على نمط مسلسل كسر عضم.. أفضل المسلسلات السورية في العشر سنوات الأخيرة

حالة من التوق واللهفة تصيب الجمهور في سورية، وكذلك الوطن العربي، لرؤية ما ستقدمه له الدراما السورية مع بداية كل موسم درامي رمضاني جديد، هي التي عودته أن تحمل في جعبتها الفنية، أنماطًا مختلفة ومتنوعة من تلك الدراما الغنية، عبر قصصٍ تحقق لهم البهجة والمتعة، وأخرى تحاكي واقعهم وتخاطب أوجاعهم، فكانت لسنواتٍ طويلة أنيسة الأحبة وجليستهم، بفضل السمعة الجيدة، والأثر الطيب الذي تركته منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي.

اندلاع الحرب، كان له أثره السلبي على تلك الصناعة، حيث قلت الإنتاجات الدرامية - نوعًا وكمًا - لأسباب عديدة، لسنا بصدد ذكرها وتفنيدها كلها، كما اختلفت تباعًا المواضيع المتناولة، نتيجة الواقع الجديد المفروض عليها، صارت غالبية إنتاجاتها تتناول الحرب الدائرة هناك، ما قلل الطلب عليها عربيًا، لم تستطع الانسلاخ عما أصابها من أزمات والتحييد عنها، على الرغم من ذلك لم تروِ شيئًا، أضف إلى ذلك هجرة الخبرات الفنية والشركات إلى خارج البلاد، فتشتتت الدراما وانقسمت، لكنها أبت أن تستكين للصراخ الصامت القابع في الوديان السحيقة، حاولت جاهدة المقاومة وعدم الانكسار، ومقاومة الأزمات والعقبات كافة.

في هذا المقال سنحاول عزيزي القارئ الإضاءة على أهم الإنتاجات السورية في السنوات العشر الأخيرة الصعبة التي حلت بهذه الدراما، أعمال لاقت قبولًا واستحسانًا عند الجمهور الذي رأى أنها أفضل ما قدمته حينها.. هيا لنبدأ…

بعد النجاح الكبير والأصداء الإيجابية التي حققها بموسه الأول عام 2011، تم تقديم موسم ثانٍ من العمل الاجتماعي البوليسي المعاصر “الولادة من الخاصرة”، تحت عنوان فرعي حمل اسم “ساعات الجمر”. العمل بجزئيه الأول والثاني لاقى رواجًا بفضل أسماء النجوم التي توالى حضورها على المسلسل، والسبب الأخر هو القصة المستقاة من الواقع الأليم المعاش، وتقديمها شخصيات حقيقية مثيرة للجدل وقريبة من روح الشارع السوري.

حيث يدخل المسلسل في أمور الفساد الإداري والأخلاقي ضمن أجهزة الدولة، ويصور لنا مدى القسوة والمعاناة والحالات النفسية التي يعيشها سكان الأحياء الفقيرة والعشوائيات، وحجم الصراع بين طبقات المجتمع المختلفة.

تقدم الفنانة “أمل عرفة” في تجربتها الثالثة مع الكتابة ضمن مسلسل “رفة عين”، حكايا المسحوقين القاطنين في المناطق العشوائية، والصعوبات التي يواجهونها في سبيل تأمين لقمة العيش، ورحلتهم في محاولة تغيير أقدارهم.

تجسد عرفة في العمل شخصية هدية، فتاة خلقت في السجن نتيجة قيام والدتها بقتل زوجها السكير، لتخرجا لاحقًا من السجن بعد مضي فترة من الزمن، لكن المشاكل والأزمات تأبى تركهما وشأنهما، لتتزايد العقبات في طريقهما مع تقدم حلقات العمل ولاسيما بعد إصابة والدتها بالشلل، لتعيش هدية وعائلتها المغلوب على أمرها صراعات وتحولات كبيرة، والكثير من المغامرات الإنسانية والقصص الحياتية، ضمن إطار اجتماعي لا يخلو من الكوميديا السوداء.

“سكر وسط” ذائع الصيت في الدراما السورية.. مسلسل يناقش قضية اجتماعية كان لها وقع كبير على الحياة والمجتمع في سورية، وتحديدًا في عام 2004 مع بداية الفورة العقارية الحاصلة هناك، والتي نجم عنها غلاء هائل في أسعار العقارات.

يروي العمل حكاية أسرة دمشقية من الطبقة المتوسطة، تجبرها الظروف القاسية وأزمة الفساد في العقارات، للانتقال من وسط المدينة للعيش في إحدى الحارات العشوائية في دمشق.

حيث يسرد لنا الكاتب في أحداث العمل مدى تأثير هذه الأزمة على جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، من خلال تلك العائلة والحارة التي تسكن فيها. العمل اعتبر أفضل ما قدم في موسم دراما رمضان 2013.

كاتبة النصوص الدرامية ورد هي بطلة الحكاية، التي تتعرض للاعتقال على أثر الحرب السورية، والنزاعات والانقسامات السياسية بين أطياف الشعب السوري، العمل ينقل لنا على الشاشة زمنين، الأول قبل اندلاع نيران الأزمة السورية، والثاني أثناء الحرب الشعواء.

يجول بنا نص الكاتبة “يم مشهدي” في أعماق النفس البشرية، ووجدانياتها، يتطرق إلى قضايا متنوعة شائكة، كالعنوسة، والمثلية الجنسية، والعلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة، ويتحدث عن ضياع الشباب، وكآبة سن الأربعين، والأحلام الهاربة، وعن السياسة أيضًا، من خلال حوارات درامية عميقة وممتعة، وأسئلة وجودية تقدمها الكاتبة عبر شخصياتها الدرامية. “قلم حمرة” هو عمل عن الحرب والحب وأشياء أخرى.

اقرأ أيضاً: سلافة معمار بين النجاح والجرأة في”عالحد”.. سينوغرافيا إبداعية في مدرسة الفن

بين التراجيديا والكوميديا، تروى حكاية ومعاناة عائلة خليل القاطنة في إحدى حواري دمشق القديمة، والتي يقرر أحد أفرادها إقناع جميع أفراد الأسرة، وحثهم على مغادرة البلاد نتيجة ضغوطات الحرب والهجرة إلى واحدة من دول الغرب المشرعة أبوابها أمام اللاجئين، نتيجة الحرب الطاحنة وضيق الحال.

بعد أن يصبح اللجوء الإنساني هو قرارهم الأخير في هذه البلاد، يقومون ببيع منزل العائلة لتأمين تكاليف السفر، لكن كلما هموا بتوضيب الحقائب للمغادرة، يحدث أمر ما يعرقل العملية.

عبر حلقات منفصلة متصلة، نعيش مع هذه العائلة المتنوعة بأفكارها وطباعها وأرائها، وعلى مدار 30 حلقة صعوبات ما يمر به المواطن السوري خلال الحرب، حيث يتم تسليط الضوء على قضايا شائكة وإنسانية.

يلقي مسلسل “غدًا نلتقي” الضوء على واقع الحرب السورية، لكن من منظور مختلف، حيث يتناول بنظرة عميقة مشاكل اللاجئين السوريين في مخيمات لبنان، ويستعرض رؤيتهم للصراع في بلدهم، وتبعات النزوح على الفقراء المعدمين في مخيمات اللجوء، الفئة التي يروي النص قصصها هنا تقطن ضمن مبنى سكني متهالك.

يصور العمل الصراع والاختلاف الحاصل بين شقيقين متعاكسين في الشخصيات والميول، كما أن النزاع لا يقتصر على ذلك وحسب، فهناك أيضًا وردة، الفتاة الثلاثينية التي تعمل في مهنة غسل الأموات، تغرم بالشقيقين، وهما كذلك، وتقع هي في حيرةٍ من أمرها، رغبتها أن تنجو بجلدها مع رجلٍ يحبها ويشعرها بالأمان، الأمان المفقود مع هؤلاء الناس نتيجة الحرب والنزوح، آملين أن يلتقوه من جديد يومًا.

من أشهر ما أنتجته الدراما السورية.. "عروة الغول” كاتب روائي مدلل لأبيه تاجر اللحوم “أبو عبدو ابراهيم الغول”، الذي بدأ مسيرته من الصفر، جمع ثروته من عرق جبينه. أب كريم يقدر العمل ويهتم بالقيم، ويعرف قيمة المال لكن لا يقدسه.

العمل يتناول سورية في مرحلتين مختلفتين، قبل الحرب وخلالها، عبر يومياتٍ ينقلها الكاتب عروة الذي يجول شوارع دمشق حزينًا على ما آلت إليه حال الشام بفعل الحرب، والتي تحولت من صبية عشرينية ملأى بالحب والحياة، إلى عجوز كاهلة أتعبها عقوق الأبناء.

يعرض البدايات والنهايات لتلك الأسرة السورية، الغيرة التي تحصل بين الإخوة، الطمع والجشع للوصول إلى النفوذ والسلطة.. الحب والأخلاق، القهر والظلم.

حقق مسلسل “دقيقة صمت” أثناء عرضه جماهيرية كبيرة، وانقسمت الآراء حوله بين مؤيد ومعارض، وتعرض كاتبه لهجوم من قبل معارضي العمل، مما دفعه للخروج بتصريحات نارية، تبرأت منها الجهة المنتجة لاحقًا، الأمر الذي أدى إلى نشوء خلاف بينهما.

ينطلق العمل من حكاية سجينين يحكم عليهما بالإعدام، وفي أثناء انتظارهما لتنفيذ الحكم الصادر بحقهما، ومع ساعات الفجر الأولى من موعد الحكم، يحدث حريق في السجن المركزي لأحد المهاجع، ويتم على إثره تهريب السجينين، وإعداد شخصين آخرين.

المسلسل ينتقد بشدة، وبجرأة عالية الفساد المستشري في مختلف الأمكنة، كما يتطرق إلى مواضيع اجتماعية وإنسانية حساسة ضمن إطار درامي معاصر.

ضمن إطار الإثارة والتشويق تجري أحداث العمل البوليسي “مقابلة مع السيد آدم”، حيث تدور القصة حول جريمة قتل وقعت بحق شابة مصرية، لذا تسعى الشرطة لكشف الحقائق ومعرفة ملابسات الجريمة.

لذلك يتم الاستعانة بخبير في الأمن الجنائي والطب الشرعي الدكتور “آدم عبد الحق”، المعروف بعبقريته في فك طلاسم الجرائم الجنائية، ولكن العصابة المسؤولة عن عملية القتل تقوم بخطف ابنته حياة المصابة بمتلازمة داون، لحثه على تزوير التقرير الشرعي المتعلق بجثة الفتاة المصرية، فيتعرض الدكتور آدم لصدمة يقرر على إثرها ملاحقة العصابة والانتقام من أفرادها.

يتطرق مسلسل “على صفيح ساخن” إلى فئة تعد من نسيج المجتمع السوري - فئة مهمشة - لم يسبق للدراما السورية أن تناولتها دراميًا أو غاصت في عوالمها، وهو عالم جامعي القمامة - النباشين - ومكب النفايات، يدخل المسلسل في زواريب هذه المهنة، ويقدمها بتفاصيلها التي يجهلها الكثير منا، كما يتحدث العمل عن المجرمين الكبار اللاهثين وراء توسيع نشاطات جرائمهم وبطشهم، فتتشابك عمليات ترويج المخدرات مع شغل النباشين.

على صفيح ساخن يعري طبقات المجتمع الراقية، لدرجة لا ترى فيها سوى البشاعة والقذارة، ويأخذنا في رحلة حول عمالة الأطفال، واستغلال هذه الفئة العمرية وحاجتها، ويتحدث عن السياسة والدين، عن الأخوة ومدى قوة العلاقات الأسرية أو هشاشتها، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمال.

اقرأ أيضاً: مسلسلات رمضان 2022 السورية.. قائمة بأهم الأعمال المعروضة والقنوات الناقلة