الغجر حول العالم
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
لا بدّ وأنك سمعت بهذا المصطلح من قبل، الغجر أو الشعب الغجري، وغالبًا، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو مجموعةٌ من الناس لديهم طباعٌ خاصة، قليل من الغرابة يتخللها الادعاء بالسحر والتكهّن أحيانًا، بعضنا قد يخيفه الغجر. تابع معي هذا المقال لتتأكد من صحة معلوماتك أو حتى تخيلاتك حول هذا الشعب.
أصل الغجر في العالم
الغجر من المجموعات العرقية المنتشرة في العالم، وكلمة الغجري (Gypsy) مشتقة بالإنكليزية من (Gypcian) والتي نلاحظ أنها مختصرةٌ عن كلمة “مصري” بالإنكليزية والتي هي (Egyptian)، وتكتب بالإسبانية (Gitano) والفرنسية (Gitan)، ومشتقة من اليونانية أيضًا (Aigyptioi)، والتي يُلاحظ أنها مشتقةٌ أيضًا من كلمة “مصري”، ولعل هذا هو سبب الاعتقاد الخاطئ بأن أصول مجموعات الغجر مصرية، والحقيقة أنها تعود إلى هجرة مجموعاتٍ هنديةٍ آرية، انطلقت من شبه القارة الهندية (راجستان وهاريانا والبنجاب) حوالي العام 512م، وقد كانت هجرة مجموعتين:
- الروما (Roma)، والذين يتحدثون اللغة الرومنية (Romani).
- الدوم (Dom) أو الدوماري، ويتحدثون إحدى اللغات المهددة بالانقراض الدوماري (Domari).
ومع مرور الزمن وصل أحفاد هذه المجموعات إلى شتى دول العالم. في القرن السابع عشر، انتهجت الدول الأوروبية على غرار إنجلترا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا، سياسات ترحيل الروما إلى الأراضي التي تملكها في الأمريكيتين، كما رحّلت إنجلترا بعض الغجر إلى باربادوس وأستراليا.
نقل نابليون مئات الرجال الغجر إلى إقليم لويزيانا خلال السنتين اللتين سبقتا بيع الإقليم إلى الولايات المتحدة في عام 1803، تمّ ضم بعض الغجر إلى أمريكا مع الأراضي نفسها. مع نهاية القرن العشرين، مكّن انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية الغجر من الهجرة بحريّةٍ أكبر، وكان تجدد المضايقات حافزًا على ذلك، مما أدى لموجاتٍ جديدةٍ من هجرة غجر أوروبا الشرقية إلى الولايات المتحدة.
لغة الغجر
لغة الروما أو الرومنية (Romani)، تعود جذور هذه اللغة إلى السنسكريتية، ولها صلاتٌ بالهندية والبنجابية والأردية والبنغالية، غالبية الروما يتحدثون لغتهم الأم إضافةً إلى لغة البلد الذي يقيمون فيه، واللغة الغجرية غير مكتوبةٍ، ولذلك تتأثر بأصوات اللغات المحلية حيث يقيمون.
أعداد الشعب الغجري حول العالم
تغيب الإحصائيات الرسمية لأعداد الغجر في العالم، إلا أنه تشير التقديرات إلى:
- الدوم: تنتشر مجموعات الدوم في تركيا ومصر والعراق وإيران، وفي مجموعاتٍ أصغر في أفغانستان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، والسودان والأردن وسوريا ودول أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتقدر أعدادهم بـ 2.2 مليون نسمة.
- الروما: المجموعة الأكبر، يبلغ مجموعهم ما بين 12 إلى 20 مليون شخصٍ، بينما يعيش 70% في أوروبا الشرقية، إضافةً إلى ما يزيد عن المليون في الولايات المتحدة ودولٍ أخرى في أمريكا.
اضطهاد الغجر
تعرّض الغجر للاضطهاد لعدة قرونٍ، ففي رومانيا ومناطقَ أخرى، تمت معاملتهم كعبيدٍ حتى القرن التاسع عشر، وواجهوا أحكامًا بالإعدام خلال العصور الوسطى في إنجلترا وسويسرا والدنمارك، وفي ثلاثينيات القرن الماضي، طُرد شعب الروما من العديد من الدول من بينها ألمانيا وبولندا وإيطاليا.
اعتبرهم النازيون أدنى عرقيًّا، فكانوا هدفًا لممارساتٍ لا إنسانية، حيث وأثناء حكم النظام النازي في الحرب العالمية الثانية، تمت ملاحقة الغجر وأرسلوا إلى معسكرات الاعتقال لاستخدامهم كعمالةٍ أو بهدف القتل، تشير المصادر إلى أن قرابة 400 ألف غجريٍّ إضافةً إلى اليهود والمثليين جنسيًّا وغيرهم من الجماعات، لقوا حتفهم على يد النازيين في مجازر الهولوكوست.
استمرت معاناة الروما من التمييز والقمع بعد الحرب، حيث قامت جمهورية التشيك وسلوفاكيا بتعقيم حوالي 90 ألف امرأة من الروما قسريًّا (المنع من القدرة على الإنجاب)، بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي.
رغم بذل جهود دولية لمواجهة التمييز ضدهم، خاصةً في الدول الأوروبية من خلال ما أطلق عليه اسم عقد إدماج الغجر (2005-2015)، ما يزال الروما يواجهون خطابات الكراهية والاعتداءات والمضايقات في مناطق انتشارهم، كما يُترك الملايين منهم للعيش في أحياء فقيرةٍ منعزلةٍ، بدون خدماتٍ، مهددين بالإخلاء القسري ومضايقات الشرطة والعنف، والتمييز؛ إذ ينال أبناؤهم مستوىً تعليميًّا أقل، ويواجهون الفصل العنصري في المدارس.
.
يستقر غالبية الغجر في مساكن، ولكن يمكن التعرف عليهم بسهولةٍ نتيجةً لاستمرار تعرضهم للتمييز، يخفي العديد منهم أصولهم، التي قد يصرحون عنها فقط لأبناء جلدتهم.
الثقافة والمعتقدات الغجرية
- العائلة والنسب هي الوحدة الأساسية في بنية مجتمعٍ لم يعرف الانتماء لدولةٍ، يعيش أفراد الأسرة الممتدة معًا، وتشمل الأب والأم وأسر أبنائهم المتزوجين مع أطفالهم الصغار والبالغين غير المتزوجين. ينتشر في مجتمعات الغجر الزيجات المدبرة وعادةً ما تكون في سن المراهقة إذ يفضلون الزواج المبكر، ويولون الاحتفالات والمناسبات سواءً الزفاف والجنازات والأعياد الأخرى، اهتمامهم ويجتمعون بأعدادٍ كبيرةٍ لإحيائها.
- حافظ شعب الروما على بعض الجوانب الخاصة التي تطبعهم وتميزهم عن غيرهم من الشعوب، إلا أن ذلك لم يمنع تأثرهم وتفاعلهم مع ثقافات الشعوب التي جاوروها، فنجد منهم المسلمون والمسيحيون الكاثوليك، البروتوستانت، الانجيليين وغيرها.
- تنتقل مجموعات الغجر في قوافلَ، وتتكون المجموعة الواحدة من عشراتٍ إلى مئات العائلات من الغجر، وضمن المجموعة الواحدة، تلعب العوامل العائلية دورًا في تشكيل تحالفاتٍ أصغر. في الماضي، ارتحل الغجر باستخدام الخيول والعربات، أما الآن، يتابعون تجوالهم بالسيارات ومركبات الرحلات، ويقود المجموعة زعيمٌ مُنتخبٌ لمدى الحياة، في نفس الوقت، تهتم امرأةٌ من كبار السن بشؤون النساء والأطفال.
- يحظى كبار السن من الغجر بمكانةٍ تمنحهم في بعض المجموعات صلاحية حل النزاعات وفرض العقوبات المتعلقة بالشرف، والتي قد تصل عقوبة الجرائم المرتبطة بها للطرد من المجتمع.
- يمارس الغجر أعمالًا تنسجم مع طبيعة تنقلهم، مثل تجارة أنواعٍ معينةٍ من الحيوانات والمواشي (الخيول والكلاب والطيور الصغيرة)، كما امتهنوا بعض الحرف كالإصلاح وصناعة السلال والأثاث المصنوع من الخيزران، والعربات المنحوتة والمزخرفة، وقد أسست أنشطتهم الاقتصادية القائمة على الاستغلال المستمر للموارد وتجنب الهدر وإعادة التدوير، لما يسمى بالاقتصاد الدائري، كما أنهم يمارسون المعالجة بالأعشاب، الزراعة والتجارة.
.
الروما على المستوى الرسمي
تأسس اتحاد الروما الدولي في العام 1977، وتمّ الإعلان رسميًّا في المؤتمر العالمي للغجر أن الروما دولةٌ غير إقليميةٍ في العام 2000، وذلك انسجامًا مع طبيعة حياتهم وارتحالهم، واعتبر يوم /8/ من أبريل من كل عام يومًا عالميًّا للروما، بهدف التعريف بقضاياهم والاحتفال بثقافتهم، كما تم اعتماد علمٍ ونشيدٍ رسميٍّ خاص بهم.
.
ترفض المنظمات الممثلة للروما استخدام لفظة “Gypsy” للإشارة إليهم وتعتبرها مهينةً لهم، رغم أن هناك بعض المعنيين في بعض الدول، يقبلون بها أو ما يماثلها كمصطلحٍ عاديٍّ.
.