تريند 🔥

📱هواتف

مراجعة مسلسل Shrinking.. معرفة ظلامك هو أفضل طريقة للتعامل مع ظلام الآخرين

مسلسل Shrinking
ساندي ليلى
ساندي ليلى

7 د

يقول عالم النفس الشهير كارل يونغ: "إن معرفة ظلامك هو أفضل طريقة للتعامل مع ظلام الآخرين"، نحن البشر أشد تعقيدًا مما يمكن لأي كان تصوره، إننا متقلبون متفاعلون مع محيطنا، أشبه بورقة بيضاء فارغة، كل خط يرسم عليها يبقى مدى الزمن، مع بداية القرن العشرين، ظهر عالم غريب الأطوار يدعى سيغموند فرويد، حاول اختراق الغابة المظلمة المجهولة المعروفة باسم النفس البشرية، وانتشرت من بعد ذلك عيادات الطب النفسي والتحليل النفسي، ذلك أنه ومع تقدم الحضارة أصبح الإنسان بحاجة ماسة إلى من يساعده على تخطي المصاعب والأحزان والكوارث الحاصلة في حياته، وكالعادة كان للفن دور مهم في نشر التوعية بأهمية الصحة النفسية، عن طريق الأفلام والمسلسلات المختلفة، وها هي ذي منصة آبل بلاس تطلق مسلسلها الجديد Shrinking الذي حقق نسبة مشاهدات مرتفعة مع إصدار أول حلقتين منه، وسنقدم في هذا المقال مراجعة لهما.


معلومات العمل

فيديو يوتيوب
  • كتابة بيل لورانس، جايسون سيغال
  • طاقم العمل جايسون سيغال، هاريسون فورد
  • تاريخ العرض 27 يناير/ كانون الثاني 2023
  • عدد الحلقات 10 حلقات
  • التقييم على IMDb هو 7.7/10
  • التقييم على Rotten Tomatoes هو 82%

قصة مسلسل Shrinking.. فاقد الشيء لربما يكون الأقدر على إعطائه

تدور قصة المسلسل حول جيمي الطبيب النفسي، الذي يعاني وبشدة من الحزن والذنب، وهذا بإمكانك استشعاره منذ اللحظة الأولى، ذلك بعد فقدانه لزوجته التي قتلت في حادث سير، تاركة إياه وحيدًا مع ابنته المراهقة أليس.يعمل جيمي في عيادة نفسية مع اثنين من زملائه، غابي المرحة الذكية وفيل العجوز غريب الأطوار المساند الأول لجيمي، الذي يخفي تحت قسوته وبروده ضعفًا حقيقيًا.

بعد مرور عام كامل من الضياع والانفصال عن ابنته التي أهملها تمامًا، حتى أصبحت تمضي أكثر وقتها عند جارتهم، وإهمال أصدقائه أيضًا خاصة صديقه المقرب، لكن عندما أدرك مدى الألم الذي سببه لابنته يقرر جيمي أن يسترجع حياته ويتخطى حزنه ويستعيد علاقته مع ابنته بأي طريقة، كما أنه ينتبه أخيرًا إلى مدى السوء الذي وصلت إليه حياته، حيث إن دماره النفسي هذا بدأ بالتأثير على عمله. فيقرر فجأة مساعدة مرضاه بطريقة غريبة مخالفة لأخلاقيات المهنة، حيث إنه يخبرهم بما يفكر فيه دون أي مجاملة أو تورية، ويدفعهم إلى القيام بأمور مختلفة لا يحق له التكلم عنها أصلًا، راميًا كل تلك القواعد المتعلقة بالحفاظ على مسافة مهنية مع المرضى عرض الحائط، ما يغير حياتهم وحياته أيضًا، حيث يبدأ شيئًا فشيئًا في استعادة توازنه، والتعامل مع ألمه وهشاشته النفسية، ويبدأ في محاولة التواصل مع ابنته المراهقة بعد ابتعاده المطلق عن كل ما يتعلق بحياتها، وتتتابع أحداث العمل في أجواء لطيفة من الكوميديا الممزوجة بالألم المميزة المختلفة عما قدم سابقًا من أعمال.


قصة جديدة غير مطروقة وكوميديا بعيدة عن الابتذال

في الواقع، الأعمال التي تناقش المشاكل الخاصة بالصحة النفسية قليلة، وأغلبها يعرض المشكلة من وجهة نظر فلسفية أو درامية، ولا تقترب إطلاقًا من الطبيب المعالج، بل تركز على المريض ومشاكله لا أكثر، أما تقديم قصة حزينة عن طبيب نفسي محطم غارق في الألم بطريقة رائعة مختلفة، تحول الحزن إلى ابتسامة، فهذا شيء تفرد به مسلسل Shrinking، إذ إنك طيلة الأحداث ستجد ما يجعلك تضحك من قلبك، على الرغم من الحزن الذي تحمله القصة.

قد يبدو المسلسل للوهلة الأولى قصة أخرى عن التأقلم مع الحزن ومحاولة التعافي، إنه أكثر من ذلك، إنه عمل مؤلم مغلف بكوميديا ذكية بعيدة عن أن تكون مجموعة متلاحقة من النكات المبتذلة والمواقف المكررة في ألف عمل سابق، فجميع الشخصيات المقدمة كانت ظريفة مضحكة في حواراتها أو في المواقف المحرجة الغريبة التي تقع فيها، بأجواء تذكرنا بمسلسل منصة آبل بلاس الناجح Ted lasso، في الواقع الفريق الذي قدم Shrinking هو نفس الفريق الذي عمل على مسلسل Ted lasso الأمر الذي لربما يبرر الألفة الموجودة عند من شاهد تيد المدرب اللطيف، قد لا تكون فكرة مسلسل Shrinking كبيرة أو ضخمة، لكنها وعلى الرغم من بساطتها، نفذت بحب وشغف كبيرين، وكوميديا حقيقية تنتزع الضحكة من القلب.


تناغم وكيمياء واضحة بين طاقم العمل، مع تقدمه في السن هاريسون فورد ما زال رائعًا حقًا

من الصعب إيجاد انسجام حقيقي بين طاقم تمثيل أي عمل كان، وكثير من الأعمال على الرغم من إتقانها نالت كثيراً من النقد بسبب النفور الواضح بين الأبطال، الأمر الذي ينعكس على تقبل المشاهدين وانسجامهم مع الأحداث. لكن Shrinking خرج من دائرة الخطر هذه تمامًا، فالانسجام والتناغم بين الطاقم كان واضحًا للغاية، إذ إن اختيارهم جاء موفقًا بلا أي شك، كالانسجام الذي نراه واضحًا جميلًا بين ليز التي ترى أليس بديلًا عن أطفالها الغائبين، وأليس التي ترى في ليز بديلًا عن أمها الراحلة وأبيها المهمل الغائب عن حياتها، أما الثلاثي النفسي غابي وفيل وجيمي فكانوا على الرغم من غرابة أطوارهم وتنافر شخصياتهم منسجمين كزملاء عمل وأصدقاء مضحكين حقًا.

لكن الكيمياء الأكثر وضوحًا وجمالًا كانت بين جيسون سيغال، الذي أحببناه في دور مارشال إيريكسون الصديق اللطيف الوفي في مسلسل How I met your mother، والأسطوري هاريسون فورد أو إنديانا جونز الشخصية التي قدمها فورد في سلسلة أفلام حققت شهرة ونجاحًا خياليًا، حيث إن هذين الاثنين هما أساس العمل الحقيقي، فانسجامهما اللطيف وحواراتهما الكوميدية وتلك العلاقة المميزة التي تجمعهما كل هذا انعكس بشكل إيجابي على الأحداث ككل، وأشعر المشاهد أنه واحد منهم. ولا بد لنا من القول إنه وعلى الرغم من التقدم في السن لا يزال هاريسون فورد جذابًا رائعًا قادرًا على خطف الأضواء لحظة ظهوره وخطف قلوبنا أيضًا.


كتابة ذكية، تقدم سريع للأحداث، ونمو واضح للشخصيات

على الرغم من كون العمل كوميديًا، إلا أن الأحداث كانت بعيدة عن البطء؛ فقد شهدت الحلقتان التمهيديتان الكثير من الأحداث المتسارعة التي كانت كافية لتقديم القصة وجذب المشاهد إلى متابعة العمل وإدخاله في أجوائه. كما لم تكن الشخصيات سطحية أحادية البعد فكل شخصية قدمت في الحلقة الافتتاحية كانت مميزة بطريقتها الخاصة وشهدت شخصيات المسلسل تطورًا واضحًا ملموسًا مع نهاية أول حلقة، ما يعد بالمزيد من التطورات لاحقًا.

إذ يبدو أن كل شخصية في هذا العمل تمتلك ظلامها الخاص بها ومشاكلها التي تؤثر على مجريات الحياة، فجيمي الذي يبدو شخصًا ضائعًا مستهترًا، نكتشف أنه الأرمل الذي يعاني من الحزن وعقدة الذنب بعد رحيل زوجته التي تشاجر معها قبل موتها مباشرة، ونبدأ شيئًا فشيئًا باكتشاف سبب حزنه هذا والتعاطف معه، أما ليز جارة جيمي التي تبدو جارة طيبة لطيفة تعتني بطفلة صديقتها الراحلة، فقد كشفت الأحداث أنها في واقع الأمر تعوض افتقادها لأطفالها برعاية أليس في كل شؤون حياتها، حتى لم تبق مكانًا لأبيها.

فيل العجوز الذي يبدو لنا قاسيًا باردًا في بداية الحلقة، نرى منه جانبًا آخر حساسًا في تعامله الأبوي مع أليس، التي يبدو أنها تلجأ إليه طيلة الوقت، وتعامله مع جيمي الضائع المدمر، وبإمكاننا توقع قصة مؤلمة للغاية خلفه ستكشفها الحلقات القادمة، أما غابي المرحة المهووسة بزجاجة المياه الخاصة بها، تبدو في البداية شخصية سطحية سخيفة مهووسة بجمالها، لكنها تخفي في أعماقها الكثير من المعاناة، كما أنها صديقة وفية ومضحكة حقًا، كل هذه الشخصيات كانت أعمق مما يبدو الأمر عليه، كل واحد من هؤلاء يخفي داخله أسرارًا ستكشفها الحلقات القادمة، لكن الواضح هو أن كتابة الشخصيات كانت ذكية متقنة.

لقد نجحت الحلقة الأولى في نسج العالم الذي تدور فيه الأحداث، وجعلتنا قادرين على التعاطف مع كل فرد من أفراده، وبالطبع سنكتشف المزيد عنهم جميعًا خلال الحلقات القادمة، لكن ما قدم حتى الآن، كان كافيًا كي نفهم دوافع كل شخصية في العمل ونحبها أيضًا.


جميعنا نحمل ظلامًا في داخلنا حتى الطبيب النفسي

ذو صلة

تفردت منصة آبل بلاس في عرض مسلسلات أقل ما يقال عنها إنها مميزة، هذا العمل كان مميزًا أيضًا بطريقته الخاصة، إذ إنه عادة ما يتم تصوير الطبيب النفسي على أنه الشخص الذي بيده كل الحلول، كل ما عليك هو أن تجلس وسيقدم لك الحل السحري كي تصبح حياتك أفضل. لكن Shrinking قدم نظرة مختلفة عن عالم الطب النفسي، فصاحب الحل السحري هنا يعاني الكثير في حياته، ولعل معاناته هذه جعلت منه طبيبًا أفضل يتفهم الألم الذي يعيشه مرضاه، ويحاول بطرق بعيدة عن التقليدية مساعدتهم ومساعدة نفسه أيضًا، بعد أن أدرك أن ألمه ينعكس على من يحبهم أيضًا، إن تحويل الألم والحزن إلى كوميديا جميلة كهذه هو أمر ينبغي الثناء عليه.

إن كل شخص يمتلك ظلامًا في داخله فلا أحد أكبر من الألم، وطلب المساعدة في الوقت الملائم يوفر الكثير من الدمار والمشاكل لاحقًا، سواء على نفسك أو على من تحبهم، تلك هي رسالة العمل الذي لا يزال يعد بالكثير في القادم من الحلقات بعد بداية رائعة للغاية.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة