أفضل كتب وروايات الأديب د. أحمد خالد توفيق

كما هي العادة، بدأ الشهر الجديد ونستعد في أراجيك لنقدم لكم مجموعة جديدة من المقترحات الخاصة بالكتب والروايات المميزة التي تستحق أن تقرؤوها وننتظر منكم أن تمدونا بقوائم قراءتكم المميزة كذلك.

بالتأكيد كان التفكير الأول لدينا هذا الشهر هو ترشيح أعمال للكاتب الكبير المحبوب د. أحمد خالد توفيق. فمع رحيله الشهر الماضي عن دنيانا وتركه فراغاً كبيراً في الساحة الأدبية وفي نفوس محبيه، كان من الضروري أن نقدم عدداً من أعماله المميزة، سواء لتذكرة محبيه بها ربما يودون إعادة قراءتها أو ليتعرف عليها من لم يقرأ له من قبل.

لذا فهذه الترشيحات اليوم جزء من تذكر رجل نحبه ونفتقده ونعترف له بالجميل على ما أصبح عليه عدد كبير منا.. لذا لننطلق في عوالم أحمد خالد توفيق.

روايات وكتب د. أحمد خالد توفيق

من هو أحمد خالد توفيق؟

د.أحمد خالد توفيق ولد في 10 يونيو 1962 وتوفي في 2 أبريل 2018 إثر أزمة قلبية، جرب الكثير من الفنون ككتابة الشعر والرسم والكتابة الأدبية بل والعلوم كذلك كالعمل كمبرمج لعدد من لغات الكومبيوتر، كل هذا وهو يمارس عمله كطبيب طب مناطق حارة وأستاذ جامعي بكلية طب طنطا، التي عاش ومات وهو مستقر فيها.

منذ عام 1992 بدأ في الكتابة بشكل احترافي، حيث صدرت له الرواية الأولى “أسطورة الرجل الذئب” من سلسلة ما وراء الطبيعة عام 1993، وتوالت السلاسل تباعاً سلسلة فانتازيا ثم سلسلة سافاري، بالإضافة لعشرات الكتب التي تحوي تنويعات بين القصص القصيرة والمقالات، وعدد من الروايات المترجمة، كتب في مجالات عدة منها أدب الرعب والفانتازيا والقليل من أدب الخيال العلمي والكثير جداً من المقالات. وقد أثر في جيل كامل من الشباب بكتاباته، سواء كانوا قراء أو تحولوا لكتاب موهوبين هم أيضاً، وقد لقب إعلامياً بالعراب، ورغم عدم حبه شخصياً لهذا اللقب، ولكن معناه ترك أثراً كبيراً في نفوس الشباب فهو الأب الروحي لأغلبية الجيل اللذين تأثروا حتماً بأحمد خالد توفيق أدبياً وإنسانياً.

سنحاول في عرضنا التالي التنويع بين الروايات الثقيلة والخفيفة والقصص القصيرة وكتب المقالات لنلقي الضوء على كافة جوانب الكتابة التي برع بها هذا الكاتب العظيم.

يوتوبيا.. الحياة بعد المحرقة

“غضبتي عليكم كغضبة أنبياء العهد القديم على قومهم، فمنهم من راح يهلل ويغني عندما حاصر البابليون مدينتهم… لقد شعر بأن اعتباره قد تم استرداده أخيراً حتى ولو كانت هذه آخر نشوة له… إنني ألعنكم يا بلهاء… ألعنكم”

الرواية من نوعية الدستوبيا (هي عكس كلمة يوتوبيا/المدينة الفاضلة) أي عكس اسمها تماماً، وهو الأمر الذي يوضح الطريقة الساخرة في التعامل مع الأشياء التي ينتهجها أحمد خالد توفيق، فالمدينة القاسية نتاج تحويل المجتمع لطبقية مقيتة، والتي تحولت لنموذج صارخ لدستوبيا اسمها في الرواية يوتوبيا، حيث يظهر هذا التناقض الصريح المعنى بقوة كبيرة.

والرواية تعتبر من نماذج أدب الفانتازيا الذي يتناول فكرة ما بعد المحرقة، أو ما حدث بعد أن انهار العالم، فتنطلق الأحداث في المستقبل بعد أن حل الخراب بمصر وعم الفساد، وانتهت المؤسسات، فقام الأغنياء وصفوة المجتمع بجمع كل ما يمكن جمعه، وبناء مدينة محصنة في الساحل الشمالي لا يدخلها العامة، سميت يوتوبيا، ومع الوقت ساد الخراب التام خارج يوتوبيا فلم يعد هناك حياة أدمية وساد نقص الغذاء حتى أصبح إيجاد كلب معجزة حيث يتم صيده وذبحه وطهيه.

في الوقت نفسه أهل يوتوبيا لم يكتفوا بإفقار وسرقة الآخرين بل إنهم يقومون كذلك بالتغلب على الملل بصيدهم، حيث تخرج حملات لتزجيه الوقت يقوم الشخص فيها بالقتل والحصول على تذكار من القتيل لإثبات براعته ورجولته عند عودته ليوتوبيا.

الرواية سوداوية للغاية رغم إبداعها وتصف الأجواء الكابوسية لذلك العالم ومدى قسوته وتحطم كل شيء به.

---

حظك اليوم.. وبحب برج الحوت

اثنا عشر برجاً.. اثنتا عشرة طريقة للموت

ولعنة تطاردك في كل صوب.. تمر بالأطوار المعتادة: في البداية أنت لا تعرف.. بعد هذا أنت لا تلاحظ… ثم تلاحظ فلا تصدق.. ثم تصدق فلا تعرف ما ينبغي عمله

بالتأكيد لم تكن الأغنية الشهيرة لعمرو دياب عن برج الحوت قد وجدت عندما نشرت هذه الرواية، والتي تعتبر أقل روايات أحمد خالد توفيق حظاً من الشهرة، والقصة بالتأكيد لا تعنى ببرج الحوت فقط وإن كانت تميزه في لحظة ما -يبدو أن هذا البرج محظوظ في الغناء والأدب- ولكن الرواية مسلية لأقصى درجة حيث تعنى تماماً بجو من التشويق والأحداث اللاهثة، حيث اثنا عشر من الأصدقاء والمعارف تتشابك خيوط حكايتهم سوياً لتحكي اثنتي عشرة حكاية متصلة تنتهي كل منها بميتة بشعة لشخص من برج محدد ومع مرور الأحداث تكتشف الكثير عن هؤلاء الشباب وأفكارهم وحياتهم وموتهم كذلك.

---

الغرفة 207 لمحة من رفعت إسماعيل وغرفة شيطانية

في هذه الغرفة يتلاشى الحاجز بين الماضي والمستقبل .. وبين ذاتك والآخرين .. لا تتلصص ولا تختلس النظر عبر ثقب المفتاح .. فقط فلتدر مقبض الباب في هدوء وحذر .. ولتدخل الغرفة رقم 207

الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية متصلة منفصلة، فهناك وحدة موضوع تجمع كافة حكايات القصص وهي حدوثها في الغرفة 207، ولكن كل حكاية عبارة عن قصة منفصلة تنتهي بنهايتها.

العمل يحكي حكاية غرفة في فندق في مرسى مطروح. هذه الغرفة يحدث بها أهوال، يحكي القصص عجوز هو جمال الصواف الذي تخطى السبعين من عمره، وهو يحكي عن القصص التي حدثت في شبابه أو تحدث حالياً لا فرق، وهو أمر يذكرك كثيراً برفعت إسماعيل بطل سلسلة ما وراء الطبيعة، بل أجواء القصص تشعرك أنك في حلقة رعب جديدة من حلقات السلسلة ولكن بشخصيات أخرى.

العمل مشوق ويحتوي حبكات جيدة للغاية وتعمقاً في حياة طاقم الفندق وأفكارهم بشكل جيد، وستقضي معها عدة ساعات ممتعة حقاً.

---

أفلام الحافظة الزرقاء.. حلم السينما الذي لم يتحقق

لستُ ناقداً سينمائياً، وبالتأكيد لم أتعلم مفاتيح هذا العالم الجميل بشكل أكاديمي، لكني أعرف جيداً تلك الأفلام التي هزتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكر طويلاً .. أعرفها وأحتفظ بها جميعاً في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها بالطبع أثمن من أن أقرضها. معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرّفها من يحب.

لو كنت قد سألت د. أحمد خالد توفيق عن حلمه الذي يتمنى أن يتحقق لذكر لك على الفور تحويل أعماله للسينما، التي يؤمن تماماً بأنها الحلم الملون النابض بالحياة والذي يضفي على الكتابة لمسات من عصا سحرية.

للأسف لم يتحقق هذا الحلم في حياة الرجل المبدع، وقد تعثرت أغلب المشاريع التي بدأت في هذا المجال، ولكن حبه للسينما لم يخفت، وهكذا كان له باب ثابت في موقع بص وطل يعرض به أسبوعياً فيلماً جديداً أثر به، أحد الأفلام التي يحتفظ بها في حافظته الزرقاء، لتكتشف أنه لا يقل في النقد عن أي ناقد سينمائي محترف، وهكذا ستعرف الكثير من الأفلام المميزة التي كانت خافية عليك.

وقد تم جمع كافة مقالات الحافظة الزرقاء في كتاب مزود بـCD لمشاهدة المقاطع المعنية في النقد، ولكن مع الضغط المادي تحول الCD لموقع إنترنت يمكنك تحميل المقاطع عبره مباشرة..

---

شربة الحاج داود.. عندما يلتقي الطبيب والأديب سوياً

“شربة الحاج داود اللي بتطرد الدود” علاج سحري يداوي كل شيء تقريباً من الديدان حتى الأورام الخبيثة والعقم والصداع.

لا يجب أن ننسى أن أحمد خالد توفيق طبيب في الأساس وهو ليس كالكثير من الأطباء الذين امتهنوا الأدب أو الفن وقرروا اعتزال الطب، بل ظل يمارس الطب حتى آخر أيام حياته، وكان يقدره بشدة، ومن عرفه من الأطباء وصفه بالمهارة، وهكذا فكثيراً ما يلتقي الجانب الطبي مع الجانب الأدبي في أعماله وعلى رأسها سلسلة سافاري التي يمتهن بطلها الطب، ولكننا اليوم سنتكلم عن كتاب مقالي.

فهذا الكتاب والذي يعتبر تجميعاً لمقالات كتبها الدكتور في عدة مواقع الرابط بينها هو الطب، بعضها مأساوي من شدة الجهل الذي ستراه لبعض الممارسات، وبعضها ساخر للغاية، ولكن الرابط الأكبر هو كونها ممتعة ومفيدة لنقد كل من يصدق أشباه العلم ويؤمن بالخرافات على حساب العلم الحقيقي.

 

---

قصة تكملها أنت.. عندما يقرر الكاتب أن يلعب مع قرائه قليلاً

“ماذا تفعل عندما تحدق في صورة جثة مشوهة وتكتشف أنها صورة جثتك.. بالتأكيد ستجن ذعراً”

اعتاد أحمد خالد توفيق التجريب في الكتابة فعبر 500 عنوان تقريباً قد كتبهم، ستكتشف أنه يهوى التجريب للغاية، أنه روح قلقة تسعى دائماً لكل ما هو جديد، لذا فهذه الروح لم تكن لتترك طريقة أو فكرة داخل الصندوق أو خارجه إلا لتجربها، فمن كتابة الروايات ذات المسارات المتعددة، إلى الروايات التي تحوي ألغازاً يحلها القارئ، إلى أساليب الكتابة متعددة الرواة وأسلوب القصاصات وغيرها وغيرها من التكنيكات العديدة.

وهكذا في هذا الكتاب قرر الدكتور أن يلعب مع قرائه الموهوبين، فكتب فصلاً من رواية رعب حيث مهندس كومبيوتر يكتشف على كومبيوتر زميلته صورة لجثة ممزقة يكتشف أنها صورته وأنها صورة حقيقية غير مفبركة، ويسعى لاكتشاف ما يحدث. وقد كتب الدكتور الفصل ودعا قراءه لكتابة فصل ثان من الرواية وإرساله له وسيختار أفضل فصل من بينهم وينشره، ثم يكتب هو بعده الفصل الثالث ويترك القراء مرة أخرى للتكلمة ليختار من بينهم الفصل الرابع ليكتب هو الفصل الخامس وهكذا دواليك حتى تنتهي الرواية في الفصل التاسع الذي ينهي به الدكتور الرواية.

التجربة ممتعة في أسلوبها وفي نتيجتها التي خرجت بقصة شيقة جيدة، لو فكرت أن كتابها الخمس لم يلتقوا مطلقاً ولم ينسقوا العمل سوياً أبداً، فجمال العمل بالفعل في تفرده.

وقد كتب دكتور أحمد خالد توفيق 5 فصول من الرواية منهم الأول والأخير، وكتب على التوالي الفصول الثانية والرابعة والسادسة والثامنة كلاً من “فلاشندي- تامر الباجوري- مديحة محمد- ريهام إبراهيم”.

---

فانتازيا.. تك تك تك سينطلق قطار أرض الخيال فلا تفوته

ثمة أبطال يمتازون بالقوة.. ثمة أبطال يمتازون بالذكاء الخارق.. ثمة أبطال يمتازون بالحظ العاثر.. ثمة أبطال يمتازون بأنهم لا يمتازون بشيء.. يبدو أن (عبير) من هذه الفئة الأخيرة.

هي السلسلة الثانية لدكتور أحمد خالد توفيق والتي بدأ كتابتها في عام 1995، بعدد “قصة لا تنتهي”، وذلك بعد 3 سنوات من مقابلة والعيش مع العجوز رفعت في ما وراء الطبيعة، وقبل عام من معرفة الشاب حار الدماء علاء عبد العظيم في سلسلة سافاري.

هنا البطلة كعادة أحمد خالد توفيق هي نموذج “ضد البطل anti-hero” عبير عبد الرحمن الفتاة التي أخذت تعليماً متوسطاً ولا تتمتع بالجمال ولا تملك ذكاء خارقاً ولا مهارات مميزة، الواقع أن ما يميزها كما وصفها دكتور أحمد هو أنها لا يوجد شيء مميز بها لدرجة تدعو للدهشة.

ولكنها قد وضعت همها وبؤسها وكل أحلامها في دفتي الكتب، فهي عثة كتب تقرأ كل ما تقع يدها عليه حتى الورقة التي صنع بها “قرطاس الطعمية”.

تركيب البطلة ربط كل فتاة وحتى فتى عادياً لا يملك أي شيء خارق للعادة بالسلسلة بشدة، وما زاد هذا الربط هو قدرة البطلة بواسطة جهاز “دي جي2” على أن تنتقل لعالم الأحلام حرفياً حيث الحلم واقع تعيشه وتسير به وكأنها جزء من فيلم سينمائي، حيث قراءتها تتحول لقصص تعيش بها لتخرج من ردائها العادي وترتدي في الحلم رداء البطولة، فمن منا لم يحلم بهذا يوماً؟

وهكذا عبر 64 عدد -ويقال 65 فهناك عدد أخير لم ينشر بعد ولا نعرف مصيره حتى الآن- تدخل عبير لعوالم الأدب والتاريخ لتصبح جزءاً منها، وعبر روايات قمة في التشويق تتسرب الآلاف من الحروف التي تشكل كلمات ترسخ في قاع جمجمتك عن عوالم عدة لم تعرف بكونها موجودة، فتعرف دقائق شيكسبير وملامح أدب ديستوفيسكي وتتعرف على مدارس الفلسفة التي عانيت منها كمنهج دراسي ولكنك هنا ستهيم بها حباً، بل ستدخل علم النحو واللغة العربية لتكتشف أنك كنت مخطئاً عندما كرهت النحو سابقاً. عشرات العشرات من الحيوات المختلفة في عوالم الأدب والفن والتاريخ من هانيبال للحرب العالمية الثانية للأب الروحي، حتى سوبرمان وباتمان، بل لقد دخلت عبير عالم الكاتب نفسه في رواية ساخرة يتنقد بها أحمد خالد توفيق ذاته باسم “ما أمام الطبيعة”.

سلسلة فانتازيا سلسلة شيقة ومفيدة حقاً، ستشعر معها أنك تزداد معرفة بعد كل عدد تقرؤه.

هذه الأعمال هي غيض من فيض من أعمال خالد الذكر أحمد خالد توفيق، ولكن المساحة لا تسمح لذكر كل ما كتب فهو غزير الإنتاج حتى تخطى 500 عنوان. لقد حرصنا أثناء الاختيار على التنوع، بين ما هو معروف وما لم يحظى بالشهرة الكافية، وبين الروايات والمقالات والقصص والتجارب الجديدة والسلاسل، ليكون كل ترشيح هو عينة عن نوعية أدبية مختلفة قد كتبها الكاتب، لتستطيع بعد ذلك تجربة المزيد والمزيد من أعماله.