المعجم الأحادي أم ثنائي اللغة…أيهما الأفضل لتعزيز لغتك أجنبية ؟
4 د
لايمكن الحديث عن تعلم لغة أجنبية دونما استحضار القواميس والمعاجم؛ تلك الكتب الضخمة التي تسع “كل” كلمات اللغة أو أهمها، والتي تخضع بشكلٍ متكرر للتجديد قصد الاستجابة بشكلٍ فعال لمستجدات اللغة ومستلزماتها من إضافات أو تغييرات.
وقد باتت الترجمات السلم المبسط الذي يستخدمه الكثيرون للاطلاع على اللغة الأجنبية والمرور إليها قصد تعلمها أو تقويتها لتظهر بذلك المعاجم ثنائية (اللغة الأم – اللغة الأجنبية) ومتعددة اللغات. وليبدأ التساؤل هنا عن أهمية المعاجم الأحادية والثنائية اللغة وعن كيفية اختيار الأنسب بينهما لتعزيز عملية تعلم اللغة الأجنبية.
إجابة هذا السؤال هي محتوى هذا الموضوع، حيث سنحاول أن نقارن بين المعجمين ونبرز أهم نقاط القوة والاختلاف في استخدام كليهما.
اختيارات المستخدمين
أثبتت دراسات علمية أجريتْ أن المعاجم ثنائية اللغة هي الأكثر استخدامًا بين متعلمي اللغات الأجنبية مقابل نظريها أحادية اللغة. كل المتعلمين، وخاصةً بالنسبة للمبتدئين، فإنهم يجدون استخدام هذا النوع من المعاجم سهلًا وبسيطًا. لكن، هم أنفسهم، يلجؤون للقواميس أحادية اللغة من أجل التأكد من سلامة الترجمة ودقتها، وكما قال (Bogaards (1988 “… الرغبة في التحقق مما نجده في (القاموس) ثنائي اللغة مستخدمين أحادي اللغة يثبت مرة أخرى انعدام الثقة فيما يتعلق بالنوع الأول من القواميس“.
وبالتالي، فالقواميس أحادية اللغة تتمتع بقوة ومصداقية أكبر من نظيرتها، الأمر الذي يجعل من المتعلم، في حال أراد الحصول على معلومة كاملة وشاملة، يلجَأ إليها ويفضلها بدل قاموس الترجمة.
المعجم ثنائي اللغة
تتميز المعاجم ثنائية اللغة، كما أوضحنا في الفقرة السابقة، بسهولة البحث وبساطة المعلومة التي توفرها للمتعلم. حيث أنها، ونظرًا لاحتواءِها على اللغة الأم للباحث، توفر له ما أسماه علماء اللغة ب”الحماية اللغوية”، حيث لايفقد ربطه بلغته الأصل ويتمكن من اعتمادها كوسيلة للانفتاح على اللغة الأجنبية. الأمر الذي يسهل في بداية الأمر عملية التعلم كاملها، حيث يستطيع تقريب هذه اللغة لمحيطه وأساليبها ويتمكن من إسقاطها والبحث عن مقابلات مصطلحاتها في لغته الأم. الشيء الذي يساعده في تسريع وتيرة التعلم.
أيضًا، في جانبها النفسي، تمكن المعاجم ثنائية اللغة من عدم فقدان “الرغبة” في التعلم نفسها، حيث أن المُتعلم، وفي حال وجد نفسه محاطًا في بداية تعلمه بمصطلحات جديدة فقط، دونما أي رابط مع لغته الأم فإنه سرعان ما سيفقد حبه ورغبته في التعلم.
لهذا، وإن كنت في بداية تعلمك للغة الأجنبية، فالأنسب أن تستخدم القواميس ثنائية اللغة باعتبارها البوابة الأمثل التي ستضمن لك التأقلم في بادئ الأمر مع عملية تعلم اللغة الأجنبية.
من جهة أخرى، فإن أهم نقاط الضعف التي تحتويها هذه القواميس هي “عدم وجود ما يعادل كلمة ما في لغة أخرى” أي أن الترجمة الصحيحة – وكما هو متداول – هي ترجمة المعنى وليس الكلمات، وبالتالي فإن دقة الترجمة والمعلومة التي توفرها مثل هذه القواميس غالبًا ما تكون ضعيفة، خاصةً بالنسبة للقواميس العامة غير المختصة.
لهذا، وخلال عمليتك التعلمية، يجب أن تدرك جيدًا أن الترجمة أو المقابل الذي تجده للكلمة المراد البحث عنها، ما هو إلى تقريب للمعنى، وأن تركيب الجمل لايعني أبدًا جمع الكلمات أو ترتيبها، بل هو عملية ضخمة وقواعد يجب تعلمها إلى جانب البحث. فلا تعتبر هذه القواميس مرجعًا فعالًا أو كافيًّا للتعلم.
كما يجب ألا تبني تعلمك للغة الأجنبية على ضرورة المرور بالترجمة، بل يجب أن تتعلم اللغة بشكلٍ مستقل. فكما أخبرتك سابقًا، استخدم هذه القواميس كبوابة للمرور فقط، وليس كوسيلة لايمكن الاستغناء عنها.
المعجم أحادي اللغة
إن المعاجم أحادية اللغة تقدم معلومات شاملة ودقيقة، حيث لاتقتضب في تفصيل الكلمات وشرحها كسابقتها، بل تحتوي على أهم المعلومات حولها والتي قد يحتاجها المُتعلم، كطريقة النطق، وأمثلة في السياق وغيرها… الأمر الذي يجعل منها وسيلة جد فعالة للإلمام بالمعاني بدل التعرف السطحي على المصطلحات أو حفظها عن ظهر قلب.
أيضًا، تمكن هذه المعاجم من الجز بالمتعلم في أحضان اللغة بشكلٍ كاملٍ، حيث تضمن مشاركته الفعالة في العملية التعلمية، وتحريك قدراته الذهنية في الفهم والاستيعاب. فعلى عكس المعاجم ثنائية اللغة التي تقدم الترجمة جاهزة مستخدمة اللغة الأم، دون بذل أي مجهود ذهني لفهم الكلمة، فإن هذه المعاجم تقدم التعاريف على شكلِ جمل باللغة الأجنبية نفسها، الأمر الذي يجعل منها وسيلة فعالة للتعلم نفسه.
فأن تبحث عن معنى كلمة، فهذا المعجم سيقدم لك تعريفًا يتضمن أكثر من 10 كلمات، وبالتالي، فستتعلم أكثر من 11 كلمة في وقتٍ واحدٍ ودون أي مجهود يذكر…
لهذا، وبعد الغوص نسبيًا في اللغة الأجنبية، والتعرف عليها مستخدمًا المعجم السابق، توقف عن الاعتماد عليه، وابدأ بالبحث واستخدام هذا النوع من المعاجم فقط. قد تجد الأمر صعبًا بعض الشيء في البداية، لكن لاتجزع، فمادمت تملك الكثير من العزيمة والرغبة، فالقليل من الصبر كافٍ لتقوي لغتك الأجنبية.
إذًا، أيهما… ؟
في الأخير، وكما أوضحنا سابقًا، فكلا المعجمين مهمين خلال عملية تعلم اللغة الأجنبية، حيث يفضل استخدامهما بشكلٍ متسلسل حسب مستواك من اللغة نفسها. فإن كنت لاتزال في بداية تعلمك فلابأس باستخدام المعجم ثنائي اللغة، بينما، إن كان مستواك جيدٌ، فتوقف عن استخدامه والجأ للمعجم أحادي اللغة من أجل تعزيز لغتك وتقويتها أكثر. ولاتنس مراعاة كل النقاط التي ذكرناها سابقًا.
أيضًا، وبالنسبة للاثنين، لاتنسَ استخدام معجم جيدٍ صادرٍ عن جهة أو مؤسسة لغوية قوية ومهمة، حتى تضمن حصولك على معاني وشروحات أكثر دقة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.