مسلسل The Wire… واحدٌ من أفضل المسلسلات الأمريكية على الإطلاق!

مسلسل The Wire
مقالات الضيوف
مقالات الضيوف

6 د


مقال بواسطة/ معتصم المختار

مضى على هذا العمل الرائع أكثر من 10 أعوام… لماذا الآن!؟

ربما يتبادر هذا السؤال في أذهان القارئ عند قراءته للمعلومات العامة عن المسلسل، فآخر حلقات هذا العمل الرائع بثت في شهر آذار من العام 2008، فلماذا الآن وبعد 10 سنوات أكتب هذا المقال؟! في الحقيقة انتهيت من مشاهدة هذه التحفة الفنية في هذا العام، بالرغم من أنّني أردت مشاهدته من قبل، ولكني لم أجد ما يشجعني على ذلك، خصوصًا أنّني لم أجد في المحتوى العربي أيّ تحليلٍ أو قراءة ترقى لمستوى هذا العمل العظيم سوى بعض الكتابات التي تتناول ظاهر القصة وعنوانها، دون الغوص في دقائق جمالها أو عمق حبكتها أو عظيم إخراجها – مع العلم بأنَّ هذا العمل له في صفحات المحتوى الأجنبي الكثير الكثير –  وبعد مشاهدته اعتمرني شعورٌ بالواجب لكتابة هذا المقال. لا أزعم أنَّ هذا المقال يرقى إلى مستوى هذا العمل، ولكنّني على الأقل قمت بالمحاولة… !


ملخص قصة مسلسل The Wire  

تدور أحداث المسلسل في مدينة بالتيمور الأمريكية في ولاية ميرلاند، ويتحدّث عن العلاقة بين تجار المخدرات والسياسيين والشرطة في تلك المدينة، كما يتناول الصراع الدائم بين هذه العصابات وبين رجال الشرطة المحليين، والذين يتعرضون لكثيرٍ من المعوقات في طريق عملهم لا سيما من أصحاب القرار في الأجهزة الأمنية، والذين لهم ارتباطاتٌ مع بعض تجار المخدرات، بالإضافة إلى السياسيين المسيطرين على السلطة في المدينة، والذين تقلدوا مناصبهم بدعمٍ من المال الأسود.


أهم عوامل النجاح 

بوستر مسلسل The Wire

1- الواقعية: يعتبر هذا العمل من أفضل المسلسلات التي استطاعت تجسيد الواقع بشكلٍ كبيرٍ، فعبقرية المخرج ومكان التصوير والموسيقى التصويرية والشخصيات التي اختيرت بعناية فائقة لهذا العمل كلها عوامل ساهمت بواقعية هذا المسلسل، فعلى سبيل المثال بعض هذه الشخصيات التي اختيرت لهذا العمل مرتبطة بشكلٍ حقيقي بالمخدرات والسجون، ولها تاريخ حافل معها – كل هذه العوامل أدّت إلى إخراج لوحة واقعية استطاعت دمج المشاهد معها.

2- غياب شخصية البطل: ربما تعتبر هذه النقطة من أهمِّ عوامل نجاح هذا المسلسل، فعلى خلاف المعهود في غالبية المسلسلات الأمريكية، لا يوجد هناك بطل رئيسي في هذه القصة تدور حوله الأحداث، فلا وجود لشخصية “البطل الخارق” القادرة على حل كلّ الألغاز والجرائم، ومواجهة قوى الشر جميعًا، فهذه الشخصية غائبة تمامًا في هذا العمل، هناك مجموعة من الأبطال في هذا العمل وزعت الأدوار عليهم بشكلٍ متقن، دون أن تطغى أيٌ من الشخصيات على سواها، ما يجعل المشاهد متصلًا بفكرة المسلسل وأحداثه لا بشخصياته.


القضايا التي يعالجها المسلسل 

1- المخدرات: يتمّ تداول هذه القضية من جميع جوانبها، ابتداءً من الموردين الكبار والذين عادةً ما يكونون من خارج البلاد إلى المستهلك الصغير، والذي يلجأ في معظم الأحيان إلى السرقة أو الاحتيال للحصول على جرعته اليومية من المخدرات، في دقة متناهية يتمّ تجسيد تفاصيل هذه العملية للمشاهد على كافة الصعد، كيف أنَّ المخدرات هي ثقافة في مدينة بالتيمور وليست بضاعة، الطريقة الحرفية التي ينتهجها مروجو وموزعو المخدرات لكي يخفوا آثارهم أو أيّ علاقة لهم بالمخدرات؛ حتى لا تستطيع الأجهزة الأمنية اعتقالهم ومحاكمتهم ولا حتى مجرد إيقافهم، بالإضافة إلى أنَّ أيّ شخص ينخرط بهذا العمل يصبح جزءًا من “العائلة”، فالعصابة تتكفل به وبعائلته في حال تمّ اعتقاله أو قتله، كما يعرض المسلسل التسلسل القيادي والإداري لما يسمونه “باللعبة”، فهناك لاعبون صغار ولاعبون كبار وجنود حماية ومسؤولو زوايا، كلها تدار من قبل خلية صغير تتحكم باللعبة، والذين عادةً يسجلون أملاكهم وأموالهم بأسماء غيرهم ويديرونها من بعيد، حتى لا يتسنى لأيِّ أحدٍ ملاحقتهم أو توجيه أيّ تهم اتجاههم من خلال تتبع الأموال.

2- الفساد السياسي: كلّ ما يخطر ببالك من دهاليز السياسة وكواليسها تمّ عرضه في هذا المسلسل، فالمسلسل عالج الكثير من القضايا لا مجال لذكرها بالتفصيل، ولكن من الممكن وضع بعض رؤوس الأقلام، ولك في النهاية أن تتخيل: تجار الدين – البيض والسود – الانتخابات – المال الأسود (أموال المخدرات) – غسيل الأموال – إحالة العطاءات من قبل الدولة – الابتزاز… إلخ.

3- التعليم: يتمّ تناول هذه القضية خلال الموسم الرابع من المسلسل، وطبيعة العلاقة بين طلاب المدارس وتجار المخدرات، بحيث أنَّ غالبيتهم منخرطة بشكلٍ أو بآخر بالمخدرات لعدّة أسباب (الأوضاع المالية الصعبة – الأقارب والأصدقاء – فشل العملية التعليمة – طبيعة وثقافة المدينة – غياب دور الدولة في حماية الطلاب… )، ومن الجدير بالذكر أنَّ المسلسل قد عالج قضيةً مهمةً جدًا في مجال التعليم (التعليم بالمشاركة لا بالتلقين)، وذلك من خلال عمل تجربة على مجموعة من الطلاب الذين لا يستطيعون الاندماج مع صفوفهم، وعدم قدرة المدرسين على السيطرة عليهم، العجيب أنَّ هذه التجربة لاقت نجاحًا كبيرًا، إلَّا أنَّه تمّ إنهاؤها بسبب البيروقراطية المفرطة، وعدم توفّر الأموال الكافية.

4- البيروقراطية: يبحث كلّ مسؤولٍ في مدينة بالتيمور عن شخصٍ يلقي عليه اللوم، ولا يملك أيّ مرؤوس أن يقول “لا” في وجه رئيسه، ما يجعل الجميع يعمل تحت الضغط، ولكن ليس بشكله المحمود، فهذا الضغط يجبر الجميع على تزوير إحصائياتهم حتى تروق للرؤساء ما يوسع الفجوة بين الواقع وأصحاب القرار، كما أنَّ طريقة تعيين المناصب لا تكون وفقًا للكفاءة، بل في كثيرٍ من الأحيان وفقًا للون أو القدرة المالية، أو الابتزاز، والبيروقراطية بهذا الشكل تصبح العائق الأكبر في وجه العمل، ما يجبر الذين يرغبون في العمل إلى الاتفاق على رؤسائهم للوصول إلى مبتغاهم.

5- الديمقراطية الأمريكية: بالرغم من سوداوية الأحداث وبؤسها، إلّا أنَّ الكاتب استطاع اظهار الديمقراطية الأمريكية كحامية للمجتمع الأمريكي بشكلٍ متقن، يستطيع المشاهد إدراك هذه الديمقراطية العجيبة والجميلة في ذات السياق من خلال تتبع أحداث المسلسل، فمع أنَّ مدينة بالتيمور غالبية سكانها من أصحاب الأصول الإفريقية، إلَّا أنَّ الديمقراطية الأمريكية استطاعت أن توصل محافظًا أبيض إلى السلطة، وبالرغم من علم الأجهزة الأمنية بارتباط أسماء بعض الاشخاص بجرائم قتل وقضايا مخدرات، ولكن دون أدلة كافية لإدانتهم، فإنَّ الديمقراطية الأمريكية تمنع رجال الشرطة من اعتقالهم أو محاكمتهم أو حتى التعرض لهم، ويتجلى هذا الكلام في الموسم الخامس والأخير من المسلسل، بحيث يقوم مجموعةٌ من رجال الشرطة بالتحايل على القانون واستخدام بعض الأجهزة للتنصت على بعض القتلة وتجار المخدرات، إلَّا أنَّ الديمقراطية الأمريكية تسقط كلّ التهم التي وجهت إليهم؛ وذلك لأنَّ هذه الأجهزة لم يتم استخدامها وفق الطُرُق القانونية الصحيحة.

هذا العمل العملاق جدير بالمشاهدة، وعند مشاهدتك له ستدرك أنَّه لا عجبَ بأنَّ بعض النقاد يصنفونه كواحدٍ من أفضل المسلسلات الأمريكية على الإطلاق!

الشبكة المنتجة: HBO

سنوات العرض: 2002-2008

عدد المواسم: 5 مواسم

عدد الحلقات: 60 حلقة

تصنيف المسلسل: دراما – جريمة – إثارة

التقييم على IMDB :9.3

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.