مراحل تصميم وبناء السدود
لا تقتصر المنشآت الهندسية على الأبنيّة السكنيّة وناطحات السحاب والمنازل الجميلة فحسب، بل هنالك ما يشكّل تحديات أكبر للمهندسين وصعوبات حقيقية تتمثّل في منشآت البنى التحتيّة التي تحتاج إلى دراسات استراتيجيّة وحسابات معقّدة ونظرات بعيدة الأمد لتحقيق الاستفادة المرجوة من هكذا نوع من المشاريع، وبالطبع فإنّ السدود تُعتبر من أقدم هذه المنشآت وأكثرها أهميّة للإنسان لأنّها تتعامل مع أكثر الموارد الضرورية للحياة، لذلك خصصنا لك عزيزي القارئ هذا المقال لنتحدث من خلاله عن السدود ومراحل تصميمها وبنائها.
ما هو السد وما هي أهميته
السد عبارة عن منشأ ضخم مبني على مجرى مائيّ مثل النهر أو الجدول أو عند المصب لحجز المياه خلفه والاحتفاظ بها، والتي يمكن الاستفادة منها بطرق مختلفة وذلك من خلال توفير مياه الشرب النقيّة للسكان وسقاية المزروعات وري الأراضي القاحلة وتوليد الطاقة الكهروكيميائيّة، كما توجد أغراض أخرى لبناء السدود تتمثل في تقليل ذروة تصريف مياه الفيضانات في مواسم ذوبان الثلوج والحد من حدوثها المدمر أو حتى لزيادة عمق المياه في النهر التي من شأنها تحسين ملاحة السفن.
ينتج عن بناء السد خلق بحيرات اصطناعيّة ذات مساحات تتراوح ما بين الصغيرة والكبيرة جدًا التي تعود بفوائد عديدة فهي صالحة لصيد السمك وركوب القوارب والذهاب في رحلات ترفيهيّة.
أنواع السدود
أنواع السدود كثيرة ولكل منها ما يميزّه عن الآخر بإيجابياته وسلبياته، ولا توجد طريقة واحدة بحد ذاتها لتصنيف السدود، حيث يمكن تصنيفها بحسب المواد المستخدمة لصناعة السد وطريقة تصميم الهيكل على سبيل المثال أو بحسب الوظيفة الأساسيّة المرجوّة من السد أو بحسب ارتفاعه، وعلى هذا الأساس سنقوم بذكر أكثر أنواع السدود انتشارًا حول العالم:
- سدود التخزين (Storage Dams): يُستخدم هذا النوع من السدود ليعترض المجاري المائيّة السطحيّة ويحجز المياه خلفه ويخزنها لنتمكن فيما بعد استخدامها سواء للشرب أو ري المزروعات أو صيد السمك النهري أو توليد الطاقة الكهربائيّة، وهو أكثر أنواع السدود انتشارًا حول العالم، كما يمكننا القول بأنّ أي سد هو سد تخزين ما لم يُذكر خلاف ذلك.
- سدود التحويل (هدار) (Diversion Dams): الغرض الأساسي من هذه السدود هو تحويل المجرى المائيّ إلى قنوات مائيّة أخرى والتي يمكن الاستفادة منها في تحويل المياه إلى قنوات الري أو تحويل المياه إلى خزان كبير يقع في مكان آخر، وعادة هذا النوع من السدود يكون منخفض الارتفاع وله خزان صغير الحجم.
- السدود الثقالية (Gravity Dams): وهي سدود ضخمة مصنوعة من الأحجار أو الخرسانة المسلحة ومصممّة لتخزين كميات كبيرة من الماء، وأتى اسم هذا النوع من السدود من وظيفتها الإنشائيّة فهي تقاوم الحمولات الأفقية للمياه بالاعتماد على الوزن الذاتي للسد فقط، وتُعتبر السدود الثقالية مناسبة جدًا للأنهار في الوديان الواسعة.
- السدود المقوسة (Arch Dams): يُعتبر من أبسط تصاميم السدود ومن أقلها في التكلفة المادية ويُلجأ لها في المناطق الضيقة ذات الطبيعة الصخريّة، بحيث يكون السد على هيئة قوس يحجز خلفه المياه.
- السدود الترابية (Embankment Dams): يمكن أن نطلق اسم سد ترابي على أي نوع من السدود التي يُستخدم فيها التراب أو الرمل أو الصخور أو المخلفات الصناعيّة مثل البلاستيك.
مراحل تصميم السدود
تخضع عملية تصميم السد لدراسة معمقة وتفصيلية معقدة للغاية يراعي من خلالها المسؤولون عن التصميم جميع العوامل البيئيّة والفيزيائيّة والجيولوجيّة والهيدرولوجيّة والتكنولوجيّة، ويُطلب من فريق العمل التنسيق العالي فيما بينهم وتضافر جهود مختلف التخصصات الهندسيّة للوصول إلى التصميم النهائيّ، وبشكل عام تشمل تخصصات فريق العمل الرئيسيّ الداخل في تصميم السد:
- مهندس مدنيّ.
- مهندس تربة (مهندس جيوتقني).
- مهندس مساحة.
- جيولوجيّ.
- مختص بعلم المياه (مختص هيدرولوجيا).
يتحمل المهندس المدنيّ بشكل عام المسؤولية الأكبر في عملية التصميم وإنشاء اللوحات النهائيّة للمشروع ووضع سيناريو تنفيذ السد.
مراحل بناء السدود
تمر مرحلة البناء بخطوات عديدة يمكن تلخيصها بالتسلسل التالي:
- تحويل مجرى النهر
قبل بناء السد لابد من تحويل مجرى النهر بشكل مؤقت ليتثنى للمهندسين تجفيف موقع المشروع وتجهيزه للمراحل التالية، ويتم ذلك من خلال حفر التربة وإنشاء أقنية لتحويل جهة جريان المياه.
- بناء الأساسات
كما نعلم فإن السدود من المشاريع الضخمة والتي تتعرض لحمولات مهولة لذلك من المهم جدًا إنشاء الأساسات بشكل هندسي متقن لتتحمل الأوزان الهائلة الواقعة فوقها بالإضافة لقوى ضغط المياه، يقوم المختصون بدراسة التربة وإصدار التقارير الخاصة بها، ففي بعض الأحيان تكون التربة ضعيفة نسبيًا وبحاجة إلى إزالة وتقوية، أو تحتوي على صخور متشققة لا بدّ من معالجتها.
- بناء السد
تحتاج السدود إلى كميات كبيرة جدًا من الخرسانة لذلك يتم تجهيز موقع المشروع بمجابل خرسانيّة كافية للسد، ومن ثم يقوم المهندسون بتحديد الطريقة المناسبة لصب الخرسانة إما بالطرق التقليديّة أو بطرق أخرى تفي بالغرض.
- إنشاء سد ترابي
- ملء خزان السد بالمياه
- اختبار سلامة عمل الصمامات والبوابات
- مراقبة أداء السد