الازمنة الجيولوجية
دونت طبقات الصخور تاريخ الأرض كما تُدوَن الفصول في كتابٍ سميكٍ جدًا عنوانه الازمنة الجيولوجية فقد سجلت الصخور كل قصص حياة الأرض، كما ذكرت كيف ومتى تشكلت الأنواع، ومتى ازدهرت ومتى اندثر معظمها عبر ملايين السنين.
فقد يكون حجر الكلس أو الصخر الصلصالي من بقايا المحيطات التي اختفت منذ القدم، ويحتوي على آثار الحياة التي وجدت في هذه المحيطات. وقد يكون الحجر الرملي صحارى قديمة حيث وجدت الحيوانات البرية المبكرة. لقد تطورت بعض الأنواع وانقرض بعضها، وعكست المستحاثات التي حوصرت بين طبقات الصخور هذه التحولات.
كيفية تسمية تقسيمات الزمن
في بداية القرن التاسع عشر، ابتُكر نظامٌ لتسمية فترات الازمنة الجيولوجية، قُسّمت من خلاله إلى أربعة أقسامٍ من الزمن الجيولوجي بالاعتماد على كلماتٍ ذات أصولٍ لاتينيةٍ هي: الأول (Primary)، والثاني (Secondary)، والثالث (Tertiary)، والرابع (Quaternary)، لكن لم يعد هذا النظام مستخدمًا. فمنذ ذلك الوقت حدثت تغييراتٌ مستمرةٌ على نظام تسمية الفترات، من خلال جمع المزيد من المعلومات وتحليلها ومناقشتها، وقد ابتُدعت التقسيمات للاطلاع على تغييرات الازمنة الجيولوجية.
مقياس الازمنة الجيولوجية
صحيح أننا نعرف أسماء بعض من الفترات الجيولوجية كالجوراسية أو الديفونية، لكن كثيرًا منا لا يفهم تمامًا الطريقة التي قسم بها الجيولوجيون تاريخ الأرض. فقد أنشأ الجيولوجيون تقويمًا للازمنة الجيولوجية سموه المقياس الزمني الجيولوجي (geological time scale)، والذي هو عبارةٌ عن تقويمٍ لتاريخ الأرض البالغ 4.6 مليار سنة، ومقياس معقد يُستخدم لوصفه وتقسيمه إلى أجزاءٍ مختلفةٍ. وهو كالجدول الدوري، واحد من محاولات الإنسان المذهلة لتحويل عددٍ كبيرٍ من الظواهر الفلكية والصخور والمستحاثات والتاريخ والسياسة إلى رسمٍ بيانيٍّ أنيق قليلًا يجعل الشيء بأكمله يبدو جميلًا ومتقنًا.
ويُقسّم المقياس تاريخ الأرض إلى وحداتٍ زمنيةٍ نظريةٍ محددةٍ، مرتبة ترتيبًا تنازليًّا حسب القِدم، ويعتمد تعداد تلك الوحدات الزمنية على علم الطبقات، الذي هو عبارةٌ عن ربطٍ وتصنيفٍ لطبقات الصخور؛ فأشكال المستحاثات الموجودة في الصخور تعطي فكرةً عن الأساليب الأساسية التي أسّست مقياس الازمنة الجيولوجية.
ترتبط معظم الحدود على مقياس الازمنة الجيولوجية بنشوء أو انقراض أنواعٍ محددةٍ من الأحافير (البقايا). فمعرفة متى ظهرت أولًا مجموعات رئيسية من الأحافير، أو متى انقرضت مفيدٌ جدًا لتحديد عمر الصخور هناك.
وفترات الازمنة الجيولوجية ليست متساوية الطول مثل الشهور في السنة. لأن تغير الأرض الطبيعي عرضي، ما يعني أن التغيرات حدثت على دفقاتٍ (طفرات)، وليس بشكلٍ بطيءٍ وثابتٍ.
ولم يتم وضع هذه التقسيمات بشكلٍ عشوائيٍّ، لكنها ترتبط بشدةٍ بالتغيرات في الجيولوجيا والجغرافيا والطقس وغيرها، وبالنسبة للجزء الأعظم منها تم تتبع تطور الحياة أو الافتقار لها على الأرض. تأتي التغيرات في الكائنات الحية من التغيرات في وضع الأرض نفسها؛ فيمكن أن يحدث التحول بسبب حدثٍ جيولوجيٍّ رئيسيٍّ، مثل تصادم مع مذنبٍ أو نيزكٍ في النظام الشمسي، ويمكن أن يكون عامل التغيير فترات النشاط البركاني الطويلة.
وقد تطور النظام الذي نستخدمه عبر الزمن فهو ليس شيئًا جامدًا، وسيستمر بالتغير طالما يبحث العلماء، ويتعلمون أكثر حول الكوكب الذي نعيش عليه. ويُعد الرسم البياني الدولي للتطبق الصخري الزمني International Chronostratigraphic Chart واحدًا من أكثر المقاييس شيوعًا، ويستخدم جداولَ بيانيةً قياسيةً تظهر العلاقات بين فترات الازمنة الجيولوجية المختلفة، وتصدره اللجنة الدولية للطبقات International Commission on Stratigraphy (ICS).
تقسيمات الازمنة الجيولوجية
يبلغ عمر الأرض حوالي 4.6 مليار سنة، ولقياسه يستخدم العلماء مصطلحاتٍ خاصة يركز معظمها على جيولوجيا الكوكب المتغيرة، والتي لهذا السبب حقيقة تعرف بالازمنة الجيولوجية، وهي العامل الرئيسي المحدد لدرجة ضغط الصخور: فمسام الحجر الرملي في حقبة الميسوزي، أقل حوالي مرتين من الحجر الرملي في النيوجين. و الازمنة الجيولوجية هي عنصرٌ أساسيٌّ متممٌ لعلم الطبقات stratigraphy؛ لأنها تزودنا بمعيارٍ عالميٍّ عن الأحداث المترابطة في عصورٍ معينةٍ. وقد قسمت كما يلي:
- الحقب Eons
هي الفئة الأوسع من الازمنة الجيولوجية، ويتميز تاريخ الأرض بأربعة دهورٍ أو حقبٍ وهي من الأقدم إلى الأحدث: الدهر الجهنمي أو الحياة الخفية هاديون (Hadeon)، والأركايا (Archean)، والبروتيروزوي (Proterozoic)، والفانيروزي (Phanerozoic).
يُشار إلى الدهور الثلاث الأولى إجمالًا بشكلٍ غير رسميٍّ، بحقبة ما قبل الكامبري (Precambrian)، وتمثل 88% من الازمنة الجيولوجية (أما الكامبري فتحدد بداية حقبة الفانيروزي، لذلك فكل الصخور الأقدم من الكامبري؛ هي من عصر ما قبل الكامبري).
- الدهور eras
تقسم الدهور في الازمنة الجيولوجية إلى عصورٍ، وهي الوحدات الزمنية التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الطول. وتقسم حقبة الفانيروزي (Phanerozoic) إلى 3 عصور، وهي: الباليوزيك (Paleozoic)، والميسوزي (Mesozoic)، والسينوزي (Cenozoic).
تأتي معظم معرفتنا عن السجل الأحفوري من العصور الثلاث لحقبة الفانيروزوي (Phanerozoic)، حيث يتصف:
- العصر الباليوزويك (الحياة القديمة): بطائفةٍ من المفصليات المنقرضة trilobites، الحيوانات الفقارية الأولى وظهور نباتات اليابسة.
- عصر الميسوزي (الحياة الوسيطة): بعصر الديناصورات، رغم أنه من الجدير الانتباه أنه شهد الظهور الأول للثدييات والنباتات المزهرة.
- عصر السينوزوي (الحياة الحديثة): ويسمى أيضًا "عصر الثدييات"، وهي الفترة الممتدة حتى يومنا.
قبل وقتٍ طويلٍ من معرفة العلماء الحدود الزمنية المطلقة لكل عصرٍ، أدركوا أن الحدود تمثل أحداثًا مفصليةً في تاريخ الحياة كالانقراض العظيم. على سبيل المثال العديد من المستحاثات التي كانت شائعةً في صخور الباليوزوي الأحدث، لم تتواجد في صخور الميسوزي العلوية. أيضًا، وجدت أحفورات الديناصور في صخور الميسوزي الأحدث، ولم توجد ثانيةً في صخور السينوزوي العلوية.
واستخدم الجيولوجيون والبليونتولوجيون أحداث الانقراض الكبيرة هذه (وغيرها)؛ لتعيين الحدود في الجزء الفانيروزي من مقياس الازمنة الجيولوجية ، لذلك ليس من باب الصدفة، أن تتطابق بعض الحدود الرئيسية مع أحداث الانقراض الكبيرة. قُسمت الحقبات الآرشينية والبروتيروزية الأقدم بشكلٍ مماثلٍ إلى عدة عصورٍ. مثلًا، العصر الأحدث من الحقبة البروتيروزية يسمى بالنيوبروتيروزية.
الفترات Periods
لا تقسم الحقبات فقط إلى عصورٍ، بل يتم تقسيم العصور أيضًا إلى وحداتٍ فرعيةٍ تسمى فترات. فعصر الباليوزويك (Paleozoic) يُقسم إلى ست فتراتٍ، وهي من الأقدم إلى الأحدث:
- الكامبريان Cambrian.
- الأوردوفيكيشية Ordovician.
- السيلوريان Silurian.
- الديفونية Devonian.
- الكاربوني Carboniferous.
- البرمي Permian.
كذلك يقسم
عصر الميسوزي إلى ثلاث فترات:
- ترياسيي Triassic.
- جوراسي Jurassic.
- الكريتاسي Cretaceous.
ويقسم عصر السينوزي إلى ثلاث فترات:
- الباليوجيني Paleogene.
- النيوجيني Neogene.
- الكواتيرناري Quaternary.
العصور Ages والعهود Epochs
تُقسم الفترات الجيولوجية إلى عهودٍ (epochs)، وبدورها تُقسم إلى وحداتٍ أصغر تسمى عصور (ages). ومن المهم ملاحظة أن كل فترات الفانيروزيك مقسمة إلى عهود وعصور.