وجوه مختلفة لانتقام المرأة من عالم السينما

“الانتقام طبق يؤكل باردًا” هذه المقولة في الحقيقة شديدة الصحة والواقعية، فلكي يكون الانتقام شديد الأثر، يجب أن يتم التخطيط له جيدًا، وأن تتم دراسة الخطة من جميع الجوانب.

يُقال أن قهر الرجال يغلب كيد النساء، ولكن هذا ليس تقليلًا من كيد النساء، بل لهوله وشدته تمت مقارنة قهر الرجال به لتوضيح مدى تأثيره، ولكن لا أعلم هل تظل هذه المقولة صحيحة بالنسبة للمرأة التي تنتقم من أجل العاطفة؟ أشك في ذلك.

في فترة الثمانينات اشتهرت في مصر بعض الحوادث عن زوجات قمن بقتل وتقطيع جثث أزواجهن ووضعها في أكياس بلاستيكية سوداء، ثم إلقاءها بشكل متفرق في عدة صناديق قمامة، كانت هذه الحوادث من البشاعة بأن تهز المجتمع المصري بل والعربي كله.

ولكن للمرأة بالتأكيد طرق أخرى للانتقام لن تعرفها من قسم الحوادث بالجرائد، لذا وعلى طريقة سمير صبري في فيلم “البحث عن فضيحة” حين كان يعرض أمثلة لصديقه عادل إمام كي يتعظ من أعمالهم، سنقوم بعرض أمثلة أفلام قامت على قصص انتقام نفذتها المرأة مع عرض كيفية تفكيرها، لعلك تتعظ عزيزي القارئ، أو تستفيدي عزيزتي القارئة..

فيلمنا الأول هو المرأة والساطور لنبيلة عبيد وأبو بكر عزت، من إنتاج عام 1997 ومن إخراج سعيد مرزوق.

الفيلم مستوحى عن قصة حقيقية عن زوج نصّاب يخدع زوجته ويستولي على كل نقودها التي ورثتها عن زوجها الأول، ولا يكتف بذلك بل يقوم أيضًا بالتحرش بابنتها.

هنا لم تحتمل الزوجة ذلك وقامت بالانتقام من زوجها بالأسلوب الثمانيناتي الذي ذكرناه في المقدمة، لتفتح قضية غامضة جديدة أمام الشرطة يتم حل أجزائها تدريجيًا.

فيلم إنتاج 2002 وإخراج مايكل أبتد ومن بطولة جنيفير لوبيز في دور زوجة يتم إهانتها وضربها بشكل مستمر من زوجها الذي قام بدوره بيلي كامبل.

تتحمل الزوجة إهانة تلو الأخرى والعديد من اللطمات والضربات، حتى تأتي الصفعة القاصمة، ولكنها وُجّهت هذه المرة إلى ابنتها، لتهرب من هذه الحياة غير المحتملة، ولكن يرفض زوجها أن يتركها وشأنها، مما يضطرها في النهاية للجوء للانتقام منه، فما الذي فعلته به بالتحديد؟

فيلم من إخراج كوينتين تارانتينو، تم إنتاجه على جزئين صدر الأول منهما عام 2003 وأتبعه الجزء الثاني في العام التالي.

تدور الأحداث حول شخصية فتاة يتم الإعتداء عليها في محاولة لقتلها يوم زفافها، مع قتل كل من كان موجودًا يومها للاحتفال بما فيهم زوجها. مع تحرك أحداث الفيلم والكثير من الومضات السابقة، نستطيع تجميع كل الخيوط.

نعلم أن من قام بعمل هذه المذبحة كان حبيبها السابق بيل، ومن نفذ هذه العملية كانت عصابته المكونة من ثلاثة نساء ورجل. ما يجعل الفتاة راغبة أكثر في الانتقام، هو كونها كانت حاملًا عندما تم تنفيذ عملية الإبادة الشاملة تلك، لتستيقظ بعد 4 سنوات كاملة من الغيبوبة وتجد أنها قد فقدت جنينها.

تقرر الفتاة الانتقام بالطبع، فشخصية كشخصيتها لن تكتف بالبكاء على اللبن المسكوب، بل وضعت خطة للانتقام، لا لقتل بيل وحسب، بل لقتل كل من شارك في ارتكاب هذه الجريمة.

يُعدّ هذا الفيلم من الأفلام شديدة الدموية، ولكن بالرغم من ذلك فهو يمتلك شيئًا ساحرًا، لا أعلم إن كانت هذه بصمة تارانتينو المميزة، أم لأننا نشعر بالانتصار الشخصي كلما نجحت الفتاة في التخلص من واحدة من مهام القتل الواجبة عليها.

في افلام انتقام المرأة السابقة، نجد أن المرأة لجأت لاستخدام العنف البدني الشديد والذي قد يصل إلى القتل، وبتتبع نمط الرجال اللاتي قمن بالانتقام منهم، نصل إلى استنتاج أن المرأة لا تقوم عادة باللجوء إلى الانتقام العنيف، إلا في حالة أن يتمادى الرجل في إيذاؤه لها أو يطول شره أحبابها، حينها لن تتردد في أن تُظهر وجهًا أخر للانتقام لن يحب أحد أن يراه.

فيلم كرامة زوجتي إنتاج 1967 من بطولة شادية وصلاح ذو الفقار وإخراج فطين عبد الوهاب.

تقوم شادية في الفيلم بأداء دور فتاة ينجذب إليها رجل معروف بأنه زير للنساء، توافق أخيرًا على الزواج منه بشرط أن تكون هي المرأة الوحيدة في حياته، وأنها إذا علمت بخيانته لها فستقوم هي أيضًا بخيانته.

يوافق الزوج على هذا الشرط متوقعًا عدم حدوثه فعليًا، ولكن عندما يبدأ في خيانة زوجته تذكره هي بهذا الشرط بقوة، تبدأ في إصابته بالجنون بأفعالها المريبة المتعمدة انتقامًا منه على فعلته.

الفيلم الأيقوني الشهير من بطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر وزهرة العلا، عن رواية لطه حسين وإخراج هنري بركات، تدور الأحداث في صعيد مصر، حيث يتم استجلاب خادمات من الأسر الفقيرة للعمل في بيوت الأثرياء، بهذه الطريقة تقابل هنادي المهندس الذي يقوم بإغوائها، تحمل منه فيقوم أهلها بقتلها للتخلص من العار الذي جلبته لهم.

تُصدم أختها آمنة من الفعل الذي قام أهلها باتخاذه، وتدور الأحداث حتى تقابل آمنة نفس المهندس الذي سبب كل هذه المأساة وهي واضعة خطة مختمرة للانتقام من أجل شقيقتها.

اعتمدت آمنة خطة الانتقام النفسي، فهي ستقوم بإغواء المهندس بدون أن تجعله يلمسها، وهي تعلم أنها بذلك تقوم بتعذيبه، لكن كعادة الأفلام العربية، تلتوي أحداث الفيلم لينتهي نهاية غير متوقعة.

فيلم من إنتاج 2008 وإخراج دايان إنجليش ومن بطولة ميج رايان وأنيت بينينجر، يدور الفيلم حول 4 صديقات بمشاكلهن المختلفة، ولكن واحدة فقط منهن تعاني من خيانة زوجها لها، فتبدأ بمساعدة الصديقات في وضع خطة محكمة للانتقام منه.

كلا لم تقم بإيذاء زوجها، من الناحية المادية أو الجسدية على الأقل، ولكنها استطاعت بمنتهى الذكاء واللؤم الأنثوي أن تؤلمه نفسيًا ليبدأ في سؤال نفسه، لما قمت بخيانة هذه المرأة منذ البداية!

يُذكر أن جميع شخصيات هذا الفيلم نسائية، ولا يظهر أي رجل على الشاشة حتى الزوج الذي قمنا بذكره سابقاً.

ماذا يحدث لك عندما تترك زوجتك لتتزوج من غيرها أو لتخونها، إذا أردت إجابة حقيقية لهذا السؤال فعليك بالتأكيد مشاهدة هذا الفيلم، فهو لا يحكي عن زوجة أو اثنين، بل ثلاث زوجات تم تركهن من أجل نساء أخريات، فإذا كان عقل سيدة واحدة يذهب بالرجل إلى ما وراء الشمس، فما الذي ستفعله ثلاثة عقول غاضبة متعطشة للانتقام؟

الفيلم إنتاج 1996 من بطولة دايان كيتون وجولدي هون وبيت ميدلر وإخراج هيو ويلسون.

أربعة افلام انتقام المرأة قامت على خط انتقام نساء من رجال دون أن يتم إيذاء الرجل جسديًا، ففي النهاية المرأة السوية لا تحبذ استخدام العنف طالما لم تستدع الأمور ذلك، ولم يجبرها الرجل على استخدامه.

يُلاحظ أيضًا أنه بمرور الزمن تصبح عملية الانتقام أسهل وأكثر متعة للمرأة، ففيما كانت نساء الأبيض والأسود يتألمون عندما كانت خطتهم في طور التنفيذ. كانت النساء العصريات تقمن بالمضي في خطتهن في قالب من التشفي والكوميديا والضحك بعد توجيه كل ضربة مؤلمة إلى الرجل.

عادةً عندما يخون الزوج زوجته، فإن الزوجة هي التي تسعى للانتقام، ولكن أن تقوم العشيقة بالتخطيط للانتقام فهو أمر غير مألوف، ولكنه بالتأكيد أمر وارد الحدوث.

هذا هو ما استعرضه عام 1987 فيلم Fatal Attraction من بطولة جلين كلوز ومايكل دوجلاس وإخراج أدريان لين، والذي تم تعريبه إلى فيلم “نزوة” في 1996 من بطولة يسرا وأحمد زكي وإخراج علي بدرخان.

تدور القصة حول زوج من السهل أن يقوم بخيانة زوجته مع أي امرأة جميلة، وهو ماحدث بالفعل، ولكنه سرعان ما يندم أشد الندم على فعلته تلك، ليس بسبب زوجته، ولكن بسبب تلك المرأة المجنونة شريكته في النزوة، والتي أصبحت تطارده في كل مكان، مهددة إياه بكشف أمره لزوجته، ثم أصبحت تهدد سلامته الشخصية وسلامة أسرته كلها، يعترف الزوج لزوجته بأنه قد خانها، فمهما كان ما ستفعله به زوجته، لن يصل إلى ربع ما تفعله به تلك المرأة المجنونة.

ما يحدث عادةً عندما يقابل كاتب مشهور أحد معجبيه هو أن يكون اللقاء لطيفًا ويترك أثرًا طيبًا، ولكن ما الذي قد يحدث إذا قابل هذا الكاتب أحد المعجبين المهوسيين والغاضبين؟

هذا هو ما يخبرنا به فيلم ميزري المأخوذ عن رواية لأديب الرعب ستيفن كينج، والذي تم إنتاجه عام 1990 من إخراج روب رينر ومن بطولة جيمس كان وكاثي بيتس.

تدور الأحداث حول كاتب سلسلة روائية شهيرة يتعرض لحادث سيارة في مكان نائي، ويتم إنقاذه على يد سيدة تبين أنها واحدة من أشد المعجبين به، تمر الأيام وهي تراعي الكاتب بعد الحادث الذي تعرض له، ولكن ما يبدو مساعدة ومراعاة، سرعان ما نفهم حقيقته بأنه احتجاز وانتقام لما فعله الكاتب بالشخصية العزيزة على قلبها، لذا تقوم بحبسه وتهديده حتى يقوم بكتابة رواية جديدة تتضمن نهاية سعيدة لبطلها المفضل.

هل يمكن أن تنتقم المرأة من زوجها عن طريق إقناعه بأنها خائنة وأن زوجها ليس الأب الحقيقي لابنهما؟ هذا هو ما فعلته نيللي بمحمود ياسين في فيلم العذاب امرأة الذي تم إنتاجه عام 1977 من إخراج أحمد يحيى.

يدور الفيلم حول فتاة مدللة من عائلة ثرية، تصمم على الزواج من طبيب شاب مكافح، ولكن فور أن يحقق زوجها نجاح كبير في عالم الطب ويتم استضافته في البرامج التليفزيونية، تأكل الغيرة والشك قلب الزوجة، وتحيل حياة زوجها جحيمًا ببرودها الشديد وهي تحاول أن تقنعه أنه ليس والد ابنهما الحقيقي، وأنها لم تكن مخلصة له، وأنه سيظل طوال عمره في شك هل هو والد الطفل أم لا.

فلا توجد أي تحاليل تثبت أنه والد الطفل الحقيقي (لاحظ أننا نتحدث في السبعينيات من القرن الماضي لم تكن تحاليل الحمض النووي موجودة وقتها) يخبرها زوجها أنه بطريقتها هذه إما سيُجن أو سينتحر، فتصمم المضي قدمًا في انتقامها حتى يحدث أحد الأمرين.

يُقال أن الفيلم ظل لمدة 3 سنوات لا أحد يريد أن ينتجه خوفًا من قصته غير التقليدية وعدم تقبل الجمهور المصري لها، ولكن ما حدث أن الفيلم حقق إيرادات فاقت خيال المنتجين عند عرضه أخيرًا في دور السينما.

هل يظن الرجال أنه فقط لأنهم لم يُكشفوا من قِبل زوجاتهم فهم في أمان! بل هل يظن الرجل فقط لأنه مسالم وناجح وطيب ومحبوب يجعله في منأى عن انتقام النساء؟ الأمثلة السابقة توضح مدى سذاجة هذه الفكرة، فالأنثى غير السوية تستطيع ابتكار الأسباب لكي تقوم بالانتقام من الرجل، على أشياء حتى لم يقم بفعلها.

لذا على الرجال الانتباه عند تعاملهم مع المرأة بشكل عام، وإذا قاموا بإيذائها بدنيًا أو نفسًيا بشكل خاص. فإن قررت الأنثى الانتقام منهم، تأكد من أنها ستحصل على انتقامها بشكل كامل، و افلام انتقام المرأة التي تم ذكرها في هذا المقال، ليست سوى نبذة صغيرة عمّا يمكن أن يصيب الرجل منها.