أخطر 5 مواد كيميائية متفجرة غير نووية في العالم!
كان هناك ذلك الخبر الغريب في فبراير الماضي: إخلاء معمل كيمياء في جامعة بريستول بالمملكة المتحدة بعدما قام أحد الطلاب “عن طريق الخطأ” بتحضير مادة متفجرة أثناء تجربة كيميائية. وفي الواقع، لم تكن تلك مجرد مادة متفجرة عادية، بل كانت بيروكسيد الأسيتون ثلاثي الحلقات tri-cyclic acetone peroxide أو المعروفة اختصارًا TATP والتي استخدمت مؤخرًا في تفجيرات لندن 7/7 وباريس وبروكسل! يتطلب الأمر ما هو أكثر من مجرد حظ عاثر لإنتاج مثل هذه المادة الخطيرة للغاية، وبالطبع وجد الطالب نفسه في موقف لا يحسد عليه بعدما تحول الحرم الجامعي لثكنة عسكرية خلال دقائق للتحقيق بالأمر.
وبعيدًا عن المصادفة العجيبة والمميتة التي قادت لإنتاج TATP دون قصد في تلك الحادثة العرضية، فهناك الكثير من المعامل الحربية والسرية حول العالم التي تصمم وتصنع مواد متفجرة بخواص وتركيبات جديدة تضمن لدول معينة تملك سلاح بقوة تدميرية مخيفة بعيدًا عن الدمار الشامل الذي لا يمكن التحكم به للقنابل النووية؛ وهو أمر ليس بالحديث مطلقًا كما سنرى لاحقًا.
إليكم أخطر 5 مواد كيميائية بانفجارات غير نووية في العالم…
تي إن تي TNT: ذخيرة “أم القنابل”
من منا لم يسمع به من قبل؟ لا أحد تقريبًا بالطبع؛ إلا أن الجميع تقريبًا يخلطون بينه وبين الديناميت! ربما لانتشار هذا المفهوم الخاطئ في الكثير من الأفلام والأغاني وألعاب الفيديو. هناك تلك الأغنية الشهيرة التي تقول كلماتها “أنا تي إن تي … أنا ديناميت!”، وكما ترون من السهل على الملايين الذين استمعوا إلى تلك الأغنية أن يعتقدوا أن المادتين شيء واحد.
تي إن تي TNT أو تري نيترو تولوين Trinitrotoluene هو مركب كيميائي وصيغته الكيميائية C6H2(NO2)3CH3، له شكل صلب أصفر اللون وقد تم إنتاجه في بداية الأمر لاستخدامه كصيغة لون قوية في عام 1863. ولأنه لا ينفجر بشكل تلقائي ويسهل التعامل معه دون خطورة، لم يتم اكتشاف خواصه المتفجرة إلا متأخرًا … بعد 30 عامًا كاملة من تركيبها! وكان هذا على يد الكيمائي الألماني Carll Häussermann في عام 1891.
مادة تي إن تي تتمتع باستقرار كبير في حالتها الطبيعية، حتى أنه يمكن صهرها وصبها في آنية دون استثارتها على الإطلاق! فقط سيحدث الانفجار بمساعدة أداة تفجير Detonator أو عند الاصطدام بقوة شديدة، وهو ما يجعل TNT مثاليًا لأعمال الهدم والتنقيب. لكنه كذلك يجعله مثاليًا للاستخدام في القنابل شديدة الانفجار … ولإحداها على وجه الخصوص: أم القنابل!
القنبلة الأمريكية “GBU-43/B” والمعروفة باسم “MOAB” اختصارًا لجملة ” Massive Ordnance Air Burst أو قنبلة بذخائر ضخمة متفجرة فى الهواء” تحول اسمها سريعًا إلى “Mother of All Bombs” باللعب على نفس أحرف الاختصار. توصف هذه القنبلة بأنها أقوى سلاح غير نووي تم تصميميه على الإطلاق، وقد تم اختبارها أخيرًا وللمرة الأولى في أفغانستان في إبريل 2017؛ حيث خلفت دمارًا مهولًا وصفه بعض الشهود بأن له تأثيرًا كانطباق السماوات على الأرض! وفي الواقع، فالذخيرة الأساسية التي تقوم عليها أم القنابل هي مادة TNT في الأساس!
يحتوى قلب القنبلة “MOAB” على 18000 باوند من مادة تريتونال Tritonal المتفجرة التي تعد خليطًا من مادة TNT بنسبة 80% و20% من مسحوق الألومنيوم؛ حيث يزيد الألومنيوم سرعة انفجار مادة TNT وبذلك تصبح مادة تريتونال أقوى بنسبة 18% من مادة TNT التي تشكل معظم تركيبها الأساسي لتحوز قوة تدميرية مرعبة تكافئ 11 طنًا من التي إن تي مع أن وزن القنبلة بأكملها لا يتعدى 9.5 طن!
بيروكسيد الأسيتون TATP: أم الشيطان
حسنًا، يبدو الأمر محرجًا قليلًا مع تكرار هذه الأسماء الموحية؛ لكنها أسماء التصقت بتلك التركيبات الكيميائية المخيفة واستحقتها في الواقع عن جدارة.
بيروكسيد الأسيتون Acetone Peroxide – C9H18O6 ينتمي لمجموعة من الجزيئات التي تدعى البيروكسيدات العضوية وتحوي روابط أكسجين – أكسجين ضعيفة وغير مستقرة لا توجد في متفجر TNT السابق. هذا يعني أن TATP أقل استقرارًا بكثير وعرضة للانفجار التلقائي بشكل أكبر.
وبالنسبة للاسم، فقد اكتسب مركب TATP لقب “أم الشيطان” لتقلبه وتطايره الشديد الذي يجعل التحكم به والتعامل معه على قدر كبير من الصعوبة. جرامات قليلة من هذا المركب كفيلة باقتلاع أصابع أي شخص لا يتعامل معه بالحذر الكافي. مع هذا، فانفجارات مركب TATP تقدر بـ 80% من قوة انفجارات TNT لكن ما يميزه هو أنه سهل التركيب ورخيص التحضير للغاية للأسف. وكما رأينا في بداية المقال، كان التعامل مع مركب TATP الذي حضّره ذلك الطالب في معمل الكيمياء سريعًا وحذرًا للغاية لسمعته السيئة في الانفجار لدى تعرضه لأي صدمة أو هزة قد تبدو عادية لنا لكنها كافية لتوليد انفجار.
آر دي إكس RDX
مركب آر دي إكس يعد “متفجر نيتروجيني” أي إن خواصه الانفجارية تعزى إلى وجود روابط نيتروجين-نيتروجين بدلًا من روابط الأكسجين. ومع أن روابطه قائمة على أساس نيتروجيني، فمركب آر دي إكس قليل الاستقرار للغاية لأنه يحوي الكثير من تلك الروابط النيتروجينة؛ ومن المعلوم عن ذرات الينتروجين رغبتها المستمرة للتجمع معًا لتكوين رابطة ثلاثية وإطلاق غاز النيتروجين. هكذا كلما زاد تعقيد الروابط النيتروجينة وصارت ذراتها أكثر من 3 ذرات، صار المركب أقل استقرارًا وعرضة للانفجار. وهذه هي الحال تمامًا مع مركب آر دي إكس.
مركب آر دي إكس يملك قوة تدميرية وانفجارية أكبر من متفجر TNT بما أن الأخير لا يحوي أي روابط نيتروجين-نيتروجين غير مستقرة؛ ومع هذا ففي الغالب يتم خلط الآر دي إكس بمواد كيميائية أخرى للحصول على تأثيرات مختلفة أخرى، كأن يجعل المتفجر أقل حساسية للصدمات. من الشائع استخدام آر دي إكس في عمليات الهدم بالتفجير حول العالم.
الجدير بالذكر أخيرًا هنا هو أن مركب آر دي إكس يمثل 91% من متفجر آخر سيء السمعة للغاية … سي فور C-4! سي فور مادة شديدة الانفجار ذات قدرة واسعة على تدمير الدروع، وحسب الخبراء العسكريين فإن العبوة التي تزن كيلوجرامين من مادة C-4 تعادل في حال انفجارها قوة 10 كيلو جرامات من مادة TNT شديدة الانفجار!
بيتين PETN
رباعي نترات خماسي ايريثريتول أو ما يعرف بـ “بيتين PETN” اختصارًا لـ PentaErythritol TetraNitrate هو واحد من أشد وأقوى المتفجرات عالية القوة المعروفة لدى البشر براوبط نيتروجينية قريبة من تلك الموجودة في متفجرات TNT والنيتروجليسرين في الديناميت.
حضّر البيتين لأول مرة الكيميائي الألماني برنارد تولينز عام 1891، حيث تم استخدمه الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى، ومن بعدها وبكثافة في الحرب العالمية الثانية وحتى الآن مع قرنه عادة بمتفجرات أخرى مثل TNT و RDX. كذلك يستخدم البيتين كأداة تفجير Exploding-bridgewire Detonators بالقنابل النووية الأضخم والأشد تدميرًا.
ونظرًا لخواصه الطبية والعلاجية التي تم اكتشافها به، يتم استخدام البيتين كموسع لأوعية القلب وعلاج الذبحة، تمامًا كما هو الحال مع مركب النيتروجليسرين لتشابه التركيب كما أشرنا. من الغريب أن يكون الشيء الواحد مصدرًا لوهب الحياة ونزعها في الوقت نفسه، لكنه الحال مع هذه المركبات الساحرة!
أزيد الأزيدوأزيد Azidoazide Azide
تحدثنا في مقال سابق على هذا المركب المدهش شديد الانفجار؛ فقد كان، ولا يزال، يستحق إفراد مقال كامل عنه لفهم خواصه وتاريخه الغريب.
من بين جميع المتفجرات النيتروجينية، يعد أزيد الأزيدوأزيد هو الأقل استقرارًا على الإطلاق. تذكرون الحديث السابق عن عدم استقرار الروابط النيتروجينية التي يزيد عدد ذرات النيتروجين عن 3 ذرات؟ حسنًا، أزيد الأزيدوأزيد يملك 14 ذرة نيتروجين مرصوصة بشكل متتال في روابط نيتروجين-نيتروجين! وبالطبع، هذا جزيء لا يمكن رصده أو تكونه في الطبيعة مطلقًا نظرًا لعدم استقراره الشديد؛ بل كان نتاج بحث مستفيض لمختبر كيمياء ألماني بقيادة مجموعة توماس كلابوتكي Thomas Klapötke الذي كشف عن المركب المدهش لأول مرة في عام 2011.
ولننتقل إلى الجزء المثير بالأمر: أي محاولة للمس أو التعامل مع أزيد الأزيدوأزيد أو النظر إليه حتى كما يزعم البعض ستتسبب في تكسير الروابط غير المستقرة بين ذراته الأربع عشرة لتتحول إلى جزيئات عديدة تتفجر وتطلق غاز النيتروجين بكل سعادة وكرم! هذا التفاعل يطلق كميات مرعبة من الحرارة، لذا لم يتم اختبار هذه المادة الكابوسية إلا بمقادير صغيرة للغاية؛ ومع هذا فقد انفجرت مرارًا وتكرارًا داخل معدات وآلات تحليل كيميائية باهظة الثمن على الرغم من توخي الحذر إلى أقصى حد ممكن! من الجنوني تمامًا إنتاج أي كميات كبيرة من هذه المادة دون حدوث كارثة، لذا لم يفعلها أحد حتى الآن وعلى الأرجح لن يفعلها أحد!
وبالطبع، فالقائمة المصغرة بالأعلى ليست شاملة، حيث يوجد الكثير من المتفجرات والمواد الكيميائية الخطرة الأخرى. فقط قائمتنا الخماسية التي قرأتموها تضم أشهر وأخطر تلك المواد الكيميائية غير النووية لدى الإنسان حتى الآن. ومن الجيد أن نعلم أن أغلبها يصعب تحضيره، ما عدا متفجر أم الشيطان TATP سيء السمعة للأسف!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.