كل شيء عن نجم سهيل

فادي مشكاف
فادي مشكاف

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

تُضيء ملايين النجوم سماءنا المُظلمة ليلًا وتُزيّن عالمنا الجميل ببريقها اللامع، ولعل أبرز هذه النجوم نجم سهيل الذي كثرت حوله القصص والروايات والأساطير، ويعتبر نجم سهيل أو كما يُسمى بالإنجليزيّة كانبوس (Canopus) ثاني ألمع نجم في السماء، ويأتي في المرتبة الثانيّة بعد نجم الشعرى اليمانيّة (Sirius).


كيف تشكّل نجم سهيل

تشكّل نجم سهيل منذُ ملايين السنين من السحابات الجزيئيّة، بالقرب من كوكبة العقرب -قنطورس Scorpius -Centaurus association، حيث ساعدت الجاذبيّة في تكوين النجم عن طريق تجميع الغازات والغبار معًا، والتي شكّلت ثاني ألمع النجوم في السماء، ولم يستطع العلماء تحديد عمر النجم بالضبط ومن المتوقع أن يكون هذا النجم حديث النشأة نسبيًّا. 


موقعه

يقع نجم سهيل تحت الشعرى اليمانية، وينتمي إلى كوكبة القاعدة وهو أكثر نجومها لمعانًا، لونه أبيض مُصفّر، ويقع في الجزء الجنوبي بالنسبة للكرة الأرضيّة، ولا يمكن رؤيته في المناطق التي تقع شمال خط الاستواء بـ 37 درجةً (أي في معظم أرجاء أوروبا والولايات المُتّحدة الأمريكيّة)، ويمكن رؤيته بوضوحٍ في الأجزاء الجنوبيّة من الكرة الأرضيّة.

يترافق عادةً ظهور نجم سهيل مع ظهور نجم الشعرى اليمانيّة في سماء نصف الكرة الجنوبيّة، وقد اعتمدت الكثير من المركبات الفضائية عليه كمؤشرٍ للملاحة، لأن زاوية ميلانه المناسبة عن الشمس جعلت منه مرجعًا ممتازًا لضبط ارتفاع المركبات الفضائية في المدارات المختلفة.


خواصه الفيزيائية

تبلغ كتلة نجم سهيل حوالي 8-9 أضعاف كتلة الشمس، ويُعدُّ من النجوم الضخمة حيث يصل حجمه إلى 65 ضعف حجم الشمس، ويتفوّق عليها باللمعان أيضًا، بحيث تبلغ إضاءته أكثر من شمسنا بـ 13000 مرةً، وتصل درجة حرارته إلى حوالي 7538 درجةً مئويّةٍ أي ما يزيد بمقدار 2000 درجة مئويّة عن درجة حرارة الشمس.

يبعد نجم سهيل حوالي 300 سنة ضوئيّة عن الأرض، لذلك لا يصل ضوء هذا النجم الكبير بشكلٍ كاملٍ إلى الأرض، ويفقد الكثير من اللمعان والبريق في رحلة وصوله الطويلة، ومع ذلك يبدو النجم ساطعًا ويشكّل مشهدًا رائعًا يخطف الأنظار في الليالي الهادئة.


حقائق علميّة

  • الكوكبة التابعة لها: القاعدة Carina.
  • نسق النجم: RA.
  • الإحداثيات: 6h 23m 57.1s.
  • الميل: 52° 41′ 44.3810.
  • نوع الطيف: F0lb.
  • البعد عن الأرض: 313 سنة ضوئيّة.
  • القدر الظاهري: -0.72.
  • نصف القطر: 30.88 مليون ميل.

نجم سهيل في العصر الحديث

كانت البحوث العلميّة والدراسات الخاصة بالنجم قليلةً وضعيفةً نسبيًّا في السابق، وذلك نظرًا لأن النجم لا يظهر في جزءٍ كبيرٍ من نصف الكرة الشماليّة، ومن الأمور الأخرى التي صعّبت عملية دراسة النجم، أنّه كان من نوعٍ غير اعتيادي، حيث يُصنّف النجم على أنّه نجمٌ هيدروجينيٌّ عملاق من فئة F، ممّا صعب على العلماء تقدير سطوعه الحقيقي لندرة وجود نجوم مشابهة لمقارنتها به. ووضع العلماء تقديراتٍ غير دقيقةٍ للمعان النجم تراوحت بحدود 60000 ضعف لمعان الشمس.

وبعد التطّور العلمي في مجال بحوث الفضاء ازداد الاهتمام بدراسة هذا النجم المُميّز. وفي تسعينيات القرن الماضي أطلقت وكالة الفضاء الأوروبيّة القمر الصناعي (Hipparcos)،  والذي كان أول قمرٍ صناعيٍّ تولى مهمة دراسة مواقع النجوم وقياس المسافات بينها، وطبيعة حركتها وسطوعها، الأمر الذي ساهم بتحديد موقع النجم وخواصه الفيزيائيّة بشكلٍ دقيقٍ نوعًا ما.


نجم سهيل في روايات الخيال العلميّ

في رواية الكثبان (وهي رواية خيال علميّ كتبها فرانك هربرت عام 1965، وحصلت على جائزة هوغو في عام 1966 وتُعدُّ أفضل روايات الخيال العلمي مبيعًا في العالم)، ذكر الكاتب نجم سهيل حيث أشار إلى أن كوكب أراكيس الترابي Arrakis أحد الكواكب التي تدور حول نجم سهيل. وفي عام 2010 وافق الاتحاد الفلكيّ الدوليّ على إطلاق اسم "Arrakis Planitia" على أراضي تيتان (Titan) هو أكبر أقمار زحل.

وأُشير إلى الكواكب المحيطة بنجم سهيل في العديد من حلقات المسلسل "Star Trek"، ولم يقتصر ذكر النجم على كتب الخيال العلميّ والمسلسلات بل شملت سلسلة ألعاب الفيديو "BattleTech".
  


أساطير حول النجم

اشتهرت الحضارة الإغريقيّة بقصصها وأساطيرها ولا سيما الأساطير المُتعلّقة بالنجوم، ولكنها افتقرت إلى الأساطير المتعلقة بنجم سهيل لتعذر رؤيته في اليونان. ومع ذلك، تربط إحدى القصص اليونانيّة القديمة نجم سهيل ببطل حرب طروادة مينلاوس (Menelaus)، حيث زار هذا البطل مصر واكتشف نجمًا كبيرًا يلمع في سمائها، وأطلق عليه اسم كانبوس (Canopus) والذي ساعد السفن في تحديد وجهاتها، واستخدمه مينلاوس كمساعدٍ ملاحيٍّ لإيجاد طريقه في عرض البحار.

أمّا في الصين يظهر النجم في المناطق الجنوبيّة فقط وتتعذر رؤيته في
المناطق الشماليّة، لذلك أُطلق عليه اسم رجل القطب الجنوبيّ العجوز، ويرمز النجم
في الحضارة الصينيّة القديمة إلى طول العمر والسعادة.

كما ظهر اسم النجم في العديد من ثقافات الدول الواقعة في القسم الجنوبيّ للكرة الأرضيّة، حيث ظهر في إحدى أساطير نافاجو (Navajo) المُنتشرة في جنوب الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وأُطلق عليه اسم مي بيزو (M’ii Bizo)، وتروي الأسطورة أنّ ذئبًا بريًّا ضخمًا وضع النجم في السماء فوق الجبل الذي يسكنه.

كما عرف سكّان جزر بولونيزيا نجم سهيل باسم أتوتوياهي (Atutuahi)، واستخدموا النجم كدليل مرشد للرحلات البحريّة الطويلة في المحيط الهاديّ.

هل أعجبك المقال؟