حصاد الدراما المصرية: أفضل مسلسلات عام 2016
9 د
الدراما المصرية ظلت لعقود طويلة تحتل المقدمة في طابور الإنتاج التليفزيوني، من دون منافس قوي، وكان ذلك واضحًا خاصة قبل عصر السماوات المفتوحة، والقنوات الفضائية التي اقتحمت كل بيت، فأصبح العالم قرية صغيرة، وكل ما يعرض في أي مكان يمكنك أن تراه بضغطة زر، وأصبح الكل يتبارى في تقديم أفضل ما لديه، وأتيحت الفرص لمواهب شابة واعدة، بعد أن كانت مقتصرة على أسماء بعينها.
ساعد على ذلك رحيل أهم أعمدة الدراما المصرية منذ الثمانينيات والتسعينات، على رأسهم العظماء “أسامة انور عكاشة” المؤلف المخضرم صاحب أكبر عدد من الأعمال المتميزة، والذي شكل مع المخرج الراحل “اسماعيل عبد الحافظ” ثنائي ناجح جدًا، بداية من مسلسل “الشهد والدموع” و “رحلة السيد ابو العلا البشري” مرورًا بمسلسل “أرابيسك” و “امرأة من زمن الحب” و “المصراوية” وأخيرًا مسلسل “ليالي الحلمية” والذي استمر أسامة وإسماعيل يبدعون في كتابته وإخراجه خمسة أجزاء، على مدار سنوات ليست متتالية، عشنا مع أعمالهم ذكريات الطفولة والشباب، وكانت هذه المسلسلات بمثابة رسائل بصورة غير مباشرة، تحمل في طيات حلقاتها مبادئ وقيم تربي عليها آبائنا وتشربناها نحن جيل الأبناء على يد كتاب هذا الزمن الجميل.
مسلسل فوق مستوي الشبهات
تعود الفنانة المصرية يسرا هذا العام بعد غيابها عن الشاشة العام الماضي، فقد كان مسلسل “نكدب لو قولنا مبنحبش”، الذي عرض في شهر رمضان لعام 2013، أما مسلسل “سرايا عابدين”، فقد عرض في منتصف عام 2014، ولكن نسبة المشاهدة تكون أعلى في شهر رمضان على وجه الخصوص.
تعود يسرا في مسلسل “فوق مستوي الشبهات”، بدور “رحمة” وهو اسم على النقيض تمامًا من الشخصية التي تجسدها، فهي دكتورة في الموارد البشرية، حصلت على شهادة الدكتوراه بالتزوير، كما أنها مرشحة لمنصب كبير في الدولة، تعاني من مشاكل نفسية منذ كانت طفلة صغيرة، علاقتها بكل من حولها متوترة فهي تحمل ضغينة لكل الناس تقريبًا، بما فيهم أقرب الناس إليها “والدتها وأختها وزوجها”، ترتكب شتي الجرائم كي تصل إلى غايتها من قتل أو سرقة.
أتقنت يسرا في أداء دورها جدًا، تلك الشريرة التي لا تشي ملامحها بما تحمله داخلها من غضب وكره، تناقضات عديدة يتعرض لها كل من يتعاملون معها وسط حيرة وتساؤلات المحيطين بها.
المسلسل غني بالأحداث المثيرة والمتتابعة، لن يشعر المتابع له بالملل، فقط لهاث كي نصل للحلقة الأخيرة ونعرف مصير “رحمة ” بعد كل الضرر الذي الحقته بما حولها.
مسلسل الخانكة
تثبت لنا غادة عبد الرازق كل عام أن قدراتها ليست فقط في أداء أدوار الإغراء واستغلال دلالها فيما تقدمه على الشاشة، وللعام الثالث على التوالي تقدم شخصيات ذات ثقل وأبعاد إنسانية، فالعام الماضي قدمت لنا مسلسل “الكابوس” في دور أم تبحث عن قاتل ابنها، وطوال أحداث المسلسل، نرى غادة تقريبًا بدون مكياج، ترتدي ملابس محتشمة كسيدة ترتدي الحجاب، فاعتمدت في أداء الشخصية على موهبتها فقط.
وتعود هذا العام أيضًا في دور “أميرة” التي تعمل مدرسة تربية رياضية في مدرسة دولية وتتعرض هناك للتحرش على يد أحد الطلبة والذي لسوء حظها ابن أحد رجال الأعمال ذوي السلطة والنفوذ “ماجد المصري”، وتدور الأحداث، ويتصاعد الصراع وتذهب “أميرة” إلى الخانكة وهي مصحة نفسية يذهب إليها مرتكبي الجرائم تحت تأثير حالتهم النفسية، وهناك تواجه الصراع مع العديد من الشخصيات غير السوية، فمنهم من يقوم بحرق سريرها وهي نائمة، وأخرى تقوم بقص شعرها وتظل في صراع إلى أن تنتهي مدة عقوبتها، لتخرج إلى الحياة بنظرة مختلفة أو كما ظننا ذلك إلى أن تنتهي الأحداث بنهاية ترضي المشاهد.
استعانت غادة في المسلسل بعدد من الوجوه الشابة التي ظهرت معها في برنامج المسابقات “آراب كاستينج” الذي كانت أحد أعضاء لجنة التحكيم فيه، فقامت بدور”تيا” أم الطالب الذي تحرش بها “جيهان خليل” المغربية الجنسية، الدور ليس بالقصير أجادت فيه اللغة المصرية بشكل جيد جدًا، أعتقد ستكون لها أدوارًا مميزة في المستقبل.
كما قام “أحمد هلال” بدور دكتور “رائد”، الذي يساعد البطلة في الهروب من الخانكة، وهو وجه هادئ ومريح يؤدي الدور بعفوية دون تعقيدات.
الفنان “ماجد المصري” حقق نجاحًا كبيرًا مع غادة عبد الرازق في رمضان 2012 في مسلسل “مع سبق الإصرار” ويعود ليلتقي معها في “الخانكة” في دور “سليم الخواجة”، رجل الأعمال الذي يسخر كل شيء لابنه المدلل.
مسلسل جراند أوتيل
مسلسل جراند اوتيل تدور أحداثه في مدينة أسوان، في فندق يسمي “جراند أوتيل”، تختفي إحدى عاملات الفندق، فيأتي أخيها “علي – عمرو يوسف” ليبحث عنها متنكرًا في زي عامل في الفندق وهناك يتعرف على “نازلي – أمينة خليل” التي يقع في حبها ويكشف لها عن الكثير من الحقائق التي كانت تجهلها، ينقلك المسلسل إلى أجواء الخمسينيات في كل تفصيلة، “الديكور- الملابس”، فنقع في غرام كل ما هو قديم وأنيق، نتعلق بقصة الحب التي تنشأ بين نازلي وعلي، ونتمنى أن تترك “مراد – أحمد داوود”، الذي تكون له اليد العليا في كل الجرائم التي ارتكبت في الفندق.
كل الحوارات التي دارت بين نازلي وعلي كانت تتداول على وسائل التواصل الاجتماعي فور عرض الحلقات، من شدة الإعجاب بالرومانسية وقصة الحب التي جمعت بينهما.
مفاجأة العمل كانت الفنانة “أنوشكا – قسمت هانم”، شخصية محورية في العمل أدتها ببراعة شديدة، تلك السيدة ذات الكبرياء والحنكة والتي لم تتحمل كرامتها أن تشاركها خادمة “سوسن بدر – سكينة” في الميراث، وكذلك “محمد ممدوح – أمين”، الذي يجسد شخصية أمين ابن سكينة التي تزوجت سرًا من صاحب الفندق الذي يعملان فيه، ونتيجة للتربية المنطوية ينشأ شاب منطوي ومتلعثم يعمل خادم في الفندق، اهتم “محمد ممدوح” بأدق تفاصيل الشخصية، طريقة الكلام غير المفهومة في بعض الأحيان، نظرات العين الخجولة، بنيان جسده الضخم.
وكذلك دور “دينا الشربيني – ورد”، دور ثري جدًا ومليء بالتغيرات الجذرية للشخصية، من خادمة منكسرة، إلى ارستقراطية خائنة، انتقلت من شخصية إلى أخرى بكل سلاسة، فأثبتت أنها ممثلة متمكنة ووصلت إلى مرحلة من النضج الفني.
كل من في العمل أبدع وأخرج كل طاقاته، كان من الواضح جدًا سيطرة روح الفريق على كل طاقم العمل الذي كان تحت قيادة مخرج مميز “محمد شاكر خضير”، الذي يعد هذا المسلسل ثاني تجربة إخراج له، فقد قدم لنا في العام الماضي مسلسل “طريقي” الذي حقق نجاحًا مميزًا، والذي كان أيضًا مع نفس كاتب سيناريو وحوار “جراند أوتيل” الكاتب الذي يطغي الحنين للزمن الجميل على كتابته “تامر حبيب”، فيخرج عملاً يحمل نوستالجيا بين جنباته.
مسلسل أفراح القبة
المسلسل مأخوذ عن رواية الأديب العالمي الكبير “نجيب محفوظ” مع الاحتفاظ بنفس الاسم، كتب السيناريو والحوار “محمد أمين راضي” وأخرجها للتلفزيون “محمد ياسين”.
الأحداث تدور في زمن السبعينات داخل أروقة مسرح، أبطاله وزعت عليهم رواية فوجد كل واحد فيهم نفسه في شخصيات المسرحية التي يقرأها، كاتب الرواية عاش كل تفاصيلها “عباس كرم – محمد الشرنوبي”.
الرواية تُحكى على لسان أربعة أبطال “عباس – كرم – طارق – حليمة” وكل واحد منهم يرويها من وجهة نظره هو.
المسلسل أحدث ضجة كبيرة عند عرضه، مما جعل الكثيرين يقبلوا على شراء الرواية، كي يعقدوا مقارنة بين أحداثها وأحداث المسلسل.
المسلسل يقدم النفس البشرية بكل تناقضاتها من خير وشر، أفراح وأحزان، يجعلك تقف قليلًا كي تراجع نفسك ومبادئك.
المسلسل بطولة نخبة من نجوم الصف الأول في السينما والتليفزيون: “مني زكي – إياد نصار – كنده علوش – رانيا يوسف – دينا الشربيني – صبا مبارك – أحمد السعدني – جمال سليمان – صابرين – سوسن بدر – سيد رجب – صبري فواز – سلوى عثمان”.
كان الكل في مباراة تمثيلية من الأداء البديع، سواء كان الدور صغيرًا أم كبيرًا فخرج العمل بصورة أقرب إلى الإتقان.
مسلسل ونوس
مسلسل ونوس للقدير “يحيى الفخراني “، الذي ما إن ترى اسمه إلا وكان النجاح هو محصلة هذا العمل، يعد مسلسل “ونوس” هو التعاون الثالث بينه وبين الكاتب “عبد الرحيم كمال” الذي قدم معه “الخواجة عبد القادر” ومسلسل “دهشة” وقام بإخراج الثلاثة أعمال أيضًا “شادي الفخراني”، يبدو أن هناك كيمياء خاصة بينهم، قدر كبير من التفاهم والنجاحات التي دعمت هذا الثلاثي.
قصة العمل هي القصة الأزلية منذ بدء الخليقة، الصراع بين الخير والشر، الغواية والتوبة، رغبة الإنسان في الحصول على كل شيء دون تعب.
استطاع يحيي الفخراني الذي يستحق لقب “الجوكر”، أن يقدم دور الشيطان جميل الطلة الذي تخدعك ملامحه التي تنم عن طيبة ظاهرية، إضافة إلى خفة دم الفخراني التي أضافت للدور بهجة شيطانية.
طوال أحداث المسلسل والشر الذي يجسده “ونوس” يستمر في غواية “ياقوت – نبيل الحلفاوي” وأبناءه، يحاول غوايتهم بكل الطرق.
قدم العمل وجوه شابة واعدة: “محمد الكيلاني – نهى عابدين – ميريهان مجدي – نيقولا معوض”.
مسلسل سقوط حر
نيللي كريم اسم اقترن بالتميز لما تقدمه من أعمال تحترم فيها عقلية المشاهد وتبهره بالأداء الذي يتطور في كل عمل تقدمه على الشاشة، فقد امتعت المشاهد عندما قدمت شخصية “ذات” في المسلسل الذي يحمل الاسم نفسه، لاقترابها من نموذج يمثل شريحة كبيرة من المجتمع، وبعده قدمت “سجن النسا” وشخصية “غالية” التي أحبت بصدق ولكن عندما تتعرض للغدر تقتل وتثأر لكرامتها، ومسلسل “تحت السيطرة” وشخصية “مريم” التي تعود للإدمان فتخسر زوجها وحياتها الهادئة ولكنها تقاوم رغم الضغوط، وهكذا كلها أدوار صادمة وغير متوقعة، فسمات نيللي الجسدية والشكلية توحي بالرقة والبراءة.
ونأتي لهذا العام ومسلسل “سقوط حر” وشخصية “ملك” التي تتهم بقتل زوجها وشقيقتها ويتم إيداعها في مصحة نفسية نظرًا لأنها تعاني في الأساس من مشكلة نفسية، وبدخولها المصحة تتعرض لمشاكل أكثر عنفًا مع الأطباء والمرضى على حد سواء.
المسلسل هو التعاون الرابع مع المؤلفة “مريم ناعوم”، التي كتبت الفكرة والمعالجة الدرامية والسيناريو، المكتوب ببراعة شديدة والذي يقدم منهج الحالة المرضية للبطلة، وأسلوب علاجها ولكن يؤخذ عليه الاستغراق في الحديث عن المرضي النفسيين الموجودين بالمصحة، مما جعلنا نشعر بالملل والكآبة.
لكن نيللي كريم يشهد لها أنها قدمت عمل مرهق جدًا نفسيًا، كانت تعبيرات وجهها معبرة جدًا عن الاضطراب والألم النفسي، وقد يكون حظ المسلسل أفضل لو عرض في غير شهر رمضان، بعيدًا عن الأعمال الأخرى الأكثر سخونة وإثارة، والتي سحبت البساط من تحت قدم نيللي كريم.
العمل من إخراج المخرج التونسي الجنسية “شوقي الماجري”، وهو ثاني تعاون بينهما وبين نيللي كريم بعد مسلسل “هدوء نسبي” الذي عرض عام 2009.
مسلسل نيللي وشريهان
عمل كوميدي جميل بكل المقاييس، فقد استطاع فريق العمل أن يجعلنا نتابع العمل بشكل يومي من فرط الإبداع الراقي غير الهزلي، فجاءت خلطة نيللي وشريهان السحرية لتنتزع البسمة من قلوبنا، وفي أول عمل يجمع الأختين: “دنيا سمير غانم – نيللي”، و”إيمي سمير غانم – شريهان”، وشخصيتان متناقضتان تمامًا، بنات عم من طبقتين مختلفتين تمامًا، تجمعهما ظروف الحياة معًا، حيث تبحثان عن كنز جدهما “ميكي – سمير غانم” الذي تركه لهما في صورة لغز، فتتفجر مواقف كوميدية من خلال رحلة البحث عن الكنز، ومن خلال التناقض بين طريقة كل شخصية منهما في التعامل مع الحياة والأشخاص.
المسلسل من تأليف “كريم يوسف – مصطفى صقر”، ومن إخراج “أحمد الجندي”
شارك في البطولة: “بيومي فؤاد – سلوى خطاب – أحمد حلاوة – محمود الجندي – محمد سلام – مصطفي خاطر”، بالإضافة إلى العديد من النجوم الذين شاركوا في العمل كضيف شرف مثل: “سمير غانم – دلال عبد العزيز – هند صبري – حسن الرداد – حمدي الميرغني”.
كل الأبطال كانوا قمة في الأداء، الحلقات كلها بدون استثناء كانت مباراة كوميدية ممتعة وبعيدة عن الاستخفاف بعقل المشاهد.
كانت هذه هي بعض الأعمال التي حظيت بنسبة مشاهدة عالية من الجمهور، وهكذا كل عام يجتهد المبدعون لتقديم ما يعتقدون أنه سيحظى بجماهيرية ونحن المحظوظون بالمتابعة والاستمتاع وبالجدل أيضًا.
كل عام وأنتم بخير
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.