اضطراب النرجسية وجنون العظمة!
5 د
كان الطبيب الفيلسوف ومؤسس علم النفس الحديث ” فرويد ” هو أول من ذكر النرجسية ووضح علاقتها بالجانب النفسي، يقول ” فرويد” أننا جميعًا نمتلك شيئًا من النرجسية وحب الذات، وهي أمر بديهي وضروري أن يُحب المرء نفسه ويقدرها حق تقديرها، وأنه يرى أن النرجسية في بداياتها ما هي إلا مرحلة من مراحل النمو.
والتي ينبغي إشباعها ذاتيًا حتى ينتقل المرء بعدها من محبة نفسه وتقديرها إلى توجيه كيانه وعواطفه إلى محبة الآخرين وتقديرهم أيضًا، ولكن في حالة توقف الشخص عند المرحلة الأولى من حب الذات ومن ثم انغلق عليها فهنا تكمن المشكلة وتتحول نرجسية الشخص من طبيعية إلى مرضية.
ما هي النرجسية ؟
ولنجيب عن هذا السؤال ” ما هي النرجسية ؟ “، فإننا نستطيع من خلال تجميع آراء العديد من المحللين النفسيين أن نقول أن النرجسية هي اضطراب نفسي يتعاظم فيه شعور الفرد بذاته وأهميتها بل وربما يهيم بها عشقًا ويصبح لديه احتياج وانشغال دائم في أن يكون محط أنظار الجميع واهتمامهم، بينما يفقد جزء كبير جدًا من مشاعره في جانب التعاطف مع الآخرين وتقديرهم بل وقد يفقد عواطفه تلك مع الآخرين تمامًا.
علامات الاصابة بإضطراب النرجسية
- ستجده يحاول إقناعك بأن قدراتك لا تُذكر وسيبذل جهودًا لكي يثبت لك مع مضي الوقت أنك شخص مُختل فهو يستمتع بخلق القلق والارتباك وإثارة الصراعات النفسية داخل نفوس الآخرين ولا يهدأ حتى يفقدهم ثقتهم بنفسهم عن طريق اللوم الدائم والنقد السيء المستمر، بينما هو دائمًا ما يكثر التضخيم من قيمة نفسه ويعدد مميزاتها وقدراتها ويرى أنه مميز ومختلف للدرجة التي تجعله لا يستطيع التعامل إلا مع المتميزين أمثاله.
- في بداية تعاملك مع الشخصية النرجسية من المتوقع أن يتوغل حياتك كاملة ويملؤها عليك إهتمامًا للدرجة التي ستجعلك تراه ويكأنه شخصية ساحرة أهدتك السماء إياه.
- فور أن يشعر بأنه اكتسب ثقتك، ستلاحظ تغيرًا في معاملته واذا قمت بتوجيه النقد إليه ذات مرة فسيأخذ حديثك على أنه نابع من شخصية مجنونة ليس أكثر، ستجده يرد بكل ثقة عن جميع اتهاماتك بالسلب ونفي وجودها وإشعارك أن تخيلاتك عنه فقط هي السيئة وأنك في حاجة إلى مراجعة نفسك.
- في حالة ثبوتك على موقفك منه بعد كشفه وكشف إضطرابه النرجسي وبدأت في التغير بمعاملته وإشعاره بأنك تراه شخص عادي كسائر البشر يحمل عيوبًا ومميزات على حد سواء، فإنه فورًا سيتخلي عنك، وذلك يوضح مدى سوء العلاقات الاجتماعية لدى الشخصية النرجسية.
- ستلاحظ أن لديه تدني كبير في التعاطف مع الآخرين، يحمل سلوكه وطريقة حديثه الكثير من الغرور والغطرسة، ويعتقد أنه محط أنظار الجميع وأن هناك حُسادًا كثيرين له، لا يتقبل الخسارة أبدًا، وستجده يفضل الإنعزال أحيانًا، يصعب عليه العمل وسط فريق لأنه لن يستطيع التعاون ودائمًا ما يتعرض لخلافات ومشكلات مع الآخرين في محل عمله، لا يتقبل النقد أو اللوم ويغضب كثيرًا عند التعرض لذلك.
- أيضًا يستغل الكثيرين من البشر من حوله لتحقيق أهداف شخصية تابعة له، إذا قابلت مثل هذه الشخصية فاحرص على الابتعاد عنها من البداية لأن استمرارية مثل هذه العلاقات سيلحق بك أثرًا نفسيًا وخيمًا وربما تجد نفسك قد تحولت إلى نقّادٍ وجلاد لكل تصرفات الجميع من حولك، فابتعد وانج بنفسك.
أسباب الإصابة بإضطراب النرجسية
وهنا نستعين برأي المحلل النفسي الشهير ” هاينز كوهوت ” والذي أسهم في إحداث تطورات كبيرة في علم نفس الذات، يقول أن النرجسية المرضية من وجهة نظره التحليلية يرجع سببها إلى برودة التعامل العاطفي مع الطفل في مراحله الأولى من فترة صباه حيث إنه لم يتم إشباع رغباته من الحب والإحتواء المعهود في بداياته العمرية، ويرى ” كوهوت ” أن النرجسية هي نتاج لذلك الحدث السيء أثره وأن الشخص المصاب بالنرجسية يشعر بأنه يُعوض نفسه عن مساويء مرحلة سيئة ما ألمت به في حياته
هناك أيضًا أسباب محتملة للإصابة بهذا الاضطراب ذكرها بعض المحللين النفسيين مثل تدخلات الأهل الزائدة في حياة الشخص وتقييمهم المفرط لأفعاله، وعلى الجهة الأخرى فإن الإعجاب الزائد عن الحد من الأهل وتفخيم ذات ابنهم بما لا يتناسب مع واقعه تجعل منه شخصًا نرجسيًا على أكمل وجه.
النقد الدائم للطفل وإيذائه النفسي من خلال الإكثار من التعليقات السيئة حول بعض صفاته الشخصية والجسمانية، كما أن التشجيع المفرط لسلوك الطفل الجيد والتوبيخ الزائد عند السلوك السيء يخلق عند الطفل حالة من الاضطراب وعدم الإتزان.
في النهاية يتضح أن هناك علاقة وثيقة بين سوء معاملة الأهل وبين إصابة أبنائهم باضطراب النرجسية وذلك لفشلهم في تأسيس علاقة متعاطفة ومتزنة معهم من البدايات مما يتسبب في فقدان الطفل ثقته بنفسه ويصبح لا يرى في شخصيته إلا العيوب وبالتالي يترسخ عنده الشعور بأنه لا قيمة له ولا يحبه أحد.
أعراض يُتوقع مصاحبتها لإضطراب النرجسية
غالبًا ما يمر النرجسي بمراحل إكتئاب متفاوتة على مدار عمره، قد يميل أيضًا إلى التدخين الشره وفي بعض الأحيان يعكف على المخدرات فيصاب بإدمانها، وبعضهم يُصاب بالقهم العصابي فيتجنب تناول الأطعمة الدسمة ويمارس الرياضة بشكل مفرط ويصل بوزنه إلى النحافة الضارة التي تؤذيه.
علاج اضطراب النرجسية
يعتمد علاج إضطراب النرجسية على العلاج النفسي وليس الأدوية الطبية، ويعد من أكثر أنواع العلاج نفعًا لهذا الإضطراب هو العلاج المعرفي السلوكي وأحيانًا العلاج الأسري والعلاج الجماعي، مع ضرورة العلم بأن علاج هذا الاضطراب يأخذ وقتًا طويلًا لأنه يصعب تغيير مكونات ترسخت في شخصية الإنسان ومضى عليه زمن وهو محتفظ بها
ويقول المحلل النفسي ” كوهوت ” أن الإضطراب النرجسي الشديد لا يمكن معالجته، وأن الحالة المتوسطة أو الخفيفة هي المعنية فقط بإمكانية العلاج.
شاهد هذا الفيديو أيضًا:
والآن أخبرنا هل قابلت شخصًا نرجسيًا من قبل؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.