قلق قرب الامتحان، أسبابه، أعراضه وكيفية التعامل معه؟

قلق ما قبل الامتحان ، أسبابه، أعراضه وكيفية التعامل معه؟
لينـا العطّار
لينـا العطّار

8 د

نقضي ما يقارب خمس عشرة سنة من حياتنا في الدراسة أو ربما يزيد، وفي كل مرحلة منها لابد لنا أن نخضع لاختبار لننتقل للمرحلة التي تليها ونحصل على معدّل يؤهلنا للمتابعة أو الإعادة حتى التخرج من الجامعة، ولا تتوقف الاختبارات عند هذه المرحلة، لكنها تأخذ شكلًا مختلفًا وطابعًا آخر ليس محور حديثنا اليوم، ورغم أنّنا نتقدم لأكثر من مئتي امتحان وضعفهم من الاختبارات الانتقالية الجزئية خلال مسيرتنا الدراسية، إلاّ أنّنا نتخرج من الجامعة ونحن مازلنا نعاني من القلق في قرب وقت الامتحان، ولا نجد وسيلة للتعامل معه بشكل فعال وتحويله إلى شعور مفيد يدفعنا لنقوم بالأفضل.

يُعرّف القلق عادة بأنّه حالة نفسية وفسيولوجية تتركب من تتضافر عناصر إدراكية، وجسدية، وسلوكية لخلق شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الارتياح، والخوف، أو التردد وغالبًا ما يكون القلق مصحوبًا بسلوكيات تعكس حالة من التوتر وعدم الارتياح مثل الحركة بخطوات ثابتة ذهابًا وإيابًا، أو أعراض جسدية.

والحقيقة أنّ القلق بشكل عام يعتبر شعور إيجابي، نعم هو كذلك فلولا القلق لما جلست لتدرس ساعات طويلة وشعرت  بالأرق ليلًا وقمت لتراجع شيئًا نسيته، أو تركتَ أوقات راحتك وخروجك مع أصدقاءك لتبقى في المنزل وتذاكر ما عليك، لكنه ككل شيء في الحياة ما إن يتجاوز حده الطبيعي حتى يتحول إلى شعور سلبي مضرّ ومؤذي وغير فعّال، بل ويؤثر سلبًا عليك مهما دفعك لتدرس أكثر وتجلس ساعات طويلة أكثر فإنّك ستجد أنّك نسيت كل ماتدرسه وأنت تشعر بهذا القلق والتوتر وأنت تدرس.


أعراض القلق

تنقسم أعراض القلق إلى…


أعراض نفسية

  • التوتر والخوف وحالة مستمرة من عدم الارتياح.
  • أفكار سلبية وشعور بالغضب المستمر.
  • قلة التركيز وسرعة نسيان ما يدرسه.
  • جمود العقل وعدم القدرة على الفهم بسهولة.
  • اضطراب في الشهية قد يكون في زيادة شديدة أو نقصان.
  • اضطرابات في النوم.

أعراض جسدية

  • تسارع في نبضات القلب وسرعة في التنفس.
  • ارتعاش في الأطراف.
  • صداع نصفي.
  • إسهال أو إمساك.
  • آلام في البطن وتشنجات في القولون.
  • غثيان أو تقيؤ.

هذه الأعراض الجسمية هي أعراض فيزيولوجية طبيعية ناتجة عن زيادة تنبه الجهاز العصبي اللاإرادي، وزيادة مستوى هرمون الأدرينالين في الدم.

ولكن ما حقيقة هذا الغول المخيف الذي يجعل الطلاب يشعرون بهذا القلق، ويصلون إلى هذه الأعراض التي قد تتطور بعدها إلى أمراض مزمنة؟! هل قرب الامتحان هو السبب الوحيد لهذا القلق؟ ليس قرب الامتحان هو السبب ولكن الصورة التي نرسمها للامتحان هي التي تجعله يحمل تلك الصورة المخيفة، والتي تزورنا في كوابيسنا وتجعلنا غير قادرين على النوم!


ما هي أسباب القلق التي تجعل منه وحشًا يأخذ أشكالًا مختلفة؟


1- الخوف

الخوف من النتائج، الخوف من نظرة المجتمع في حال الرسوب أو عدم تحقيق التقدير المناسب، الخوف من النسيان …

الخوف هو شعور مؤقت نتيجة أحداث طارئة، ولكن كل هذا لا بد وأن يتجسد في شعور غير مؤقت هو القلق إذا استمر هذا الخوف لمدة طويلة.


2- عدم الاستعداد الجيد

غالبًا يتزايد القلق مع تزايد عدم الاستعداد للامتحان، فمن يصل إلى شهر الامتحان وهو لا يعرف شيئًا عن المنهج، ولم يقرأ كلمة من الكتاب لابد سيكون قلقه أكبر ممن يتابع منذ بداية العام ويعرف مواده وما عليه أن يدرس وحضر كل الدروس، طبعًا لا أتحدث عن طالب غير مبالٍ بالدراسة ولا يهتم بنجاح أو رسوب.


3- عدم الثقة

ماذا عن أولئك الذين يأكلون الكتب أكلًا، ويتابعون المحاضرات والدروس، ويحفظون كل كلمة في الكتاب ثم يصابون بالقلق؟

السبب الأول لهذا هو عدم الثقة، انعدام الثقة بأنفسهم وبقدرتهم على تجاوز الامتحان وبدراستهم التي يقضون أوقاتهم فيها، انعدام الثقة يتولد غالبًا من تجارب سابقة غير ناجحة، أو من محيط محبط ولا يدعم الطالب ومقارنات دائمة مع الآخرين.


4- أسلوب المذاكرة الخاطئ

كثيرون يقضون أوقاتًا طويلة في المذاكرة ولا ينامون إلاّ ساعات قليلة، وفي النهاية لا يجدون النتيجة التي تكافئ هذا الجهد الكبير، وهذا يسبب لهم إحباطًا كبيرًا وشعورًا باليأس وعدم الرغبة بالدراسة مجددًا، ويسبب تزايد القلق لديهم قبل أوقات الامتحان.

الساعات الطويلة لا تكفي لتحقيق نتيجة فعالة في الدراسة بل يجب أن يترافق معها أسلوب صحيح في الدراسة، تخيل عاملًا يقوم بتشغيل آلة لمدة ساعات ولكن يحصل على منتجات سيئة، ويعيد ويكرر ولا يجد النتيجة التي يريد، ما الخطأ هنا؟ طريقة تشغيل الآلة أو التصنيع هي الخاطئة هنا، وكذلك عقلك أنت تقوم بتشغيله ساعات وساعات ولا تحصل على النتيجة المرجوة، فانتبه كيف تقوم بتشغيله.


5- التوقعات العالية

أحيانًا تكون الأحلام الكبيرة والتوقعات العالية عقبة في طريق نجاحنا، عندما يضع الطالب لنفسه طموحًا بمعدل 100% فهذا يضعه تحت ضغط أكبر من قِبَل نفسه، وتحدي ذاته في الحصول على ما يريد مما يجعله يرزح تحت ضغط نفسي هائل من نفسه ومن المحيط، يرافق هذا الكثير من المقارنات مع الأقارب والأصدقاء الذين يماثلونه في المرحلة العمرية.

أيضًا يندرج تحت هذا البند ضغط الأهل الذين يتوقعون الأفضل من ابنهم دائمًا، ويريدون أن يحقق أعلى النتائج بغض النظر عن أي ظروف أخرى يعيشها.


ولكن كيف على الطالب أن يواجه تلك الأسباب ويتخلص منها لتساعده في تخفيف حالة القلق والحصول على نتائج أفضل؟ والأهم هو عدم إضاعة ما يبذله من جهد؛ لأنّ الذاكرة تقل فعاليتها في حالة التوتر إلى النصف، وبالتالي من الطبيعي لمن يشعر بالقلق بشكل دائم أن يحفظ وينسى ما حفظه…


1- الاسترخاء

الاسترخاء أنثاء المذاكرة وأثناء تقديم الامتحان أمر في غاية الأهمية، لتستطيع أن تدع الذاكرة والعقل يعملان بشكل جيد وفعّال، هناك عدة طرق ووسائل تساعد على الاسترخاء منها:

  • التنفس

عادة نحن نتنفس بشكل سريع وهذا لا يعطي الدماغ ما يكفي من الأكسجين للقيام بوظائفه، ودعني أقول لكم شيئًا نحن نتنفس بشكل خاطئ أيضًا!

تعودنا أننا عندما نريد أن نأخذ شهيقًا أن نسحب الهواء إلى صدورنا ويدخل البطن، ولكن بهذه الطريقة نجعل الحجاب الحاجز يرتفع إلى الأعلى، وبالتالي لا نستطيع أن نملأ رئتينا بقدر كافٍ من الأوكسجين.

كيف يكون التنفس الصحيح إذًا؟

ضع يدك على بطنك، خذ شهيقًا واجعله ينتفخ، وقم بالعدّ أربع ثوان وأنت تقوم بهذا، ثم احبس نفسَك لمدة ثانيتين وأطلق زفيرًا ببطء شديد بأربع ثوانٍ أخرى.

بهذه الطريقة يكون استغرق معك كل نفَس عشر ثوان كافية لدخول الأوكسجين بشكل يكفي الدماغ، ويجعلك تشعر بالاسترخاء.

قم بهذا التمرين لمدة خمس دقائق كلما شعرت بالتوتر.

  • الضوضاء البيضاء

تساعد بعض أنواع الموسيقى على الشعور بالاسترخاء، ولكن الضوضاء البيضاء (white noise) تساعد كثيرًا في عملية الاسترخاء والقدرة على العمل والمذاكرة بشكل يجعلك تنفصل عن العالم الخارجي.

  • التأمل

جلسة تأمل يوميًا في غرفتك لمدة ربع ساعة ستكون كفيلة باستعادة نشاطك والشعور بالاسترخاء، هناك وسائل كثيرة للتأمل اختر منها ما يناسبك، لكن أساس التأمل هو التنفس العميق والصمت.

  • المشي

كثيرون يجدون في المشي وسيلة مهمة للاسترخاء والشعور بالراحة، فإن شعرت بالتوتر أثناء الدراسة يمكنك أخذ استراحة قصيرة والمشي لمدة ربع ساعة في الهواء الطلق، وستجد كيف تتغير نفسيتك بشكل كلي.


2- تنظيم الوقت وجدولة المواعيد

ضع أمامك كل ما لديك من مواد وتنقل بينها كل ساعة، وستجد نفسك غارقًا في حالة من القلق المزمن دون أن تكون قد أنجزت شيئًا مما عليك.

جداول المذاكرة كثيرة التنوع ويمكنك أن تختار منها ما يناسبك، ولكن المهم أن تلتزم به وستجد فارقًا كبيرًا، وشعورًا بالراحة وأنت تعرف ما عليك فعله وما فعلته، ويبعث في داخلك شعور بالاطمئنان أنّك تستطيع القيام بما عليك، والانتهاء في الوقت المحدد.


3- الرسائل الإيجابية الذاتية

لا تجد من يدعمك ويحفزك؟ اخلق حافزك بنفسك وادعم نفسك بنفسك ولا تنتظر شيئًا من أحد، ارسل رسالة جميلة تحفيزية لنفسك كل يوم، اكتب ملاحظات إيجابية وألصقها حولك، ولا تدع الأشخاص المحبطين يجرونك معهم نحو ثقبهم الأسود الذي يبتلعهم، بل اجعل حولك سورًا منيعًا من الدعم الإيجابي الخاص من نفسك، تذكر حين تفشل لن يفيدك هؤلاء الأشخاص بشيء.


4- مكان مذاكرة واحد

ساعة في غرفة الجلوس وساعة على الشرفة وساعة أخرى في المطبخ، هذا الطريق الحتمي نحو التشتت الذهني… اجعل لديك مكانًا للمذاكرة أو اثنين في حال كنت من النوع الملول، وليكن مكانًا مريحًا (ليس السرير بالتأكيد) وفيه مصدر جيد للإضاءة والتهوية كيلا تشعر بالنعاس أو آلام في الرأس من قلة الإضاءة، وحاول أن تجعله حميميًا خاصًا بك، يمكنك أن تعلق عليه بعض الصور الجميلة أو الملاحظات الإيجابية.


5- خطة ب

تريد أن تحصل على معدل 100% في نهاية العام، ماذا لو لم تحصل عليه؟ هل ستكون نهاية العالم؟؟ ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث في هذه الحالة؟ دائمًا ضع خطة احتياطية في حال لم يتحقق الهدف الذي تريده بحيث تشعر بالرضا وعدم الاستياء، ويحقق لك هدفك العام من الحياة وليس المؤقت.

تريد أن تكون طبيبًا؟ هذا رائع… ماذا لو لم تستطع أن تحصل على المعدل المطلوب؟ السؤال المهم هنا ما السبب الذي ترغب لأجله أن تكون طبيبًا فلكل هدف ألف طريق نستطيع أن نحققه من خلاله… المال، الشهرة، مساعدة الآخرين… إلخ. أسباب كثيرة لها عشرات الوسائل لتتحقق.


6- ادرس كما يناسبك وليس كما ترى الآخرين يدرسون

تتنوع طرق المذاكرة وتختلف وتجد الكثيرين يقلدون المتفوقين سعيًا منهم للتفوق مثلهم، ولكن أنت لست هو أو ذاك المتفوق… هو يدرس كما يناسبه فابحث عن الطريقة التي تناسبك حسب نمط التعلم الخاص بك، أو نوع ذكاءك وادرس على أساسه.


7- ابذل ما بوسعك… وتوكل…

قم بكل ما عليك من جهد بالطريقة الصحيحة واترك الأمور تسير كما هو مقدّر لها، تخيل أنّك قمت ببرمجة برنامج ما وبذلت كل ما عليك، وتفحصت جميع الأخطاء المحتملة فيه، وأعدت صياغته عدة مرات وجربته أيضًا عدة مرات لتتأكد من فعاليته، فهل تكون قلقًا عندما تطرحه للعمل؟ لا… لن تكون… أنت بذلت كل ما عليك وفعلت كل ما بوسعك، والآن عليك أن تكون مرتاحًا وتترك الأمر لعقلك ليقوم بعمله فهو يعرف ما يقوم به جيدًا، فقط عليك أن تثق به.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.