التيارات البحرية

يطلق التيارات البحرية أو التيارات المحيطية على حركة مياه المحيطات والبحار المستمرة، والتي تؤثر على المناخ، والنظام البيئي المحلي. ولهذه التيارات نوعان رئيسيان هما: التيارات السطحية، والتيارات العميقة. التي سنتعرف عليها وعلى أسباب تشكلها.

تتشكل التيارات البحرية السطحية من أنظمة الرياح العالمية التي تستمد طاقتها من الشمس، ولهذه التيارات دورٌ في نقل الحرارة من المناطق الاستوائية إلى المناطق القطبية؛ مما يؤثر على المناخ المحلي والعالمي.

تتشكل التيارات البحرية العميقة من الاختلاف في كثافة المياه الناتج عن تغييراتٍ في درجة حرارة الماء، وملوحته، وتعرف باسم الدورة الحرارية الملحية، ففي المناطق الباردة تفقد المياه السطحية الحرارة، وتصبح باردةً وكثيفةً؛ وعندما يتجمد ماء المحيط يترك الملح وراءه؛ مما يجعل مياه البحر الموجودة بالجوار أكثر ملوحةً، وكثافةً؛ ونتيجةً لذلك تتحرك المياه الباردة المالحة ذات الكثافة العالية إلى قاع المحيط، وتحل المياه السطحية محلها، لتمر بذات العملية مُجددًا.

تدفع هذه التيارات نظام الحزام الناقل العالمي المتعلق بالتيارات السطحية والعميقة، للتحرك، والدوران حول الأرض دورةً تستغرق حوالي 100 عام. مما يؤثر على المناخ العالمي على كوكب الأرض.

تتأثر التيارات البحرية بإحدى قوانين الحركة للعالم اسحاق نيوتن، المعروفة باسم معادلة الحركة، التي تُفيد بتأثير الجاذبية على تلك التيارات؛ لكنها ليست القوى الوحيدة المؤثرة، حيث يوجد عواملُ عدة ذات تأثيرٍ على تلك التيارات:

يعبر عن الضغط الهيدروستاتيكي عند أي عمقٍ تحت سطح البحر بالمعادلة (P = gρz)، حيث (g): هو تسارع الجاذبية الأرضية، و (ρ): هو كثافة مياه البحر والتي تزداد مع العمق، و(z): هو العمق تحت سطح البحر. وهذه المعادلة تدعى المعادلة الهيدروستاتيكية، حيث تؤدي الاختلافات الأفقية في الكثافة المقاسة على عمقٍ محددٍ، إلى اختلاف الضغط الهيدروستاتيكي على طول المستوى الأفقي، وهذه التدرجات الأفقية للضغط تؤدي إلى حدوث التيارات البحرية .

اكتشف تأثير قوة كوريوليس المهندس الفرنسي غاسبارد غوستاف كوريوليس Gaspard C. Coriolis في القرن التاسع عشر، وهذه القوة تنتج عن دوران الأرض حول محورها، فقد أثبت أن أي شيءٍ يتحرك بحريةٍ فوق سطح الأرض مثل التيارات البحرية، والرياح العالمية، سوف ينحني باتجاه اليمين في نصف الكرة الشمالي، وإلى اليسار في نصف الكرة الجنوبي. وبفرض عدم دوران الأرض، فإن الرياح على سبيل المثال ستهب بحركةٍ مستقيمةٍ من الشمال إلى الجنوب فقط؛ فقوة كوريوليس هي التي تسبب هبوب الرياح بشكلٍ مائلٍ وتوجهها.

تتباطئ حركة المياه عبر المحيطات عن طريق الاحتكاك مع المياه المحيطة بها والتي تتحرك باتجاهاتٍ مختلفةٍ، إذ تعمل المياه سريعة الحركة على سحب المياه بطيئة الحركة وبالتالي تنخفض سرعة الأولى، وتدعى عملية نقل قوة الدفع بين تلك المياه بقوى الاحتكاك، وهذه العملية هي نتاج اضطرابٍ ينقل الطاقة الحركية إلى نطاقاتٍ أصغر حتى يتم تبديدها.

وإن الرياح التي تهب على سطح البحر هي التي تولد قوى الدفع في الماء، وتُنتج هذه القوى الاحتكاكية عند سطح البحر الحركة الدورانية، كما أن التيارات التي تتحرك على طول قاع المحيط وجوانب المحيط تخضع أيضًا لتأثير قوى الاحتكاك.

تعمل التيارات البحرية على نقل وإعادة توزيع الحرارة والأملاح، اللذان يلعبان دورًا مهمًّا في التحكم بالمناخ العالمي، ويُعتقد أن التحولات المفاجئة في هذه التيارات بدأت في العصور الجليدية الماضية.

بالإضافة إلى النقل الأفقي للمياه والحرارة، تُعتبر التحركات العمودية في المحيط ضروريةً لتبادل الحرارة والغازات (مثل ثاني أكسيد الكربون) بين الطبقة السطحية والمحيطات العميقة، كما تلعب تيارات المياه الصاعدة (upwelling) دورًا أساسيًّا في حدوث تقلباتٍ في الإنتاج البيولوجي في النظم البيئية الساحلية.