لماذا تبدو دراسة الهندسة بكافة فروعها صعبة للغاية؟

“الهندسة” إنّ مجرد سماعنا لهذه الكلمة يعطينا شعور بالإنضباط والحزم، و ننظر إلى دارسيها كأشخاص أذكياء ومتعمّقين أمضوا سنوات عديدة في الجد والتعب للوصول إلى ما هم عليه، ووفق تصور الكثيرين فإنّ دراسة الهندسة قائمة على علوم متوسعة في الفيزياء والرياضيات إضافة إلى مجموعة من المواد الإختصاصية المرتبطة بكل فرع على حدة.

نعم إنّ دراسة الهندسة ليست أبداً بالأمر السهل، إلا أنّ تنوّع الاختصاصات الهندسية لا بدّ من أنّه سيجعلها متفاوتة في الصعوبة والتعقيد، وبالرغم من مايعيشه طالب الهندسة من حياة ملتزمة دراسيّاً ونوع من الصرامة في متابعة الحصص والكورسات العمليّة إلّا أنّ لكلّ مجتهدٍ نصيب وعلى قدر الإجتهاد والإهتمام ستكون النتائج بكل تأكيد.

إنّه السؤال الذّي يخطر على بال الكثيرين وخاصةً المقبلين على دراستها، وقد يكون جواب هذا السؤال يتلخص في كون العلوم الهندسية واحدة من أكثر العلوم تشعّباً وتتطلب قدرة من المهندس على حل المشكلات التي تواجهه في ساحة العمل بشكل فوري، الأمر الذي يفرض على كلية الهندسة تلقينه معلومات مكثّفة خلال سنوات الدراسة إضافةً إلى تدريبه على العديد من البرامج الهندسية المساعدة التي تقرّب له الحلول، وهذا يتطلب منه جهد أكبر والمزيد من الإلتزام والمثابرة للإلمام بكل تلك المعلومات وفهمها.

إنّ من الأمور البديهيّة التي يجب على طالب الهندسة تعلمها هو حساب الإشتقاق و التكامل بمختلف مستوياته إضافةً إلى حل المعادلات التفاضليّة ومسائل الإحصاء، بينما تتطلب هندسة الطيران على سبيل المثال دروس متخصصة في الرياضيات أكثر مما هو مطلوب في كليّات الهندسة الميكانيكيّة والمدنية وهندسة البرمجيات وغيرها، ولاشك بأن هذا المستوى من مواد الرياضيات سيكون معقّداً في بادئ الأمر ولكن إن كان الطالب متمكناً مما درسه في المرحلة الثانوية فلا شك بأنه سيكون قد قطع شوطاً كبيراً من الجهد المطلوب منه ليستمر في كليّة الهندسة.

أمّا بالنسبة للمقررات الدراسيّة الموجودة في كل فصل من أعوام الدراسة فإنّها تتراوح بين 5 إلى 7 مقررات، وفي بعض السنوات قد يكون عدد من هذه المقررات هو عبارة عن مجموعة من مواد داعمة غير هندسيّة كالكيمياء والفيزياء والرياضيات وما إلى ذلك، والتي يعتبرها الكثير من الطلّاب طوق نجاة من الرسوب إذ تحقق لهم ورقة رابحة في مواجهة المواد الهندسيّة التخصصيّة التي قد يكون النجاح فيها أكثر صعوبة.

ولكن بجميع الأحوال لا تدع تلك الأفكار تحبط من عزيمتك إن كنت من محبي الالتحاق بكليّة الهندسة، فهنالك العديد من الوسائل المساعِدة لفهم المقررات الهندسيّة وتعلم المهارات التقنيّة المطلوبة ولكن لا شك بأنّ ذلك يتطلب منك بذل الجهد والإهتمام اللازم لذلك.

الكثير من الطلاب يراودهم هذا السؤال “أيّ الفروع الهندسيّة هي الأصعب من حيث المقررات؟”.

بغضّ النظر عن الفرع الهندسي الذي ستدرسه فإنّ معظم هذه الفروع في أول عامين تستخدم نفس المستوى من المعلومات في علوم الرياضيات والفيزياء، إضافة إلى أنّ الكثير من هذه الفروع قد تحوي على مواد مشتركة مع اختلاف في بعض الأبحاث الدراسيّة التي قد تكون محذوفة أو معدّلة.

وبالتأكيد إنّ المواد التخصصيّة ستكون مختلفة اختلافاً كبيراً بين هذه الأفرع، إذ أنّ لكل فرع مجالاته في سوق العمل، ولا شك بأن هذه المواد سوف تزداد صعوبة وتعمّق مع تقدّم السنوات الدراسية.

وفيما يلي سنتناول مجموعة من الفروع الهندسيّة الأكثر شيوعاً وسنتحدث بشكل موجز عن كلٍّ منها:

يختص هذا النوع من الهندسات بدراسة تصميم الآليات وصيانتها، إضافة إلى دراسة آلية عمل المحركات وطريقة إصلاح الأعطال الموجودة فيها، إضافةً إلى ما سيتم دراسته من فصول تمهيدية تخص العلوم الكهربائيّة وعلوم الكمبيوتر. وتعتبر الهندسة الميكانيكيّة واحدة من أكثر فروع الهندسة تعقيداً وكثافة من حيث المعلومات، الأمر الذي لاشك بأنه سيتطلب التزاماً واجتهاداً أكبر من قبل الطالب.

وتشتمل على العديد من الإختصاصات كهندسة الإتصالات والطاقة والميكاترونيك وتعتبر بعض موادها أساسية لطلاب هندسة الكمبيوتر، وتكمن صعوبتها في اعتمادها على مواد متقدّمة في الرياضيات والتي ستدخل في صلب المواد التخصصيّة، إلا أنّه في السنوات الأخيرة سيكون التركيز أكبر على دراسة علوم الكهرباء والإلكترونيات والإتصالات اللاسلكية، إضافة إلى أنّها تتضمن دراسة المولدات والمحولات والأجهزة الكهرومغناطيسية وغيرها.

هي الهندسة التي تتضمن جميع ما هو متعلق بإنشاء الأبنية و الجسور والسدود وغيرها، وبذلك فإنّك تستطيع التنبّؤ بأن المادة الأساسيّة في هذا الإختصاص هي مادة الميكانيك الهندسي والتي تعتمد بشكل رئيسي على قوانين التفاضل والتكامل والرياضيات المتقدّمة، إضافة إلى ما عليك تعلمه من مواد المسح الجغرافي والتعرف على خواص المواد والهياكل المعدنيّة وآليّة تجاوبها مع المنشأ، وقد أصبح في وقتنا الراهن واحدة من أساسيات تعلم هذه الهندسة هو إتقان مجموعة من البرامج الحاسوبية التي تختصر الكثير من العمليات الحسابية التكرارية وتوفّر الكثير من الوقت والجهد.

يقوم طلّاب هذه الكليّة بدراسة كل ما هو متعلّق بأجهزة الحاسوب والتحكم الآلي، فإضافةً إلى ما عليهم تعلمه عن آلية إصلاح أعطال أجزاء الحاسب وكيفيّة تركيبها كذلك عليهم معرفة كيفية تصميم البرامج المختلفة التي ستخدم جميع الإختصاصات الأخرى وتسهّل عملها، كما تشمل دراستهم تطوير أنظمة الشبكات وبرمجة الآليات المختلفة وغير ذلك.

وقد يختلف طلاب هذه الكلية عن باقي الكليّات من حيث نوعيّة المواد المدروسة إذ ليس للرياضيات والفيزياء دور جوهري في هذا النوع من الهندسات، مما يجعل البعض يعتقد بأنّ الأمور ستكون أسهل وخاصة لمن لديهم إلمام بالكمبيوتر وطريقة استخدامه، إلّا أنّ الأمور ليست بتلك البساطة حيث أنّ البرمجة عملية دقيقة قد يتسبّب خطأ بسيط فيها في فشل البرنامج وخسارة كل المجهود المبذول في تصميمه.

يُنظر إلى هذه الهندسة على أنّ دراستها صعبة للغاية، الأمر الذي قد يكون أصعب من دراسة الهندسة الميكانيكيّة، إذ أنّه بالإضافة إلى ما عليك تعلّمه عن المحركات وآلية عملها فإنّ ظروف الطيران تفرض عليك أخذ الكثير من العوامل في الحسبان الأمر الذي قد يزيد الدراسة تعقيداً، وتعتبر هذه الهندسة واحدة من الهندسات الأكثر متعة وفقاً لرأي الكثيرين الذين خاضوا في هذا المجال.

إنّ التحدي الحقيقي الذي يواجه طالب الهندسة قد يفوق ما سيبذله من جهد ومثابرة خلال سنواته الدراسيّة، إذ أن الأصعب هو ما سيتعلمه في سنوات عمله والتي سيرى فيها أن تطبيق ما درسه على أرض الواقع هو أمر صعب للغاية حيث ستواجهه الكثير من المشاكل والتحديّات التي سيتمكن من التغلب عليها مع تقدم السنوات واكتسابه الخبرة اللازمة لذلك، ولا ننسى ما عليه تعلّمه من أخلاقيات المهنة التي لن تستطيع الكلية ومقرراتها منفردة تعليمه إيّاها.