تـجـربتى للـدراسة فى الولايات المتحدة عبر مـنحة فـولبرايت جـ3

مـنحة فـولبرايت هى مـنحة ريادية بكل المقاييس، تـقريباً هى واحدة من البرامج القليلة التى تعـمل على نـشر اللغة العربية وتـوصـيل الثقافة الـعربية إلى شـعب غالبيته لا تعنيها كثيراً ما يدور خارج حدودها القارية، لـذلك فـكان من الـهام جداً تـوصيل الـثقافة الـعربية عـبر تدريس اللغة الـعربية.

بالـنسبة لى، كان تدريس العربية من خلال الـثقافة الـمصرية أمر شـيق للغـاية، حيث أننى من الـمفترض كممثل ناجح لفـولبرايت أن أسـتعرض أوجه الـثقافة المـصرية خاصة، والـشرقية بصفة عامة، وكـيف تتـباين عن الـثقافة الـغربية. ما هى الـسمات التى يتميز بها الـشرقيين وليست موجودة عند الغربيين، مـثلاً أنـواع الـطعام، طريقة التحدث، نمط الحـياة اليومى، فـضلاً عن إبراز الجـوانب المشرقة فى الحضارة العربية والإسـلامية.

كـل ذلك يمكن أن يتم عبر طـرق تدريسية متقدمة ومـتنوعة تـشمل الفـيديوهات، والـصور، أو حتى الـتدريس خـارج الجامعة بأكملها. بـجانب ذلك، يجب عليك أنت أيضاً كمدرس حاصل على المنحة الإستفادة من ذلك عن طـريق فهم طـبيعة الـمجتمع الأمـريكى، وتـصحيح بعض الأفكار المغلوطة، والتعلم مهنياً من التقدم الذى وصلوا إليه.

من هذة الناحية المهنية، يـسمح لك فـولبرايت والجامعة التى سـتدرس بها دراسة أربعة دورات دراسية أكاديمية فقط. يمكنك أن تدرس هذة الدورات كيفما تـشاء بنظام الدرجات (credit) أو بنظام الحضور فقط (audit)، على الرغم من ذلك فإنه تبعاً للجامعة يمكنك دراسة أكثر من أربعة دورات دراسية، وهناك زملاء درسوا درجة ماجستير كاملة وحصلوا عليها، ولكن كل ذلك يتوقف على الجامعة التى ستدرِس بها.

نـصيحتى لك أن تـدرس دورة دراسية واحدة فقط بنـظام الدرجات، وباقى الدورات تـدرسها بنـظام الـحضور فقط، فمن ضمن أهداف المنحة أن تتـعرف على الـثقافة الأمريكية وطبيعة الـمجتمع، والهدف الأهم بالنسبة لك هـو تـحسين لغتك الإنجليزية بشكل كبير، بالتالى إذا قمت بدراسة أربعة دورات دراسية بنظام الدرجات ستجد نفسك غارقاً بين الكُتب والمذاكرة طـوال الوقت مما سيضيع عليك وقـت ثمين جداً يمكنك أن تستغله فى الخروج والتحدث مـع الناس والتعرف على اللغة الإنجليزية الواقعية والثقافة الأمريكية الحقيقية، بل ويمكنك أيضاً بالتركيز على التدريس أكثر، إثبات كـفائتك كمدرس مما قد يدفع الجامعة إلى الإبقاء عليك لـسنة أخرى مـقابل منحة لدراسة الماجستير.

سـنة واحدة فى الـولايات المتحدة لاتكفى، فى سنة واحدة تعلمت الـكثير، وفى وقت أطول يمكن أن تتعلم أكـثر. الحياة فى الـولايات المتحدة سـريعة بشكل كبير، لـكنها ليست صاخبة كما تـعكسها لنا السينما الأمريكية. صـخب الحياة مـوجود فى المدن الـرئيسية الكبرى مـثل نيويورك، أما المدن الأخرى مـثل فيرفيلد فهى هـادئة جداً، والأمـريكان شعب هادئ ينام مبكراً ويستيقظ مـبكراً جداً، ومن يحب الـسهر لايتخلف عن موعده فى الـصباح؛ وبـعكس البلاد العربية، فإن الشتاء فى أمريكا قاس جداً، وهذا أمر ينخدع به الكثير من الـطلاب الـعرب حيث يظن الطالب أن الشتاء أبرد كـثيراً من الشتاء فى البلاد العربية، لـكن فى الـواقع الـبرد فى الولايات المتحدة أكـثر من قارس.

لـيس الطقس وحده هـو الـمختلف فى الـولايات المتحدة، ثقافة الناس بأكملها مـختلفة عن الثقافة فى العالم العربى، الـناس يتكلمون عما يريدون وقتما يريدون وأينما يريدون أيـضاً، ولا يوجد مايـعرف بـ”الحياء العام”. أيضاً لا تفترض أن الناس حولك يعرفون – ولو قليلاً – عن بلدك أو عن العالم العربى، لأنه فى الواقع كثير جداً من الأمريكيين لايعرفون شيئاً عما يدور خارج بلادهم؛ وربما كان هذا سبب أكبر لتنمية لغتك الإنجليزية قدر المستطاع لأنك فى كثير من المواقف ستجد أنك مطالب بالشرح بالتفصيل عن أشياء كثيرة فى بلدك أو ثقافتك أو دينك وبشكل دقيق حتى لا يساء فهمك.

أخـيراً، أحـرص على ألا تـضيع وقتك أثناء المنحة فى شبكات التواصل الإجتماعى والحديث مع الأصدقاء فى الوطن، فكلها أمور يمكنك أن تفعلها بعد عودتك إلى بلدك. أحرص على الإسـتفادة بكل دقـيقة، تحدث كثيراً إلى الناس، ركـز على إظهار الثقافة العربية والإسـلامية بشكلها الصحيح قدر المستطاع وترغيب الطلاب فى اللغة العربية، وإذا إسـتطعت فـكر فى الحـصول على الـماجستير… وربما الـعمل فى الولايات المتحدة.