شرح أفكار ورمزيات كابوس “جوردان بييل” الجديد Us
6 د
في 2017 أطل علينا الكوميدي “جوردان بييل” بفيلم الرعب الأول له Get Out والذي لاقى نجاحاً ساحقاً على المستويين النقدي والجماهيري، ومنذ أن صدرت أخبار إنتاجه فيلمه الثاني وبدأت التكهنات والتوقعات والتساؤلات عن كون Get Out مجرد ضربة حظ تكللت بأوسكار أفضل سيناريو أصلي وترشيحين آخرين منهما أفضل فيلم أم أننا قد شهدنا بالفعل ميلاد صانع أفلام بارع بأفكار فريدة من نوعها؟
وجاء الرد في هيئة إيرادات كسرت الرقم القياسي لأكثر فيلم رعب أصلي تحقيقاً للإيرادات في أسبوعه الأول بالسينمات حيث حقق Us إيرادات تخطت الـ 70 مليون دولار في أميركا، وحقق استقبالاً نقدياً رائعاً بتسجيله 94% على موقع Rotten Tomatoes، وبعد مشاهدة الفيلم تأكدنا من احتواء الفيلم على أكثر من مجرد تعاطف أو استنساخ لتجربة Get Out الناجحة، حيث احتوى على الكثير من الأفكار والإسقاطات الاجتماعية المتميزة والكثير من الدلائل والرمزيات التي أعطت الفيلم قيمته الأساسية والتي لم يدركها عدد لا بأس به من الجمهور العادي ولكن أحب الفيلم رغم ذلك.
في هذا المقال سنناقش الأفكار والرمزيات المتناثرة في أركان فيلم Us.
تحذير: يحتوي المقال على حرق لأهم أحداث الفيلم فاحرص على أن تكون شاهدت الفيلم قبل أن تبدأ قراءة هذا المقال.
ملخص القصة
يبدأ الفيلم بمعلومة عن وجود كم هائل من الأنفاق والمناجم المهجورة تحت الأرض والتي تمتد عبر مساحة شاسعة من الولايات المتحدة الأميركية بدون أي فائدة معروفة، ثم ننتقل لعام 1986 مع “أديلايد” الصغيرة التي تشاهد اعلاناً عن مبادرة أيادٍ عبر أميركا Hands Across America في التلفاز ثم نمر بالحادثة التي مرت بها حين تاهت في مدينة الملاهي على شاطئ سانتا كروز ومقابلتها لطفلة تشبهها تماماً وتعرضها لصدمة.
في الوقت الحالي تعود “أديلايد” الناضجة الى مسقط رأسها في إجازة مع عائلتها -زوجها “غيب” وطفليها “زورا” و “جيسون”- وتبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة حين تظهر عائلة شبيهة بهم في زي أحمر موحد متسلحة بمقصات حادة نعرف في النهاية أنهم مستنسخين يعيشون تحت الأرض وتم صنعهم للتحكم في البشر ولكن فشلت التجربة وتم تركهم يهيمون في الأنفاق بلا هدف، وبعد سلسلة من المغامرات والتصادمات تتمحور حول ثورة المستنسخين على شبيهيهم من فوق الأرض نكتشف أن “أديلايد” الصغيرة قد تم استبدالها من قبل شبيهتها “ريد” حين تقابلا في 1986 وأننا طوال الفيلم كنا الى جانب مستنسخ!
-
من هم المستنسخون؟
فسر لنا الفيلم في النهاية طبيعة المستنسخين بأنهم نسخة من صنع البشر -ربما الحكومة- كي يتحكموا في البشر الذي يعيشون على السطح، ولكن تم تركهم هائمين في أماكنهم تحت الأرض بعد فشل التجربة لسبب ما في نفس الأنفاق التي ذكرها “بييل” في بداية الفيلم.أغلب الظن أن المستنسخين رمز صارخ للطبقية المجتمعية واعتماد حياة الفرد بالكامل على الحظ من خلال الفئة المجتمعية التي سيولد فيها والظروف التي سيمر بها تبعاً لذلك، ويتضح ذلك بشدة في إلتوائة النهاية والتي تعلن بشكل كامل أن بعض الأفراد قد يتغيرون تماماً إذا تم منحهم الفرصة والظروف لذلك.
-
مبادرة أيادٍ عبر أميركا Hands Across America
اتخذ المستنسخون من مبادرة أيادٍ عبر أميركا شعاراً لهم في ثورتهم طبقاً لآخر ما تتذكره “أديلايد” الصغيرة عن العالم وهي مبادرة أميركية نظمت عام 1986 -نفس العام الذي حدثت فيه حادثة اختفاء “أديلايد”- تهدف لجعل 6 مليون أميركي يكوّنون سلسلة بشرية تمتد من المحيط إلى المحيط عبر أميركا بالكامل فقط يقفون ممسكين بأيدي بعضهم البعض ويتبرع كل مشترك لقاء ذلك بمبلغ يترواح من 10 دولارات فما أعلى بهدف جمع 100 مليون دولار لمحاربة الفقر، ولكن تلك المبادرة فشلت في جمع أكثر من 34 مليون دولار فقط مع ذهاب نصف هذا المبلغ لتغطية تكاليف الترويج للحملة إلى جانب عدم اكتمال السلسلة بالمعنى الحرفى بسبب المساحات الواسعة من الغابات والصحاري. لذلك نرى في مشهد النهاية نرى المستنسخين وهم يكملون السلسلة عبر مرتفعات ووديان وينجحون في تحقيق ما فشل فيه أقرانهم.
-
الزي الأحمر الموحد والقفاز الواحد
معظم تفاصيل المستنسخين تأتي من آخر ما تتذكره “أديلايد” الحقيقية عن العالم الخارجي قبل استبدالها، وهذه التفصيلة بالتحديد تأتي من تأثرها بـ”مايكل جاكسون”. حيث أن الزي الأحمر شبيه إلى حد كبير بما كان يرتديه ملك البوب في كليب أغنيته Thriller التي كانت ترتدي قميص دعائي له عند اختطافها، والقفاز الواحد أيضاً كان يشتهر به “جاكسون” في عدد من أغانيه. -
استخدام المقصات كسلاح
رمزية المقص تأتي من كونه أداة مكونة من جزئين متطابقين وكأنهما انعكاس مرآة تربط بينهما نقطة واحدة كالروح تجعل حركة ومصير الجزئين متماثل، ويبدو أن السبب في اختيار هذا السلاح من دونه ينبع أيضاً من آخر ما تتذكره “أديلايد” الصغيرة عن العالم الخارجي فقبل نزولها للشاطئ مباشرة شاهدت شاباً وفتاة يلعبون حجر ورقة مقص ويقوم الاثنان بلعب المقص أكثر من مرة ويتعادلان.
-
أرميا 11:11
ظهر الرقم 11:11 أكثر من مرة أمام “أيدلايد” طوال أحداث الفيلم فتارة يظهر في الساعة وتارة أخرى نتيجة المباراة التي يشاهدها “غيب” كما يمكن رؤيته على سيارة الاسعاف التي تهرب بها العائلة في النهاية، بداية ظهوره كانت على لوحة يحملها متشرد في الملاهي عام 1986 وتقول (أرميا 11:11) وهي آية في الإنجيل تقول الآتي على لسان الرب “سوف ألقي عليهم عقاباً شديداً لن يفروا منه وسيصرخون لي طالبين الرحمة ولكني لن أستمع إليهم“، وفيها إسقاط واضح لما يريد المستنسخين فعله بأشباههم فوق الأرض.
-
لافتة بيت المرايا
نعود حيث بدأ كل شيء، بيت المرايا الذي به البوابة التي تربط بين العالمين، نرى بوضوح في 1986 حين تدخل “أديلايد” هناك أن لافتته تقول Vision Quest وعليه صورة أحد السكان الأصليين، في المستقبل وحين نرى “جايسون” ذاهباً باتجاهه نرى ان اللافتة تم تغييرها لتصبح Merlin’s Forrest وبها صورة الساحر ميرلين العجوز، عند مقارنتهم وجد البعض أنها قد تكون إشارة سياسية وتاريخية إلى كون أميركا أرض مسلوبة من سكانها الأصليين وتم طمس حقيقتها لتصبح أميركا التي نراها الآن هي ميرلين الأبيض العجوز بدلاً من الساكن الأصلي.
-
أرانب، والكثير من الأرانب
بعد حادثة “أديلايد” في بداية الفيلم يأخذنا “بييل” لمشهد يعرض فيه قفصاً كبير مليئاً بالأرانب كتتر للبداية ثم نصادفهم مرة أخرى حين تحكي “ريد” عن كيف أن طعامهم الوحيد المتوفر تحت الأرض كان الأرانب النيئة الدامية ثم في تسلسل النهاية حين تطارد “أديلايد” “ريد” الى عالمهم السفلي تظهر الأرانب مرة أخرى بعدد كبير -شبه البعض تتبعها للأرانب الى تحت الأرض بـ”أليس في بلاد العجائب” حين تتبعت الأرنب لتسقط في الحفرة التي ذهبت بها الى بلاد العجائب-، قال “بييل” في مقابلة إن اختياره للأرانب كان لأنك تستطيع أن ترى في عينيها أنها كائنات مجنونة رغم مظهرها الطيب والجميل.
-
Us هل تعني “نحن” فقط؟
خمن البعض بعد استنتاج معاني الفيلم بشكل عام أن اسم الفيلم لا يرمز فقط إلى ازدواجية الشخصيات بل يمكن اعتباره أيضاً U.S وهو اختصار United States كدليل على أن الفيلم كله إسقاط على المجتمع الأميركي خصوصاً وأننا صادفنا أثناء الفيلم نقطتين هامتين تدعم هذه النظرية الأولى حين يسأل “غيب” المستنسخون من أنتم؟ فيكون رد “ريد” عليه: نحن أميركيون، الثانية حين تقترح “أديلايد” -المستنسخة أصلاً- عائلتها الذهاب إلى المكسيك للنجاة من هذا الخطر والذي يدل على أن هذا كله يحدث في أميركا فقط.
أقرأ أيضًا: أهم أفلام الأكشن لعام 2019 حتى الآن
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.