ما هو التنوع البيولوجي وما أهميته وأنماطه والأخطار التي تهدده
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
صاغ مصطلح التنوع البيولوجي (Biodiversity) لأول مرة، عالم الحشرات إدوارد أوسبورن ويلسون (Edward Osborne Wilson) عام 1986، وهو تعبيرٌ حديثٌ مشتق من كلمتي علم الأحياء (Biology)، والتنوع (Diversity). لنتعرّف على مصطلح التنوع البيولوجي، وما أهميته، وما هي أنماطه والأخطار التي تهدده.
مفهوم التنوع البيولوجي
يمكننا تعريف التنوع البيولوجي على أنه إجمالي الكائنات الحية المختلفة، بما في ذلك الجينات التي تحتويها، والنظم البيئية التي تُشكلها. يصف التنوع البيولوجي التباين بين الكائنات الحية جميعها، النُّظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية، والمجمّعات الإيكولوجية، أي أنه يصف ثراء وتنوع الحياة على سطح الأرض، والتي لعلها السمة الأكثر تعقيدًا وأهميةً على كوكبنا لاستمرار الحياة. .
يوجد في كل من كولومبيا وكينيا أكثر من 1000 نوعٍ من أنواع الطيور، في حين تضم غابات بريطانيا العظمى وشرق أمريكا الشمالية أقل من 200 نوعٍ، أيضًا، قد تحتوي الشعاب المرجانية قبالة شمال أستراليا على 500 نوعٍ من الأسماك، بينما الشاطئ الصخري في اليابان هو موطنٌ لـ 100 نوعٍ فقط. توضح هذه الأرقام بعض الاختلافات المكانية وتأثيرها على التنوع البيولوجي؛ فالمناطق الاستوائية لديها تنوعٌ بيولوجيٌّ أكثر من المناطق المعتدلة، ولكن من جهةٍ أخرى؛ عدد الأنواع لوحده ليس مقياسًا للتنوع، يشمل التنوع البيولوجي التنوع الجيني داخل كل نوعٍ ومجموعة متنوعة من النظم البيئية التي تخلقها الأنواع..
ما هو التنوع البيولوجي
- الأهمية الاقتصادية: يوفر التنوع البيولوجي للبشرية المواد الخام للاستهلاك والإنتاج؛ إذ تعتمد العديد من سبل العيش الخاصة بالمزارعين والصيادين وعمال الأخشاب، على التنوع البيولوجي.
- دعم الحياة البيئية: يوفر أنظمةً بيئيةً فعّالةً، من حيث توفير الإمداد بالأكسجين والهواء النقي والمياه، وتلقيح النباتات، ومكافحة الآفات...
- الترفيه: تعتمد السياحة والعديد من الأنشطة الترفيهية على التنوع البيولوجي الفريد، مثل مراقبة الطيور والمشي لمسافاتٍ طويلةٍ والتخييم وصيد الأسماك.
- الأهمية العلمية: يمثل التنوع البيولوجي ثروةً من البيانات البيئية المنهجية، التي تساعدنا على فهم العالم الطبيعي وأصوله..
أنماط التنوع البيولوجي
تنوع الأنواع (Species Diversity)
يحتوي كل نظامٍ بيئيٍّ على مجموعةٍ فريدةٍ من الأنواع والتي تتفاعل مع بعضها البعض، وقد تتميز بعض الأنظمة البيئية بغناها بالأنواع مقارنةً مع غيرها، في حين قد تمتاز نُظُم أخرى بنمو نوعٍ واحدٍ بشكلٍ كبيرٍ حتى يهيمن على مجتمعه الطبيعي. إذا أجرينا مقارنةً على أساس التنوع البيولوجي بين النُظم البيئية، فإن النظام البيئي الذي يحتوي على عددٍ أكبر من الأنواع، دون وجود نوع مهيمن على البقية، سيعتبر أكثر تنوعًا. يمكن لعددٍ كبيرٍ من الأنواع مساعدة النظام البيئي على التعافي من التهديدات البيئية، حتى لو انقرضت بعض الأنواع.
التنوع الجيني (Genetic Diversity)
ينطوي التنوع الجيني على الارتباط الوثيق بين أفراد أحد الأنواع في نظامٍ بيئيٍّ معينٍ، فمثلًا، إذا كان لدى جميع الأفراد العديد من الجينات المتماثلة، فهنا تمتلك الأنواع تنوعًا جينيًّا منخفضًا، قد يسبب التزاوج في هذه الحالة وراثة سمات غير مرغوبٍ فيها، أو جعل الأنواع أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض، ولذلك قد تكون مهددة بالانقراض، في حين يساعد التنوع الجيني العالي للأنواع على التكيف مع البيئات المتغيرة.
تنوع الأنظمة البيئية (Ecosystem Diversity)
قد تتنوع النظم البيئية في منطقةٍ ما، وقد يسود فيها نظام بيئي واحد. تُعد المحيطات أو الصحارى أمثلةً على مناطق ذات تنوعٍ منخفضٍ، في حين أن المناطق الجبلية التي تحتوي على بحيراتٍ وغاباتٍ ومراعٍ تتميز بتنوعٍ أعلى من حيث النظم البيئية، وبالتالي تنوع بيولوجي أفضل. تنوَع النظم البيئية في منطقةٍ واحدةٍ يوفر المزيد من الموارد لمساعدة الأنواع المحلية على البقاء، في حال كون أحد الأنظمة البيئية مهددًا بالجفاف أو المرض أو غير ذلك.
التنوع الوظيفي (Functional Diversity)
هو الطريقة التي تتصرف بها الأنواع وتحصل على الغذاء وتستخدم الموارد الطبيعية في نظامٍ بيئيٍّ ما، يُفترض أن يكون النظام البيئي الغني بالأنواع ذا تنوعٍ وظيفيٍّ مرتفعٍ، مع وجود العديد من الأنواع ذات السلوكيات المختلفة. من المفيد لعلماء البيئة فهم التنوع الوظيفي للنظام البيئي الذي يحاولون الحفاظ عليه أو إصلاحه، لأن معرفة سلوكيات وأدوار الأنواع يمكن أن تشير إلى الفجوات في دورة الغذاء، أو إلى الأوساط المفتقرة إلى الأنواع..
الأخطار التي تهدد التنوع البيولوجي
- تغير المناخ: إنّ المناخ هو العامل الرئيسي لتوزُّع الأنواع في العالم. أدت التغيرات المناخية إلى تغير الحياة على الأرض على المدى الطويل، إذ تغيرت النّظم البيئية وانقرضت الأنواع بشكلٍ روتينيٍّ، لكن تغير المناخ السريع بفعل الإنسان جعل العملية أكثر سوءًا، حيث لم يُتح الوقت الكافي للأنظمة البيئية والأنواع للتّكيُّف، مما يتسبب في النهاية بالقضاء عليها. على سبيل المثال، الشعاب المرجانية والتي تُعرف بـ "غابات البحر المطيرة"، وبسبب التنوع البيولوجي الغني في نظامها البيئي، باتت تموت نتيجة ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات وتحّمضها.
- إزالة الغابات وفقدان الموائل الطبيعية: تُعد إزالة الغابات سببًا مباشرًا لانقراض الأنواع وفقدان التنوع البيولوجي، يُفقد ما يُقدَّر بـ 18 مليون فدان من الغابات سنويًّا، ويُعزى ذلك بشكلٍ كبيرٍ إلى الممارسات البشرية مثل قطع الأشجار وغيرها، مما يؤدي إلى تدمير النظم البيئية التي تعتمد عليها العديد من الأنواع.
هل تعلم أن أكثر من 50% من الأنواع الموجودة في العالم، تعيش في الغابات الاستوائية المطيرة، والتي تمتاز بأعلى تنوع بيولوجي على الأرض؟! لكن وللأسف، خلال الأربعين عامًا الماضية، تمت إزالة حوالي 20 % من غابات الأمازون لأغراض الزراعة وتربية الماشية وغيرها، ويقدّر العلماء أن حوالي 20% من الأشجار، سيتم قطعها خلال العشرين عامًا القادمة.
- الاستغلال المفرط: ساهم الصيد الجائر والإفراط في الحصاد إلى حدٍّ كبيرٍ في فقدان التنوع البيولوجي، مما تسبب في قتل العديد من الأنواع على مرِّ السنوات الماضية. يزيد الصيد غير المشروع وغيره من أشكال الصيد الربحي، من خطر الانقراض. يؤكد الصندوق العالمي للحياة البرية على أن الاستغلال المفرط هو ثاني أكبر خطرٍ يهدد الكثير من الأنواع بعد فقدان العوائل، إذا استمر الصيد الجائر بمعدله الحالي، فسوف ينفد العالم من المأكولات البحرية بحلول عام 2048. .
- التلوث: يُهدَد التلوث بمختلف أشكاله التنوع البيولوجي، مثلًا:
- يمكن أن يؤثر تلوث الهواء على الحيوانات والطيور من خلال استنشاق الغازات أو الجسيمات الصغيرة، وابتلاع الجزيئات المعلقة في الطعام أو الماء، كما تتعرض اللافقاريات مثل ديدان الأرض، أو الحيوانات الأخرى كالضفادع والسحالي، للتلوث عن طريق امتصاص الغازات من خلال جلدها الرطب.
- تتلوث الأرض بمياه الصرف الحمضيّة من المناجم، والنفايات الخطرة، والمواد الكيميائية السامة المترسبة من الهواء. أيًا كان مصدر التلوّث، فإنه يشكل تهديدًا خاصًا للتنوع البيولوجي لأنه يقلل من الأراضي المتاحة للنمو النباتي..