وفقًا للعلم: كيف تنجو بحياتك من سقوط مصعد؟!
7 د
في مقال سابق، تكلّمت فيه عن “كيف تنجو بحياتك عند السقوط من طائرة بلا مظلة”، كانت تعليقات أغلبكم ساخرة أو مضحكة، ربما الحقّ معكم، فمن الصعب أن يركب أغلبكم طائرة هذه الأيام، ومن جهة أخرى، احتمال نجاتكم 1% كما قلت، ولكن قد أودعت لديكم عدّة أمثلة عن ناجين من سقوط طائرة وبلا مظلة. هذا المقال سيكون ممتعًا وأكثر “جدّية” بالنسبة لكم، سنتكلم عن كيف يمكنكم أن تنجوا بحياتكم من سقوط مصعد .. أظن أن أغلبكم يستخدمه، أليس كذلك؟.
بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في منطقة حضرية، وخاصة أولئك الذين يقبعون في ناطحات السحاب، ستكون المصاعد جزءًا من حياتهم اليومية الاعتيادية.. الأمر منطقي، تخيل نفسك – إذا لم تكن كذلك – تعيش في ناطحة سحاب في الطابق الخامس والعشرين، وتضطر يوميًا لتسلق الدرج نزولًا أو صعودًا .. أو مثلًا إذا كنت تعمل في مكتب في مبنى مؤلف من 20 طابق، ستضطر يوميًا لاستخدام المصعد حوالي 8 مرات على الأقل. ومع ذلك، فإن فكرة استخدام المصعد قد تكون مخيفة بالنسبة للكثيرين، وصراحةً خوفهم مبرر بعض الشي.
أنت تدخل صندوقًا معدنيًّا مغلقًا من جميع الجهات، يعتمد بكامله على الآلات والأجهزة المؤتمتة، وكابلات الأمان المتعددة والتي بدورها تعتمد على الكهرباء، وانتبه هنا أنني افترضت أنك تدخل مصعدًا حديثًا كما في الصورة السابقة، ففي حالة المصاعد الأولية القديمة، ستتبع أنت نفس إجراءات الأمان التي سنذكرها لاحقًا، ولكن لن يكون هناك إجراءات أمان خاصة بالمصعد كما في الحديث منه.
ليس هذا ما يهمنا الآن، سواء مصعد قديم أو حديث، داخليّ أو خارجي، السؤال الطبيعي هنا: ماذا لو انقطع التيار الكهربائي عندما تكون داخل المصعد؟ مع افتراض حالة فشل عمل المحرك لسبب ما، وسقوط الكابلات المعدنية أيضًا، وتعطّل الفرامل الكهرومغناطيسية التي عادةً ما تجعل المصعد يتوقف عن السقوط.. أي دعنا نتخيل أسوأ الأحوال، المصعد يسقط، لا حبال ولا فرامل ولا أي وسيلة أمان مجهّز بها المصعد، وأنت عالق في الداخل، ماذا ستفعل؟
هناك فكرة شائعة عند البعض تقول: إذا كنت في مصعد يسقط سقوطًا حرًا، فبإمكانك القفز داخل المصعد في لحظة معينة عندما يصطدم المصعد بالأرض، ستنقذ هذه القفزة الصغيرة حياتك، أو على الأقل تقلل من درجة إصابتك.. ولكن ما مدى صحّة هذا الكلام؟؟ لنرى.
حالة السقوط الحر في المصعد
نقول أن المصعد في حالة سقوط حر عندما ينزل في مستويات العمود الذي يحتويه، بعد أن يكون قد فقد نظام أمانه، أي تجرّد من أي تأثير أو تحكم للأدوات المسؤولة عن سلامته، حيث ينتقل المصعد عبر مستويات مختلفة من المبنى بمساعدة عدد من الأنظمة الأمنية والتي كما قلنا، في حال وجودها فوظيفتها توفير سلامة الركاب من خلال المحافظة على المصعد في مكانه. ومع ذلك، قد تتوقف هذه الأنظمة عن العمل فجأة بسبب بعض التعقيدات الفنية.
ماذا أفعل إذا كنت في مصعد مُعطل ويهوي نحو الأسفل؟
سأنوّه في البداية إلى معلومة صغيرة، وهي في حال وجود فتحة في سقف المصعد، قد يخيّل لك أن تحاول فتحها والخروج، هنا أنت ميت غالبًا، لا تحاول تقليد أبطال الأفلام فلست بطلًا ولست في فيلم! طُرُق نجاتك محكومة ببقائك داخل المصعد حتمًا.
حالة القفز في وقت وصول المصعد إلى الأرض
يُقصد بالقفز في وقت وصول المصعد إلى الأرض، القفز داخل المصعد قبل أجزاء من الثانية التي سيصطدم فيها المصعد بالأرض. هنا، علينا التطرّق إلى عدة عوامل، كمثال، لندرس فكرة أنك بعدما دخلت المصعد بفترة وجيزة، تعطّل وبدأ يهوي نحو الأسفل، ولكن انتبه هنا لكلمة “فترة”، أي لم يتعطّل بعد دخولك إليه من الطابق الـ20 مثلًا، بل ممكن من الطابق 18، أو 16 أو 15.. سيكون من المستحيل تقريبًا أن تعرف الطابق الذي بدأت بالسقوط منه. هنا، كيف تعرف اللحظة الأكثر دقة التي يجب أن تقفز فيها؟
حقيقةً، وحتى لو تعطّل بعد دخولك إليه مباشرة من الطابق العشرين، هل ستتمكن من التنبؤ بلحظة وصولك إلى الأرض وثم القفز في اللحظة المناسبة؟ هذا صعب التحقق نوعًا ما، وغير ذلك، فهو خطأ كبير. أخفض سرعة ممكن أن تحققها بهذا الفعل هي 3.22 إلى 4.83 كيلو متر في الساعة، على الأرجح ستضرب رأسك بسقف المصعد، وتتفاقم إصابتك بدلًا من تقليل التأثير.
سأفترض أيضًا أنك كنت فيزيائيًا مخضرمًا، وأسعفك عقلك في الحساب والتنبؤ بلحظة الاصطدام، وقفزت قبل لحظة الاصطدام في الوقت المناسب تمامًا.. هل ستتمكن من الوصول سالمًا؟! لا، هذا يبطئ من سرعة هبوطك قليلًا كما قلنا، ولكنك ستتأذى وتعاني من عدة إصابات، تعتمد شدة الإصابة على مدة ارتفاع السقوط، كلما زاد الارتفاع، زادت نسبة خطورة إصابتك.
فيزيائيًا، السرعة التي ستصدم بها الأرض (سرعة الاصطدام) تساوي سرعة سقوط المصعد مطروح منها سرعة القفز (قفزك). لنقترح عدة سيناريوهات هنا، تبرر القفز أحيانًا: لنعتبر أن ارتفاع قفزتك العمودية حوالي 70 سم، بالتالي:
- في حال سقوطك من طابق يعلو 3 أمتار: إذا قفزت في الوقت المناسب، سيبدو وكأنك سقطت من علوّ 80 سم، لذا هنا انفض عنك الغبار، وتابع حياتك.
- السقوط من 3 طوابق (حوالي 9 أمتار): تصطدم بالأرض وكأنك سقطت من 4.7 م، توقّع بعض الكسور ولكنك ستبقى حيًا.
- الهبوط من الطابق الخامس (ارتفاع حوالي 15 متر): أي تصطدم كأنك سقطت من ارتفاع 9 أمتار، لا أستطيع تحديد حالتك حقيقةً.
- الهبوط من طابق ذو ارتفاع 21 متر (7 طوابق): وكأنك سقطت أنت من ارتفاع 14 متر، هنا لديك غالبًا ثانيتين لتتجهز للعاعلم الآخر.
في الفقرة السابقة، افترضت أن توقيت قفزتك مثاليّ، وهو شيء نادر جدًا، لذا غالبًا عند القفز ستضرب رأسك بسقف المصعد وتفقد سرعة القفز خاصتك. بالإضافة إلى ذلك، فمقالنا مخصص بشكل أكبر للسقوط من مبانٍ شاهقة الارتفاع.
لماذا يعتبر القفز في المصعد فكرة مرفوضة؟
تعتمد القوة التي ستضرب بها الأرض على زخمك. الزخم: كمية الحركة، وتنتج عن حاصل جداء كتلة الجسم في سرعته، أي ستعتمد قوة الضربة على نتاج ما لديك من كتلة وسرعة. كلما كان المصعد أعلى (أي كلما طالت فترة السقوط)، زادت خطورة الإصابة.
المزيد من الوقت في السقوط الحر = المزيد من زخم الحركة = المزيد من الضرر الإجمالي
بشكل عام، لا يمكنني أن أقول لك إلا “لا تقلق”.. المصاعد آمنة للغاية، إذ يبلغ معدل الوفيات جرّاء سقوط المصاعد 0.00000015% لكل رحلة.. فاطمئن.
اقرأ أيضًا: برج القاهرة أهم أيقونات قاهرة المعز السياحية
كيف تنجو بحياتك إذًا؟
بما أن المصعد يسقط سقوطًا حرًا، فإن القوة الوحيدة المسيطرة عليه هي قوة الجاذبية، لذا سيتحرك المصعد إلى الأسفل بتسارع 9.8m/s2، وبما أنك تهوي أيضًا داخل المصعد إلى الأسفل، فأنت تهبط بنفس تسارعه في حال بقيت ساكنًا، ولم تذعر وتتحرك يمينًا وشمالًا.
بقاؤك “واقفًا” على كاحليك ورجليك، يفرض عليهما امتصاص أغلب الصدمة، ستُكسر أو تُخلع بعض العظام أو تُمزّق بعض الأربطة. عندما يصطدم المصعد في أسفل العمود، سيبدو جسمك أثقل بكثير، ولأنك ستكون ثقيلًا، فلن تتمكن ساقيك من دعم جسمك كثيرًا، حتى رأسك سيبدو ثقيلًا بشكل لا يمكن لرقبتك تحمله ربما. ربما يمكنك أن تحمي الأعضاء الداخلية المهمة من جسدك فقط.
إذا أردت الوصول إلى الأرض إنسانًا حيًّا بالإمكان معالجته، وليس جثة هامدة، فالحل هيكليًا وليس ديناميكيًا. أكثر ما يمكنه مساعدتك هو حشوات تمتص الصدمة، وهنا يمكنك الاعتماد في نجاتك على حشوتين:
- الوسادة الموجودة أسفل أعمدة المصاعد والتي تعمل عندها لتقليل التأثير (لا يمكن ضمان وجود الوسادة في جميع أنواع المصاعد).
- الجزء الأكثر بدانةً في جسمك… اختر أكثر مكان يحتوي اللحم في جسمك، واجلس عليه واضغط (غالبًا المؤخرة).
طبعًا، بالنسبة للطريقة السابقة فهي أيضًا ليست محسومة النتائج، فمن الناحية النظرية، ثني الساقين وأنت تهبط مع المصعد للأسفل، يؤدي إلى نشر قوة التأثير جسمك على مدى فترة أطول، إذ تتناسب قوة التأثير مع السرعة والكتلة، وتتناسب عكسيًا مع الوقت ومسافة التوقف، لذا فإن فعالية هذا النهج في السرعات العالية لا تزال غير واضحة، وتظهر الأبحاث أنه قد تتعرض الركبتين والساقين إلى خطر أكبر عند السرعات المنحفضة.
مع وضع جميع تلك العوامل في عين الاعتبار، تعتبر أفضل طريقة للنجاة من سقوط مصعد هي الاستلقاء على الظهر، مع محاولة تغطية الوجه والرأس للحماية من الحطام. طبعًا ستتوجه إلي بالأسئلة حول عمودك الفقري وما سيصيبه جراء ذلك.. عزيزي، سيؤدي الاصطدام بالأرض بهذه الطريقة إلى نشر قوة التأثير عبر جسمك كله، وهذا ما يحمي عظامك من السحق تمامًا، لأنها ستكون عمودية على اتجاه الصدمة، ستتأذى بالتأكيد بسبب التوقف المفاجئ، ولكن بشكل أخف من وضع الوقوف أو الجلوس وثني الساقين.
قد تتعرض لبعض الكسور في بعض الأضلاع، ولكن هناك أمل كبير في بقائك حيًا. عام 1945، اصطدمت قاذفة بمبنى إمباير ستيت (Empire State Building) صادف وجود امرأة تدعى بيتي لو أوليفر (Betty Lou Oliver) في المصعد، سقطت من علوّ 75 طابق، ووصلت الأرض مع بعض العظام المكسورة فقط.
اقرأ أيضًا: بالصور… اكتشف المباني الأطول في العالم
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.