الثــورة التعليمية… كيف بدأت، وإلى أين تتجــه ؟
9 د
نشأت عملية التعليم منذ نشأ الإنسان، حيث بدأ الإنسان البدائي في ممارسة عملية التعليم عن طريق تعليم أطفاله طرق ومهارات الصيد، وجمع الثمار، بالإضافة الى تعليمهم العادات الخاصة بهم من أجل توريثها للأجيال التالية. كانت بيئة التعلم في هذا الحين المنزل، والبيئة المحيطة فقط. لم يكن هناك مدارس، أو معلمون، أو نظام معتمد للدراسة.
بداية المفهـوم التقليدي للتعليــم :
بدأت فكرة المدارس تظهر في عصر الحضارة السومرية، حيث وُجدت الكتابة، بالإضافة الى تميز السومريين في أساليب التجارة والتنقل مما جعلهم يفكرون في التعليم كوسيلة لاكتساب المزيد من المهارات، وتعليم أطفالهم الخبرات التي يمتلكونها. قام السومريون بتعلم أطفالهم العديد من المواد والمهارات مثل الرياضيات، الطب، وأساليب التجارة، وغيرها. الوضع ذاته في الحضارة الفرعونية المصرية القديمة، حيث امتلك المصريون المعابد والمدارس التي كانت تمثل المناطق الرئيسية المخصصة للتعليم، بالإضافة الى وجود مهنة للمعلم بشكلٍ رسمي. قام الفراعنة بتعليم أطفالهم الهندسة، الرياضيات، الطب، والحرف والصناعات المختلفة، حيث تعلم كل طفل حرفة أبيه من أجل أن يتقنها ويعمل بها مستقبلًا.
الثــورة الأولى في مجال التعليم
ظل التعليم بهذا الشكل التقليدي المتمثل في وجود مكان مخصص كالمدرسة في الوقت الحالي، يذهب إليه الأطفال من أجل أن يقوم معلمون متخصصون في تعليمهم وتدريبهم، وبدأ الأمر يتنقل من حضارة الى حضارة، ومن بلدٍ الى أخرى. الثورة الأعظم التي حدثت في مجال التعليم، على الأخص التعليم الحديث هي اختراع الطباعة، والتي نشأت بشكلها الحديث على يد الألماني “يوهان جوتنبرغ” الذي قام عام 1447 بتطوير قوالب حروف توضع بجوار بعضها، ثم يوضع فوقها الورق، ثم يضغط عليه فتتشكل المطبوعة.
ساهمت الطباعة في جعل التعليم عملية عالمية، حيث ساهمت في طباعة المزيد من الكتب، وزيادة أعدادها بدلًا من اعتماد الطرق القديمة في نسخ كل كتابٍ على حدة ، الأمر الذي كان يتطلب مجهودًا ووقتًا طويلًا من أجل إنجازه.
الثــورة الكبــرى في التعليم
على صعيدٍ آخر يُعد أكثر تفاؤلًا عن استمرار نظام تعليم موحد لمدة آلاف السنوات، تُعد المساقات الإلكترونية مفتوحة المصدر التي تُعرف باسم “MOOCs” الثورة الحديثة في مجال التعليم والتي تفوق في تأثيرها التأثير الذي أحدثته الطباعة في عملية التعليم منذ خمس قرون.
يُعد الموك أحد الأساليب الجديدة في عملية التعلم عن بُعد، والذي يعتمد على الانترنت بشكلٍ كامل كأسلوب تعليمي معتمد، حيث تقوم الجامعات والأشخاص بعرض المساقات التعليمية في مختلف التخصصات من خلال منصات مخصصة لذلك بشكلٍ يسمح لأي طالب حول العالم بالانضمام لهذا المساق، والاستمتاع بالمادة التعليمية بشكلٍ مجاني أو شبه مجاني.
مزايا الموكس
يمكن القول أن أول بداية لظهــور محتوى تعليمي في شكل كورسات فيديو على الانترنت، كان في العام 2006 ، عندما أطلقت أكاديمية خان مجموعة من المناهج التعليمية على موقع يوتيــوب بشكل مجـاني ..
وفي العام 2008 ، ظهــر مصطلح الـ MOOC لأول مرة ، حيث قامت جامعة مانيتوبا بطرح مساق بعنوان “الترابطية والمعرفة المترابطة”، التحق به 25 طالبًا بالجامعة، و 2200 طالب عن طريق الانترنت، حينها أطلق “دايف كورمير” و”بريان ألكسندر” لفظ “موك” على هذا المساق.
الثورة الحقيقية التي أحدثها نظام الموكس بدء في عام 2011، حينما قام سباستيان ثيرن – متأثرًا بالمحاضرة التي ألقاها سلمان خان عن أكاديمية خان في مؤتمر لتيد بعنوان دعونا نعيد ابتكار التعليم عن الطريق الفيديو – بطرح مساق أونلاين من خلال جامعة ستانفورد بعنوان “مقدمة في الذكاء الاصطناعي”، وتجاوز عدد الطلاب 160 ألف طالب.
هنا ، بدأت ثورة المــوك .. وظهــر على الانترنت العديد من المواقع والمؤسسات التي تقدم التعليم عن بعد ، والمنصــات المختلفة التي تحتوي على مئات المساقات الإليكتــرونية في التخصصات المختلفة ، على رأسها مؤسسة إدراك ( إدراك ) التي تستهدف المُتعلّم العربي..
وفقًا لبعض الاحصائيات الخاصة بعام 2014، بلغ عدد الطلاب الذين قاموا بالتسجيل على مواقع المـــوك العالمية عشرات الملايين .. إحصائيات هائلة مدهشة لا يمكن أن توجد جامعة في العالم تلتزم بالتعليم التقليدي ، ويكون لديها هذا العدد من الطلاب سنوياً ، او ربما على مدار تاريخها كله !
السبب في تلك الأعداد الهائلة هي المميزات التي يقدمها نظام الموك، والتي تتفوق على نظام التعليم التقليدي كما يلي:
1 – اختيار الوقت.
في نظام التعليم التقليدي، عليك كطالب الاستيقاظ مبكرًا من أجل الذهاب الى المدرسة أو الجامعة، والمكوث عدد ساعات محددة حسب الجدول اليومي من أجل معرفة بعض المعلومات. في نظام الموكس الوضع مختلف، حيث يمكن للطلاب اختيار وقت التعلم الذي يتلائم معهم. يمكنك التعلم صباحًا، أو مساءً، الآن أو غدًا.
نظام المساقات ذاته أيضًا به مرونة التحكم في الوقت، حيث تأتي بعض المساقات محددة بإطارٍ زمني عن طريق محاضرات تُتاح بشكلٍ أسبوعي متجدد لحين إنتهاء المساق، ويأتي البعض الآخر غير ملتزم بوقت، حيث يمكن للطلاب الانضمام الى المساق والبدء في التعلم في أي وقتٍ يرغبون به.
2 – مجانية التعلم.
أحد الأمور التي يتفوق بها نظام الموكس عن نظام التعليم التقليدي، هو التعليم المجاني بشكلٍ كامل، أو بأجرٍ مادي بسيط في حالات مخصصة. في نظام التعليم التقليدي، ربما ستسمع جملًا شبيهة بمجانية التعليم، لكن عند التفكير في الأمر ستجد نفسك ملزمًا بدفع بعض الأموال إما الى المدرسة أو الجامعة، أو لشراء الكتب، أو للدروس الخصوصية، أو غيرها من المسارات التي تجد نفسك عالقًا بها ويلزمك دفع بعض الأموال من أجل التخلص منها.
في نظام الموكس الوضع مختلفًا تمامًا، فقط كل ما ستتحمل تكلفته، هو تكلفة الكهرباء المستخدمة من أجل تشغيل جهاز الحاسوب الخاص بك، وقيمة اتصال الانترنت الذي ستقوم باستخدامه من أجل التعلم.
3 – المصدر الأول
أحد الأمور الشائعة في أنظمة التعليم العربي، هي عدم قيامها بتغطية بعض العلوم الحديثة، والاكتفاء بالإشارة إليها فقط دون تعمق كافٍ في تلك الموضوعات.
تلك المشكلة ساهم نظام الموكس في حلّها، حيث يمكنك تعلم مساقات لن تتعلمها في أي مكان آخر غير الانترنت. كذلك ميزة أخرى هي الحصول على المعرفة من مصدرها الأول، ففي نظام الموكس ستحصل على مساقات تعليمية متخصصة من أفضل جامعات العالم مثل هارفارد، أكسفورد، MIT، ستانفورد، وغيرها.
المصـادر والمراجع من أهم الأركان التي تقوم عليه دورات المــوكس ، حيث يكون في كل مســاق من المساقات التعليمية مجموعة من المصادر والكتب والملفــات المُعتمدة أكاديمياً وعلميـاً ، والتي يوصّى بها من خلال المُحاضر المسؤول عن المساق التعليمي ، يمكن من خلالها ولوج الطالب الى هذه المصـادر للاستزادة منها ، ومتابعتها وهو مُطمئن تماماً لمصداقيتها..
4 – تفاعل حقيقي.
مشكلة التعليم التقليدي الأساسية تكمن في عدم وجود تفاعل سواءً بين المعلم والطالب، أو بين الطلاب وبعضهم البعض. الوضع مختلفُ تمامًا في حالة الموكس، حيث تزداد درجة التفاعل بشكلٍ كبير على الأخص بين الطلاب وبعضهم عن طريق صفحات النقاش والأسئلة. يشارك الطلاب في النقاشات التي تتم أثناء كل مساق مما يخلق تفاعلًا حقيقيًا بينهم يساهم في اكتساب المزيد من الخبرات والتعرف على ثقافات مختلفة، حيث يبلغ عدد المشتركين في كل مساق عشرات الآلاف على الأقل.
كذلك يشارك الأساتذة أنفسهم في حلقات النقاش التي تتم بشكلٍ أونلاين عن طريق الصفحة المخصصة لذلك، مما يضمن وجود تفاعل بينهم وبين الطلاب الحاضرين على عكس التعليم التقليدي الذي يبدأ بشرح موضوع اليوم، وينتهي بمغادرة المعلم للفصل عقب انتهائه من الشرح مباشرة.
كيف تختار مساق تعليمي؟
هناك العديد من النصائح التي يتم توجيهها الى المتعلمين من أجل الحصول على أقصى استفادة ممكنة أثناء التعلم من خلال الموكس.
في هذا الجزء، لن نتعرض مرة أخرى الى النصائح التي عليك اتباعها أثناء التعلم، بل سنتعرض الى بعض الخطوات التي تجعلك أكثر دقة في اختيار المساقات التي تتعلمها في ظل وجود آلاف المساقات التعليمية على منصات التعليمية المختلفة. بشكلٍ أساسي هناك أربع أهداف من وراء التعلم عبر الموكس كالتالي:
1 – التخصص الدراسي.
يلجأ معظم الطلاب الى الموكس بهدف التعلم من أجل التخصص الدراسي، سواءً أكان الأمر بداية تعلم تخصص جديد، أو تعلم مساقات أخرى مكملة لما يتم تدريسه في المدرسة والجامعات.
2 – الحصول على وظيفة.
من الأسباب التي تجعل العديد يتعلمون من خلال الموكس، هي فرصة الحصول على وظيفة. حيث يبدأ المتعلمون في تعلم بعض المهارات التي تؤهلهم الى سوق العمل، أو تعلم حرفة ومهارة يعملون بها مثل التسويق الإلكتروني، التصميم، الإدارة، أو أي مجال آخر.
3 – تطوير المهارات.
الكل يودّ تطوير مهاراته بشكلٍ أو بآخر، ويُعد الموكس أحد الطرق الهامة من أجل تطبيق هذا الأمر. يمكن عن طريق الموكس تنمية وتطوير المهارات المختلفة عن طريق الاشتراك في منصات المساقات المخصصة لتنمية المهارات. تلك المهارات قد تكون مهارات ذاتية، حياتية، أو مهارات العمل.
4 – المعرفة العامة.
في عصر المعلومات يصبح الجهل اختيار. أحد الأسباب التي ساهمت في انتشار الموكس، هو كمّ المعلومات الرهيب والمختلف التي يتم الحصول عليها عن طريق تلك المساقات. ليس شرطًا أن تتعلم من أجل التخصص، الوظيفة، أو تنمية مهاراتك، بل يمكنك التعلم من أجل اكتساب معارف جديدة، أو اكتساب ثقافة مختلفة كالانضمام الى المساقات الخاصة بثقافات الشعوب، التاريخ، الفن، أو مساقات المعارف العامة.
الخطوة الأولى التي تساعد المتعلمين في اختيار المساق بدقة، هي تحديد الهدف من التعلم. هل الهدف هو التخصص الدراسي، أم الحصول على وظيفة، أم تطوير المهارات، أم مجرد الاستمتاع بمعرفة معلومات جديدة. تحديد الهدف من وراء التعلّم عبر الموكس يساعد بشكلٍ كبير في تحديد المنصة المخصصة التي يتم اختيارها للتعلم.
بعد تحديد الهدف من التعلّم، يتم البحث عن المساقات التي تريدها. كمثال ، تقدم مؤسسة إدراك عدد كبيرة من المساقات المختلفة المجالات ، التي تغطي كافة الموضوعات والفئات التعليمية..
بعد البحث عن المساق الذي تريده، كل ما عليك فعله هو قراءة وصف المساق الذي يحتوي على كافة المعلومات والدروس التي سيتم تناولها في هذا المساق. إذا وجدت الوصف مناسبًا لك، ويتوافق مع ما تبحث عنه، حينها يمكنك الانضمام الى هذا المساق. أما إذا لم يكن الوصف مرضيًا لك، يمكنك إذًا استكمال البحث حتى تحصل على الوصف الملائم.
كيف تشارك إدراك في تلك الثورة؟
إدراك هي منصة إلكترونية عربية للمساقات الإلكترونية مفتوحة المصدر “الموكس” والتي تأتي بمبادرة من مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية. تساهم منصة إدراك في الثورة الحديثة في مجال التعليم عن طريق توفير مساقات تعليمية باللغة العربية بالتعاون مع أفضل المؤسسات التعليمية حول العالم.
تقدم إدراك مجموعة مختلفة من المساقات في مجالات هامّة للمتعلم العربي، سنستعرض هنا بعض أهم المساقات التي يمكنك تعلمها من خلال منصة إدراك.
في مجال العمل.
– مبادىء إدارة الموارد البشرية.
في مجال الصحة.
– الصحة النفسية للطفل.
– التغذية والصحة.
– الجودة في الرعاية الصحية.
في مجال العلوم والتكنولوجيا.
في مجال تطوير المهارات.
– محاور النجاح الستة.
– مهارات التطور المهني.
– مهارات مقابلة العمل.
في مجالات أخرى.
– علّم بثقة.
– المدينة العربية المعاصرة.
– العرب: أين وإلى أين؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.