تريند 🔥

📱هواتف

ظاهرة مابيمبا

سالي ديب
سالي ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

4 د

هل قمت يومًا بوضع الماء السّاخن في الثلّاجة؟ هل لاحظت أن الزّمن الذي يستغرقه ليتجمّد أقل من ذلك الذي يحتاجه الماء البارد؟ إن كنت قد لاحظت الأمر فمن المؤكّد أنّك تساءلت عن السبب. لحسن الحظ، فهناك من لاحظ ذلك أيضًا وحاول تفسيره، ولكن هل وجد الإجابة ؟ كانت الإجابة هي ظاهرة مابيمبا، لنتعرف على هذه الظاهرة المثيرة في هذا المقال.


قصّة اكتشاف ظاهرة مابيمبا

تم اكتشاف هذه الظّاهرة التي أثارت جدلًا عالميًّا كبيرًا بمحض الصدفة من قبل الطّالب التنزانيّ إراستو مابيمبا Erasto Mpemba عام 1963. كان مابيمبا طالبًا في الثانويّة وكان يصنع المثّلجات في المدرسة مع باقي زملائه متّبعًا الطريقة نفسها التي أعطاهم إيّاها المدرّس؛ فقد خلط الحليب المغلي مع السكر ولكنّه وخوفًا من أن يسبقه زملاؤه ويملؤوا كل الأماكن الشّاغرة في ثلّاجة المدرسة، وضع مابيمبا الحليب وهو مغليّ ولم ينتظره حتى يبرد.

عندما شرع الطلّاب بالتحقق من مقدار نجاح مثلّجاتهم كانت مفاجأة مابيمبا بأن مثلّجاته تجمّدت قبل مثلّجات أصدقائه الذين وضعوا الحليب باردًا، وكانت هذه الفكرة صعبة التصديق في ذلك الوقت وغير منطقيّةٍ على الإطلاق.

أثارت هذه الظاهرة فضول مابيمبا الذي ما كَلَّ يبحث عن تفسيرٍ لها حتى بعد انتقاله للجامعة التي جعلت من ملاحظته محطّ سخريةٍ. إلى أن جاء الدكتور دينيس أوزبورن Dr Denis Osborne الذي أخذ ملاحظة مابيمبا على عاتقه ونشرا معًا أوّل ورقة بحثية بهذا الخصوص في عام 1969، وأطلق على هذه الظاهرة فيما بعد اسم ظاهرة مابيمبا، نسبةً للطّالب التنزانيّ الذي لاحظها لأوّل مرّة.


هل ظاهرة مابيمبا حقيقيّة فعلاً

إذًا، ظاهرة مابيمبا هو الاسم المعطى للملاحظة التي تؤكّد بأن الماء يتجمّد أسرع كلّما كانت درجة حرارته أعلى، ولكن..

لا يمكن تقبّل مثل هكذا ملاحظة بسهولةٍ وأوّل ما سيتبادر إلى الذّهن هو أنّها خرقٌ واضحٌ لقوانين الديناميكيّة الحرارية الأساسيّة. فتجارب العلماء ومن بينهم العالمَين Henry C Burridge and Paul F. Linden لا تزال مستمرّةً بحثًا عن الأدلّة على صحّة الظّاهرة دون وجود -حتى اللحظة- أيّ إثباتٍ لصحّتها، ولكنّ كذلك دون دلائلَ مقنعةٍ لعدم صحّتها، وهنا يقبع مكمن الجدال الحقيقي ومصدر شعبيّة هذه الظاهرة الغريبة.


السبب الكامن وراء هذه الظّاهرة

كونه لم يتم التعرّف على تفسير ظاهرة مابيمبا حتى يومنا هذا، فكلّ ما لدى العلم ليقدّموه في تفسيرها هو مجرّد نظرياتٍ وفرضيّاتٍ سنورد أهمّها في هذه الفقرة.

  • سرعة تبخّر الماء السّاخن يقلل من حجم الماء المتبقّي المطلوب تجميده (وهذه خاصة من خصائص السوائل الأساسية.)
  • تشكّل طبقة الصقيع على سطح وعاء الماء البارد يعزل ما تبقى من السائل تحته فيؤخّر تجميده، بنما لا تتشكّل طبقة الصقيع هذه على سطح الماء السّاخن فيتجمّد بشكلٍ أسرع.
  • عند تسخين الماء يتم طرد العديد من المركّبات المنحلّة المعيقة للتجمّد، مثل ثاني أكسيد الكربون، مما يجعل عمليّة التجمّد أسرع.

لكنّ الثغرة في كل محاولات التفسير الموجودة هي أن الماء الساخن لا يتجمّد دائمًا بشكلٍ أسرع من الماء البارد، بل فقط في حالاتٍ خاصّةٍ، وبدأت رحلة محاولة حصر تلك الظروف وتحديدها.

وكان من بين الباحثين؛ جيمس براونريدج James Brownridge، مسؤول السّلامة الاجتماعيّة في جامعة نيويورك. أجرى براونريدج مئات التجارب، وخلص في محاولته لتفسير ظاهرة مابيمبا إلى نتيجةٍ مفادها بأن ما يتحكّم في درجة تجمّد الماء ليس فقط درجة الصفر المئويّة، ولكن أيضًا محتواها من الشوائب، مثل الغبار، البكتيريا والأملاح الذائبة.

كما أنه يعتقد بأن الفارق الكبير في درجة الحرارة بين الماء السّاخن والثلّاجة يلعب دورًا في زيادة سرعة وصول الماء السّاخن لدرجة التجمّد مقارنةً مع الماء البارد، كما أشار براونريدج إلى أن هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها بالحسبان في الأبحاث، والتي -من وجهة نظره- تجاهلها الباحثون الآخرون وهي؛ موقع العيّنات في الثّلّاجة، نوع الوعاء الحاوي على العيّنات، وسرعة تبريد الثّلاجة.

ومع كل أبحاث براونريدج وغيره ممن حاول إثبات صحّة أو نفي هذه الظاهرة، فهي لا تزال لغزًا علميًّا يحيّر العلماء إلى الآن، وهناك من يقول بأن هذا الاكتشاف يعود لعصر أرسطو في القرن الرابع قبل الميلاد، وبأن العلماء يبحثون في تفسيره منذ ذلك الوقت.

وربما السؤال الذي يتبادر إلى ذهنك الآن بعد أن قرأت هذه المعلومات هو: هل من المهم أن أعرف من يتجمّد أسرع؟ ولماذا شغلت هذه الظّاهرة الناس إلى هذا الحد؟ 

يعتقد العلماء أنّه وفي حال تمكّنوا من تأكيد صحّة ظاهرة مابيمبا باعتبارها ظاهرة موثوقة وقابلة للتكرار والقياس، فمن المرجّح أن يكون لها أثرها على بعض الصّناعات التي تعتمد على الجليد كصناعة المثلّجات مثلًا! ومع ذلك، ونظرًا لأنّها لا تزال غامضةً إلى الآن فلن يتمكّنوا من استخدامها ولكنّهم وبكل تأكيدٍ لن يوقفوا رحلة البحث عن الإجابة عند هذا الحد.

هل أعجبك المقال؟