سارجاسو… بحر بلا شاطئ!
4 د
ربما لم نسمع عن بحر بلا شاطئ سوى في القصص الرومانسية التي تتحدث عن غرق العاشقين في بحر الهوى العميق والذي ليس له ساحل. لكن الجغرافيا أيضًا أثبتت أنها قادرة على منافسة الحب في هذا لتصنع لنا –بقدرة الله– بحرًا حقيقيًا بلا شاطئ ليس بمقدور العشاق الجلوس على ساحله.
يعتبر بحر سارجاسو هو البحر الوحيد الوحيد من نوعه في العالم بسبب تميزه وبسبب طبيعة مياهه و الأعشاب والطحالب البحرية الطافية فوقها، ومنذ مرور كولومبوس عليه في رحلته الأولى للعالم الجديد انتشرت الكثير من الشائعات والأساطير حول هذا البحر الذي يقع مثلث برمودا في جزئه الغربي.
مثلث برمودا على حافاته الغربية
يقع بحر سارجاسو في منتصف المحيط الأطلسي الشمالي وهو محاط بمياه المحيط من جميع الجهات ويبلغ عرضه سبعمائة ميل تقريبًا وطوله ألفي ميل (1100 كم عرضًا، 3200 كم طولًا) وهو بيضاوي الشكل تقريبًا ويعتبر أكبر من جزيرة جرينلاند ويدور باتجاه عقارب الساعة، ويقع امتداده من دائرة عرض 70 درجة إلى دائرة عرض 40 درجة غربًا، وبين خط طول 25 إلى خط طول 35 شمالًا، مشكلة مسطح مائي هائل يصل إلى 2 مليون ميل مربع.
حدود بحر سارجاسو تشمل خليج ستريم من الغرب وبرمودا من الشمال وجزر الأنتيل الكبرى من الجنوب ويقع مثلث برمودا الشهير داخل حدوده بالقرب من حافاته الغربية، ويعتبر بحر سارجاسو بحرًا بلا شواطئ أو سواحل. ويتميز بحر سارجاسو بوجود الطحالب والأعشاب البحرية التي تنمو به وتطفو على سطحه ومياهه زرقاء ومالحة وتعتبر دافئة مع تحرك بطيء للتيارات البحرية لكنه محاط بتيارات سريعة مثل تيارات خليج ستريم في الغرب.
بحر سارجاسو يعتبر منطقة هادئة مع التيارات البحرية البطيئة التي تدور باتجاه عقارب الساعة والتي تجعل المياه دافئة والرياح منخفضة.
وقد أسماه البحارة البرتغاليون الأوائل بهذا الاسم بسبب وجود الأعشاب والطحالب المائية عائمة فوق مياهه (Sargassum)، وبسبب وجود هذه الأعشاب والطحالب تكونت بيئة غذائية صالحة لتواجد الكثير من الأحياء المائية الصغيرة كما يوجد فيه أنواع صغيرة من الأخطبوط، بالإضافة إلى أنواع من سرطان البحر والجمبري.
ولأسباب غير معروفة فإن مجموعات من ثعبان السمك “Eel” تتجه من أماكن كثيرة لتجتمع في مياه بحر ساراجاسو فتتزواج مع تلك الموجودة في مياهه البحر وتضع بيضها حتى إذا فقست تلك البيضات عادت إلى أماكنها في بحار أوروبا وأمريكا والبحر الأبيض المتوسط
المنطقة الوسطى منه عادة ماتكون هادئة مع رياح قليلة نسبيًا بالإضافة للتيارات البحرية وتعيش بعض العوالق البحرية وبعض الأحياء في تلك المنطقة.
وقد مر عليه كولومبوس في رحلته الأولى عام 1492 م، وعلى مر التاريخ لمئات السنين انتشرت الكثير من الإشاعات حول بحر سارجاسو بأنه خطير على السفن وأن هناك الكثير من السفن القديمة يرونها عائمة على مياهه.
وكان البحارة الإسبان يلقون بالخيول من فوق سفنهم المبحرة لتهدئة مياه البحر كما أنهم كانوا يطلقون عليه Sea of Lost Ships أو بحر السفن المفقودة. وقد وجدت 1800 نوع من الأحياء المجهرية تضم 150 نوع جديد و أكثر من 1,2 مليون جين جديد اكتشفت في مياه بحر ساراجاسو.
و آخر تلك السفن كانت السفينة USS America CV-66 الحربية الأمريكية في بحر سارجاسو عام 2005 م.
و قد دخل بحر سارجاسو في عالم الأدب عبر رواية الأديب الفرنسي جول فيرن “عشرون ألف فرسخ تحت البحر” أو بالفرنسية (Vingt mille lieues sous les mers) في منتصف القرن التاسع عشر، وكما يبدو فإن فيرن تأثر بأخبار العديد من السفن العالقة هناك ومن ضمنها السفينة روزالي في عام 1840 م.
و هناك رواية (Wide Sargasso Sea) للكاتبة الدومنياكانية “Jean Rhys” في عام 1966 م، والتي حولت منذ تأسيسها لفلم سينمائي و أوبرا موسيقية و مسلسل تلفزيوني، وهناك الكثير من الأفلام والقصص والكتب التي ألفت حول بحر سارجاسو بالإضافة للأعمال الموسيقية وحتى الألعاب الإلكترونية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.