تعليم أطفال متلازمة داون وتطوير مهاراتهم
متلازمة داون Down Syndrome متلازمة الحبّ، هي حالة يولد فيها الشخص بكروموسوم إضافي، يتسبب هذا الكروموسوم بحدوث تأخير في الطريقة التي يتطور بها الطفل عقلياً وجسدياً، وأيضاً يؤدي إلى اختلاف بين الأطفال في الخصائص البدنية والمشاكل الطبية التي ترتبط بمتلازمة داون، حيث يحتاج بعضهم إلى رعاية طبيّة أكثر من أقرانهم.
قد لا نستطيع الوقاية من متلازمة داون، لكن من الممكن التعامل معها على أنّها حالة خاصة لطفل مميّز، لا يختلف عن أقرانه إلا بحاجته لاهتمام ورعاية أكبر، قد يعتبر بعض الأهل أنّ ولادة طفل بمتلازمة داون مسؤولية كبيرة تقع على عاتقهم تغيّر مسار حياتهم وظروفهم، لكن من ينظر إلى الجانب الممتلئ من الكأس يجد أنّ طفل متلازمة داون هو نعمة وملاك قادم من السماء، يمتلك مواهب وذكاء وقدرات وأحلام وإمكانيات كأي طفل آخر، و ن حصل على الرعاية الصحية والنفسية والوعي الأسري والمجتمعي أصبح اختلافه تميّزاً في هذا المجتمع.
منذ زمن ليس ببعيد لم يكن أطفال متلازمة داون قادرين على الالتحاق بالمدارس العادية وتلقي الدروس والتعليم كبقية الأطفال، أمّا اليوم فقد تغيّرت الحال وأصبح الأطفال من متلازمة داون يلتحقون بالمدارس المحليّة، ويتلقون منهجاً تعليمياً شاملاً كبقية الأطفال، يتعلمون به مهارات القراءة والكتابة في سنّ مبكرة. لكنهم يحتاجون إلى اهتمام ودعم من المعلمين والأهل لمساعدة قلوبهم الرائعة لتزدهر وتنتج كأفراد طبيعيين في هذا المجتمع. وقد يحتاج الأطفال من متلازمة داون إلى وقت أطول في المدرسة بالمقارنة مع أقرانهم، لكنهم بالنهاية يصبحون قادرين على الدراسة والعمل وتكوين العلاقات الشخصية والاندماج في المجتمع.
الكتابة عند أطفال متلازمة داون
لا يوجد وقت محدد لبدء تعليم أطفال متلازمة داون الكتابة، بسبب بعض الصعوبات والمشاكل التي يواجهها الأطفال من متلازمة داون في القدرة على الكتابة وذلك لتناقص التوتر العضلي والقوة في الأيدي والأصابع، وهذا التأخر في المهارات الحركية يؤدي إلى تأخر المهارات الأخرى، لذا أولاً يجب تنمية مهارة الإمساك بالقلم والتحكم في كيفية تشكيل الحروف وكتابتها بطريقة صحيحة.
أطفال متلازمة داون كالأطفال العاديين تتفاوت قدرتهم على الكتابة، فبعضهم يتعلم بشكل أفضل من أقرانه، فيجب مراعاة سنّ التلميذ العقلية لا الزمنية، والتدرج في تعليم الكتابة من الأسهل إلى الأصعب، مع التكرار والتشجيع والمثابرة، والاستعانة بأخصائي علاج وظيفي لإعداد الخطط لجعل أنشطة الجانب الحركي جزءاً يومياً مهماً في برنامج الطفل. وإعداد خطة عمل فردية للطفل تراعي نقاط قوته وتلائم تطوره النفسي والجسدي، حتى يستطيع الاندماج مع أقرانه في المدرسة.
القراءة عند أطفال متلازمة داون
قد يكون تعلّم الحروف والأصوات معقداً لدى أطفال متلازمة داون، حيث تتأخر اللغة المنطوقة بسبب التحديات الجسدية كضعف السمع وضعف البصر، مما يؤدي إلى تأخر اكتساب النظام الصوتي ومهارات اللغة الاستقبالية التي تلزم لإنتاج الكلام، لذا يجب بدايةً تدريب الطفل على الصوتيات وهي مهارات ما قبل الكتابة والقراءة، ويبدأ أطفال متلازمة داون تلقي تعليمهم للقراءة على مستوى الصوت في البداية، لأنهم قادرون على مزج الأصوات وزيادة المفردات، ثم يعملون على تهجئة الكلمات الفردية حتى يصلوا لقراءة الجمل كاملة كأي طفل طبيعي، وقد نجحت العديد من التجارب في تعليم أطفال داون قراءة الكلمات الفردية في سنّ مبكرة، وذلك باستخدام البطاقات التعليمية والإشارات المرئية وأجهزة الكمبيوتر، لأنّ الكتابة باللمس تقدم أحرف فردية وتعزز استيعاب الحروف الصوتية.
كما يمكن تقسيم تعليمات القراءة إلى أجزاء يمكن التحكم فيها، مع الكثير من الاستراحات، بالإضافة إلى التعليم بشكل تدريجي، وبناء الدروس على ما تعلمّه الطالب من قبل مع التركيز على الأشياء المرئية، لجعل المعلومات واضحة ومفهومة.
فحين يتلقى طفل داون تعليم القراءة بوقت مبكر فإنه يكتسب مفردات أكثر، وتزداد ثقته بنفسه بفضل مهاراته اللغوية، كما تساعده القراءة إلى جانب لغة الإشارة ليتغلب على صعوبات إنتاج الكلام .
الرياضيات عند أطفال متلازمة داون
رغم العثرات التي يواجهها طفل داون في تعلم الرياضيات نتيجة الخلل في مهارات التسلسل والذاكرة قصيرة المدى، لكن يمكن تجاوز ذلك باستخدام بعض الأساليب التي تنمي القوة التعليمية لديهم، فغالباً مايكون الأطفال ذوو متلازمة داون متعلمين بصريين، حيث يستفيدون من التعلم الملموس لدعم المهارات الرياضية التي يتعلمونها، كاستخدام الألعاب الصغيرة والتماثيل لتحسين تعلم الأرقام. كما أنّ استخدام الرياضيات في التفاعلات اليومية قد يكون مفيداً كحساب العملات المعدنية بواقعية.
وحتى يدرك الطفل ما يتعلمه جيّداً يجب خلق فرص للتمييز بين الاختلافات في الحجم والشكل والكمية ودمج المراجعة جنباً إلى جنب مع إدخال المفاهيم الجديدة.
استراتيجيات عامة لتعليم طفل متلازمة داون
- منحه المزيد من الوقت: فلا يوجد طفلان بمتلازمة داون متماثلان بالقدرات المعرفية، حيث يستغرق طفل ما وقتاً أطول من غيره لفهم المعلومات وحفظها في الذاكرة، فتجب مساعدته لتكرار ما تعلمه في الدرس من خلال تمارين جماعية.
- مساعدته على التركيز: من خلال جعل حلقات التدريس مقسمة إلى فواصل زمنية تتناسب مع استيعاب الطفل، فأغلب أطفال داون يواجهون صعوبة في التركيز لمدة طويلة، فلا تدعه يجلس قرب النافذة أو الباب، وحاول تقليل الضوضاء التي تشتت انتباهه، وساعده ليستخدم أصابعة ويتابع جيّداً.
- دمجه مع أقرانه: ودعمه ليعزز العلاقات من حوله من خلال الأدوار التعاونية والمشاركة بين الطلاب، حتى يتثنى له الاختلاط جيّداً بأقرانه ويزيد ثقته بنفسه ويقلل من قلقه وانطوائيته.
- استيعاب أي ضعف جسدي لديه: ومساعدته ليستفيد قدر الإمكان من الدرس عن طريق تسجيل الدروس، لتصبح متاحة له لاحقاً خاصةً إن كان يعاني ضعفاً في السمع أو البصر.
- تشجيعه دوماً: لأنه يحتاج إلى جهد أكبر ليحقق نفس نتائج أقرانه، لذا هو أيضاً بحاجة إلى المزيد من التشجيع والطمأنينة والثناء ليتطور أكثر ويثابر بثقة وسعادة.
أن يكون لديك طفل لديه متلازمة الحبّ يعني أنّك تملك ذراعاً تطوقك مدى الحياة، نظرته الوديعة كأنّك كلّ أشيائه مع ابتسامته التي تربت على كتفك المنهك، ليلقنّك دروساً في الحب والجمال، ويحمل الفرح على راحتيه وكأنّه ينثر الياسمين أينما حلّ!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.