أقدم 10 أمراض في التاريخ
7 د
عند دراسة الأمراض الغابرة، لا شيء قد يُفيد مثل أجسام الموتى، فمنهم يستخرج العلماء أدلة وآثار الأمراض و يمكنهم معرفة أنواع الأمراض التي تعرض لها البشر على مرّ التاريخ،حيث هناك علم كامل يهتم بدراسة الأمراض في التاريخ عبر دراسة الحفريات يُطلق عليه باليوباثولوجيا paleopathology أو علم الأمراض القديمة.
قال الدكتور Anne Grauer وهو عالم أنثروبولوجيا “علم الإنسان” في أحد اللقاءات:
بقايا العظام تُعتبر أداة قوية للاستدلال على الأمراض المختلفة، فمن السهل تحديد تاريخ مرض السُلّ من الضرر الذي يُخلِّفه على العظام
عُلماء آخرون يعتقدون أن البيانات الجينية المستخرجة من الجثث يمكنها أن تقدم معلومات أيضًا عن الأمراض التي تعرّض لها الجسم وعن طريق تحليل عيّنات الحمض النووي يمكن للعلماء تحديد نوع الأمراض والآثار التي تركتها على الجسم. وحتّى في حالة عدم وجود بقايا عِظام أو عيّنات حمض نووي فالعلماء تمكنوا من إثبات أن أمراض مثل السل والجذام تعود لما قبل التاريخ باستخدام الجينات الخاصّة بالبكتيريا المسببة لهذه الأمراض، ولعلّ أكثر تحدٍّ يواجه العلماء عند تحديد أقدم مرض عرفته البشرية هو تحديد معنى كلمة “مرض” في حد ذاتها.
في هذه القائمة سنذكر أقدم 10 أمراض عرفها البشر سواءً سببتها البكتيريا أو الفيروسات ويُستثنى من هذه القائمة أمراض حصدت أرواح الملايين مثل الإنفلونزا والحصبة والطاعون الأسود، وذلك لأنها تتطلب كثافة سُكانية كبيرة لتنتشر وهذا لم يحدث إلا عندما بدأ البشر في العيش داخل مُدن كبيرة.
الكوليرا
خلال القرن الرابع قبل الميلاد صنّف الطبيب اليوناني أبقراط الأمراض التي أصابت البشر في ذلك الوقت وكان من ضِمنها مرض الكوليرا، بكتيريا الكوليرا تعيش في العديد من مصادر المياه حول العالم ولكن يكمُن خطرها في البيئة التي يتواجد فيها كثافة سكانية حول تلك المصادر بحيث تساهم هذه الكثافة في انتشار المرض بشكل أسرع.
نهر جانج يُعد من أقدم مصادر المياه التي تجمّع حولها البشر ويعتقد العلماء أنه مصدر انتشار المرض للعالم حيث أنه كلما كان هناك أُناس أكثر مُصابون بالكوليرا فإنهم يزيدون من تلوث المياه بالبكتيريا وبالتالي يزيدون من انتشار المرض بين البشر الذين يعيشون على امتداد مصدر المياه.
التيفوئيد
خلال الفترة من 430 وحتّى 426 قبل الميلاد، اجتاح مدينة أثينا وباء لا قِدَم لأحد به ووصف المؤرخ اليوناني ثيوسايديس أعراض هذا المرض كالآتي:
الناس يكونون بصحة جيدة ثم فجأة يهاجمهم ارتفاع كبير في درجة الحرارة في الرأس أو الحلق أو اللسان ليتحول لونهم للأحمر ويصدر عن أفواههم روائح كريهة، وعندما يستقر المرض في المعدة فإنه يؤلمها جدًّا ولا يتجاوب مع أي وصفة دوائية يعرفها الأطباء. إذا تجاوز المريض هذه المرحلة ينتقل المرض إلى الأمعاء مسببًا القرحة والإسهال ثم ضعف قاتل في جسد المريض.
ساهم هذا الوباء في خسارة أثينا لمدينة سبارطا الشهيرة في الحرب البيلوبونيزية مُحدثًا فجوة كبيرة في الديموقراطية عبر التاريخ.
المصدر
الجُذام
على الرغم من وجود وصف لمرض الجذام في الإنجيل إلا أنه لم يكن أقدم ذكر له، حيث يمكننا أن نجده مذكورًا أيضًا في مخطوطة من ورق البردي الخاصّة بالحضارة الفرعونية في عام 1550 قبل الميلاد والتي ذُكِرَ فيها:
إذا وجدت ورمًا كبيرًا في أي جزء من جسدك وكان رهيبًا وأحدَث انتفاخًا وظهر به شيء مثل الهواء “المقصود فقاعات” إذًا يجب أن تعرف أنه ورم خنسو “إله من آلهة الفراعنة” ويجب أن لا تفعل أي شيء بخصوصه.
بينما تعتمد الكوليرا والتيفوئيد على الانتشار المُباشر عبر مصادر المياه، فالجذام يتّبع استراتيجية مختلفة، حيث يمكن لحامل بكتيريا الجذام أن يستمر في حملها لمدة 20 عامًا قبل أن تظهر عليه أيّة أعراض لينتشر المرض خلال تلك الفترة انتشارًا كبيرًا، وتُسمى تلك الاستراتيجية بطريقة الهمود أو الخمود.
المصادر 1 2
الجُدَري
الهدف من التحنيط بشكل عام هو حفظ أنسجة الجسم الخارجية، لذلك فالحضارة الفرعونية تُقدم مصدرًا هائلًا من المعلومات عن الأمراض الجلدية التي أصابت قدماء البشر. أحد الأوائل الذين بدأوا في دراسة الأمراض القديمة في المومياءات المصرية كان Marc Armand Ruffer والذي ألّف كتابًا في عام 1921 باسم “دراسة الأمراض القديمة في مصر” وصفَ فيه ثلاث مومياءات ظهر عليها بثور على شكل حويصلات والتي تُشبه تمامًا تلك الموجودة لدى المُصابين بالجُدَري، أقدم مومياء من الثلاثة كانت تعود لعام 1580 قبل الميلاد وأحدثها كانت مومياء رمسيس الذي توفي في عام 1157 قبل الميلاد.
الجُدري من الأمراض القاتلة التي حصدت أرواح من 300 إلى 500 مليون إنسان في القرن العشرين وحده.
المصادر 1 2 3
داء الكلب
فيروس داء الكلب من الفيروسات الذكيّة حيث لا يكتفي فقط بإصابة فريسته ولكنه يستولي على عقله ويجعله يرغب في عضّ أي شيء، وهكذا يزيد الفيروس من فرص انتشاره وهو ينتهج هذا الأُسلوب منذ العام 2300 قبل المِيلاد وقد ذُكِرَ هذا المرض في دستور حضارة بابل.
مصادر 1 2 3
الملاريا
أول عِلاج لمرض الملاريا قدّمه الرومانيون على شكل تميمة منقوش عليها بعض التعويذات يتم ارتداؤها حول الرقبة والمعروفة في عصرنا الحالي بكلمة أبراكادابرا – abracadabra، وخلال السنوات التالية لذلك العِلاج السحري كان هناك محاولات كثيرة لإيجاد علاج آخر منها إضافة الزيت إلى البرك الراكدة لقتل يرقات البعوض واستخدام المبيدات واللقاحات والشباك وحتى حلول متطورة مثل استخدام الليز لقتل البعوض في الهواء.
وبالرغم مما سبق استمر المرض في الانتشار ليصيب 300 مليون إنسان كل عام ويقتل منهم مليونًا على الأقلّ سنويًّا وأحد الأبحاث تعتقد أن مرض الملاريا مسؤول عن نصف وفيّات البشر منذ العصر الحجري وحتّى الآن. وتمتد جذور المرض إلى العام 2700 قبل الميلاد حيث ذُكِرَ أول تعريف له في أحد الحضارات الصينية.
المصادر 1 2 3
الالتهاب الرئوي
يتنفس البشر يوميًّا 11 ألف لترًا من الهواء، وبالتالي يمكننا استنتاج أن الرئتين من المواطن المفضلة للبكتيريا والفيروسات والطحالب وحتى الطفيليات، وعندما تستعمر إحدى تلك الكائنات الرئة فالنتيجة المتوقعة هي إفراز سوائل في الرئة.
ذكر الطبيب أبقراط الذي ذكرناه سابقًا أن وجود السوائل في الرئتين يمكن أن يُطلق عليه التهابًا رئويًّا إذا:
إذا كانت هناك حُمّى حادة وإذا كان هناك ألامٌ في الصدر وكحة مصحوبة ببصق وبلغم
من الصعب تحديد تاريخ نشوء هذا المرض لأنه كما ذكرنا أنسجة الرئة لا تُعمّر كثيرًا بعد الموت وبالتالي الأدّلة على تاريخ هذا المرض تحديدًا غير معروفة ولكن لا شك أنه يعود لحقبة ما قبل التاريخ والدليل على ذلك ذكر أبقراط له ووصفه له بمرض القدماء.
المصادر 1 2
مرض السُلّ
في عام 2008 اكتشف مجموعة من العلماء مدينة تُسمى Alit-Yam كانت مغمورة تحت التراب على سواحل دولة فلسطين وفيها وجدوا بقايا أم وطفلها وأظهرت عظامهم أدلة واضحة على إصابتهم بمرض السُلّ وتأكد الأمر بعد فحص الحمض النووي الخاص بهم ويُقدّر عمر هذه الآثار بـ9000 عام.
أظهرت حفريات أخرى أيضًا في تلك المدينة أن مصدر هذا المرض هو الإنسان وانتقل منه إلى الأبقار وليس العكس ومع أن هذا الاكتشاف يُعتبر أقدم اكتشاف للمرض إلا أن أدلة أُخرى تم الكشف عنها في تركيا في عِظام أخرى يعود تاريخها إلى 500 ألف عام.
المصادر 1 2 3
التراخوما
مرض التراخوما مرض بكتيري مزمن ومعدٍ يصيب العين ويسبب ظهور حبيبات في جفن العين ويعمل على تقليصه وبالتالي وصول رموش العين إلى القرنية ومع الوقت وحك المريض لعينه باستمرار قد يُصاب بالعمى.
تم ذكر هذا المرض في كتاب أبقراط الذي ذكرناه سلفًا وفي أوراق البردى الخاصّة بالحضارة الفرعونية ولكنّ الباحثين وجدو آثارًا لهذا المرض في بعض الهياكل العظمية في أُستراليا والتي تعود إلى عام 8000 قبل الميلاد.
المصادر 1 2
حمّى الجبال الصخرية
تحمل الميتوكوندريا جيناتها الخاصّة المنفصلة عن الحمض النووي الخاص بالإنسان نفسه وهي تشبه في تركيبها تلك التي لدى البكتيريا وبالتالي يعتقد العُلماء أنها قد تكون سبب وجود أكثر الكائنات فتكًا على وجه الأرض.
من البديهي أنه إن كان هذا التوقع صحيحًا فقد حدث قبل ظهور الإنسان بفترة ولا يمكن الاستدلال عليه بالحفريات لذلك فقد قام الباحثون بمقارنة تلك الجينات لدى الميتوكوندريا مع جينات البكتيريا الموجودة اليوم ليجدوا أنها أقرب ما تكون إلى نوع من البكتيريا تُسبب حُمى الجبال الصخرية.
المصادر 1 3 2
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.