علامات تدل على أنك تكره نفسك حتى لو أنكرت!
8 د
عندما كُنا صغارًا، تمنينا أن نكبر بسرعة، ربما بسبب حماسنا وقتها، أو أنه الفضول الذي يدفع الأطفال لاستكشاف العالم من حولهم. وتمر السنين وإذا بالأطفال أصبحوا شبابًا وفتياتٍ وتبدأ رحلتهم الجديدة في الحياة. إنها رحلة صعبة تحتاج للثبات والمرور بتجارب مختلفة، لتعلم كيفية مواكبة هذه الحياة الصعبة. يصل الشخص لمرحلة يُدرك فيها حقيقة أنّ الوصول لأي شيء يحتاج إلى كفاح.
هناك مَن يُكافح من أجل السعادة أو ليشعر بأنه شخص جيد، يستحق الحياة الهانئة أو تحقيق أحلامه. في بعض الأحيان يعتقد أنه لا يشعر بالرضا عن ذاته أو حياته، مُصاب بـ كراهية الذات لكن لماذا؟ حسنًا، قبل الإجابة أريد أن أوضح شيئًا من خلال معرفتي بالذات، جميعنا نعتقد بأننا أكثر من نفهم أنفسنا واحتياجاتنا، لكن هذا ليس صحيحًا، في كثير من الأحيان لا يُدرك المرء احتياجات ذاته جيدًا، وعندما أتحدث عن احتياجات الذات، فأنا لا أعني الحاجة إلى الطعام أو الشراب أو بذل طاقة أي نشاط، وإنما أقصد الذات من الداخل.
إنّ الذات البشرية عميقة وغامضة، ما زالت محط اهتمام العلماء والباحثين حتى اليوم. يحتاج فهمها إلى عمق وفطنة وذكاء وعلم، لذلك، لا أعتقد أنّ عمل الأطباء النفسيين سهلًا كما يظن البعض. في كثير من الأحيان يحتاج المرء لشخص يساعده في معرفة ذاته جيدًا، وأفضل شخص يساعد في ذلك هو الطبيب النفسي.
من خلال ما قرأت في حالات علم النفس، لاحظت أنّ المرضى لا يدركون تفسيرات منطقية لتصرفاتهم غير المنطقية إلا بعد مساعدة الطبيب الذي يأخذهم في رحلة زمنية للوراء، ويتوقفون في إحدى محطات الحياة التي حدث فيها أزمة ما، قد تكون طفولة تعيسة أو عائلة مفككة أو صدمة في وقتٍ ما تُركت حلقتها مفتوحة ولم تُحل أو الافتقار إلى العلاقات الوثيقة…إلخ. كل ذلك يتراكم في النفس، ويدخل المرء في حالة صراع مع مشاعر كراهية الذات وتظهر هذه المشاعر في عدة صور، منها: الغضب أو تدني احترام الذات أو النظرة السلبية لها وما إلى ذلك من وسائل تدميرها. الأهم من ذلك كله، أن يُدرك المرء مشاعره جيدًا، ويحدد موقفه تجاه ذاته حتى يستطيع البدء في تطويرها نحو الأفضل.
اقرأ أيضًا: كورونا وتقبل الذات: كيف تتأقلم مع التأثيرات النفسية للمرض؟
علامات تدل على كراهية الذات
أنت تُمزق ذاتك
عندما تجد نفسك أسوأ ناقد لذاتك وتفكر في أمور قاسية عن نفسك أو تتحدث بشكلٍ سيءٍ عنها يوميًا. فأنا آسفة لإخبارك بأنّ هذه علامات تدل على كراهية الذات . ستجد نفسك قاسيًا بشدة على ذاتك، لدرجة أنك لا تسامحها عندما تُخطئ وتلومها كثيرًا إذا حدث خطأ ما، حتى وإن لم يكن هذا الخطأ منك. إنك تفتقر إلى الثناء على نفسك عند فعل شيءٍ جيدٍ. تشعر بالذنب دائمًا، وأنّك عديم القيمة وتشتكي كثيرًا من حياتك.
تفتقر إلى القناعة
المُقارنة هي أسوأ ما يفعل المرء، وواحدة من أقسى الأدوات التي يستخدمها الشخص في احتقار ذاته. إذا وجدت نفسك تنظر إلى الأشياء التي يمتلكها الآخرون ولا تمتلكها أنت وتنسى ما بين يديك من نِعم، فأنت تفتقر إلى القناعة، بل وتظلم نفسك أيضًا، فهذا النوع من الأحكام القاسية سيجعلك تشعر بالضيق لا محالة، وهذا دليل قاطع على كرهك لذاتك.
كراهية الذات تدفعك إلى أن لا تهتم بنفسك
إذا أحببت شخصًا ما، ستجد نفسك تلقائيًا تهتم بكل تفاصيل حياته وتُكرس مقدارًا كبيرًا من الوقت لرعايته والاهتمام به. وإذا كنت تحب نفسك، ستفعل ذلك أيضًا، ولن تبخل بأي ذرة من الاهتمام تجاه نفسك. لكن إذا لم تفعل، فهذا دليل آخر على كرهك لذاتك، إذا كنت لا تنام جيدًا أو لا تمارس الرياضة المفيدة أو لا تأكل جيدًا، فهذا يعني أنك في أعماقك لا تعطي لنفسك أي اهتمام.
تهرب من الفرح
إذا كنت شخصًا متشائمًا وتبحث عن الثغرات السلبية في أي موقف ولا تسمح لأحد بمساعدتك أو تكره المدح أو الثناء، وتجد صعوبة في الرضا عن الذات وتعتقد أنك لا تستحق أن تحدث لك أشياء جيدة. وتفترض الأسوأ. تنصت للآخرين، تأخذ انتقاداتهم على محمل الجد. هذه كلها علامات تدل على هروبك من السعادة، وهذا يزيد من كراهيتك لذاتك.
تنعزل عن الآخرين
في البداية، يوجد فروق بين عزل النفس عن الناس بقصد والانطوائية. إذا كنت لا تسمح لأحد بالدخول في دائرة أصدقائك وتكافح لتكوّن أصدقاء. لا تبذل جهدًا في الاتصال بأصدقائك، تتهرب من المواقف الاجتماعية، وتُفضل أن تقضي معظم وقتك في البيت، حتى وإن كنت تُريد من داخلك الخروج وقضاء بعض الوقت مع الناس. هذه علامات مؤكدة على كراهية الذات .
اقرأ أيضًا: الأثرياء وثقافة تطوير الذات: ما الأخطاء التي لا يقعون فيها؟
كراهية الذات تعني أن تكره طبيعتك
عندما تُغير طريقة تعاملك من موقف لآخر، فأنت ترتدي قناعًا، لا تريد أن يعرف الآخرون طبيعتك لأنك تكره نفسك. تُحاول دائمًا أن تصبح محبوبًا من الآخرين. تشعر بالخجل من ذاتك وتتمنى لو كنت شخصًا آخرًا. تعتقد أنه لن يتقبلك أي شخص.
تخاف من الأحلام
تشعر دائمًا بالخوف من الآمال العالية، فأنت تشعر دائمًا بازدراء ذاتك، وتخاف المجازفة لأن اعتقاداتك تُصور لك أنك لن تستطيع، فما الفائدة من الأحلام الكبيرة؟ إضافة إلى الخوف من الرفض أو الفشل المحتملين، هذه العوامل تُشعرك بالإحباط، وبذلك تحرم نفسك من فرص التقدم للأمام، وبالتالي يصعب عليك النجاح.
تكذب كثيرًا
يختلف كذب الشخص الذي يكره نفسه عن كذب الشخص السيء، فالأخير يكذب من أجل التلاعب بالآخرين، أما الذي يكره نفسه، فهو يكذب لأنه يخاف من إظهار حقيقة اهتماماته.
تعتذر دائمًا
يحتقر الشخص الكاره لنفسه ذاته كثيرًا، لذلك يشعر دائمًا بأنه مذنب، ويعتذر على كل شيء حتى وإن لم يرتكب خطأ. كما أنّ اعتذاراتهم صادقة، كما لو أنهم قد أخطأوا بالفعل.
تجد صعوبة في تحديد اختياراتك
يجد الأشخاص الذين يكرهون أنفسهم صعوبة بالغة في الاختيار، قد تكون الحالة متقدمة فلا يستطيع اختيار طعامه أو شرابه أو ملابسه، ويمثل أمر اتخاذ قرار مسألة صعبة بالنسبة لهم، فالاختيارات متعلقة بالشعور بالهوية، وهذا أمر لا يحسنونه، لأنهم يخافون إظهار هويتهم الحقيقية في أغلب الوقت.
ما زلت عالقًا في الماضي
هناك العديد من الذكريات السيئة العالقة في الماضي من تنمر الآخرين أو موقف مُهين أو صدمات سيئة. يستطيع البعض تجاوزها، لكن كراهية الذات تجعل من صاحبها يُفضل البقاء أسيرًا لهذا الذكريات بكل ما يتعلق بها.
لا تستطيع قول لا
يخاف الكثير من هؤلاء الأشخاص أن يتركهم الآخرون ويرحلوا، يخافون من قول لا لهم على أي طلب، فهم يكافحون للحصول على أصدقاء، ويعتقدون أنهم قليلو القيمة، ويحتقرون أنفسهم. لذلك، من الطبيعي أن يخافون من قول لا.
اقرأ أيضًا: نظام خارجي هدوء داخلي: لماذا نقرأ كتب مساعدة الذات؟
بعض النصائح للتخلص من كراهية الذات
- افهم المشكلة جيدًا: إذا أردت حل مشكلة ما، عليك النظر إلى جذورها أولًا، اجلس مع ذاتك وحاول تحدد مصدر هذا الشعور، فكر في الأشياء التي تثير مشاعر كراهية الذات لديك. أعلم أن التدوين مفيد كثيرًا لعلاج أمور كثيرة، لكنه حقًا أداة فعّالة لاستكشاف ذاتك. دوّن كل يوم ما فعلته في يومك، ولاحظ الأفعال التي قُمت بها وكتبتها ثم أمعن النظر وفكر جيدًا. حتمًا لتصل للإجابة بمرور الوقت.
- تَحدى الأفكار السلبية: غالبًا ما تأتي الأفكار السلبية عندما تجلس في مكانٍ غير مناسب للتدوين أو التفكير، لذا سيكون من الأفضل إجراء محادثة داخلية مع ذاتك. ربما تسمع صوتًا داخليًا يخبرك: “أنا أكره نفسي”، أسأل أنت بسرعة: “لماذا؟”، من الممكن أن يأتيك الرد الداخلي قائلًا: “لست جميلًا في هذا الفستان”، كُل ما عليك فعله أن ترد: “هذا ليس صحيحًا” وفكر في الأسباب التي تجعل هذه الفكرة السلبية خاطئة. أعلم أنّ الوقوف أمام الأفكار السلبية أمر شاق. لكنه ضرورة يجب القيام بها للتخلص من مشاعر الكراهية المؤذية تلك.
- تدرب على التحدث مع النفس بإيجابية: انتهز أي فرصة تشعر فيها بالرضا عن نفسك واكتُب قائمة بالأشياء التي تُحبها في نفسك، لكن قد لا تستطيع التفكير في أي شيء تحبه في نفسك، وهذا طبيعي، فالحب عاطفة قوية، ومن الصعب الشعور به وأنت تُكن لذاتك كرهًا شديدًا. لذلك، يمكنك وضع قائمة بأشياء لا تكرهها في نفسك. احتفظ بهذه القائمة، واقرأها كل يوم وعندما تشعر بنفسك غاضب أو أُثيرت بداخلك مشاعر الكره من جديد.
- أعد صياغة الأفكار السلبية: تعتمد هذه التقنية على التفكير في الأشياء لكن من منظور مختلف أكثر إيجابية. بدلًا من قول “أنا سيء للغاية في تقديم العروض بالعمل” يمكنك قول “لا أشعر أنني قدمت العرض جيدًا اليوم”. إنه تغيير بسيط، لكنه لا يجعل هذه الفكرة السيئة تسيطر عليك.
- اقضِ وقتًا ممتعًا مع الأصدقاء: يساعد التواصل مع الأصدقاء والأحباء وقضاء الوقت السعيد معهم على تحسين الحالة النفسية، كما أنه يُخرج المرء من دائرة العزلة التي يعيش فيها، بسبب كرهه لذاته. اتفق مع أصدقائك على وقتٍ لشرب القهوة أو الخروج إلى أي مكانٍ آخر خارج المنزل. سيُساعد ذلك كثيرًا.
- تعاطف مع ذاتك: من أصعب الأشياء التي يستطيع الشخص القيام بها، لكن عندما يتصالح الشخص مع ذاته، ويعطي مبررات لنفسه أنّ أخطاءه في حق نفسه كانت نتيجة لحالة من الفوضى التي كان يعيش فيها، سيتحسن الوضع أكثر. وإذا وجدت الأفكار السلبية الخاصة بكره الذات بدأت تتصاعد من جديد، قُل لنفسك لا بأس، واعترف أنك لست على ما يرام واهدأ.
- اطلب المساعدة: كراهية الذات مشكلة نفسية، ولا بأس من طلب المساعدة، سواء من الطبيب النفسي أو صديق مُقرب موثوق بالنسبة لك.
كثير منا يعاني من هذه السلوكيات المدمرة للذات، وهي تُضر بصحتنا العقلية وتؤثر على عاطفتنا. ويتعرض الكثير إلى مشاعر الفراغ أو انعدام القيمة أو عدم الأمان، هذا يؤدي إلى كراهية الذات . لكن عندما يُدرك المرء مشاعر كره النفس جيدًا، سيصبح من السهل عليه التغلب عليها وبمرور الوقت سيتحسن وضعه ويتعلم أن يُحب نفسه أكثر، ويحيا في صحة وسعادة. وبمرور الوقت، عندما تتحول من قول: ” أنا أكره نفسي” إلى “سأقوم فالأفضل غدًا” ستتحسن الحياة كثيرًا.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.