الترافق الحسيّ Synesthesia
11 د
ما هو لون الرقم تسعة؟ ما هو طعم كلمة “السرير”؟ هل لون العلامة B Major أزرق فعلًا؟
نعم أنا أقصد المعنى الحرفيّ للسؤال ولستُ بصدد إجابته فلسفيًا. لعلك تتساءل ما كلّ هذه الأسئلة الغريبة، وهل فعلًا هناك من يعرف إجابة كلّ تلك الأسئلة؟
أقول لك الجواب في كلمة واحدة: Synesthesia!
هل سمعت بكلمة Anesthesia من قبل؟ تعني هذه الكلمة في عالمنا المعاصر “التخدير” وفي اليونانية القديمة “فقد الحواس”. لكن، ماذا يحدث إذا جمعنا أكثر من حاسةٍ معًا؟ النتيجة هي Synesthesia.
Syn تعني “معًا” وaesthesisفي اليونانيّة القديمة تعني “الإحساس”. بجمعهما معًا نحصل على ما نسميه “الترافق الحسيّ”.
الترافق الحسيّ ظاهرةٌ عصبيّة يؤدي فيها تحفيزُ سبيل حسيّ أو إدراكيّ إلى تنبيهٍ تلقائيّ غير إراديّ في سبيل حسيّ أو إدراكيّ آخر منفصل. يُسمّى الأشخاص الذين يتمتعون بالترافق الحسيّ synesthestes وسنستخدم كلمة “الترافقيّ” للتعبير عن هذا المصطلح خلال هذا المقال.
لم يتمّ استقصاء هذه الحالة بشكلٍ كبير علميًا، وربما كثير من الأشخاص الذين يملكون هذه “الميّزة” لا يعرفون أنّ الآخرين لا يملكونها. ذلك رغم أنّ “ترافق الحس” كان موضوعًا علميًا كثير الاستقصاء في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، إلا أنّه هُجر علميًا في منتصف القرن العشرين.
أظهرت الدراسات النفسيّة أنّ الترافق الحسيّ يؤثر بشكلٍ واضح في سلوك الأشخاص، كما وضّحت الدراسات التي تناولت الترافق الحسيّ بواسطة التصوير الوظيفيّ العصبيّ وجود أنماط مختلفةٍ لتفعيل المناطق المختلفة من الدماغ، وأنّ هذه الأنماط تساهم في تطوير الفكر الإبداعي. لا يدرس علماء الأعصاب والأطباء النفسيون هذه الظاهرة لجاذبيتها الأصيلة فحسب، بل لأنّ فهم هذه الظاهرة قد يؤدي لإلقاء المزيد من الضوء على العمليات المعرفيّة والإدراكيّة التي تجري في الدماغ في كلّ من يتمتع بهذه الميّزة ومن لا يتمتّع بها على حدٍ سواء.
أحد أشهر أشكال الترافق الحسيّ يُعرف باسم الترافق المحرفيّ- اللونيّ، حيث يربط الشخص في هذا النوع الأرقام، أو الأحرف أو حتى الأيام بألوان معيّنة، وفي نوع آخر يتعلّق الأمر بإحساس الشخص بالفضاء حوله، فعندما تذكر له أيام الأسبوع أو أرقام السنوات فإنها تظهر أمامه كخريطة ثلاثية الأبعاد، وتكون الأيام أو السنوات مرتبّة فيها بعكس عقارب الساعة، أو معها.
مميّزات الترافق الحسيّ
يقول الترافقيون إنّ تجاربهم لم تكن واضحةً بالنسبة لهم فعلًا إلا عندما أدركوا أن الناس الآخرين لا يمرون بالتجارب نفسها. هذه اللاإراديّة والاستمراريّة تُكسب الترافق الحسيّ صفة “تجربة حقيقيّة” وليس أضغاث خيالٍ في عقول الترافقيين.
يتحدّث الترافقيون إن تجاربهم مبهجة وأحيانًا عادية جدًا، لكن في حالات نادرة قد يكون الأمر مرهقًا حسيًّا.
رغم أنّ الإعلام في فترات سابقة صنف هذه الحالة كحالة طبيّة أو اضطراب عصبيّ، ينفي الترافقيون هذا الوصف، ويرفضون اعتبار هذه الميّزة “إعاقةً”، بل يعتبرونها ميزة عظيمة، حاسة جديدة لا يودون فقدانها.
يعي معظم الترافقيون طريقتهم الجديدة في إدراك العالم حولهم في مرحلة الطفولة، يتعلم البعض استخدام هذه القدرة في الحياة اليوميّة، كاستخدامها في التعلّم وحفظ أرقام الهواتف والأسماء، الرياضيّات أو حتى في المجالات الإبداعيّة كالرسم والموسيقى والفن المسرحيّ.
رغم وجود قواسم مشتركة تسمح بتعريف هذه الظاهرة واسعة الطيف، إلّا أنّ الأفراد يختبرونها بأشكال عديدة، وقد لوحظ هذا التباين في مرحلة مبكّرة من أبحاث ظاهرة “الترافق الحسيّ”.
بعض الترافقيين يرى الأحرف الصوتيّة Vowels بلون أقوى وأشدّ من غيرها، بينما يرى البعض الآخر الأحرف الصامتة Constants بألوان أكثر حيويّة.
يمارس الترافقيون الأنشطة الإبداعيّة بشكل أكبر من غيرهم، وذلك لأنّ تطوير الشخص مهاراتٍ إدراكيةٍ ومعرفيّةٍ بالإضافة لتلك الموجودة في وسطه الثقافي يؤدي لإنتاج تباينٍ واضح في وعي هذا الفرد وقدرته على استخدام ظاهرة “الترافق الحسيّ” بشكلٍ أكبر، أيّ إنّ هذه الظاهرة تعتمد أيضًا على العامل الثقافي الذي يتواجد فيه الفرد.
ومثال على ذلك الفنانة ماليسا ماك كراكين Melissa McCracken، التي ترى لون الموسيقى، لتجسده في لوحاتها المختلفة، وقد رسمت عدّة لوحات مثل Imagine لJohn Lennon و Gravity ل John Mayer.
كما يتمتّع الترافقيون بذاكرةٍ أشدّ وأكثر كفاءةً من غيرهم، ذلك لأنّ بعكس أغيارهم، يستطيع الترافقيون استخدام رابطين في آن واحد لتذكيرهم بشيء واحد!
وجد الباحثون أنّ هذه الصفة وراثيّة أيضًا، لكنّ قد يختلف نمط الترافق الحسيّ بين أفراد العائلة نفسها. يعتقد العلماء في Baylor University أنّهم استطاعوا تحديد جزء من الحمض النووي الذي يرمز لهذه الصفة على الصبغي رقم 16.
الأنماط
نظريًا تحدث ظاهرة الترافق الحسيّ بين أيّ حاستين على الأقل، وحسب معلوماتنا حتى الآن، فقد تمتع الروسيّ سولمن شيرشيفسكي Solomon Shereshevsky بظاهرة الترافق الحسيّ بين حواسه الخمسة جميعها.
تصنّف الظاهرة حسب المحفّز والنتيجة، فعلى سبيل المثال، إدراك الأرقام أو الأحرف هو المحفّز، النتيجة رؤية هذه الأرقام في دماغ الترافقيّ بألوان مختلفة. مثال آخر هو رؤية الألوان والإحساس بالحركة عند سماع الموسيقى، لينتج لنا نوعٌ آخر من الترافق.
رغم أنّ ترافق أيّ حاستين ممكن ويؤدي لظهور نتيجة جديدة، إلّا أنّ بعض الترافقات أكثر شيوعًا من غيرها.
ونستعرض هنا بعض أنواع الترافقات الحسيّة….
الترافق المحرفيّ- اللونيّ
Grapheme-color synesthesia
أحد أكثر أشكال الترافق انتشارًا، حيث تظهر المحارف (الأرقام والأحرف) بألوانٍ متغايرة. رغم أنّ الترافقيين الذي يبدون هذه الصفة يرون المحارف بألوان مختلفة فيما بينهم، إلا أنّ هناك ميلًا لتشابه ألوان بعض الأحرف (A أحمر اللون مثلًا)
تقول بات دفي PatDuffy:
“كلّ ما كان يلزمني لكتابة حرف ال R هو رسم ذلك الخط المنحني بعد كتابة حرف P، وفي الوقت نفسه اللون الأصفر الخاص ب P يتحوّل بسهولة إلى برتقالي”.
ويقول ترافقيّ آخر:
” عندما أقرأ، توجد على الأقل خمس كلمات ملونة حول الكلمة التي أقرأها، ولا أستطيع التهجئة بدون ألوان الحروف فعلًا”.
الترافق الصوتيّ اللونيّ
Chromesthesia
مثالٌ آخر عن الترافقات الحسيّة الشائعة هو الربط بين الأصوات والألوان. عند بعض الأشخاص تؤدي أًصواتٌ مثل فتح الباب، أو ضوضاء السيارات أو حتى كلام الناس حولهم لرؤية ألوانٍ معيّنة أو طيف من الألوان، البعض الآخر يرى ألوان النغمات الموسيقيّة.
حسب طبيب الأمراض العصبيّة ريتشارد سيتوفيتش، فإنّ هذه الظاهرة هي كالألعاب الناريّة، أصواتٌ وألوان تملأ إدراك ووعي الترافقيّ، وتختفي باختفاء أسبابها. وقد تتغير الألوان بتغير درجة الصوت فتبهت أحيانًا وتزيد، ويصف بعض الأشخاص هذه الظاهرة كرؤية الموسيقى على شكل ألوان في شاشةٍ ملونةٍ أمام وجوههم. بعكس الحالة السابقة، فإنّ اتفاق الترافقيين على ألوان الأصوات نادر جدًا، فنغمة ما قد تبدو برتقاليّة اللون لشخص وتبدو زرقاء لآخر!
الترافق التسلسليّ المكانيّ
Spatial Sequence Synesthesia
يستطيع من يمتلك هذه الترافقيّة أن يرى التسلسل الرقميّ بشكل مجسّد في المكان حوله، ويتميّز هؤلاء بذاكرة فائقة، ففي إحدى الدراسات استطاع هؤلاء تذكر أحداث ماضية وذكريات بشكلٍ أكبر من أقرانهم “الطبيعيين”. كما يرى هؤلاء الأشهر والأيام أو التواريخ المعيّنة حولهم، بعضهم يراها بشكلٍ مرتبٍ مع دوران عقارب الساعة وآخرون بعكسها.
الترافق السمعيّ-اللمسيّ
Auditory-tactile synesthesia
هل شعرت بإحساسٍ غريبٍ في أطراف أصابعك عند سماعك موسيقى أو أصوات معيّنة؟ تُعرّف هذه الظاهرة بأنّ المحفّز السمعيّ يؤدي لإحساس لمسٍ في مناطق مختلفة من جسدك، تختلف باختلاف الصوت أو النوتة الموسيقيّة المسموعة.
من الممكن أن تنشأ ظاهرة الترافق السمعيّ-اللمسيّ بشكلٍ طبيعيّ عند بعض الأشخاص منذ الولادة أو تتطور خلال حياة الفرد. هذا الترافق هو أقلّ الترافقات شيوعًا.
ترافق المطابقة اللمسيّة
Mirror-touch synesthesia
أحد أندر أشكال الترافق الحسيّ، ويشعر فيه الترافقيّ بنفس شعور شخص آخر، على سبيل المثال، إذا لاحظ الترافقيّ أحدهم يتلقّى ربتةً على كتفه، فإنّ الترافقيّ يشعر بشكلٍ لا إراديّ بالربتة نفسها على كتفه هو. يظهر هؤلاء الأشخاص قدرًا عاليًا من التعاطف مع الآخرين مقارنةً بالعامة. ربّما يعود سبب هذه الظاهرة إلى الخلايا العصبيّة الموجودة في المناطق الحركيّة من الدماغ والتي تدعى العصبونات المطابقة أو المرآتيّةMirror Neurons، والمربوطة فعاليتها بالتعاطف أيضًا.
الترافق اللغويّ الذوقيّ
Lexical-gustatory synesthesia
هي نوعٌ آخر نادرٌ من الترافق الحسيّ، حيث يشعر الترافقيّ بطعم معيّن عند سماعه لكلمةٍ ما، ربّما يكون “طعم” كلمة كـ”كرة السلّة” مشابهًا لحلوى الوافل، ويدلّ الوثائقيّ “Derek tastes like earwax” على معاناة جميس وانيرتون James Wannerton وإحساسه بطعم صملاخ الأذن عند سماعه لاسم ديريك!
تذوّق الكلمات والشعر ليس “مجازيًا” بعد اليوم! حيث يمتلك نحو 0.2% من البشر هذه القدرة الغريبة.
هناك بعض الأشكال الأخرى من الترافق التي لم تدرس بعد بشكلٍ كافٍ. تتضمن هذه الأشكال ربط الأشخاص والعواطف بالألوان، أو ربط الأصوات بالأجسام، وغيرها الكثير.
آليّة عمل التوافق
كلّ منطقةٍ في الدماغ مسؤولة عن مهام ووظائف معيّنة، ويعتقد البعض أنّ زيادة التواصل بين هذه المناطق المتخصصة في وظائف مختلفة هو أحد أسباب الأشكالالمتعدّدة من الترافق الحسيّ.
على سبيل المثال، عند التفكير أو رؤية المحارف وشعور الفرد ورؤيته في دماغه للون معيّن فإنّ هذه التجربة قد تكون نتيجة تواصل بين منطقة التعرّف على المحارف والمنطقة المسؤولة عن التعرّف عن الألوان.
احتمال آخر هو تقليل الكبح الممارس على الآليات الموجودة أصلًا في الدماغ. بشكل طبيعيّ يتعادل التحفيز والكبح، لكن إن لم تُكبح ردات الفعل الطبيعيّة فربما ترسل إشارات من المراحل الأخيرة في معالجة الإشارات متعددة الحواس وتعود بها لتأثر على المراحل البدئيّة، بشكلٍ أبسط: قد تؤدي ردات الفعل الطبيعية التي تحدث عند سماع نغمةٍ ما إلى تحفيز المنطقة الدماغية المسؤولة عن الرؤية إن لم يحدث الكبح الطبيعي. يعزز هذه النتيجة إمكانية حصول هذا الإحساس خارج مجموعة الترافقيين في بعض الحالات، كما في حالات الصرع، رضوض الرأس وأورام الدماغ. وفي حالاتٍ أخرى كالمراحل المتقدّمة من التأمل، التركيز العميق، أو باستخدام المخدّرات psychedelics المنشّطة كالـ LSD، وحتى الماريوانا.
هل أنت ترافقيّ؟
أسهل الطرق لمعرفة ذلك هو مبدأ الاختبار وإعادته خلال فترات طويلة، باستخدام محفّزات مثل أسماء الألوان، أو برنامج إظهار الألوان على الحاسوب والذي يقدم لك 16.7 مليون خيار.
في 90% من الحالات يحدث الترافق الحسيّ بشكلٍ متماثل بعد إعادة الاختبار أكثر من مرة عند الترافقيين، بينما تكون هذه النسبة حوالي 30% عند غير الترافقيين، كلا الفريقين يعرف أنّ الاختبار سيتمّ إعادته.
يتشارك الترافقيون الذين يختبرون الترافق المحرفيّ- اللونيّ بخصائص معيّنة لربط الألوان ببعض الأحرف، فحرف A غالبًا أحمر اللون، ويبدو أنّ حرف O أبيض أو أسود اللون، S أصفر. لكنّ حتى في النوع الواحد من الترافق تظهر اختلافات عديدة، كاختلاف المحفزّات واختلاف النتائج. هذه الاختلافات تصعب تحديد تعريف واضح للترافق الحسيّ، وكما قلنا سابقًا، فإنّ معظم الترافقين لا يشعرون أنّ تجاربهم هذه شيء خارج الطبيعي. وحسب ريتشارد سيتوفيتش، فإنّ المعايير التالية هي المعايير التي تحدد الترافق الحسيّ:
- يحدث الترافق الحسيّ بشكلٍ تلقائيّ وغير إراديّ.
- يستطيع المرء تذكر التجارب التي ظهر فيها الترافق الحسيّ.
- يؤثّر الترافق الحسيّ بشكلٍ واضح على الترافقيين.
- يمتدّ الإدراك الإضافي الذي يعيه الترافقيون إلى المكان المحيط بهم، فهم يضيفون بذلك بعدًا مكانيًا للحاسة الإضافية، مثل الترافق التسلسلي المكانيّ.
- غالبًا ما تكون الإدراكات الترافقيّة متسقةً ومتخصصة.
هل تريد معرفة إن كنت تتمتع بالترافق الحسيّ البصري؟ تستطيع التحقق من ذلك بالإجابة عن مجموعة من الأسئلة، التي قد تقودك لمعرفة مهارتك الخفيّة!
ما هي نسبة من يملكون هذه القدرات الخارقة؟
اقترح الباحثون أنّ الترافق يحدث بنسبة شخصٍ لكل 2000، وبعضهم قالوا بنسبة 1 لكل 300، بل ذهب البعض، ومنهم ريتشارد سيتوفيتش، ليقول إنّ شخصًا من كلّ ثلاثة وعشرين يملك جين الترافق الحسيّ، محمولًا على الصبغي 16.
إحدى أصعب المشاكل هي عدم قدرة الأشخاص تحديد الخانة التي ينتمون إليها وتحديد إن كانت هذه الحواس هي الطبيعيّ أم هي نوعٌ من أنواع الترافق الحسيّ.
حسب الدراسات والإحصاءات، فإنّ الترافقات المتضمنة للألوان هي الأكثر انتشارًا، بنسبة 64%. بعض الدراسات ذهبت إلى أنّ الترافق بين الكلمات التي تدّل على الأوقات (أيام، أشهر، أرقام ساعات) والإحساس اللونيّ تصل إلى 62%، بينما يأتي الترافق الموسيقيّ اللونيّ بنسبة 18%. كما اقترحت الأبحاث أنّ احتمالية وجود الترافق الحسيّ أكثر عند المصابين بالتوحّد.
إذًا، ما سبب هذه الظاهرة؟
قليل هو المعروف عن كيفيّة تطور الترافق الحسيّ حقًا، تدلّ المعطيات المتوافرة على أنّ الترافق ليس ظاهرة من الحواس المتشابكة، بل هي شيءٌ أشبه بما يسمى Ideasthesia والتي تطرح فكرة ظهور وتطوّر الترافق الحسيّ في الطفولة المبكرة، عند تعامل الأطفال في المرة الأولى مع المفاهيم المجرّدة. ومازالت أولى الدراسات عن الترافق الحسيّ وتطوره عند الأطفال في بداياتها. تفسّر هذه الفرضيّة أكثر الترافقات الحسيّة انتشارًا، كترافق المحرفيّ اللونيّ، الترافق التسلسليّ المكاني، فهذه الترافقات فعلًا ترتبط بأوائل المفاهيم المجرّدة-الأحرف والأرقام-التي يتعلمها الأطفال.
الأبحاث والاختبارات
بعض الاختبارات تدلّ أنّ الأشخاص بشكل طبيعيّ لا يطابقون بين الأصوات والأشكال المرئيّة بشكل اعتباطيّ، فبين هذين الشكلين أيّهما من الممكن تسميته Bouba وأيّ منهما يمكن تسميته Kiki؟
في التجربة التي صممها الطبيب النفسيّ ولفغانغ كولر Wolfgang Köhler، يتم تقديم هذين الاسمين BoubaKiki لمجموعة من الأشخاص ويطلب منهم وضع أشكال تحت هذه المسميّات. قامت نسبة 95% لـ 98% من الأشخاص بوضع الأشياء ذات الأطراف الحادة والزاوية تحت اسم Kiki بينما وضعت الأشياء المدورة تحت اسم Bouba، حتى الأطفال بعمر سنتين ونصف يبدون هذه الظاهرة. لكن ما الذي تعنيه هذه التجربة فعلًا؟ هل كلّنا نملك ولو جزءًا ضئيلًا من هذه القدرات المبهرة؟
يأمل الباحثون أن تقودهم دراسة التوافق الحسيّ لفهم أكثر للوعي والوصول لتمثيله بشكلٍ حقيقيّ في الدماغ.
التطبيقيات التقنيّة
الترافق الحسيّ والعالم الافتراضيّ
أحد التطبيقات للترافق الحسيّ هو برنامج الواقع الافتراضيّ لتخفيف الألم. الهدف الأساسي لهذه البرامج هي تخفيف الألم عند الخضوع لعمليّات معيّنة عن طرق تغيير الانتباه من الألم إلى البرنامج الافتراضي الذي يشارك فيه المريض. باستخدام الترافق الحسيّ الصنعيّ ومزج الحواس المختلفة، تزداد قدرة الشخص على التحكم بتركيزه، ليستطيع بذلك إبعاد وعيه عن الألم.
على سبيل المثال، فإنّ علاج الحروق والجروح قد يزيد قلق المريض وبالتالي يزداد معه الألم، وعندها نقل التركيز من الألم والقلق يلعب دورًا هامًا في العلاج، وتؤدي هذه البرامج دورها بشكلٍ أكثر فعاليةً من طرق التشتيت الأخرى كألعاب الفيديو، وذلك بتحويل العدد الأكبر من الحواس (الرؤية، السمع، اللمس) إلى الواقع الافتراضي مما يؤدي لغمس المريض في المحيط الافتراضي فينسى الألم.
The Voice
طور بيتيرماير Peter Meijer أداة لتعويض الإحساس وسمّاها The vOICe، الأحرف الثلاثة التي كتبت كبيرةً تدل على معنىً آخر :Oh, I see، فهذه الأداة تقوم باستخدام حاسة السمع لتقديم رؤية واضحة عن العالم المحيط، وذلك بتحويل التفاصيل الفيزيائيّة البصريّة بواسطة كاميرا متصلة بحاسوب إلى مقابلها الصوتي، وتتغير الأصوات الناتجة لتبدّل الارتفاع بشدّة النغمة المسموعة والإضاءة بمستوى الصوت.
Eyeborg
طوّر آدم مونتاندان AdamMontandan هذه الأداة التي تقوم بجمع طيفي الصوت والرؤية معًا، وذلك من خلال السماح للأشخاص المصابين بعمى الألوان بسماع الألوان بدل رؤيتها! استمدّ آدم هذه الفكرة من مفهوم الترافق الحسيّ ووضعها قيد التطبيق، وربما تعرف أحدًا يرتدي هذه الأداة، إنّه نيل هاربيسون!
المصادر
1 2 3 4
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.