ابن الفارض

ابن الفارض شاعر صوفي بارعٌ، يعدّ من أشهر شعراء التصوّف الروحي. ولد في القاهرة عام ١٨١١م  ينتمي إلى أسرة سوريّة من محافظة حماة

ابن الفارض أو سلطان العاشقين شاعر صوفي بارعٌ، يعدّ من أشهر شعراء التصوّف الروحي. ولد في القاهرة عام ١٨١١م  ينتمي إلى أسرة سوريّة من محافظة حماة، أغنى خلال مسيرة حياته المجالات العربيّة الأدبية والروحية، كما جمع في شعره بين الشعر التقليدي والشعر الكلاسيكي والتصوّف الإسلامي، حيث اشتهر بشعره في “العشق الإلهي” ولهذا السبب لقّب بسلطان العاشقين. يعتبر الكثيرون أنّ شعر الشيخ عمر بن الفارض يمثّل نهضة الشعر الصوفي العربي.

بدأ ابن الفارض دراسته في المدرسة الشافعية للقانون ثم تابع دراسة علوم الدين واللغة بناءً على رغبة والده الذي دفعه إلى مجالس علم الفقه والتصوّف. اتبّع منهج الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، سلك بعدها طريق الصوفية  عندما أصبح  شابّاً أمضى حياته زاهداً متعبّداً ثمّ تابع السفر إلى مكّة المكرمة لأداء فريضة الحجّ وعاش هناك خمسة عشر عاماً ثمّ قرّر بعدها الاعتزال والعودة إلى القاهرة والعيش بعيداً عن الناس.

أصبح ابن الفارض عالماً في الشريعة الإسلامية ومعلّماً لأحاديث الرسول ومدرّساً للشعر، وعلى عكس العديد من شعراء عصره الآخرين رفض ابن الفارض رعاية الشخصيات الحكومية الثرية التي كانت ستطلب منه إنتاج شعر للدعاية والمصالح، مفضّلاً الحياة المتواضعة بعد أن أخذ الموافقة على تأليف شعره التنويري دون أيّ عائقٍ.
من هنا بدأ ينظّم شعره ويظهر مواهبه، بعدها عاد إلى مصر بمعلومات وأشعارٍ غنيّة حيث أتاحت له تلك العزلة حياةً أخرى وتأمّلاتٍ عميقة في حبّ الخالق وأحوال الكون.

من المعروف أن ابن الفارض نشأ في كنف والده المتدين والذي كان نائب الحكم في القاهرة، وقد دفعه والده للقاء العلماء ودراسة علوم الدين والفقه.

كان ابن الفارض زاهداً متصوفاً قضى أكثر من خمسة عشر عاماً في عزلة تامة، وساهمت تلك العزلة في تكوين شخصيته الفلسفية.

حصل ابن الفارض على لقبه من لسعيه المستمر خلال حياته لفرض حقوق النساء على الرجال.

عاصر ابن الفارض القائد صلاح الدين الأيوبي، وكان شاهداً على سطوع نجمه وانتصاراته.

استلم العديد من المناصب الهامة في الدولة ولكنه بعد التزامه بعزلته وتفرغه للتفكير رفض تقلد أي منصب قد يسبب له التشتت عن مذهبه.

يعتبر ديوانه التائية الكبرى أحد أهم ما كتب في الشعر الصوفي حتى يومنا هذا، وجاء نتيجة لتجربته في مكة المكرمة، ومن أهم  ما قاله حول تجرته هذه:

يا سميري روّح بمكة روحي
شادياً إن رغبت في إسعادي

توفي ابن الفارض ١٢٣٥م في مصر تم دفنه بجوار جبل المقطم في مسجده المشهور.

عُرف ابن الفارض بكونه شاعراً متواضعاً رقيقاً وبأشعاره الجذّابة الجميلة، كانت أشهرها في مواضيع الحبّ التي شهدت تفاعلاً كبيراً من محبّي الشعر العربي لملامستها القلب بكلماتٍ روحيّةٍ سامية، لتنال أشعاره الكلاسيكية الروحانية استحسان النقاد ومدحهم. أصدر ديواناً صغيراً للشعر شكّل تحفةً أدبيّة إذ يعدّ من أحسن الدواوين من ناحية المحتوى الصوفي الغنيّ حيث أنّ أغلب شعره عن الحبّ والغزل الوصفي. لقد امتاز شعر ابن الفارض بكثرة الجناس والطباق والبديع وبرقّة ألفاظ الشعر والمعنى الدقيق والوضوح وجمال الصور الإبداعيّة وتنوّعها. من ناحية الشعر الصوفي شهد ديوانه تجسيد إحساسه المرهف تجلّى ذلك في قصيدة “التائية الكبرى” وأيضاً قصيدة “الميمية الخمرية” أبرز فيها الحبّ الإلهي الإنساني عن طريق التعبير عن عشقه لمحبوبته، واختصر أطوار الحب وحقائقه في الوصال والحبّ وآلامه. من أشهر قصائد ابن الفارض:

تعدّ قصيدة النبيذ من أشهر القصائد التي تحمل تأمّلاً جميلاً للنعيم الإلهي، كذلك القصائد الصوفية التي تعتبر استكشافاً عميقاً للتجربة الروحية على النهج الصوفي. لقد تركت قصائده تعليمات روحيّة عميقة على مرّ القرون إذ ما زالت محفوظةً من قبل الصوفيين والمسلمين المتدينين الآخرين حتّى يومنا هذا.