بماذا تُقاس سرعة الغيوم وحركتها؟
ليست جميع الغيوم التي تسبح في كبد السماء متشابهة، فبعضها كبير ولطيف وأبيض، ومنها الرمادي الكثيف، وبعضها مشتّت وغير متناسق، وهناك من يرى في بعضها أشكال مألوفة كالأزهار والحيوانات أو وجه بعض الأشخاص، ومن هنا نشأت عدّة تصانيف للغيوم، بناًء على أشكالها وارتفاعها ومسارها في طبقة التروبوسفير ضمن الغلاف الجوي، ومن باب الدقّة في المعرفة، تكون الغيوم عبارة عن تجمّع مرئي من قطيرات بخار الماء أو بلورات الثلج أو كليهما، معلّقة بالهواء، تتجمع مع بعضها البعض لتأخذ أشكال مختلفة وتنقلها الرياح من مكانٍ لآخر حسب اختلافات درجات الحرارة وفروقات الضغط الجوي ما بين المناطق الجغرافية المختلفة.
وحسب جميع هذه العوامل سنرى اختلافاً في أشكالها وسرعة جريانها وارتفاعها عن سطح الأرض، ولمتابعة الغيوم ومراقبتها صُنع جهاز في القرن التاسع عشر واسمه النيفوسكوب nephoscope لقياس ارتفاع الغيوم وسرعتها واتجاه حركتها في الجو.
كيف تقاس سرعة الغيوم؟
للسحب دور مهم في تغيير المناخ، وفي التنبؤ بالطقس وسلامة الطيران لذا تستخدم العديد من التقنيات تقاس سرعة الغيوم وحركتها من خلالها منها:
- جهاز النيفوسكوب البسيط: وهو جهاز يستخدم لتحديد اتجاه حركة الغيوم وسرعتها، ويتكون من شوكة موضوعة على عمود يدور حول نفسه، وفي قاعدته قرص مثبت يبين الاتجاهات المختلفة ، وعند مراقبة الغيوم يتم توجيه الشوكة باتجاه حركة الغيوم ويتم قياس السرعة على أساس المسافة التي قطعتها الغيمة خلال فترة زمنية معيّنة، حيث تبينها أقسام الشوكة مع الزاوية المحصورة بين الخط العمودي في مكان الرصد، والمكان الذي تحركت باتجاهه الغيمة.
- جهاز النيفوسكوب ذو المرايا: حيث يقوم على مبداً رؤية صورة الغيوم في المرآة وفيه بوصلة لتحديد اتجاه الغيوم ومصدرها، أما في أيامنا هذه فباتت تقاس سرعة الغيوم وحركتها بوساطة الأقمار الصناعية التي تقدم لنا معلومات وافرة عن حركتها.
تطور قياس سرعة الغيوم وحركتها
تطورت الآلات والمعدّات المتعلقة بعلوم الأرض والفضاء، وتحوّلت القياسات إلى الأقمار الاصطناعية، التي تُقدّم معلومات كافية بخصوص جميع الأرصاد الجوية، كالمطر والرطوبة ودرجات الحرارة والضغط الجوي وحركة الغيوم وارتفاعها وكثافتها أيضاً، ولكن عند الحديث عن سرعة الغيوم لا يمكن فصل الموضوع عن سرعة الرياح، لأن الرياح هي من تحمل الغيوم في السماء، وتحدّد جهتها وتتداخل في ارتفاعها أيضاً، وذلك حسب فروقات الضغط الجوي والحرارة بين منطقتين جغرافيتين.
وتُقاس سرعة الرياح بواحدات السرعة المعروفة المختلفة وأشيعها: كيلومتر في الساعة، أو ميل في الساعة، أو متر في الثانية أو العقدة وهي الوحدة المستعملة في أنظمة الملاحة البحرية والجوية، كما يتم تحديد جهة الرياح وفق محور الشمال الحقيقي وليس محور الشمال المغناطيسي، فالرياح الشرقية تأتي من الدرجة 90 والجنوبية من الدرجة 180 والغربية من الدرجة 270، ويمكننا اسقاط تلك القياسات والقواعد على الغيوم، لأن الغيوم لن تتحرك دون الرياح، وستكون جهتها من جهة الرياح دوماً، ، ولتحقيق هذه القياسات بشكٍل عملي وسهل تُستعمل بعض الأدوات الخاصة:
- مقياس شدة الرياح (الأنيوميتر): عبارة عن جهاز له في أعلاه ثلاثة أو أربعة أكواب نصف كروية أو نصف مخروطية الشكل، مصفوفة حول محور واحد بشكٍل متناظر، تدور كلما هبت عليها الرياح، مما يُسبّب دوران هذه الكؤوس حول محورها، وحسب معدّل دوران هذه الكؤوس حول المحور يتم حساب سرعة الرياح.
- مقياس جهة الرياح: أو قد يُسمى بسهم الرياح والذي يُعطى فكرة عن جهة الرياح في لحظة معيّنة، إذ يدور السهم المثبت على محور ثابت، مشيرًا نحو جهة الرياح التي تهب في نفس اللحظة، وتكون هناك علاماٍت موضوعة حول المؤشر لتدل على جميع الاتجاهات.
- تحديد نوع الغيوم: وذلك وفق دليل الجمعية العالمية للأرصاد الجوية، الذي يعتمد على مستوى ارتفاع الغيوم وحمولتها وكثافتها، وفي هذا الشأن يوجد دليل متخصص.
- قياس كمية الغيوم: تُحسب كمية الغيوم وفق نظام الثمانيات “الأوكتا” وذلك على مقياس ثابت ومحدّد:
0 أوكتا: غياب كامل للغيوم.
1 أوكتا: كمية الغيوم تمثل واحد من ثمانية من السماء، ولكنها ليست صفراً.
7 أوكتا: كمية الغيوم تمثل 7 من ثمانية من السماء، ولكنها لا تغطي كامل السماء.
8 أوكتا: غيوم تغطي كل السماء.
9 أوكتا: لا يمكن تقيم كمية الغيوم بسبب إحدى الظواهر الجوية التي تحجب الرؤيا كالضباب.
- قياس ارتفاع الغيوم: باستخدام تقنية LIDAR (الضوء الكاشف والمدى) بواسطة إرسال أشعة ليزر ثنائية النبضة نحو الغيوم بشكل عامودي، ومن ثم قياس الانتثار الضوئي الناجم عن سطح الغيمة.
- قياس سرعة الغيوم وحركتها
ما هي الغيوم؟
الغيوم هي تجمعات من بخار الماء المتكاثف في طبقات الجو على شكل نثرات مائية دقيقة، تشبه الغيوم الضباب كثيراً، و الفرق بينهما أن الغيوم تكون في طبقات الجو المرتفعة عن سطح البحر أما الضباب فيتكون على السطح مباشرة. وتسافر الغيوم مئات الكيلومترات يومياً وهذه الرحلة تعتمد على ارتفاعها ومكانها في الغلاف الجوي وذك لأن الرياح تهب بسرعات مختلفة في طبقات الغلاف الجوي.
هذه الحقيقة محيرة لأن رحلة الغيوم ماهي إلا حركة دوران الأرض التي تخلق هذا التأثير، فالأرض تدور بسرعة حوالي 1600 كم في الساعة ونشعر في الرياح الناتجة عن هذا الدوار، مما يدفع السحب في السماء بغض النظر عن ارتفاعها، وعادة تتحرك الغيوم مع اتجاه هبوب الرياح، لكن في الارتفاعات الشاهقة قد نلاحظ أن السحب تتحرك بعكس الرياح.
حركة الغيوم ماهي إلا حركة لقطرات السحابة التي تتحرك مع الرياح، ثم تتشكل القطرات الجديدة في نفس المكان عندما يرتفع الهواء إلى الطبقات العليا، لذا نلاحظ أن مقدمة السحابة تبدو وكأنها ثابتة.
تؤثر الغيوم كثيراً على المناخ لأنها مصدر للأمطار والثلوج، كما تؤثر على الإشعاع الشمسي وتحدد مقدار الإشعاع الذي يصل إلى الأرض.
أهم العوامل المؤثرة في حركة الغيوم
الشمس وإشعاعها الذي يحرك الهواء والماء حول الكوكب وذلك من خلال علم الحمل الحراري، وأيضاً التضاريس والجبال، بالإضافة إلى الانعكاس الحراري ونقطة الندى التي تساعد على تشكل طبقات رقيقة من السحب.
فتيارات الغلاف الجوي هي التي تظهر السحب وكأنها تتحرك، وتبقى السحب الأكثر كثافة ثابتة في السماء أما الأقل كثافة فتنتثر مع الرياح الشديدة، وتعتمد سرعة حركة الغيوم على المكان الذي نشأت فيه ،فالرياح لاتنتقل بنفس السرعة عبر طبقات الغلاف الجوي.
إذاً فالغيوم تتبع في حركتها للرياح، وأيضاً لنوع الغيوم وارتفاعها في الجو، فالغيوم الركامية تتحرك بسرعة حوالي 15 كم في الساعة أما الغيوم في المناطق القطبية فتتحرك بسرعة تقدر بـ 200 كم في الساعة.