كأس فيثاغورس أشهر خدعة هندسية في التاريخ

إن قمتم بالبحث على الإنترنت عن كأس فيثاغورس وشاهدتم صورته، ستظنون بأنه كأس عادية، لكنه بالحقيقة تختلف عن كلّ الكؤوس العادية التي تعرفونها، يحتوي الكأس على عمود في منتصفه، ومهمة هذا العمود هي سكب المشروب منه عندما يزيد عن حد معين، صُممَ هذا الكأس خصيصًا للجشعين.

في الحقيقة كان القدماء يحبون خداع بعضهم والمزاح كأيامنا هذه تمامًا، الخِدع منتشرة في عالمنا هذا منذ عدة قرون، فخدعة كأس فيثاغورس هي من أشهر خِدع بلاد الإغريق، صممَ هذه الخدعة عالم الرياضيات فيثاغورس، الذي نعرفه من خلال نظريته الشهيرة، على ما يبدو كان العالم فيثاغورس إنسانًا طريفًا، لإيجاده خدعة كأس فيثاغورس.

 النظريات الأغرب على الإطلاق التي قيلت عن الأرض !

أُنشئ هذا الكأس بناءً على أسلوب هندسي ذكي جدًا، لا نزال نستطيع استخدام هذه الخدعة حتى يومنا هذا، سنتحدث الآن عن تاريخ الكأس والهندسة التي ساعدت بإنجاح هذه الخدعة.

بعكس الكؤوس التي نعرفها جميعًا التي نضع فيها المشروب بشكل طبيعي، زُوِدِ كأس فيثاغورس بعمود صغير ذو تصميم فريد في المنتصف، وهذا العمود مجوف ومثبت بشكل جيد على قاع الكأس، له شق في الأسفل، ليسمح للمشروب بالانتقال إلى قاع الكأس، فيصل لفتحة صغيرة (أعلى العمود الموجود داخل التجويف) وتقوم بدورها بتسريب المشروب لخارج الكأس.

حين امتلاء كأس فيثاغوس وتخطى السائل مستوى العمود، تسرب المقدار الزائد من السائل بالكامل إلى الغرفة الصغيرة داخل العمود ومنها إلي قعر الكأس. تعمل هذه الكأس وفق مبدأ عمل نظرية الأواني المستطرقة. يتمكن الشخص من الشرب بشكل عادي دون تسرب المشروب لخارج الكأس أما عند وصول المشروب لمستوى أعلى من قمة العمود ستنطلي عليه خدعة فيثاغورس وسيتسرب المشروب خارج الكأس وستتبلل ثيابه.

لهذا السبب مهما حاول الشخص ملء الكأس باستخدامه طريقة سكب المشروب بشكل متواصل، فلن يحصل على أية نتيجة، وسيستمر المشروب بالاختفاء.

على الرغم من حمل الكأس اسم كأس فيثاغورس، لكن هناك صعوبة بتحديد هوية مخترعه، وبنفس الوقت هناك إجماع بأن فيثاغورس هو من أوجد هذه الخدعة.

فيثاغورس هو عالم رياضيات وفيلسوف يوناني وهو مؤسس الحركة الفيثاغورية، وُلد عام 495 بجزيرة ساموس وتوفي عام 570 قبل الميلاد كان له ولد وثلاثة بنات، سافر إلى العديد من البلدان ومنها مصر واليونان وربما الهند، أقام بعد ذلك بمستعمرة كروتوني بإيطاليا عام 530 قبل الميلاد، وهناك أنشأ مدرسة من أجل مناقشة الأمور الفلسفية.

بالرغم من عدم معرفة تاريخ اختراع الكأس بشكل دقيق لكنه من المرجح أنه ظهر بالقرن السادس قبل الميلاد. بحسب بعض القصص الأسطورية، أوجد فيثاغورس هذا الكأس لكي يعاقب أصدقاءه الذين يملؤون النبيذ بكؤوسهم بكل طمع وجشع، ولهذا السبب يطلق على هذا الكأس اسم كأس الجشعين.

هناك قصص أخرى تقول بأن فيثاغورس أوجدَ فكرة هذا الكأس لكي يذكر الناس بأهمية الاعتدال بالمشروب، فكما ذكرنا سابقًا يمكنك الشرب من هذا الكأس عند عدم وصول مستوى المشروب لأعلى من قمة العمود، وبكل الأحوال سواء اخترع هذا الكأس لمعاقبة الجشعين أم لتذكير الناس بضرورة الاعتدال، لا يزال هذا الكأس أداة هندسية ذكية، وخدعة عملية شائعة حتى يومنا هذا.

وجد علماء الآثار نسخ أخرى من كأس فيثاغورس تعود للقرن الرابع بعد الميلاد لكن بتصميمات رومانية، ووجدوا أيضًا وعاء تانتالوس الذي يعمل بنفس طريقة الكأس تقريبًا. تانتالوس هو شخصية أسطورية في الميثولوجيا الإغريقية لم يستطع إرواء عطشه.

تاريخ العلم في الحضارات القديمة، ومفهوم فلسفة العلم!

إن أعجبتكم هذه الخدعة وأردتم تجربتها على أصدقائكم، فالأمر ليس صعبًا أبدًا، فهناك العديد من الطرق التي تساعدكم على صنع هذا الكأس. يمكنكم أيضًا شراء كأس فيثاغورس عن طريق الانترنت فستحصلون حينها على كأس منحوت شبيه بالنسخة الإغريقية.

يوجد العديد من الفيديوهات على الإنترنت التي تعلمنا طريقة النحت وخاصةً طريقة نحت هذا الكأس. يمكنكم تصميم الكأس باستخدام أدوات بسيطة وموجودة في المطبخ، عن طريق استعمال كأس بلاستيكي وقشة الشرب (الشلمونة)، والطريقة هي: قم بثقب أسفل الكأس وبعدها أدخل القشة من الثقب لتصل لنصف الكأس وتأكد من انحنائها في الأعلى ومن ثم صبّ المشروب بها وستلاحظ بأن المشروب لن يزيد فوق مستوى القشة بل سيخرج من أسفل الكأس، وهنا لا يمكنك تطبيق هذه الخدعة على أصدقائك لأن المكونات الداخلية ستكون واضحة للعين، إلا أنها تجربة علمية مضحكة يمكنك تعليمها لأولادك.

هناك العديد من الأمور التي تعلمناها من خدعة كأس فيثاغورس، أولًا أن للقدماء حس فكاهي خاص بهم، حيث كانوا يخدعون بعضهم مثلما نفعل نحن الآن، لكن طرق الخداع لديهم كانت بطرق هندسية وعلمية مدروسة، ثانيًا أنه بإمكاننا تعلم نظريات علمية وبعض الأمور عن حركة السوائل، وأخيرًا أنها عملية ممتعة.

سواء كنت تحب خداع أصدقائك وتشعر بالملل، أو كانت مهنتك التعليم وتريد إعطاء الطلاب لديك في الصف تجربة علمية وطريفة، فأنصحك بتجربة هذه الخدعة. لا يمكن لأي حضارة الاستغناء عن الخِدع وحس الفكاهة فهي تساعد البشر على الضحك ونسيان الأحزان والضحك بدوره يستخدم العضلات والأعصاب فيعيد للإنسان أمله وطبيعته.