كيف تتعامل مع الشخص الوقح
نقابل نماذج كثيرة من الناس في حياتنا، فلكل طبع وشخصية تنبع من منشأه وتربيته في بيئته المختلفة عن الآخر، وهذا ما يجعلنا ننسجم مع فئة معينة وننفر من أخرى. لكن من المهم طبعًا أن نمرن أنفسنا للتعامل مع كل الشخصيات وبكل المواقف، فتطويرنا لأنفسنا يبدأ من تقبّل الآخر بكل عيوبه وإيجاد الحلول للتعامل معه. لعل الذي يصعب علينا تقبّله هو عديم الاحترام، ومن يحاول استفزازنا وإخراج أسوأ ما فينا، لنجد أنفسنا نتجنبه لاشعوريًّا لنبقى محافظين على طاقتنا. لكن ماذا لو اضطررنا للتعامل مع هذا الشخص "الوقح" يوميًّا!؟ لا بد وأنّ علينا إيجاد طريقة صحيّة لفعل ذلك بأقل الخسائر.
من هو الشخص الوقح
الوقاحة (Rudeness) هي كسر للأعراف والتقاليد الاجتماعية، أو الخروج عن المألوف، أو أن شخصًا ما يتصرف بطريقة غير متوقعة ومنافية لما اعتادت عليه الناس ولكن عن قصد.
لهذا السبب يختلف تقييم الوقاحة من مجتمع لآخر أو من بيئة لأخرى، إلا أن الوقاحة هي نقص في الشخصية بشكل عام، فالوقح هو الشخص الذي ليس لديه أي حدود في التعامل أو أي محظورات، ومفتقر للحياء، أي لا يخجل من إهانة وإحراج غيره، وهو الذي لا يحترم سنًّا ولا مكانة، يمارس الوقاحة عن عمد ومن غير سبب، بل لأنه اعتاد عليها وأصبحت جزءًا من سلوكه.
دائمًا ما يرى هذا الشخص نفسه على حق، فهو مجرّدٌ من الإحساس بالذنب ولا تنفع معه النصائح، وكأنه قد غُلِّف بغلاف مصمت من الصعب الوصول لداخله، لا يتجاوب مع أي تنبيه أو نصيحة مع الأسف.
ما الذي يختبئ وراء قناع الوقاحة
- لا بد أن الشخص الوقح محطٌّ للشفقة ويحتاج للمساعدة النفسية، حيث هناك عدة أسباب تجعل من الشخص إنسانًا وقحًا، لعل أبرزها التربية الخاطئة، فمن الممكن أن ينشأ الشخص بلا رقابة وبلا إرشاد فيكبر غير مدرك ما هي حدود التعامل مع الناس، أو أن يكبر بين أُناس كارهين وحاقدين، أو أن الكلمات النابية والتصرفات السيئة هي القاعدة المنزلية التي اعتاد عليها.
- كما أن السبب الأكثر شيوعًا هو قسوة الظروف ومعاكسات الحياة، فكثيرًا ما نلاحظه ناقم على الاشخاص الذين يعيشون بسعادة ولا يتمنى الخير عمومًا، فهو ضحية لتناقضات نفسه وصراعه الداخلي، إنها علامة خارجية على كارثة داخلية.
- من المحتمل أيضًا أن يكون هذا الشخص نفسه ذو قلب طيب يحب الخير إلا أن الطعنات والخيبات التي تلقاها ممن حوله جعلت منه إنسانًا قاسيًا وعديم الثقة بالبشر ليصبح بعدها وقحًا غير مبالٍ.
- يشعر هؤلاء الأشخاص بانعدام الأمان غالبًا، أو انخفاض الثقة بالنفس وعدم فهمهم لأنفسهم ولسلوكهم، ويحتاجون للعاطفة فيميلون بالتالي لتجاهل أو عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين.
- غالبًا ما يخفي الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات مخاوفهم من خلال استعراض عضلاتهم اللفظية، والتعامل بفظاظة ووقاحة، إذ أن معاملة الناس لغيرهم هي انعكاس مباشر لما يشعرون به تجاه أنفسهم، فهم بذلك يلجأون للوقاحة كوسيلة لجعل أنفسهم يشعرون بالقوة.
- كما من الممكن أن تكون الوقاحة ببساطة رد فعل طبيعي للتوتر أو الإحباط أو الضغط النفسي.
على العموم، هناك قائمة تطول من المسببات التي تجعل من الشخص إنسانًا وقحًا، لكن المُتفق عليه بلا شك أن الوقح هو شخص سلبي ومؤذٍ في حياتنا لا بد لنا من تجنبه أو معرفة التعامل معه بشكل لا يؤثر علينا نفسيًّا، لنتعرف على طريقة التعامل الذكية مع هكذا أشخاص.
كيف تتعامل مع الشخص الوقح
قبل اكتشاف استراتيجية التعامل مع شخص أحمق أو وقح، عليك أن تتعلم أولًا كيف تصبح إنسانًا حكيمًا، فالحكمة هي مفتاح التعامل مع مختلف الشخصيات، وخصوصًا المزعجة منها.
غالبًا ما يكون من الصعب علينا السيطرة على هدوئنا والحفاظ على تهذيبنا عند تعرضنا لأي إهانة أو أي كلمة جارحة ومزعجة من شخص غير محترم، فرد فعل الجسم الطبيعي والمنطقي هو الانفعال، لكننا في الحقيقة، نخسر بهذا التصرف المقابل احترامنا وكرامتنا على عكس ما يظن الكثيرون أنه رد اعتبار، إليك بعض الطرق في التعامل في تلك الحالات:
- تدرب على تقوية احترامك لذاتك باستمرار
إذا كنت على أكبر قدر من التقدير لنفسك ستكون أكثر استعدادًا للتواصل مع هؤلاء الأشخاص، فنظرتك الإيجابية تلك لن تسمح لهم من إخراجك من حكمتك وعالمك بسهولة.
- التحلّي بالثقة بالنفس والهدوء
"داروا سفهاءكم"، فالهدوء هو الدواء المناسب في أغلب الحالات، لكن لا تفتعل الهدوء بل مرّن نفسك على عدم الاكتراث بما يقال، ولا تدع السلوك السيء لهذا الشخص يحثك على التصرف بعصبية، أو يفجر نوبة غضبك، إذ أن هدفه الدفين هو أن يخرجك من منطقة راحتك و يظهر مكامن الضعف في شخصيتك، لذا لا تلم نفسك على احترامه فأنت تحترم نفسك ليس إلا.
كن هادئًا ثم فكّر بالرد الأمثل بعيدًا عن النبرة العالية، بل حاول أن يصحب هذا الرد ابتسامة خفيفة، وإن لم تجد ردًّا قويًّا تجاهل كلامه، الموقف هو الذي يحدد قرارك. - النقاش
إذا كان من تصرف بوقاحة صديق مقرب أو شخص عزيز ولا تريد أن تخسر صداقته، عليك بامتصاص سلبيته وتحويلها لإيجابية، حيث من الممكن أن تشرح له وجهة نظرك وشعورك تجاه ما قاله، وتحاول فهم سبب هذا التصرف الذي بدر منه من خلال استيعابه واحتوائه.
- التواصل البصري
من الممكن أن يلعب النظر دورًا كافيًا في الرد على تصرف مزعج، فالنظرة الثاقبة في عين الشخص كفيلة أن توصل إليه مجموعة كبيرة من المعاني المفهومة، وتعد النظرة الواثقة دليلًا على ثقتك بنفسك وعدم تأثرك بتصرف هذا الشخص، فهي كفيلة في تراجعه وتخفيف حدّته، إذ سيشعر باستخفافك من خلال تلك النظرة وخصوصًا إذا رافقتها ابتسامة هادئة.
- خذ نفسًا عميقًا
هذا التمرين البسيط ممكن أن يساهم في تهدئتك بدرجة كافية للتعامل مع الموقف بطريقة صحيحة، فالتنفس يلعب دورًا مهمًّا في تخفيف القلق.
- تعاطف مع خصمك
قدرتك على وضع نفسك مكان الشخص الذي أهانك مثلًا، ستكون محاولة لفهم ما يشعر به، فالتعاطف ليس ضعفًا منك، بل هو سمة رحمانية تطفئ شرارات التوتر والخلاف بيننكما.
- انتبه إلى لغة جسدك
قد تقول لغة الجسد ما لم تقوله كلماتك، فمثلًا طوي ذراعيك أو عدم استقامة ظهرك وكتفيك، ستكون رسالة مبطنة للشخص الوقح هذا على أنك ضعيف وسيستمر في موقفه، لذا عليك الوقوف أو الجلوس بشكل مستقيم، وإظهار الثقة باتزانك ونظراتك.
- الاستماع
الاستماع هو فن ضائع تقريبا، فكثير من الناس يقاطعون بعضهم البعض أو ببساطة ينتظرون دورهم لبدء الحديث، إن الاستماع بصدق إلى الشخص الذي تتواصل معه سيوفر وقتًا ويساهم في حل المشكلة بدلًا من التفكير في قول ما يخطر ببالك.
- تحدث بوضوح وحذرفي خضم هذه اللحظة
سينقضّ الناس على كل كلمة تقولها، وسيبحثون عن طرق لتحريف كلماتك واستخدامها ضدك، لذلك إن تحدثت بهدوء ودقة، فلن يكون هناك ما يستخدمه الآخرون لمصلحتهم.
- تجنب الانتقام
لن يؤدي الرد على الوقاحة إلى شيء سوى إلى تصعيد الموقف، فلا يمكنك إطفاء حريق بالوقود القابل للاشتعال.
- التجنب الكامل
أخيرًا، قد يكون تجنّبُ هؤلاء الناس السّامّين هو الحل الوقائي لأي توتر من الممكن أن يحصل.