علم الطاقة
قديمًا وفي الحضارات الشرقية على وجه التحديد مثل الحضارة الصينية والهندية تداول الناس أفكارًا كثيرة عن علم الطاقة البشرية، واستخدم الأطباء الصينيون بعض هذه المفاهيم في علاج مرضاهم حيث بنوا فرضياتهم على فكرة أن الإنسان يتكون من جسم (بدن) وعقل، وأن هذين المكونين يتفاعلان مع بعضهما البعض ويعتمد كل منهما على الآخر لضمان قيام أعضاء الإنسان بمهامها بكفاءة.
ورغم وجود بديل لكل فكرة تتعلق بالطاقة حول جسم الإنسان بفكرة أو مفهوم فيزيولوجي أو نفسي إلا أن هناك نوع من الإجماع على وجود نظام لنقل الطاقة البشرية وإدارتها داخل الجسم وحوله حتى.
نظام الطاقة في جسم الانسان
يقترح دارسو علم الطاقة أو المهتمون به وجود نظام لتدفق الطاقة خلال جسم الإنسان يشمل كامل الجسم من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين، كما يحوي هذا النظام على نقاط لدخول الطاقة (مداخل) ونقاط لخروجها (مخارج) بالإضافة لنقاط للشحن وأخرى للتفريغ، وبالتأكيد يوجد خطوط أو قنوات لتدفق الطاقة عبر الجسم وبالتالي تؤثر هذه الطاقة على الأعضاء وتؤدي إلى عمليات جسدية ونفسية وعاطفية.
لعل أبرز مَنْ يعتمد على نظام الطاقة السابق هم المعالجون بالإبر الصينية، حيث يستند المعالج بالوخز على معرفته على نظام الطاقة، وعليه يحاول التأثير على تدفق الطاقة في الجسم بهدف التأثير على العضو المسبب للمرض. ورغم أن هذا التحليل لا يتوافق مع النظريات والمفاهيم الطبية الغربية التجريبية إلا أن له مؤيدين ليس فقط في الصين والشرق الآسيوي بل حتى في كل أنحاء العالم.
الأبحاث الطبية التي تدعم علم الطاقة
في الحقيقة ورغم التاريخ الطويل لعلم الطاقة إلا أن الأبحاث الطبية المبنية على التجربة والتي تحاول أن تشرح هذا العلم وتفسره بشيء من القياسات المادية الملموسة لم تكن على المستوى المطلوب، فقد بدأت أولى التجارب الطبية حول علم الطاقة عام 1938 في الولايات المتحدة الأمريكية مع شخص يسمى هارولد بور Harold Burr.
عمل بور هذا كمحاضر في علم وظائف الجهاز العصبي في جامعة بيل في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشر بين عامي 1938 و 1970 ما يصل إلى 90 ورقة بحثية عرض فيها نتائج أبحاثه حول ما أسماه بحقول الحياة Life Fields.
وعرّف حقل الحياة بأنه حقل كهربائي ديناميكي يتغير ويتباين بشكل واضح في حالة الصحة والمرض، واستخدم هارولد مقاييس الإشارة الكهربائية بهدف قياس هذا الحقل، وخَلُصَ إلى أن الحقل الكهربائي للأشخاص الأصحاء يُنمذَج بإشارة جيبية دورية ودورها يساوي الشهر ( أي أنها تتكرر كل شهر)، وأن هذه الإشارة تضطرب مع التغيرات الفيزيولوجية التي يمكن أن يعاني منها الإنسان مثل المرض والبلوغ أو فترة الإباضة عند الإناث وغير ذلك.
رغم أعمال بور والفترة الطويلة التي قضاها في البحث والتمحيص إلا أنه وللأسف لم يعترف بكل أوراق البحث التي نشرها!
علم الطاقة في الأصل ليس علمًا!
ربما يظل الانتقاد الأبرز الذي يواجهه علم الطاقة هو عدم وجود قواعد محددة وضابطة له، حيث يعتبره كثير من الأكاديميين مجرد خزعبلات وتصرفات غير منطقية، وحجتهم في ذلك هي اختلاف النتائج وربما الاصطلاحات والتبريرات التي يقدمها من يزاول هذا العلم من مكان إلى آخر.
فمثلًا يستطيع دارسو علم الفيزياء مشاركة أفكارهم والحصول على نفس النتائج والتفسيرات أينما جرت هذه التجارب وأين يكن ذلك المجرب. وهذا ينطبق على كل العلوم المادية الأخرى كالكيمياء والطب والأحياء وغيرها، ولكن هذا لا يحدث مع علم الطاقة أبدًا، فمن النادر جدًا أن يتفق شخصان يستخدمان علم الطاقة في العلاج في تفسير سبب المرض!
كما يذهب منتقدو علم الطاقة أبعد من ذلك، إذ يعتبرون أن تسميته بالعلم جرت بشكل خاطئ. ونتيجة لتداول الناس لهذا المصطلح فلا يمكن أن يسمى أبدًا بتوصيف العلم فيما إذا وضع تحت التمحيص المنطقي والفلسفي للعلوم!
ختامًا سواء أكان علم الطاقة علمًا حقيقيًا لم يكتشف الإنسان أبعاده بالشكل اللازم، أو أنه وسيلة يستخدمها البعض لإدعاء العلم والحصول على المال من الناس، فإنه مما لا شك فيه أنه يحيط بالإنسان الكثير من الغموض والمعلومات المخبأة في عقله وجسده ونفسه والتي تبقى بحاجة لكثير من البحث والدراسة لاكتشافها وفهمها.