أبو عصام

شخصيةٌ خيالية، هو ابن حارة الضبع الدمشقية، عطارٌ وحلاق وطبيب أسنان، والمسؤول عن ختان كل صبيان حارة الضبع. زوج سعاد شقيقة العكيد أبو شهاب، وأبٌ لخمسة أولاد، أبرزهم معتز عكيد الحارة بعد اختفاء خاله العكيد أبو شهاب، وعصام زوج لطفية بنت فريال خانم، وثلاثًا غيرها من النساء.

في عام 2006 عُرض على الشاشات العربية مسلسل سوري اسمه “باب الحارة”. لاقى المسلسل قبولًا جماهيريًا لدى كل المشاهدين العرب، حتى تكاد أيّة فكرةٍ لدى المشاهد العربي عن دمشق العشرينيات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بهذا المسلسل، فقد ظنّه البعض توثيقٌ لدمشق.

مع هذا المسلسل الذي أبى إلّا أن يحل ضيفًا خارجًا عن قاعدة الثلاثة أجزاء، إذا اعتبرنا أنّ الجزء مقابلٌ ليوم الضيف في عادات العرب، دخلت شخصيةٌ اسمها “أبو عصام” إلى كلّ منزلٍ عربي، وأصبح نارًا على علم.

أبو عصام، شخصيةٌ دمشقية لعبت دورًا محوريًا في تصاعد الأحداث في حارة الضبع، ودونًا عن الشأن العام فلهذه الشخصية عوامل ذاتية تميزها هي بمفردها دونًا عن باقي شخصيات حارة الضبع.

وُلد أبو عصام "شوكت"، في زمنٍ ما من نهاية القرن التاسع عشر، وتاريخ ولادته بدقة لا تعرفه حتى أمه، والموعد المسجل في قيود السلطة العثمانية الآفلة لا يُعوّل عليه.

ترعرع شوكت "أبو عصام" في حارة الضبع، وعلى الأرجح أنه تتلمذ على يد والده، وورث عنه مهنته في العطارة والحلاقة والتطبيب وختان الأولاد. مارس مهنته في حارة الضبع، وأصبح أحد أشهر أعلامها، وقد ترجع مكانته المرموقة في حارة الضبع إلى نسبٍ نبيل، ولابد أن مهنته لعبت دورًا في ذلك.

دونًا عما سبق، كان لصفات أبو عصام دورٌ في مكانته بين الناس، فقد تربى على عاداتٍ دمشقيةٍ أصيلة. وهو الرجل الذي عُرف بمواقفه الرجولية والوطنية.

تبدأ صحبة أبو عصام للمشاهدين في الجزء الأول من باب الحارة، وهي على ما يبدو مستمرة طالما هناك "بسام الملا" و"باب الحارة". وقد غاب اضطراريًا عن الحارة لثلاثة أجزاء بالكامل.

تزوج في أوائل شبابه من سعاد خانم، شقيقة العكيد أبو شهاب، وأنجب منها خمسة أطفال. وتزوج للمرة الثانية من الجاسوسة الفرنسية ناديا، التي تقع في غرامه وترفض إلّا أن تُدفن في دمشق بعد وفاتها.

أبو عصام رجلٌ يتقبل الانفتاح والحداثة، إذ لا يجد ضيرًا من تعلم ابنته مهنة التمريض على يد طبيب شاب.شرقي ذو حمية، فهو لم يقبل إهانة زوجته له ولو بكلمة وطلقها بعد أن أنجب منها خمسة أولاد.عمل أبو عصام في الجزء الثامن "محلًا" وهي أن يتزوج رجل امرأة طلقها زوجها ثلاثة مرات، ثم يطلقها لتتمكن من العودة إلى زوجها. وكان أبو عصام محلًا لفوزية "أم بدر" التي طلقها زوجها ثلاث مرات، لكن وبسبب زكرتاوية ورجولية أبو عصام، ترفض فوزية تطليقه بعد أن وضع العصمة في يدها.خلافًا لكل المسلسلات التي تنتهي بموت البطل أو وضع نهاية لقصة أو أضعف الإيمان ترك النهاية مفتوحة أمام تفكير المشاهد، لن ينتهي باب الحارة إلا بموت المشاهد.أولم لرجالات حارته والحارات المجاورة وليمةً يسيل لعاب المشاهدين من المحيط إلى الخليج لدى ذكرها، وما زال الخلاف مستمرًا حول ما إذا كانت الوليمة ستدخل كتاب غينيس أم لا في هذا الشأن.

بدأ أبو عصام مهنةً ناجحةً في العطارة والحلاقة وختان الأولاد وتطبيب أهل الحارة في فترةٍ ما سابقة للسفر برلك، فكان صاحب الدكان التي لا تخلو من الزبائن، وضربت شهرته آفاق حارات دمشق، فما من حالةٍ مستعصية إلا وكان مرجعها أبو عصام.

ولسمعته النبيلة وشهامته التي عُرف بها، كان له شرف الارتباط بسعاد خانم، شقيقة عكيد الحارة "أبو شهاب"، إذ لم يجد الأخير أمام مواصفاتٍ كتلك سببًا لرفض هذا النسب.

يعيش الزوجان حياةً هائنة، فلا همّ ولا غمّ، وتملأ سعاد بيت أبو عصام بالأولاد. كان أبو عصام أبًا حنونًا معطاءً، أجاد تربية أولاده، فنجد تهافت شبّان حارة الضبع على مصاهرته، كما يغدو الزواج من أحد ابنيه حلمًا يراود كثيرات من فتيات حارة الضبع.

كلمة أبو عصام مسموعة في الحارة، فهو الحليم والمفكر وصاحب المواقف النبيلة والكريم، وهو أحد أعمدة اجتماع عضاوات الحارة، ولا قرار يُتخذ بغياب أبو عصام.

تسير الأمور على نحوٍ جيد مع أبو عصام في الجزء الأول، أما في الجزء الثاني وعلى الرغم من أنه يستلم زعامة الحارة في البداية، لكن تكثر الخلافات في بيته مع قدوم لطفيه زوجة ابنه للسكن معهم. وتتصاعد الخلافات في أحد المرات.

تصل الأمور ذروتها في بيت أبو عصام مع طلاق زوجته سعاد، التي لم يشفع لها أنّها شقيقة أبو شهاب، فأبو عصام ليس من النوع الذي ينام على إهانة، لقد قالت له "فَشرت" أي بالعربية الفصحى "خسئت".

لا يرضَ أن يشيع الخبر فينام في دكانه عددًا من الليالي، حتى يكشفه أبو غالب وتُسحب منه زعامة الحارة. لكن ذلك لم يجعله يتوانَ عن دعم ثوار فلسطين، فهو يهرّب ويجمع السلاح لهم باستمرار.

يتعالى على الجراح التي سبّبها له أبو شهاب وأبو القاسم، ويستقبلهما في الحارة بعد العودة من النضال. إنّه الكبير أبو عصام.

يلعب أبو عصام دورًا محوريًا في توحيد حارة أبو النار وحارة الضبع في وجه المستعمر الفرنسي، وينجح في ذلك. ويجنب الحارتين فتنة طاحنة بحكمته ويعود إلى حارته بطلًا، بعد أن أهانه "أبو قاسم" شقيق سعاد.

تبقى جذوة الحب مشتعلة في قلب أبو عصام تجاه سعاد، ويعيدها إلى ذمته في نهاية الجزء الثاني،

يغيب أبو عصام عن الأجزاء الثالث والرابع والخامس، وعلى الأرجح بسبب خلاف مع المخرج. لكن يبدو أنّهما توصلا لتسوية، إذ يعود الحديث عن أبي عصام في الجزء الخامس، وسط أقاويل مختلفة عن سجنه أو هربه وما إلى ذلك.

يشهد الجزء السادس عودته، لكنه يعود متزوجًا بجاسوسة فرنسية تقع في غرامه، ويتزوجها ويقر لزوجته وأولاده بذلك. يواجه بعض المشكلات، لكن وكالعادة، يبدو ان الحُلُم خُلق لأبي عصام، فهو يتجاوز كل المشاكل بحكمته.

يلعب دورًا هامًا في الثورة ضد المستعمر الفرنسي، ولا يبخل بأولاده على الثورة. وما زالت شخصيته في تصاعدٍ مستمر.