
آندي مبادر
عندما طلب مأمور السجن عمالاً لتغطية سقف المبنى بالقطران كانت فرصة رائعة لآندي ورفاقه ليشعروا بأنهم رجال عاديين، بضعة أمتار ولكنها عنت لهم مساحات من الحرية، وهناك كان قائد حراس السجن السيد هاردي مع رفاقه يثرثر حول بعض مشاكله المالية بخصوص إرث حصل عليه مؤخراً، ووسط هلع وذهول رفاقه، عرض آندي المساعدة بسؤال بدا غير مناسب نهائياً:
“هل تثق في زوجتك؟”
ومن شاهد فيلم The Shawshank Redemption يعرف ماذا حصل لاحقاً، وكيف كانت هذه المبادرة الخطوة الصحيحة في طريق الانعتاق، خصوصاً أن آندي عرض خدماته الكبيرة مقابل عدد من قناني البيرة له ولزملائه فقط لا غير.
لا بأس بقليل من الشيطنة!
آندي لم يكن ملاكاً خالصاً، كان يعرف متى يكون متلاعباً إذا كان ذلك يخدم منفعته، فقد كان يعرف أن المدير يختلس أموالاً ولكنه ساعده في ذلك، وقد قال ذلك بصراحة في أحد المشاهد وكيف أنه كان خارج السجن مستقيماً كالسهم ولكنه تغيّر عندما دخل “شاوشنك”، وبسبب هذه الشيطنة استطاع آندي تعويض نفسه بنفسه عندما أخذ الملايين وهرب بها ليجاور البحر والسماء.
إذاً لا بأس من المسايرة والادعاء أحياناً، وعموماً هذه نقطة تُحسب لهوليوود وللسينما الأجنبية عموماً، وهو أن البطل خليط من الشر والخير، حسب سياق الفيلم يغلب أحد الجانبين على الآخر بطريقة طبيعية ومتسقة مع الواقع، لا تجافيه ولا تتعالى عليه.
أزهر حيث تكون!
آندي كان مكسوراً، كان كياناً هائلاً من الشعور بالمرارة، بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ، لكن ذلك لم يمنعه من مراسلة الحكومة لإنشاء مكتبة في السجن، لم يمنعه ذلك من أن يشارك رفاقه الأقل منه موهبة وذكاء ومكانة اجتماعية طعامهم وفرحهم وبوحهم، لم يمنعه من تدريس الفتى تومي القراءة والكتابة كي يحصل على الشهادة الثانوية قبل انقضاء فترة سجنه، لم يمنعه من إعطاء بقية الفطيرة التي منحها له السيد نورتن لصديقه رِد.
حوّل آندي كل البؤس الذي في داخله لمساعدة الآخرين والتخفيف عنهم، حتى لو كانوا مجرمين وأصحاب سوابق، وحتى وهو يخطط لأكبر عملية هروب في تاريخ “شاوشانك”.
الأمل
بالطبع لا يمكن تجاهل الأمل، هناك مشاهد كاملة تتحدث فيها الشخصيات الرئيسية عن هذا الشعور السحري والطاغي في وجدان آندي، إن الأمل هو الذي كان يصبّره لاجتياز يوم بائس آخر، الأمل هو ما كان يجعله يحتمل نحت أحجار الشطرنج، وغلاظة المأمور، والأشغال الشاقة، والمعاملة الرديئة، والوجوه الجافة، والإحساس المهوّل بالقهر.
إنه الأمل الذي استطاع آندي به أن يتخلص من “شاوشنك” وأن يُخلّص “شاوشانك” في نفس الوقت، استطاع أن يخلصه من مأموره المتدين النصاب، المتستر على كل ما كان يحدث داخل السجن من خروقات لحقوق الإنسان، ومن اعتداءات جنسية وبدنية ضد النزلاء.
آندي وبعد 19 عاما، من الأمل والبراعة والموهبة والشيطنة، يخرج حراً طليقا ويغرق نفسه تحت وابل المطر، في مشهد آسر استحق دموع المشاهدين وتصفيقهم أيضاً، إنه فيلم The Shawshank Redemption الذي اتفقت عليه الأذواق التي تختلف في العادة، والفيلم الذي يمثل بجدارة أحد أشكال السينما حيث السحر الذي لا يخفت.
تريلر فيلم The Shawshank Redemption
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
شاهدت الفيلم يمكن ثلاث مرات وقد أسرني تماما بكل تفاصيله وعمومياته .. ومقالك هذا انزل الدمع من عيني لاني وجدت فيه من يشاركني هذا الاحساس الساحر والخيالي عن الفيلم .. شكرا لك على روعة المقال.
علي ما اظن ان انا من القلائل اللي شافو الفيلم ده لما نزل مصر – في سينما التحرير – فيلم تحفه بجد — و لغايه دلوقت بحب اشوفه لما ييجي في التليفزيون 🙂
تحفة خالدة فعلا
سطور من ذهب تلخص هذه التحفة الخالدة …..شكرا جزيلا
شكرا جزيلا
سعيدة بمرورك
شكرا جزيلا
سعيدة بمرورك
أعجبتني هذه المراجعة جدا 🙂
شكرا جزيلا
سعيدة أن المقال نال إعجابك
شكرا جزيلا
سعيدة أن المقال نال إعجابك
أفضل فيلم شاهدته في حياتي
و أفضل مقال شاهدته عن الفيلم
شكرا لك
من ارع الافلام التي شاهدتها!
أحسن فعلم شوفته فى حياتى وتحديداً الثلث ساعة الأخيرة بجد فيها جرعة امل وتحفيز وعزيمة غير عادية =D