فيلم Smile.. حين تتمنى ألا يبتسم أحد في وجهك بعد الآن!
7 د
يقول سيد الرعب ألفريد هيتشكوك: "الطريقة الوحيدة للتخلص من مخاوفي هي صنع أفلام عنها". تُعدّ أفلام هيتشكوك من كلاسيكيات سينما الرعب والإثارة النفسية، حيث إنه قلب موازين أفلام الرعب التقليدية وتناول الرعب من منظور مختلف عما كان متداولًا.
في زمننا الحالي، وبعد انتشار منصات التواصل الاجتماعي -السوشال ميديا- ومنصات العرض المدفوعة وقنوات الكيبل، أصبح من العسير إثارة خوف المشاهد الذي اعتاد على ثيمات الرعب الخاصة بمصاصي الدماء والمذؤوبين والسحرة، لذلك توجّب على صانعي هذه الأفلام البحث عن رعب غير معروف لإثارة بعض الخوف في هذا المشاهد الذي اعتاد كل شيء، وجذبه إلى قاعات السينما فقط ليشعر ببعض القلق والإثارة.
وهو ما فعله فيلم الابتسامة Smile، والذي حقق ويحقق نجاحات كبيرة في دور السينما منذ إطلاقه في 30 سبتمبر/أيلول، وسنتناول في هذا المقال مراجعة أشهر فيلم رعب حاليًا، فيلم Smile. في البداية لابد من الكلام عن الطريقة الغريبة و المتفردة التي تم ترويج الفيلم من خلالها.
اقرأ أيضاً: أفضل أفلام توم هاردي.. القائمة الكاملة لأعمال نجم هوليوود الوسيم
حملات ترويج غريبة ومختلفة
شهدت بطولة الـ LMB الأميركية للبيسبول، وجود بعض الأشخاص يبتسمون بطريقة مخيفة مقلقة، يمكن تسميتها ابتسامة صفراء، مرتدين قمصانًا كتب عليها كلمة Smile طيلة وقت المباراة، ما أثار قلق البعض وضجّت جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بهذه الصور ليتضح أن ما حدث كان إعلانًا ترويجيًا عبقريًا للفيلم المرتقب، والذي لا يزال يحقق أرقامًا مرتفعة في شباك التذاكر في الولايات المتحدة وبقية العالم. ولعلّ طريقة التسويق والترويج هذه كانت سببًا في هذا النجاح.
في البداية تقرّر عرض الفيلم على منصات الإنترنت، ولكن بعد عرضه على مجموعة صغيرة من المشاهدين الذين أبدوا إعجابهم الشديد به، قررت شركة الإنتاج عرضه في دور السينما، وحاليًا يتصدر الفيلم شباك التذاكر للأسبوع الثاني على التوالي جانيًا أرباحًا تفوق بكثير كلفة إنتاجه.
معلومات الفيلم
- إخراج: باركر فين
- كتابة: باركر فين
- طاقم العمل: سوزي باكون - جيسي آشر - كاتلين ستايسي - كال بين - روب مورغان
- مدة الفيلم: 155 دقيقة
- التقييم على IMDb: هو 6.9 من 10.
- التقييم على Rotten tomato: هو 78%
- سنة العرض: 2022
- إنتاج: باراماونت بيكتشرز
حبكة فيلم Smile.. قصة الابتسامة القاتلة
يبدأ الفيلم أحداثه من إحدى المصحات النفسية، حيث تلتقي الطبيبة روز كوتر بمريضة تدعى لورا ويفر تعاني من هلاوس غريبة، تحاول لورا شرح ما تمر به لطبيبتها في أثناء الجلسة، حيث تبدأ الكلام عن كيان غريب يتخذ أشكال أناس مختلفين تعرفهم لكن ما يجمع بينهم شيء واحد فقط ابتسامة صفراء شريرة. فجأة وبلا أي سابق إنذار تبدأ لورا بالصراخ بألم شديد فتجري الطبيبة لطلب المساعدة، ولكن حين تستدير تجدها تبتسم بطريقة مرعبة قائلة إنها ستموت وإن الجميع سيموتون ثم تقوم بقتل نفسها بطريقة دموية.
لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث المخيفة غير القابلة للتفسير في حياة روز كوتر، حيث تنقلب حياتها إلى جحيم حقيقي وتجبر على مواجهة ماضيها المؤلم كي تنقذ حاضرها، وسط عدم تصديق أختها وخطيبها والمحيطين بها لما يحدث بسبب تصرفاتها الغريبة غير المنطقية والتي لا تدري لها سببًا، فيما تحيط بها الابتسامات المخيفة. تتسارع أحداث الفيلم بوتيرة مشوقة، تحفز المشاهد لما هو آت في محاولة لكشف غموض هذه الابتسامات المرعبة واستعادة الحياة الطبيعة للطبيبة، التي لا ذنب لها سوى محاولة غير مجدية لمساعدة مريضتها.
تجربة إخراجية أولى مبهرة
كتجربة أولى أثبت باركر فين أنه مخرج متمكن، يستند الفيلم أساسًا إلى فيلم قصير أخرجه باركر نفسه، تحت اسم Laura hasn't slept. فقد تمكن من تحويل فيلمه القصير إلى فيلم روائي طويل مبهر بصريًا، بكادرات رائعة وألوان قاتمة وانتقالات سريعة تواكب نوعية الرعب المقدم في العمل، حيث اعتمدت الأحداث على ما يسمى بالـ Jump scares أو الرعب الذي يجعلك تقفز، فقد جاءت هذه القفزات في أماكنها الصحيحة مبتعدة عن التكرار والملل، أضف لذلك الأداء المتقن والجميل من بطلة العمل سوزي باكون وحركة كاميرا باركر فين السريعة، وستضمن شعورك بالرعب عندما تشاهد الفيلم.
ليس من السهل أن تكون تجربتك الإخراجية الأولى فيلم رعب، لكن فين كان قادرًا على المزج بين الابتسامة والأحداث الدموية المرعبة فقدم بذلك رعبًا من نوع مختلف تمامًا.
موسيقى تصويرية ونظام صوتي مميز
لا ريب أن الموسيقى ركن أساسي ومهم في أي عمل سينمائي أو تلفزيوني، لم يعتمد صناع الفيلم على رعب الصورة فقط، بل كان لموسيقى العمل الاستثنائية دور مميز. فقد كانت موسيقى الفيلم التصويرية مرعبة بحد ذاتها حاملة لشعور الترقب ومهيّئة للقادم في أي لحظة، ما جعل الفيلم تجربة سينمائية متميزة حمّست الجمهور لدخول الفيلم في قاعات السينما، وقد نال النظام الصوتي الخاص بالفيلم أصداء إيجابية واسعة، فقد نقلت المشاهد إلى داخل أجواءه المخيفة المشوقة.
الأداء التمثيلي في فيلم Smile
من أصعب الأمور على أي ممثل أن يقوم بدور الشرير أو الشخص المرعب، دون أن يظهر مهرجًا مبتذلًا، وقد استطاع أبطال العمل تحقيق هذه المعادلة بالموازنة بين الأداء المقنع وتعابير الوجه المخيفة، خاصة أن الرعب في الفيلم يرتكز على الابتسامة التي تبث الرعب في القلوب.
ولعل أفضل أداء يعود إلى بطلة العمل سوزي باكون التي جسدت ببراعة مأساوية دور الطبيبة روز كوتر الساعية دومًا إلى مساعدة مرضاها ناسية نفسها وأزماتها وماضيها، والتي وقعت ضحية لأحداث لا تفسير لها جعلت حياتها جحيمًا مطبقًا، ما يدفعنا إلى التعاطف معها والتعلق بالشخصية إلى نهاية الفيلم. ولابد من الإشادة بدور كاتلين ستايسي التي قامت بدور المريضة لورا ويفر والذي على الرغم من قصره إلا أن ابتسامتها ومشهد انتحار شخصيتها كانا أبرز مشاهد الفيلم والمحرك الأساسي لأحداثه.
جاء أداء الممثلين ليكون أبرز نقاط قوة العمل إضافة إلى ما سبق ذكره من الموسيقى والإخراج المتميزين المتكاملين.
قصة رعب غير مطروقة بعيدة عن الابتذال
كما سبق وقلنا فإن من الصعب إثارة رعب المشاهد في زمننا الحالي، حتى إن أفلام الرعب قلّما تنجح وتترك أثراً يذكر، لذلك كانت قصة فيلم Smile المتميزة، سببًا قويًا في النجاح الذي حققه. هل تخيل أحد أن تكون الابتسامة التي دائمًا ما كانت رمزًا للمحبة والود والألفة سببًا للرعب والقلق والخوف؟ كانت هذه نقطة قوة الفيلم في الحقيقة، رعب أصيل غير مطروق، بحبكة درامية تشويقية وطبعًا القفزات المرعبة خلال الفيلم والتي لا بد منها لجعل المشاهد متحفرًا وقلقًا طوال فترة العرض منتظرًا ليرى من سيبتسم في وجوهنا لاحقًا، لقد نجح باركر فين في كتابة وإخراج عمل سينمائي ينتمي إلى تصنيف الرعب، لن يُنسى زمنًا طويلًا.
بعض الانتقادات التي طالت الفيلم
على الرغم من الإشادات الكثيرة التي نالها الفيلم من عدد من النقاد والمشاهدين إلا أنه لم يسلم من بعض الانتقادات التي طالت نهايته بالذات، حيث وجدها بعض المشاهدين متوقعة جدًا ومكررة في العديد من أفلام الرعب وغير ملائمة لسير الأحداث. كما وجد البعض مدة الفيلم طويلة نسبيًا حيث إن مدته كانت 115 دقيقة، ما جعل بعض الأحداث تتمطط قليلًا في رأيهم. وبالطبع كعادة النهايات المفتوحة فإن البعض الآخر رأى أنها نقطة ضعف في عمل متكامل، وأنها تفتح بابًا لصنع أفلام أخرى متممة قد لا ترقى لمستوى الفيلم الأصلي.
على الرغم من كل هذه الانتقادات لكن لا يمكن إنكار أن فيلم Smile نجح نجاحًا كبيرًا وأصبح حديث السوشال ميديا في كل أرجاء العالم، وقدم لنا رعبًا أصيلًا مختلفًا في عالم أصبحت فيه أغلب أفلام الرعب أفلامًا فاشلةً مملةً.
عالج صدماتك وتعامل معها بحذر ولا تغطها بابتسامة مزيفة!
لا يحمل كل فيلم رسالة بالضرورة، بعض الأفلام تصنع لأجل الفن والتسلية، لكن لعل فيلم الابتسامة حمل رسالة لكل أولئك الذين عانوا من صدمات نفسية كي لا يتجاهلوا ما مرّ بهم، ويغطوا على ألمهم بابتسامة مزيفة يواجهون بها العالم، كما فعلت روز كوتر التي لم تتعامل مع صدمة وفاة أمها المأساوية وحاولت مساعدة مرضاها في تخطي صدماتهم ناسية أن تتخطى صدماتها الخاصة.
في الختام ينبغي القول إن هذا الفيلم يعد تجربة ممتعة مسلّية بعيدة عمّا عهدناه من أفلام الرعب، إنه قصّة مؤلمة مقدمة في قالب من الرعب والكوميديا السوداء وبعض من الحقيقة، لقد بعث الفيلم برسالة توضح كيف يؤثر الخوف على حياتنا ويحيلها جحيمًا، وكيف ينبغي علينا التعامل مع دواخلنا، إن لكل إنسان أسراره وماضيه وخبايا نفسه، لكن لو فقد سيطرته عليها سينقلب الأمر عليه وعلى من أحبهم.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.