الجسيمات دون الذرية
هل تخيلت يوما أنَّ هناك جسيمات أصغر من الذرة فى الحجم؟ هناك اعتقاد شائع بأنّ الذرة هى أصغر جسيم في الكون، والحقيقة أنها ليست كذلك، فقد كشف العلم حديثًا عن العديد من الجسيمات دون الذرية (وهى الجسيمات الأصغر حجمًا من الذرة)، وبالطبع فهي من مكونات الذرة، قد يَصُعب على المرء تخيل ذلك، وذلك لأنّ الذرة حتى الآن مازالت لُغزًا بحدِّ ذاتها، وهناك العديد من الأسئلة حولها، في مقالنا هذا سنتطرّق إلى بعض من هذه الجسيمات دون الذرية بشيء من التفصيل.
أنواع الجسيمات دون الذرية
الإلكترون
الإلكترون هو أخف الجسيمات دون الذرية المعروفة، سالب الشحنة، وكتلته تعادل 1/1836 من كتلة البروتون، لذلك عادةً ما يتم استبعاد كتلة الإلكترون عند حساب العدد الكتلي للذرة. اكتشف العالم الفيزيائي الإنجليزي طومسون الإلكترون لأول مرة في عام 1897م، أثناء فحصه لأشعة الكاثود، وساعد هذا الاكتشاف في معرفة تركيب الذرة.
ترتبط الإلكترونات سالبة الشحنة بنواة الذرة موجبة الشحنة في الظروف العادية، ففي الذرة المتعادلة، يكون عدد الالكترونات مساويًا لعدد الشحنات الموجبة في نواة الذرة. لكن هناك حالات قد تزيد فيها عدد الإلكترونات السالبة عن عدد الشحنات الموجبة، وأحيانًا قد تقل عن ذلك، مما يجعل الذرة سالبة أو موجبة، وليست متعادلة، وتُعرف هذه الذرات بالأيونات، وهناك أيضًا إلكترونات ليست مرتبطة بالذرات في صورتها الحرّة، كما في الالكترونات المرتبطة بالأيونات، بما يُعرف بالبلازما.
الفوتون
يُعد الفوتون أصغر كمية منفصلة من الأمواج الكهرومغناطيسية، فهو بمثابة جسيم أولي على الرغم من أن كتلته تساوي صفر. عادةً ما يكون في صورة جزيئات متحركة. ليس للفوتون شحنة كهربائية، فهو جسيم مُستقر، كما يمكن أن يتفاعل مع الجسيمات دون الذرية الأخرى مثل الإلكترونات، كما أنه هو الوحدة الأساسية للضوء، وينتقل بسرعة ثابتة في الفراغ تعادل سرعة الضوء، وقد أثبت آينشتاين أنَّ الضوء ما هو إلا تدفق للفوتونات.
الكوارك
وهو جسيم دون ذري أيضًا. يتكون الكوارك من ستة أنواع وتُسمى بالنكهات، تختلف عن بعضها البعض في خصائص كتلتها وشحنتها وهي: علوي، سُفلى، ساحر، غريب، قمي، قعري.
للكواركات ثلاثة ألوان: الأحمر والأزرق والأخضر، والكواركات المضادة ثلاثة ألوان مضادة، وهى: مُضاد الأحمر، ومُضاد الأزرق، ومُضاد الأخضر، يجب أن تحتوي جميع مجموعات الكواركات على مزيج من هذه الألوان الوهمية التي يلغي بعضها البعض، فلا يوجد جسيم نهائي بلون صافٍ.
النيوترون
اكتشافه العالم الفيزيائي الإنجليزي جيمس تشادويك في عام 1932 م، وبعد اكتشافه عمل العلماء والباحثون على دراسة خصائص ذلك الجسيم، حتى توصلوا إلى اكتشاف خطير، وهو القنبلة الذرية.
لقد وجد الباحثون أنه عندما يتم قصف العناصر المختلفة بالنيوترونات، فإنها تنشطر، والإنشطار هو نوع من التفاعل النووي على مستوى الجسيمات دون الذرية يحدث عندما تنقسم نواة عنصر ثقيل إلى نواتين أصغر متساويتين في الحجم تقريبًا. خلال ذلك التفاعل. تعطي كل نواة عدد من النيوترونات الحرة، وقد إتضح أن هذه النيوترونات الحرة تنتج خلال عملية الانشطار للحفاظ على تفاعل السلسلة، الذي يساعد في تكوين القنبلة الذرية.
جسيم هيغز بوزون
تم افتراض جسيم هيغز بوزون لأول مرة في ستينيات القرن الماضى (من قِبل بيتر هيغز وكذلك من قبل العديد من الفيزيائيين الآخرين)، ولكنه حصل علی شهرة واسعة في السنوات القليلة الماضية، وتم التقاطه لأول مرة في مصادم هادرون الكبير بالقرب من جنيف في عام 2012. حصل هذا الجسيم على لقب "جسيم الله" من قِبل ليون ليدرمان في عام 1993م.
جسيم الجرافيتون (Graviton)
من أشهر الجسيمات دون الذرية، لارتباطه بمدرسة الجاذبية. يتميز الجرافيتون بالسرعة الهائلة التي تتساوى مع سرعة الضوء، وهو جسيم افتراضي. يعتقد أنه موجود نظريًا فقط، ولا يوجد له أي وجود مادي. بالتالي يمكننا القول بأنه عديم الكتلة. ومن المُعتقد أنه مسئول عن قوى الجاذبية، فهو حامل لمجال الجاذبية نفسه.
الجسيمات دون الذرية والمادة المظلمة
لاحظ العلماء الحركة الغريبة للمجرات، لكن لم يكن لديهم علم بأن هذه الحركة غريبة بسبب وجود ما يُسمى بالمادة المظلمة. بدؤوا ينتبهون لها منذ حوالي 90 عامًا، وشرعوا في حل ذلك اللغز، الذي يحد من رؤية المواد المرئية من الكون، إلى أن توصلوا إلى مصطلح الكتلة المظلمة، وافترضوا أنها أكبر من المادة العادية، بنسبة حوالي خمسة إلى واحد.
لكن ممَ تتكون المادة المظلمة؟ هناك عدة احتمالات من ضمنها: أنها تكونت من جزيئات غير معروفة بعد، ومن المُحتمل أنها نتجت في اللحظات الأولى بعد الانفجار الكبير، لكن لا يوجد احتمال مؤكد حتى الآن، لكن تُجرى الكثير من التجارب في الوقت الراهن سعيًا للوصول لأصل تلك المادة الغامضة.
الجسيمات دون الذرية وجسيم تاكيون "Tachyon"
عادةً ما يتم قياس السرعات بسرعة الضوء، فهي الأكثر شهرة في قياس السرعة، لكن اكتشف جسيم آخر، يُعتقد أن سرعته أكبر من سرعة الضوء، إنه جسيم "Tachyons" فهناك أدلة تجزم وجود ذلك الجسيم، وهناك ما ينفيها، لكنه حتى الآن مازال موضع شك، ومجرد جُسيم افتراضي.
وحتى الآن فإنَّ علم الجسيمات دون الذرية لا يزال من أكثر الفرع دِقة، وصُعوبة، وما توصّل إليه الباحثون بخصوص أصغر مُكونات المادة هو وجود تلك الكوركات، لكن هل يوجد مُكون فى المادة أصغر من الكواركات؟ ربما!